رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2630 - 2009 / 4 / 28 - 07:30
المحور:
كتابات ساخرة
لن أبدأ بالحديث عن الفتاوي والبيانات التي تبيح للمسلم قتل عدوه الامريكي الاسير في العراق مثلا ,فهي تملأ صفحات الانترنت , وفي مقدماتها عادة تحريم تعذيب الأسير ...إلا..في حالات قليلة وبسيطة ومحدودة ,كأن يعترف الاسير أنه جاء الى العراق للقتال (لا حظوا معي ندرة هذه الحالات ,قليلة جدا ؟ أليس كذلك ؟ أليس الجميع جاؤوا للقتال ؟؟),إذن النتيجة المنطقية الجميع يستحق التعذيب حسب تعريفهم للمقاتل .
لكني أحيلكم الى قراءة طرق القتال بين المسلمين أنفسهم وفي نفس البلد , ولن أقول العراق (على أساس حالة طارئة استمرت لحد الآن 6 سنوات , وإستخدمت فيها قطع الرؤوس من جهة وثقبها بالدرل من الجهة الأخرى), لكن في باكستان ..هذا البلد الاسلامي الكبير ,إقرؤوا عن تلك الطرق بين الشيعة والسنة من أفواه الصحفيين الباكستانيين أنفسهم !
ربما إني أكره التعذيب وفكرته الى درجة منعتني من الانتماء الى أي حزب سياسي في العراق , لأرتباط السياسة في الشرق في ذهني بفكرة (يوم على ظهر الحصان ويوم الحصان على ظهرك ) .
وما شهدته وسمعته أيام طفولتي من تقاتل الأحزاب فيما بينها والاغتيالات والسحل وتقطيع الاوصال , وما كنت أسمعه من والدي من لعنات على الساسة والسياسيين بكل فئاتهم وكيف أنهم يعلقون الجثث في شوارع الموصل وكركوك وبعض المدن الاخرى, جعلني اتيقن بأن كلمة السياسة مرتبطة بالقتل والتعذيب في بلدي .
في تأريخنا العربي والاسلامي حوادث كثيرة وقصص رهيبة عن التعذيب..سواء للاعداء والخصوم ..أو أحيانا للاقارب وحتى الاولاد أنفسهم !
في زمن الرسول , كانت هناك وصايا للتعامل الانساني مع الاسرى والضعفاء ,
والآية توصي بذلك (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ), ومع ذلك قتل بعضهم مثل عقبة بن أبي معيط (الذي كان قد بصق في وجه الرسول سابقا وطارده ووضع أحشاء الجزور فوق رأسه الشريف , حتى كاد أن يختنق),
فقام أحد الصحابة بعد سماعه هذا الكلام من الرسول, فشطر إبن أبي معيط هذا (دون إذن من الرسول ),
وقصة النضر بن الحارث (الذي يقرب للرسول لأن جده عبد مناف بن قصي ) معروفة والذي نزلت فية آية (..وكان الانسان أكثر شيء جدلا)الكهف 54 , لانه كان أكثر من يجادل ويدحض كلام الرسول في غالب مجالسه
وكان يصر على أن كلام الرسول موجود في كتب الاقدمين وما هو إلا أساطير الاولين ..وعندما وقع النضر في الاسر يوم بدر ,لم يطلق سراحه مقابل فدية وترك ليموت صبرا (أي جوعا ), ثم سارع بعض الصحابة الى تقطيع أوصاله قبل هلاكه من الجوع !
وفي العصر الاموي ,عندما رميت الكعبة بالمنجنيق للمرة الأولى زمن يزيد بن معاوية وأستباح جيشه مكة وسبيت نسائها ( لا أفهم كيف يقبل هذا في الاسلام )
لم يستطيعوا القضاء على قائد الثورة عبدالله بن الزبير , لكن في المرة الثانية لرمي الكعبة زمن عبد الملك بن مروان ,إستطاعوا أسر بن الزبير بعد أن تخلى الكثير عنه حتى أولاده لشدة بخله وكانت النتيجة أن صلب وعلق الى جانبه كلب أجرب (ليطغى على رائحة الزبير العبقة كما توصف ).وكان القائد آنذاك الحجاج بن يوسف الثقفي ,الذي أكمل فيما بعد أعماله الانسانية الحبية مع العراقيين ,بحيث أصبحوا يقارنون صدام حسين به فيما بعد , والذي بدوره أطلق كلابه المفترسة على طبيبه الخاص راجي التكريتي , لأنه شك بأخلاصه له !
في العهد العباسي وبدءا بسفاحها أبو العباس , الذي أشتهر بهذا اللقب الرومانسي لأنه كان بعد كل وليمة لخصومه أو معارضيه يأمر بقتلهم جميعا
(يعني يشبعهم أولا ثم يقتلهم ..رقيق جدا ) .
وفي عهد عبيد الله بن زياد كانت أول عملية سمل للعيون ضد أمرأة من الخوارج
ثم أنتشرت عادة سمل (فقئ) العيون أيام السلاجقة و المماليك وتم تطويرها بحيث غدت عادة يدمنها الحكام مع معارضيهم , وحتى ضد أبنائهم إن هم حاولوا خلعهم من الحكم , وقد عدد الدكتور علي الوردي كثيرا من هؤلاء حتى أسمى أحدهم المسمول إبن المسمول .خصوصا أيام حكم طغرلبك والملك مسعود وأخيه المسمول محمد الذي حصل على الملك وهو في حالته تلك !
وفي قصر المعتمد بن عباد كانت هنالك حديقة للرؤوس المقطوعة !
وفي أيام العثمانيين كانت طريقة التعذيب المشهورة جدا هي القازوق وقد إستمرت الى وقت قريب , ليس فقط مع المعارضين بل أيضا مع الاتباع والخدم إذا أخطئوا ومع قادة الجيش إذا إندحروا !
وبالنسبة لي ..فأن المرة الوحيدة التي سجنت فيها كانت لمدة يومين وخلال الخدمة العسكرية ,لأني تغيبت يومها لذهابي الى منتجع الحبانية لمقابلة صديقتي ,كان ذلك عام 1982 والحرب ضد إيران في أشدها , قابلت في السجن شخص محكوم بالاعدام لأنه فر من الخدمة مرتين ..في الاولى عاد بعد صدور العفو المؤقت , وفي الثانية قال أنه لم يعد يتحمل مخاطر الحرب والموت ومناظرها البشعة , سألني كم ستبقى في الخدمة العسكرية , قلت ..المفروض 4 أشهر أو أقل لأني متعاقد مع التصنيع العسكري ,(كانت تسمى الصناعات الفنية وقتها ) و سيسحبوني إليهم بعد أن نرمي (تمرين الرمي للتخرج من دورة التدريب الاساس ) قال ..أربعة أشهر وتتغيب يا رجل ؟ ؟ والله لو أني مكانك لوقفت في ساحة العرضات مستعدا طيلة الاشهر الاربع , لأني سأتسرح من الخدمة بعدها..
إسمه محمد لايمكن أن أنساه أبدا , كان يملأ عنبر السجن ضحكاً , كل كلمة منه عبارة عن نكتة قوية , قبل أن ينتهي ضحكنا من الأولى يتحفنا بالثانية الاقوى ,طلب مني بطانية قبل خروجي قائلا أنت ستتسرح قريبا ولن تحتاج إليها لكني ربما أستمر في العيش الشتاء كله قبل أن يعدموني ,سألته هل أنت جاد فيما تقول ؟ كنت أظنك تمزح معي , وكيف لك أن تنكت طيلة الوقت هكذا وأنت تعلم بأنك ستموت قريبا ؟
قال حتى لو أعفوني ثانية , سأهرب من جديد وفي النهاية سأقتل في الحرب أو الاعدام .ربما الفارق في التسمية بعد موتي شهيد أم خائن ؟وماذا يفرق عندي,
وحتى في كلامه ذلك كان يضحكني يأتي بنكات على الشهداء من قبيل الشهداء أكثر منا جميعا (تحوير لجملة صدام الشهداء أكرم منا جميعا ).
يقولون أن كلمة شهيد تنطبق على الميت حرقا أو غرقا أو غدرا أو ما شابه
ولا علم إن كان ذلك يشمل المسلمين فقط أم الجميع ؟
عندما قتل الارهابيون 3000 شخص في أحداث 11 سبتمبر في دقائق معدودة , لم يذكروا هل منهم شهداء؟
عندما قتل صدام 5 آلاف شخص بريء في حلبجة غالبتهم من الاطفال والنساء
ولم يعطهم حتى فرصة فهم من أين يأتي الموت , هل ممكن إعتبارهم شهداء ؟
والخلاف الحالي حول ضحايا الحرب ضد إيران , هل هم شهداء؟وهل هناك فرق في السماء ؟أم أن التسمية مهمة لأهل الارض فقط ؟
أعود الى حديث الساعة اليوم ..حالات التعذيب في معتقل غوانتانامو في كوبا ,ضد مجرمي القاعدة الذين قتلوا 3000 بريء مدني , مع سبق الاصرار والترصد !
ومن يثير تلك الزوبعة ؟..هم الغربيون أنفسهم ,منظمة الصليب الاحمر وهيومان رايتس وتش والأدارة الامريكية نفسها ,ومنظمات حقوق الانسان في أميركا والغرب ..وظهر من جواب بعض المختصين أن عملية الايهام بالغرق (المشكلة )
هي ليست طريقة تعذيب رهيب , بل هي إيهام فعلي للمتهم بالغرق وليس فيها من التعذيب الجسدي الشيء الكبير , فقط النفسي هو المؤثر , وطبعا في الغرب أكبر مشكلة إذا قلت لمديرك أو مسؤولك أنك تعب نفسيا , فسيعتبر ذلك خطر على حياتك وحياة الآخرين وسيسعى لأعطائك إجازة راحة ورفاهية !
أعتقد أن مجرمي القاعدة أنفسهم لا يصدقون ما يحدث لهم , ولو خيروا بين إعادتهم الى سجون في أوطانهم حتما سيرفضون , لأن الفارق معروف , فحتى لو لم يستعمل الخازوق معهم , فالسيف البتار والحامض والحبال موجودة .
تذكرت نكتة بعد مايسمى فضيحة سجن أبي غريب (التي كشفها الاميركان أنفسهم أيضا ),وكانوا قد عرووا بعض المساجين في البرد ليضحكوا ويهزؤا بهم
قال أحد الخارجين من السجن لأمه , هل رأيتني ؟؟كنت ثاني (دبر) من جهة اليمين !
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟