|
الحظ الماكيافيلي يبتسم للشعب و يتجهم للأمير
نعيم حيماد
الحوار المتمدن-العدد: 2629 - 2009 / 4 / 27 - 03:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس من الحكمة أن نثق بمن خدعنا مرة، لكن التجربة تفيد أن الناس يُُقبلون اليد التي تطعنهم من الخلف، حتى لا ينقطع أملهم. وإذا أردنا أن نصغي لصوت الحكمة فلنتوقف عن تقبيل الأيادي، ولنستعض عن ذلك بالمواجهة، فوحدها يمكن أن تكشف المستور. وهي أكثر الأشياء حكمة في عالم يسود فيه الجنون؛ الجنون الذي أقبر شعب فلسطين، وتدخل بالقوة في نظام بعض الدول، معلنا أن بنية الدولة لم تعد قادرة على الاكتفاء بذاتها، خصوصا وأن سمة ما بعد الحداثة هي تفجير البنيات، وزعزعة الثوابت. لماذا إذن يعد الوقوف بوجه الاختراق العنيف للبنيات إرهابا؟ إن كان كذلك، أفليس من الأولى أن نسميه إرهابا مضادا؟
نعلم يقينا أن معظم المقاومين الذين يدافعون عن أرضهم وحقهم في الحياة، لا ينطبق عليهم معنى الإرهاب، بل إن عدم اللجوء إلى استخدام الأسلحة دفاعا عن الوجود، إن كانت الحل الأخير، يعد خيانة وصفحة سوداء في سجل التاريخ. أما أولئك الذين يحكمون شعبهم متبعين وصايا ماكيافيل للأمير، متجاهلين حتى ما أقروه في دساتيرهم، فيجب أن يفهموا، أن القوة ليست في الوصايا، وإنما في فشل تشخيص علة الثورة. والواضح أن الذين يحترمونها سيعدلونها وراثيا،وسيرسمون لها خريطة جديدة، تكشف الأنذال، وتحاكمهم، وتلحق بهم العقاب دون مساومة.
التمرد ضد الأمير لا ينجح في "كتاب الأمير"، لأن الأمراء يتعلمون منه كيف لا يضيعون حكمهم. وإذا جاء أمير جديد إلى الحكم، وبعد أن يغترف من إناء الحكمة، فإنه يعمل على أن يظهر قديما في ولايته، بأن يتقاسم مع سابقيه ذات الهم، وذات المقالب، وذات الرياء، ولكن، بمظاهر جديدة. وأعتقد أن ما يقدمه ماكيافيل في كتابه الأمير لا يفلت منه أمير. وقد لاح في الأفق أمير على رأس الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن اعتذر القديم عن أخطائه، لأن الإنسان خطاء، وحمل معه إحدى الخصائص، الرئيس الذي رشقه منتظر الزيدي بالحذاء . ومن السخرية أن نجد في المنطق عبارة تقول لا يمكن فصل الذات عن الصفات، لأن الصفات هي عين الذات . أما عن الجديد فقد قيل في معظم الصحف إنه الطقس المعتدل الذي لا يتوقع بعده أغبياء العالم عواصف لا لون ولا صوت ولا رائحة لها. سيكون الرئيس الجديد محظوظا بالفعل إذا نحن قلنا مع إخواننا المغاربة اللي فات مات" وأمِلنا الخير من الأمير الذي حالفه الحظ وضحكت له الدنيا، وتغافلنا أن النظام هو الذي اختاره، وهو نظام جشع، خرَق المبدأ الكوني الأخلاقي، وحاول مع بوش انتزاع حق الكذب – بشأن وجود أسلحة الدمار الشامل بالعراق- هو وصديقه البريطاني طوني بلير، وأفلت نفسه من العقاب بالاعتراف على الطريقة المسيحية. ويقرر أخيرا سحب جيوشه من البلد المستعمََر، لكن ليس كما دخل، بل بمعاهدة تنظم وجوده وانسحابه. مع أنها معاهدة باطلة، لأنه لا يجوز أصلا لدولة أن تتدخل بالقوة في نظام دولة أخرى أو في طريقة الحكم فيها، وهذا نجد تبريراته في مشروع السلام الدائم لكانط.
كيف لنا أمام الذي يدمر شعبنا ويستعبدنا ويشردنا باسم المبادئ والقيم أن نصفح عنه، ألن نتحين فرص قوتنا لنضع نهاية لجبروته؟! لم يخطئ الشاعر مظفر النواب عندما نظَم قصيدة "قِمم"، ولا أحد يمكنه أن ينفي قوة صدق الشاعر، إلا أن القمم قد تغدو حقيقية، إذا غيرت من لغتها، وهذا ما نتمناه.
سأنهي حديثي بأن أوجه الخطاب لشباب العالم، كل في موقعه، أن يبحثوا عن أشكال جديدة للنضال تناسب اللحظة التاريخية التي نعيشها، وأن يَقْدُموا على الفعل، وسأقول ما يقوله صاحب الأمير ...الحظ امرأة لن تفر بها إلا بالقوة.. ولهذا فالحظ كالمرأة يصادق الشباب دائما، لأنهم أكثر عنفا وأقل حذرا... ، إن النموذج العلمي القديم لا يتم التخلص منه عند ظهور نموذج جديد، إلا بموت القائمين عليه، الذين أنتجوه ويصعب عليهم التخلص من مبادئهم القديمة. هكذا هي سياسة العالم، لكن ما العمل أمام موت الأمير و صمود النموذج؟؟ ربما نسي طوماس كون صاحب الباراديغمات أن الأمر لا يصدق على السياسة.
يمكننا الاعتقاد في وجود شبكة عالمية بلغ صانعوها في تطورهم العقلي أعلى الدرجات، وحتى يتفادوا صدام المرجعيات، لا يستندون في اتفاقاتهم سوى للعقل، وكل من ينتمي إليهم، لا يتأخر في الدفاع عن المبادئ، وفي كل ممارساته يتحمل المسؤولية الكاملة. قد لا نتفق مع هذه الشبكة ، و لكن حينها سنُرجع الخلل لمنطقنا.
#نعيم_حيماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعاني في طريقها للتحقق فالحرب لم تنته بعد
-
ماذا لو تحالفت الكلمة مع السلاح ؟!
-
هل وقعنا سلاما انفصاليا مع الامبريالية ؟؟؟
-
مصير الدين بعد سقوط الميتافيزيقا
-
التربية بين السياسة و الفلسفة
-
تأمل في المقاومة
-
قصيدة - يكفينا -
-
قصيدة - غضب -
-
الفلسفة التي تقدم الأمل
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|