كاظم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2623 - 2009 / 4 / 21 - 09:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حين يكون النظام السياسي شموليا ويتدخل في الحياة اليومية الجزئية تكون الحياة السعيدة قد أوصدت أبوابها (حتى إشعار اخر) فكل شيء يحدث في هذه الدنيا ـ ونقصد الاعمال السيئة والشريرة ـ يلقى اللوم فيه على الضحايا، لان الدكتاتور لا يخطىء حتى وان ظلم الرعية لانه منزه من الخطأ وان كانت ضحاياه بالملايين اطفالا وشيوخا ونساء والحاكم بريء مما يحدث هذا الشعور بتجريم الذات واعفاء الفاعل او الجاني من المسؤولية قد تراكم في اللا شعور الجمعي، بحيث أعطى السلطان حصانة من اية محاكمة جراء ظلمه وفساده تجاه الاخرين.
لقد اصبح العنف قوة غير منظمة ومدمرة تسحق الانسان بكل قسوة وتحمل معها آليات ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية تضفي عليها الشرعية بحيث يكون الضحية هو المذنب بصورة دائمة. والحاكم هو الشرعي الدائم عن طريق الغلبة وقرابة الدم مع الضحية (انا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب) ولهذا السبب يسود استغراب كبير وسط الاعلاميين والسياسيين والمراقبين العرب، لرغبة العراقيين في خلاصهم من الدكتاتور بأية وسيلة او صورة بعد ان جعل العراق خرابا على امتداد البصر.
وكثيرا ما يشكو من سنحت الفرصة له للسفر الى الغرب، والاقامة هناك، من تدخل الدولة ومنعها الاسرة من عقاب اطفالها، ويرون ذلك اعتداء صارخاً على حقوقهم في التسلط التي منحها لهم التاريخ، وبالمنطق نفسه يبررون مسلك وظلم وبطش وجبروت الحاكم لهم ويعطون له المسوغات في الاستبداد والقمع للشعب، أليس هو الاب او الاخ الكبير ومن حقه ان يفعل ما يشاء بشعبه.
وفي اي مكان من ساحة الظلم، حين تسمع الضحية قد تعرض للظلم او السرقة او القتل يكون الحديث عن خطأ او ذنب الضحية لانه لم يحفظ نفسه جيدا او لانه (موخوش ادمي) او لانه اختار مهنة الحلاقة او انه ولد في مكان ما رغما عنه. انها سياسة او ثقافة الحق على القتيل او الضحية من المهد الى اللحد، ولو افترضنا جدلا ذلك، ألا يحق له ان يقاضي عن طريق المحاكم كما هو الحال في المجمعات المدينة؟ ومن الذي يعطي الشرعية لاية قوة وهي تمارس دور القاضي والمدعي والجلاد؟
ألا يدل ذلك على ان قيم المجتمع التي تدعو الى الاستبداد قد اصابها التهرؤ ولم تعد تمتلك اية صلاحية اخلاقية وانه يجب تأهيل المجتمع الى قيم العدالة والحرية لكي يحفظ المجتمع أفراده.
#كاظم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟