أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - غباء القوة















المزيد.....


غباء القوة


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 802 - 2004 / 4 / 12 - 10:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست مقنعة تلك التحليلات المغرقة في التنظير التي تناولت الأحداث الدامية على أرض العراق موعزةً إياها إلى مخطط أمريكي مسبق الإعداد يهدف إلى عملية توليد مستمر لمبررات التواجد العسكري المديد..فهي كما جرت العادة العربية، ترتكز: إلى الفهم التآمري للأحداث والوقائع التاريخية ..! لا شك في أنَّ مثل هذه التحليلات ترفع من شأن الخصم في حين يظنُّ أصحابها أنَّهم يكشفون من خلالها خفايا العدو، ويفضحون نواياه ..!وإضافة إلى ذلك، تتيح هذه النوعية من المواقف التنظيرية، والتحليلات المشهدية ، الفرصة لبقاء أصحابها محلِّقين فوق الأرض بدل النظر المتفحّص و المباشر للأحداث، والوقائع، الجارية على الأرض و هي مسألة - قياساً إلى التحليق- في غاية الصعوبة والأهمية .. إنَّ المتتبع بدقة لمجريات الأحداث خلال عامٍ عاشه العراق بوجود القوة الأمريكية بدلاً من الرفيق الماجد صدام حسين، يكتشف حجم الغباء السياسي الذي يترافق مع غطرسة القوة ..! ففي الوقت الذي يجب أن تخدم فيه الإجراءات الأمنية والعسكرية الهدف السياسي، وهو بشكل أساسي عملية بناء عراق جديدكان قد جرى التسويق المسبق لها، جرى العكس من ذلك بحيث يمكن القول : إنَّ اليد اليمنى الأمريكية –بالطبع- تفعل عكس ما تفعله اليد اليسرى .. وإذا أسعفتني الذاكرة فهو مثلٌ أمريكيٌ..! فغطرسة القوة مثلاً،لم تسمح برؤية الخطر المترتب على غضِّ النظر عن بدء مقتدى الصدر بالترجمة العملياتية لنيته المعلنة سابقاً حول تشكيل جيش المهدي.. وهكذا وصل الأمر خلال أقل من عام، إلى أن تجد القوات الأمريكية نفسها في مواجهة عسكرية جدّية مع هذا الجيش المدعوم ايرانياً .. إنَّه الغباء السياسي نفسه الذي وقَّت إجراءات سلطة التحالف ضدَّ هذه المستحاثة اللائقة للعيش بجدارة في القرن الرابع الهجري وذلك أثناء تواجد مندوب الأمم المتحدة الإبراهيمي في العراق ..! أما الكلام الأيديولوجي المعتمد في تلك التحليلات عن الإمبريالية، وأطماعها، وعن تفتيت وحدة العراق وغير ذلك.. فهو محض غباء مماثل..! ناهيك عن عدم توقف الأيديولوجيين عند فضائل الخصم الذي يرونه شراً مطلقاً، إذ لا يعنيهم مثلاً حقيقة أنَّ ما يحدث في الفلوجة يؤثر تأثيراً مباشراً على المستقبل السياسي للرئيس بوش ..! و هي جزئية، أو تفصيل صغير في المشهد الديموقراطي الغربي.. ومقارنة ذلك بحقيقة عربية بامتياز، وهي أنَّ كلَّ الهزائم التي يتعرض لها الزعيم العربي بما في ذلك من احتلال لجزء من أرض وطنه، و مقتل عشرات الألوف من شعبه، كل ذلك ليس له أي تأثير على جناب الرئيس الملهم القائد المعصوم ( من كثرة أكل الصّبار )..! وتتجلى شطارة الأيديولوجيين أيضاً في المقارنة، والمقايسة إذ تراهم (ينطّون) إلى فيتنام تارةً ، وحرب الجزائر تارةً أخرى..والحقيقة أنَّ مثل هذه المقارنات التاريخية أصبحت من المخلفات النظرية للأحزاب الشمولية، والأصولية، ومكانها المناسب هو المتاحف أينما وجدت..! لقد أصبحنا نعيش في زمن يتطلب منتهى الواقعية السياسية وغير السياسية وغير ذلك يعني المقامرة بمصالح الناس وربما الأوطان..! وهم أي (الأيديولوجيين) بعد أو قبل ذلك، يضعون الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الانحياز إلى التحالف الظلامي الفاشي الذي لا يمت إلى العصر بأية صلة.. أو الوقوف إلى جانب قوات الاحتلال..إنه الغضب الأعمى المتأتي من تأجج العواطف حيث يزيح العقل جانباً [ وهو منزاح من غير ذلك ] فيرتدّ الواحد منهم إلى خندق النظام التسلطي الفاشي دون أن يرغب حقيقة بذلك..! في الثلاثين من حزيران القادم، ستعمد الولايات المتحدة الأمريكية بالتأكيد إلى نقل السلطة إلى العراقيين كي تضعهم أمام استحقاقات المرحلة التالية، وهي ستظلُّ مطمئنةً إلى ديمومة مصالحها ( وليس عيباً أنَّ الآخرين يفكرون بمصالح بلدانهم ويسوى أن نتعلم منهم ذلك..! ) وذلك من خلال الحاجة المؤكدة لمواكبتهم الميدانية لمدة تتطلبها عملية إعادة البناء .. ومن الطبيعي أن تلتقي المصالح المتبادلة على طريق بناء العراق الجديد بغضِّ النظر عن الممانعة المتأتية من القوى الظلامية، وفيروسات التخلف التي تطلقها في فضاء عراق الحريات والتمدن الذي تترّقبه شعوب المنطقة المكَّبلة، كما تترقبه بخوف الأنظمة المحيطة المتضررة من هكذا عراق جديد ..!
إنَّ الانتماء لعصر القيم المدنية، والحضارة، وحقوق الإنسان ، يستوجب الانتصار على العواطف البدائية الإنشائية الموروثة ، وهي مسألة صعبة من غير شك.. ومن غير إعمال العقل على حساب العواطف، سيظل الانحياز إلى الماضي مرجحّاً بجدارة ..وهذا الانحياز المتأتي من لجّة المشاعر والانتماءات ألما قبل مدنية أو الأيديولوجية المحضة، يشكِّل التربة الخصبة لبذور ثقافة العنف الأعمى،و هو تحديداً الذي يوفر المناخ الصالح لاستمرار الأصولية بله انتعاشها..!
لقد قلنا، وقال غيرنا منذ العملية القيصرية التي ولَّدت مجلس الحكم الانتقالي: إنَّ الأمريكي من واقع قوته المطلقة، يتغابى سياسياً وهذا الأمر ناتجٌ عن عدم استيعابه تفاصيل الخريطة الاجتماعية العراقية.. لكن الآن وقد سقط نظام المقابر الجماعية على يد الأمريكي، فيجب من باب الوفاء أنَّ لا ننسى أنَّ سقوطه كان مستحيلاً، وأننا كنا سنورث أولادنا، وأحفادنا تركةً ستجعلهم لا يغفرون لنا صنيعنا..! والأكثر أهمية هو أنَّ فرصة بناء دولة ومجتمع عراقيان، أصبحت واقعاً حقيقياً وهي هذه المرة قضية وطنية بامتياز لكن استكمال بناء المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية التي ستوفر المناخ الأمني وطنياً، يحتاج إلى الوقت الكافي، وما يفعله تحالف العنف المضاد وهو خليط من القومجيين الحاف، والقومجيين الناصريين، والظلاميين من كل الطوائف، و قبل هؤلاء وأولئك، الشراذم الحزبية، والأمنية، والعسكرية، العائدة ملكيتها للبعث الصدامي المدحور ، هو بالضبط محاولة قطع الطريق على هذه العملية الوطنية الجارية، والمطالبة بخروج الأمريكان فوراً وهي الفرصة الوحيدة التي تتيح إعادة تركيب نظام فاشي بغطاء ديني متخلف سيكون مدعوماً بالضرورة من الأنظمة المحيطة لأنها على نفس الشاكلة..! وبناءً علىما تقدم، تصبح مطالبة القوميين العرب أينما كانوا، والأصوليين العرب وغير العرب ( بتاع الأمة الإسلامية ) ، وبعض أنظمة العرب.. مطالبتهم جميعاً بخروج الأمريكان الفوري من العراق واضحة الأهداف والمرامي..!
11/4/2004



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المراهنة الخاسرة
- التغيير بين مؤثرات الداخل والخارج
- ميليشيا الصدر ووحوش الفلوجة وجهان لعملة واحدة
- حكايات سياسية من هذا الزمن بمناسبة الإفراج عن:محمد غانم _ 1 ...
- هلوسة سياسية
- درس سلطوي جديد لبعض المعارضين
- وحوش الفلوجة
- سوريو الخارج وشهادات العمالة المجانية
- من يصلح من و عودة صاحب الكلكة
- أسلحة الدمار الشامل
- السجن والوطن وما بينهما إلى: محمد غانم
- نعسانيات الأغا على الجزيرة
- عن الخطوط الحمراء
- الحرية أولاً وثانياً وأخيراً
- في الوقت العصيب صاحب ( الكلكة ) يحاسب أصحاب الجبهة والقومجيي ...
- في الوقت العصيب صاحب ( الكلكة ) يحاسب أصحاب الجبهة
- صيف سوري ساخن وكوميديا العمالة
- ليلٌ ودماء في المملكة
- حزب (الفلوجة) مرة أخرى
- فانتازيا برلمانية سورية


المزيد.....




- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جهاد نصره - غباء القوة