|
حياة شرارة الثائرة الصامتة
خالد حسين سلطان
الحوار المتمدن-العدد: 2624 - 2009 / 4 / 22 - 06:33
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
في الأول من آب 1997 انتقلت الى جوار ربها الفقيدة د. حياة شرارة أستاذة الأدب الروسي في جامعة بغداد / كلية الآداب ( ومن ثم كلية اللغات ) في حادث انتحار مأساوي مع ابنتها الشابة مها، والذي كان صدمة شنيعة لكل من عرف الفقيدة أو سمع عنها وقرأ لها وكذلك في الأوساط الأدبية والتدريسية وطلابها، وعلمت في حينها عن الوفاة من خلال اللافتة التي علقها طلابها في واجهة مجمع الكليات في باب المعظم، وأثارت تلك الحادثة الكثير من اللغط والتساؤلات ان كانت انتحار فعلا أم هنالك يد خفية للنظام الحاكم في ذلك، وعلى كل حال فالحصيلة كانت ان النظام كان وراء الانتحار سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وبعد صدور رواية " إذا الأيام أغسقت " للفقيدة وبمقدمة رائعة بقلم السيدة بلقيس شرارة، أشارت السيدة بلقيس في تلك المقدمة وكتاباتها اللاحقة عن الفقيدة، ان الحادثة كانت انتحار وبدون أي تفاصيل حيث كتبت في الجزء الأخير من تلك المقدمة " . . . ولم تعد ترى بصيصا من النور أو الأمل. أحست أنها أمام منعطف الهاوية عندما فقدت الحياة مغزاها وهدفها، ولم يبق أمامها إلا الهرب والتخلص منها وإطفاء جذوتها. فقد وصلت الى الخطوة الأخيرة في مفترق الطريق الحاسم، الفاصل بين الحياة والموت، ووجدت راحة في إنهاء مسيرة الحياة والتخلص منها . " ومع هذا كانت بعض الكتابات التي نشرت حول الفقيدة وخصوصا بعد الاحتلال وسقوط النظام السابق تشير الى إنها كانت عملية تصفية من قبل أجهزة النظام الأمنية، فالبعض اعتبرها عملية إعدام وأدرج اسم الفقيدة وزوجها الطبيب محمد صالح سميسم ضمن قوائم الشهداء الذين أعدمهم النظام، والآخر تساءل عن الذي أشعل النار في الفقيدة وابنتيها وهنالك من كتب عن استنشاقها لغاز سام. لذلك كان الأجدر بالسيدة بلقيس أن تخوض في بعض تفاصيل الحادث وخصـــــوصاً ان زينب الابنة الثانية للفقيدة قد نجت من الحادث وبالتأكيد لديها معلومات دقيقة عن الحادث رغم قسوتها . وعلى كل حال فان تلك النهاية المأساوية ليست بالغريبة في أوساط المبدعين والعلماء وغيرهم من ذوي النفوس البشرية السامية عند تعرضهم للاستبداد واقتناعهم بعدم قابليتهم تقديم شيء في مجال اختصاصهم ضمن الظروف المحيطة بهم، رغم تناقض تلك النهاية مع التشريعات السماوية. ويبدوا ان الفقيدة من خلال دراستها وأبحاثها في الأدب الروسي تأثرت بالنهاية المفجعة للشاعر والأديب الروسي ماياكوفسكي ( 1893 ــ 1930 ) الذي أطلق النار على قلبه وهو في ريعان شبابه وعطاءه تاركاً وصيته التي جاء فيها " الى الجميع ! أنا أموت, لا تتهموا أحداً، ودعكم من الأقاويل . . . " فنقشت تلك النهاية أثرها في ذاكرة حياة كورقة قد تحتاجها يوماً ما، وفعلا لجأت الى تلك الورقة لتعلن ثورتها الصامتة وتنهي حياتها لتكون تلك النهاية صفعة في وجه الطاغية المستبد. ولو كانت الفقيدة على قيد الحياة حتى اليوم لانتحرت مرات ومرات وهي تشاهد رفاق الأمس من أصحاب الرايات الحمراء التي طالما ناضلت تحتها وهم يجلسون على طاولة واحدة مع أعداء البشرية ومحتلي بلادهم ويزمرون ويطبلون لذلك الاحتلال بكل فعالياته ويبصمون على اتفاقية مذلة معه وبرياء صارخ ( أفضل السيئات ) . تأثرت كثيراً عند قراءة تلك اللافتة المشئومة التي تعلن عن وفاة الفقيدة، وبعد الاحتلال قرأت روايتها " اذا الأيام أغسقت " وتعاطفت مع أحداثها ومعاناة الفقيدة، لذلك أخذت من عنوانها لازمة لي أكررها مع كل ضائقة أمر بها وما أكثرها في زمن الاحتلال البغيض وما رافقه من أحداث وانحرافات غير متوقعة، حتى أخذ أطفالي بسؤالي عن معنى هذا القول " إذا الأيام أغسقت " فوضحته لهم وتكلمت عن الفقيدة وزوجها وابنتيها وما حصل لهم على يد النظام السابق . لم التقي بالفقيدة وأنا من جيل طلابها بل كانت هي وزوجها المرحوم محمد صالح سميسم أصدقاء ورفاق لوالدي المرحوم حسين سلطان، وكان الطبيب محمد سميسم طبيب العائلة وأصدقاءها وأقاربها يقدم لهم المشورة والمساعدة في الحالات المرضية سواء في اختصاصه او غير ذلك وخصوصاً خلال فترة عمله في مستشفى الطوارئ في بغداد حيث كنت احد مراجعيه، وفاءاً لتلك الصـــــــداقة والنبل الإنساني الذي تحمله الفقيدة وزوجها والإهمال المقصود من المؤسسات الأكاديمية التي عملت فيها وكذلك رفاقها في فترة عملها الحزبي، عملت على جمع ما احصل عليه من كتابات ومقالات عن الفقيدة ودورها الأدبي والسياسي على أمل نشره كملحق في احدي المجلات الأدبية او على شكل كتاب مستقل ليكون مرجعاً متواضعاً للمهتمين، وعسى ان يكون واخزاً ودافعاً للجهات المختصة والمؤسسات الأكاديمية التي عملت فيها الفقيدة لتكريمها بالشكل المناسب ونشر إبداعها ونتاجها الأدبي غير المنشور لحد الآن، وما أكثره، ويذلك يساهموا في إنصاف إنسانة ومناضلة ومبدعة . المجد والخلود للفقيدة حياة شرارة
#خالد_حسين_سلطان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
صوفيا ملك// لنبدأ بإعطاء القيمة والوزن للأفعال وليس للأقوال
...
-
الليبراليون في كندا يحددون خليفة لترودو في حال استقالته
-
الشيوعي العراقي: نحو تعزيز حركة السلم والتضامن
-
كلمة الرفيق جمال براجع الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي ال
...
-
الفصائل الفلسطينية تخوض اشتباكات ضارية من مسافة صفر وسط مخيم
...
-
الجيش اللبناني: تسلمنا مواقع عسكرية من الفصائل الفلسطينية
-
مباشر: حزب النهج الديمقراطي العمالي يخلد ذكرى شهداء الشعب ال
...
-
مظلوم عبدي لفرانس24: -لسنا امتدادا لحزب العمال الكردستاني وم
...
-
لبنان يسارع للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في سوريا
...
-
متضامنون مع «نقابة العاملين بأندية هيئة قناة السويس» وحق الت
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|