أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مها عبد الكريم - ارتجال..














المزيد.....


ارتجال..


مها عبد الكريم

الحوار المتمدن-العدد: 2616 - 2009 / 4 / 14 - 06:10
المحور: الادب والفن
    


صامتاً.. وسط مسرح من الرخام الأبيض
مستعدا بقامتك الضبابية , أن ترتجل عبارة ذهبية يكسر التصفيق الذي يتبعها الصمت البارد المنسجم مع ارض المسرح وأعمدة الرخام البيضاء على جانبيك
فتنسدل عندها الستارة الزرقاء المرفوعة بترف , غير بعيد بينما ارض المسرح تدور ..


من بوابة البيت الخشبية تدخل ناديا ..
شامخة بقامتها الرشيقة وبأنفها المدبب قليلا وجمالها الطافح بكل الألوان, ثم تمضي مختفية في إحدى غرف بيتنا القديم ..
لون السماء الصافية الذي يصبغ الجدران لا يتناسب مع برودة المشاعر هنا ..
ولا مع لون ضفيرة ناديا الطويلة الشقراء
مازالت أقف في مكاني أراقب كل شيء بصمت .. تدخل ناديا وتخرج دون أن تنطق بحرف واحد فهي في كل الأحوال لا تجيد لغتنا
لماذا دائما أنا وحدي ؟ وكم يشبهني هذا البيت السماوي الذي أدور فيه دون أمل أن اسمع لإنسان صدى
حتى مسرح الرخام الذي يقع خلف باب من أبوابه الكثيرة غير المفضية إلا على مزيد من الفراغات , خال
أين أنت ؟ لماذا لا تسير الدروب نحوك ابدآ
والمسافات بيننا كبرت كثيراً وليس في نيتها ان تشيخ ..
حتى ناديا , تلك المخلوقة الغريبة التي هبطت بها الأقدار في هذا البيت الغريب صامتة دون أمل أن تنطق يوم ما
أقف وسط مسرح الرخام وكأني أصغي لهذا الصمت آو بانتظار دور اعتقدت انه يليق بي
مطمئنة أنا ..أني سأجيد ترديد الكلمات
لكن هذا البيت يمتلك لغة لا أجيدها
السماوي البارد الذي لا يعني لي شيئا كان يهمس لك بلغة سرية
الرخام الأبيض والأبواب الكثيرة الموصدة
وضفيرة ناديا التي تنطق بلغة لن اعرفها ابدآ
وعيونك ..
افتح الأبواب اختصر المسافات الكبيرة الباردة بخطوات
أدور .. أدور أريد ان الحق مسرح الرخام قبل أن يغير موقعه متواريا خلف الستائر خافيا معه أبطال حكايتي
افتح الستائر .. النوافذ .. الأبواب المغلقة دون همس لن يكسر القيود ليغادرها
فتلوح ناديا في إحدى الزوايا تلملم حقائبها ..سترحل
ما يهمني من هذه الصامتة.. غير ان لغتها السرية غلبتني
وحلقت بك
أناديها فيصفعني صمتها ونظراتها الحادة
تواصل جمع ثيابها غير مكترثة بأسئلتي الغاضبة
اسند جسدي الضعيف الى الجدار السماوي الكئيب بينما تتسمر عيناي على فتحة ثوبها الصغيرة القريبة من رقبتها
ثوبها الرمادي البشع بفتحته الصغيرة تلك ينطق بلغة لا اعرفها
وعيناك المبتسمة رغم ستار المسرح المنسدلة
تنطق نفس اللغة التي نسيتها ..
افتح الأبواب .. انطلق نحو الشارع الذي لم تطأه قدماي من قبل
اركض .. أدور ..كل الطرق هنا ستؤدي إلى مسرح حكاياتي
أصل إلى وسط المسرح الرخامي الأبيض لأجدك صامتا مستعدا لارتجال عبارتك التي انتظرها ..
هل كنت ارتدي الثوب الذي هيئته لذلك المشهد ؟!
لم يعد مهما لأني سئمت ترديد كلمات لا افهمها .. لا اعرفها
أتجه نحوك بينما أتلو لأول مرة كلمات لم ترددها من قبل الجدران السماوية الباردة
كم تأخرت في اكتشاف كلماتي ..
كنت سأهز بها أعمدة الرخام .. سأهدم الجدران ..

- النجوم التي همستك ذات ليلة ..كانت رسلي
غير انك لم تصدق ..أو نسيت
أن الأبواب هنا حتوف ..
والسقوف التي نحلم أن تظللنا .. مخالب
هل اطلعت عليها .. تعتصر العمر ثمرة لم يحن أوان قطافها
أم أحسبك نسيت ..
مثلما أنا..حين مللت السؤال
عن أرضك التي بقيت تدور
لكني حسبت انك لن تأتي !
أو أن أوقاتك الغارقة في غيها ..
غفلت عن زمني المكلل بالوهم
فتساءلت طويلا .. ودون بارقة رد يغيث
عن تاريخ الجرح الغائر
لأنسبه إلى تقويم استثنائي
يبتدئ بك ..
لكن أرصفة الطرقات التي لم أزرها
وأخرى أثقلها سيل الخطوات ..نَسِيت
ظلك الذي وشحها ذات غفلة ..
فحَسبت –مثلما افعل –انك لم تأت
او انك تركت عيونك تحت ظل صفصافة
حين غَفَلتَ عن حدائقي الممشطة بالعبث !
لكن ظل الأنثى يلح في احتضاره الأخير
باحثا عن أثار يديك ..
أزرعت في ليل شعرها زهر الياسمين ؟
ام انك نسيت ..
كما أحسبك أنا ..لم تأت
........
........
.......
هل رف لك جفن ؟
لم يكن ليفوتني لو حدث ..
وقد تسمرت عيناك على وجهي بينما ارتجل دوري
لن تدع مزيدا من الوقت يمر ..دونها
انظر إلى وجهك دون ملل , أتأمل ابتسامتك الخفية أو هكذا أضنها وكأنك تخفي تحتها ضحكة مجلجلة
تمشي بضع خطوات يمينا تنظر إلى ارض المسرح البيضاء ثم تعود إلى موضعك الأول ,وبعد لحظات من الصمت ...
- قد أدرك حقا كل الذي كان , غير أني سأختار ان لا أدركه
مسرح الرخام والجدران الزرقاء والصمت المستمر هنا .. يخنقني
وأنت ..
مازال الصمت يملأ المكان
وأنت في مكانك تنتظر ان ينتهي زمن الانتظار ..
لا احد يصفق فالصمت هنا ابن للهزيمة والنكسات
سأدعي انك لم تكن موجوداً واني لم ألحظك وأنت تغادر مسرح حكايتي الذي كف عن الدوران ..
...........
...........
...........
المعبر الحديدي خلف هذا البيت والماء المتدفق تحته بقوة
أنا ..ناديا التي ظلت صامتة حتى النهاية وأنت بابتسامتك التي لن تغادرك ..
وكل الحكايا الحزينة والمرتجلة في بيتنا القديم ..لم يبقى منها غير حلم ..



#مها_عبد_الكريم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم السادس.. اليوم الحاسم
- أزمة الكهرباء الوطنية ومزنة الانتخابات ..!‏
- حتى رئة بغداد لم تسلم ....!!‏
- سجل الزوار ..-قصة قصيرة-
- احتجاج
- انتظريني..
- انتظريني ..
- وسط شعب تخلى عن وطنيته , مستقبل العراق على كتف متسول محتال و ...
- على ضفة الانتظار ..على حافة الانتحار !
- الحُجب
- فصل جديد في قضية مستمرة
- (تخيلها حدثت هكذا !!)مسرحية من فصل واحد
- ربع النفط للشعب !!
- بشهادة الصف الاول الابتدائي .. تزدهر الامم !!
- مقارنة مقلوبة ..!!
- صفية السهيل بين ( بي نظير ) وشعب بلا نظير في الاستخفاف والتح ...
- سموم وثلوث يهدد اطفال العراق


المزيد.....




- الجزء الثاني من الفيلم الناجح -Freakier Friday- أصبح جاهزاً ...
- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مها عبد الكريم - ارتجال..