طارق حجي
(Tarek Heggy)
الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 10:17
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
من دفاتر طارق حجي القديمة - 1978
مسألة ديكتاتورية البروليتاريا
( أ )
من المسائل وثيقة الصلة بمسألة التحول للاشتراكية مسألة (ديكتاتورية البروليتاريا): فالتحول للاشتراكية فى الفكر الماركسى، يكون عن طريق انفجارالصراع بين طبقتى الرأسماليين ( الملاك وأرباب الأعمال) والعمال (البروليتاريا). وعندئذ ينتهى الأمر بايلولة مقاليد الأمور للطبقة البروليتارية التى تشكل ما يعرف بديكتاتوريتها هذه حتى يكتب لها الأنتصار على جميع الطبقات الأخرى ـ غير العمالية ـ فى المجتمع، وهى طبقات لا تزال باقية فى المجتمع بعد استيلاء البروليتاريا على الحكم، كمخلفات من الماضى الطويل الضارب الجذور فى أعماق التاريخ البشرى.
وإبان هذه الحقبة تكون كل السلطات بيد الطبقة العمالية (البروليتاريا)، لتتمكن من أداء مهمتها التاريخية المنوط بها إنجازها، وهى تصفية كل الطبقات المعادية للبروليتاريا(1).
وعندما يتم أداء البروليتاريا لهذا الدور التاريخى ـ تصبح البروليتاريا هى الطبقة (الوحيدة) فى الوجود، فتنتهى ديكتاتورية البروليتاريا، لأنه لن توجد ـ عندئذ ـ طبقات تمارس البروليتاريا ـ مع انحلال جهاز الدولة ونظم القوانين بأكملها ـ من تلقاء نفسها، ويصبح البشر (الباقون!) فى طور الشيوعية العيا.
هذه باختصار فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) وأهم مبررات وجودها ومهامها، فضلاً
عن مصيرها.
وربما ـ دفعاً لأى لبس ـ يكون من المفيد إيراد بعض فقرات «ماركس» التى توضح فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) فى الفكر اماركسى، كى تبقى فرصة لقائل بأن التخلى عن فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) إنما هو تطور فى (إطار) النظرية، وليس خروجاً سافراً عنها وتناقضاً بيناً مع أصولها.
فى عام1852، وبتاريخ 5 من مارس كتب كارل ماركس ـ من لندن ـ رسالى إلى يوسف فيديمارير ـ فى نيويورك ـ يقول له فيها بالحرف :
(إن النضال الطبقى يفضى بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا)(2)، وبعد ثلاثة وعشرين عاماً (أى فى عام 1875) كتب « كارل ماركس » فى كتابه (نقد برنامج غوتا) يقول: (بين المجتمع الرأسمالى والمجتمع الشيوعى، مرحلة تحول المجتمع الرأسمالى تحولاً ثورياً إلى المجتمع، وتناسبها مرحلة انتقال سياسى لا يمكن أن تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا)(3).
وهذا اليقين هو ما يزال القادة الشيوعيون فى مناطق عديدة من العالم يعلنون تمسكهم به تمسكاً مطلقاً، بل إن بعضهم يعلن تمسكه بديكتاتورية البروليتاريا حتى بعد إنجاز الانتقال للاشتراكية طالما بقيت الرأسمالية قوية فى العالم(4).
ولا ريب أن التجارب الاشتاركية المعاصرة لا تزال تحيا فى مرحلة (ديكتاتورية البروليتاريا). ولكن المقطوع به أن هذه الطبقة ـ فى تلك التجارب ـ لم تصل إلى الحكم عن طريق الصراع الطويل مع الطبقة الرأسمالية، ولا عن طريق انفجار الصراع فى شكل ثورة عمالية عنيفة تقبض فيها البروليتاريا على مقاليد الحكم والسلطة، وذلك لأنها وصلت للحكم فى بلدان لم تغرف المرحلة الرأسمالية بمفهومها الماركسى الأرثوذكسى، كما أنها وصلت للحكم بانقلابات عسكرية، أو بانقلابات لأحزاب شيوعية فى ظل حماية الوجود العسكرى السوفيتى المؤيد لها.
ومن ثم فإنه من الميسور ـ استناداً للحقائق الآنف ذكرها ـ الحكم بأن ديكتاتوريات البروليتاريا المعاصرة لا تستند إلى التنظير الماركسى فى أساس وجودها.
(ب)
وغير أن ديكتاتوريات البروليتاريا القائمة فى بلدان الكتلة الاشتراكية ـ بدون استثناء واحد ـ لا تستند فى وجودها للتنظير الماركسى، حيث إن نشأتها لا تمت بصلة للتنظير الماركسى لهذه المسألة فإننا حتى لو سلمنا جدلاً باتساق الكيفية التى وجدت بها تلك (الديكتاتوريات البروليتارية) مع الفكر الماركسى، فإن تجربة أو تجارب (ديكتاتوريات البروليتاريا) ـ فى سائر بلدان الكتلة الاشتراكية ـ تظل فى تناقض لا يحل، إذ إنها ديكتاتوريات لم تنشأ ولم تُقَد ـ قط ـ بالطبقة العمالية (البروليتاريا):
ففى الاتحاد السوفيتى لم يكن قادة الحزب البلشفى ـ قط ـ من الطبقة العمالية، وإنما كانوا ـ جميعاً ـ من المنتمين للطبقة الوسطى ـ الوسطى The Middle Middle
Class أو الوسطى العيا The Upper Middle Class فقد كان «لينين» مثقفًا جامعيًا
من أبناء الطبقة الوسطى. وتروتسكى(5) وزينوفيف(6) وكامينيف(7) وكاجانوفيتش(8)، وغيرهم من قادة الحزب البلشقى ـ الذى أسس ديكتاتورية البروليتاريا فى الاتحاد السوفيتى ـ
كانوا جميعاً من المثقفين من أبناء الطبقة الوسطى، وكان قطاع كبير منهم من الطائفة
اليهودية الروسية، والتى لم تكن بحال من الأحوال طبقة بروليتارية، وإنما طبقة تمتهن
الممارسات والأعمال التجارية. وينطبق القول نفسه على القيادات التى أنشأت وقادت
ديكتاتوريات البروليتاريا فى سائر البلدان الاشتراكية.
حتى فى تجارب العالم الثالث ـ كما هو الأمر فى كوبا على سبيل المثال ـ فقد أنشأ ديكتاتوريات البروليتاريا أفراد من الطبقة الوسطى العيا فى تلك البلدان، بل وكانت القيادة أحياناً لأبناء عائلات ثرية تمكنت من إرسال أبنائها للدراسة فى العواصم الأوربية، مع ما يمثله هذا من ترف كبير فى تلك المجتمعات الفقيرة.
(جـ)
ثم ما معنى ديكتاتورية البروليتاريا ؟
يقول الماركسيون : إنها ديكتاتورية تمارسها الأغلبية لمصلحة الأغلبية، وضد الطبقات والفئات المعادية لمصالحها ..
فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يقتصر تمثيل الأغلبية ـ فى كوادر الحزب الشيوعى ـ
على أعداد قليلة يختارون بكيفية معينة ؟
ولماذا لا تنخرط الأغلبية ـ برمتها ـ فى الحزب الشيوعى؟ .. وخاصة أن الماركسيين يرفضون تماماً فكرة تمثيل أفراد قىئل لقطاعات من الشعب (التى هى أساس
الديمقراطيات النيابية الغربية).
لماذا ؟ إن لم تكن ـ فى الواقع ـ ديكتاتورية تمارس باسم البروليتاريا على البروليتاريا نفسها.
هل يمكن لأى باحث منصف أن يدعى النظم القسرية العنيفة كنظام «ستالين» فى الاتحاد السوفيتى مثلاً ـ لم تكن توجه إلا للطبقات غير العمالية .. ولم تكن تصيب عامة الشعب : عمالاً وغير عمال ؟
إن المتأمل ـ غير المنحاز ـ لا يملك إلاَّ أن يراها ديكتاتورية غير بروليتارية، من قبل قيادات تنتمى للطبقة الوسطى تعلن تمثيلها للبروليتاريا فى مواجهة الطبقات العمالية وغير العمالية.
(د)
وغير ما سبق، فإنه يهمنا كثيراً ـ هنا أن نركز على حقيقة أن الأحزاب الشيوعية فى معظم بلدان العالم الصناعى ـ الذى هو مناخ الاشتراكية وفق التظير الماركسى ـ قد أخذت ، خزباً وراء حزب ـ تعلن رفضها لفكرة ديكتاتورية البروليتاريا(9)، معلنة أنه من غير الضرورى أن يحدث التحزل للاشتاركية عن طريق الصراع بين البروليتاريا والرأسمالية، ومن غير الضرورى عندما تتسلم هذه الأحزاب السلطة فى بلدانها أن تعلن يكتارتورية البروليتاريا لتصفية الطبقات الأخرى غير العمالية.
ولا شك أن (ضرب) فكرة ديكتاتورية البروليتاريا يعتبر كسراً للفكر السياسى الماركسى فى عموده الفقرى، فإنهيار هذه الفكرة تنهار السياسة المركسية، وينهار التنظير السياسى الأساسى الذى صاغه «ماركس» و «إنجلز» و «لينين» وسائر الماركسيين لأكثر من قرن من الزمان. فبدون ديكتاتورية البروليتاريا لن تصفى الطبقات الأخرى، ومن ثم لن تصل البشرية إلى عدم الطبقية، فصلاً على أن ماركس نفسه رفض بشدة ـ كما أثبتنا فى الباب الأول ـ فكرة الدولة الشعبية الحرة التى كان «فردينالد لاسال» من أكبر دعاتها، ويترتب على ذلك انهيار الأفكار الماركسية الأساسية التالية :
- الصراع بين الطبقات (حيث ستصل البروليتاريا للسلطة، ومع ذلك تتعايش هى
والطبقات الأخرى).
- اضمحلال الدولة (لأن البروليتاريا لن تقوم بتصفية الطبقات الأخرى غير العمالية،
حيث أن انقسام المجتمع لطبقات هو أساس وجود الدولة).
- اضمحلال القانون (لأن وجود القانون ـ مثل الدولة ـ مرهون بوجود الطبقات).
- بلوغ طور الشيوعية الأعلى، (فبلوغ هذا الطور غير متصور فى الفكر الماركسى
بدون ديكتاتورية البروليتاريا وتصفيتها لسائر الطبقات غير العمالية).
ولكن: لماذا ترفض الأحزاب الشيوعية فى أوربا الغربية وفى مناطق أخرى من العالم ـ مثل الأحزاب الشيوعية الفرنسية والأسبانية واليابانية ـ فكرة ديكتاتورية البروليتاريا؟
يمكن إرجاع هذا الموقف لعدة عوامل، هى:
أولاً: يعزى هذا للمناخ الديمقراطى الأوربى. فأوروبا الغربية التى رسخت أقدامها فى الديمقراطية النيابية، وفى الحرية الفكرية والسياسية، وفى كافة الحقوق والحريات الإنسانية العامة ـ لا تقبل ـ بطبيعتها ـ أى تنظير هذه الديمقراطية أو تلك الحرية.
وقد فرض هذا المناخ الديمقراطى الحر نفسه حتى على الأحزاب الشيوعية الأوربية الغربية، وعلى اعتى مناصرى الماركسية من دارسيها الأوروبيين الغربيين(10)، بل فى مناطق أخرى من العالم مثل اليابان وغيرها من المناطق الديمقراطية فى عالمنا المعاصر.
والعلة وراء ذلك ـ أنه كان من السهل على الشعب الروسى أو شعوب أوكرانيا وجورجيا وسيبيريا والقوقاز والأزبك أن تقبل ديكتاتورية البروليتاريا منذ ستين عاماً، وأن تقبل ـ كمثال ـ جرائم حاكم مثل «ستالين». ومثل تصفية لعشرات القادة الماركسيين والملايين المعارضين لآرائه(11) فذلك لأنها شعوب لم تعرف فى تاريخها غير القهر والاستبعاد(12)، والتاريخ الروسى القيصرى لكل مثقف فى عالمنا المعاصر.
فليس غربياً على شعب لم يعرف الديمقراطية ولا الشرعية ولا حرية القول أو الممارسة السياسة أن يرفض فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) أو ممارستها، وهى ـ بحق ـ الماضى فى ثوب جديد. ليس غريباً على شعب أراد وزير فى حكومته ـ فى القرن التاسع عشر ـ هو «سبيراتسكى» أن يدخل القوانين الفرنسية إلى روسيا، فنفى سنين من أجل ذلك فى مجاهل سيبيريا ـ أن يقبل الديكتاتورية أيَّا كان مصدرها وأيَّا كانت غايتها.
إن الأحزاب الشيوعية الأوربية الغربية تدرك ـ أكثر بمراحل من سائر الحركات اليسارية فى العالم الثالث ـ النتائج الوخيمة التى تترتب ـ حتماً ـ على قيام ديكتاتورية البروليتاريا فى بلدانها : فالأحزاب الشيوعية الأوروبية الغربية، والتى لا تشكل فى أى بلد أوروبى غربى أى أغلبية إلا من خلال ائتلافها مع أحزاب أخرى تدرك أن وصولها للحكم فى شكل ديكتاتورية البروليتاريا سيؤدى ـ حتماً ـ إلى انفضاض جميع المؤتلفين معها عنها، وتحولهم إلى معرضتها. وعندئذ ستكون الأحزاب الشيوعية بحاجة إلى عون لن تجده إلا من السوفيت. ولاشك أن ليبرالية قادة الأحزاب الشيوعية الأوروبية الغربية (المكتسبة من كونهم أبناء حضارة أوروبا الغربية الديمقراطية)، فضلاً عن دروس الماضى القريب ـ تجعلهم أبعد ما يكونون عن الرغبة فى بقائهم فى الحكم استناداً للسوفيت، فهم أدرى الناس بمغبة ذلك.
فالتعامل مع السوفيت يبدو فى أوربا غير مفرغ من دروس الغزو السوفيتى للمجر أو تشيكوسلوفاكيا، ومن الاستغلال السوفيتى لاقتصاد بلدان أوربا الشرقية، ولا من تجربة المارشال (تيتو) مع السوفيت عندما أراد لبلده قدراً من الاستقلال، فكان العقاب لا خروجه من الكوميكون فحسب؛ وإنما تعرضت بلاده لضغوط اقتصادية قوية من الاتحاد السوفيتى ومن سائر بلدان أوربا الشرقية أعضاء الكوميكون(13). إلى آخر دروس التاريخ المستفادة من مخاطرة التعامل السياسى مع السوفيت(14).
ومن الأمور الجديرة بالتأمل رد فعل الشعب فى مصر ثم فى الصومال تجاه حادث طرد السوفيت ففى مصر تمثل رد فعل الشعب فى البهجة العارمة التى عمت كل البيوت المصرية، فى المدن، وفى القرى، ووزع الشعب من جميع الطبقات ـ البروليتارية قبل البورجوازية ـ شراب الأفراح (الشربات) ابتهاجاً بطرد السوفيت!
والغريب أن رد فعل الشعب فى الصومال كان مماثلاً لرد فعل الشعب المصرى: فقد نقلت وكالات الأنباء المختلفة أن طرد السوفيت صوحب ـ فى الصومال ـ بفرحة شعبية هائلة، كما أن السيارات التى كانت تنقل السوفيت قد استهدفتها الحجارة والمتفجرات مما أدى إلى إصابة بعض هؤلاء (الخبراء).
=
وثانياً : يعزى هذا التنكير ـ من قِبل الأحذاب الشيوعية فى أوروبا الغربية وفى مناطق أخرى من العالم ـ لفكرة ديكتاتورية البروليتاريا، لكون التجربة الاشتراكية قد أثبتت للأحزاب الشيوعية فى معظم البلدان غير الاشتراكية أن مسألة تصفية البروليتاريا ـ فى ظل ديكتاتوريتها ـ للطبقات الأخرى، وبلوغها بالمجتمع الطور الأعلى للشيوعية، حيث تنتفى الندرة، وهو أساس كل المشاكل، وحيث لا طبقات ولا دولة ولاقانون، وإنما طبقة واحدة تعيش فى سلام، إنما هو ضرب من الخيال الساذج الذى لم يتحقق، ولا توجد أى بادرة تنبئ بأنه فى طريق التحقق. فالطبقات قائمة ـ بأشكال جديدة ـ فى بلدان الاشتراكية، والبروليتاريا لم تصبح هى الطبقة الوحيدة، والدولة يتدعم مركزها ويتعاظم، والقانون يقترب من صيغ النظريات القانونية الأوربية الغربية فيسير بخطوات حثيثة وخاصة أن توقعات ماركسية أخرى عديدة لم تتحقق، وتبدو للدارسين الآن ـ على البعد الزمنى ـ أكثر إمعاناً فى الخيال من كتابات توماس مور !
ومن بين هذه التوقعات الخيالية التى لا قبل لماركسى بالدفاع عنها ما أعلنه « لينين »
عام 1917 من أن الحرب العالمية (حرب 1918-1914) ستؤدى إلى وجود ضغوط غير محتملة على الدولة الرأسمالية الصناعية، بحيث لا يكون هناك مخرج من الأزمة إلا بالثورة البروليتارية. وقد أثبتت الأحداث بعد الحرب العالمية الأولى حتى الآن (بعد ستين سنة !) خطأ هذا التحليل، حيث لم تحدث أى ثورة بروليتارية فى أى دولة صناعية كبيرة(15).
ومن هذه التوقعات أيضاً ما أعلنه البلشفى الشهير زينوفيف عام 1918 حين أعلن ـ
بكل ثقة ـ نبوءته بأنه خلال عام واحد ستصبح أوروبا كلها شيوعية(16) !
حاشية : يلاحظ أن زينوفيف كان يرى ـ مع البلشفى (كامينيف) قبل عام واحد ـ
أن ثورة مارس 1917 الروسية البرجوازية، يجب ألا تخرج من حدودها التاريخية وتتحول بسرعة إلى ثورة بروليتارية، حيث كان يرى أن هذه الثورة لابد أن تسقط بدون مؤازرة ثورة شيوعية عامة فى أوروبا الغربية !
وجدير بالذكر ـ هنا ـ أن توقع الثورة البروليتارية فى كل بقاع أوروبا لم يكن من توقعات لينين أو زينوفيف فقط، ولكنه كان توقع كل قادة الثورة البلشفية والشيوعيين الأوروبين(18-17). وقد استمر هذا التوقع ـ الخائب ـ قائماً فى رؤوسهم حتى أوائل الثلاثينيات، حيث ثبت للحركة الشيوعية فى روسيا فى سائر أنحاء العالم استحالة وقوع الثورة البورليتارية فى أوروبا الغربية أو أى بقعة بالعالم الرأسمالى المتقدم، مما دفعهم لتعديل نظرتهم لأمور أخرى فبعد قولهم بتوقف بناء الاشتراكية فى روسيا على الثورات العالمية الغربية ـ بدلوا رأيهم إلى أن الثورات العمالية الغربية هى التى بحاجة ماسة للتجربة الروسية التى تمدها بالمدد والعون من كل نوع.
وقد شكل هذا الوضع الجديد بداية علاقة جديدة بين روسيا السوفيتية وبين العالم الغربى، حيث بدأ الاتحاد السوفيتى فى البحث عن الأمان وسط عالم لا يبدو أنه سيتحزل ـ كما كان البعض يطن ـ إلى الثورة البروليتارية : فعقد « ستالين » عدة معاهدات مع ألمانيا ثم مع الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية؛ ليوسع من حدوده، وليقيم بينه وبين أوروبا الغربية حاجراً من دول اشتراكية أخرى فى أوروبا الشرقية. ثم أخيراً ـ فى السبعينيات ـ يسعى إلى التعايش مع الغرب محيلاً أمله القديم إلى المستقبل (غير القريب)، وإلى العمل السرى أو الخفى غير المباشر.
ولا يبقى جديراً بالذكر إلا أن أشير إلى أنه فى مواجهة اعتقاد القادة الماركسيين فى روسيا السوفيتية وفى سائر أنحاء أوروبا بأن الرأسمالية على وشك الانهيار، وأن الثورة العمالية توشك أن تندلع مؤذنة بقيام ديكتاتورية الطبقة العمالية فى أوروبا الرأسمالية. فى مواجهة هذه القناعة ـ التى أثبت الزمن عدم صوابها ـ كان هناك فى أوروبا ماركسى هو « أنطونيو جرامشى » الأمين العام للحزب الشيوعى الإيطالى الذى سجن ابتداء من عام 1926 إلى أن مات بالسجن سنة 1937، كان يرى الحقيقة أكثر، حين قال : إن مسار البروليتاريا الغربية فى سبيل وصولها للحكم البروليتارى إنما لا يتميز إلا بالهزائم.
وثالثاً : يعزى هذا الرفض ـ من قبل الأحزاب الشيوعية فى البلدان الرأسمالية المتقدمة ـ لفكرة ديكتارتورية البروليتاريا إلى حقيقة هامة، وهى أن النظم الرأسمالية الكبرى ما عادت تعرف تلك الطبقة العمالية التى درس « فردريك إنجلز » وضعيتها فى بريطانيا فى القرن الماضى، وصب ماركس عليها كل حديثه. فالطبقة البروليتارية فى زمن ماركس وإنجلز، هى الطبقة العمالية المستغَلة التى تعمل ـ فى الأساس ـ عملاً يدوياً شاقاً فى شروط وظروف عمل بالغة السوء، خاوية من أدنى قدر من الضمانات أو التأمينات، وهى طبقة لا يعرفها العالم الرأسمالى الصناعى المتقدم الآن(19) كما عرفها فى ميونخ وليون ومانشستر وليدر ولندن وغيرها من المدن الصناعية الكبرى فى القرن التاسع عشر. فعمال الأمس لا يوجد أى أثر منهم فى مصانع اليوم التى لا تضم (بروليتاريا) بالمعنى الفنى لهذا المصطلح؛ وإنما تعرف (موظفين) يعملون عملاً غير يدوى فى أغلبه.
والخلاصة أن البروليتاريا التى كان « ماركس » يعنيها فى القرن الكاضى طبقة لا يعرفا عصرنا فى الدول الصناعية الرأسمالية المتقدمة، لأن الصناعة المتقدمة فى تلك البلدان تسير فى طريق صناعة بلا عمال وإنما موظفين منظمين يقومون بعمل تنظيمى ـ ذهنى فى أغلبه ـ أبعد ما يكون عن العمل اليدوى الذى اتسمت به بروليتارية ماركس.
ولاشك أن زيارة واحدة لأى مصنع فى البلدان الرأسمالية الكبرى المعاصرة، تثبت حقيقة زعمنا بأن تلك البلدان تعرف موظفين فقط ـ لا يروليتاريا ـ يعملون فى ظروف عمل لا علاقة لها بتلك التى كان عمال القرن التاسع عشر يعملون فيها، وفى إطار من الضمانات والتأمينات والحقوق، لا يحظى بها عامل واحد فى البلدان الصناعية الاشتراكية.
ومن ثم فلا حاجة للأحزاب الشيوعية الأوربية للدعوة لديكتاتورية طبقة ما عادت على قيد الحياة فى النظم الرأسمالية المتقدمة.
رابعاً : كذلك يعزى تضعضع فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) إلى حقيقة اقتصادية هامة، وهى أن التجربة قد أثبتت عدم صحة ما عقده المنظرون الماركسيون الأوائل من آمال اقتصادية على المراحل الاقتصادية التى تمسك فيها البروليتاريا ـ فى إطار ديكتاتوريتها ـ بزمام الحكم.
فالماركسيون يقولون : إنه ما بين الرأسمالية والشيوعية تمر المجتمعت بمرحلة انتقالية، هى المرحلة الاشتراكية التى تلى الرأسمالية. وفى هذه المرحلة يقبض العمال ـ بديكتاتورية البروليتاريا ـ على زمام كل الأمور، ومنها اقتصاد المجتمع. فيعملون على تحقيق تنمية
أعظم تحقق الوفرة الإنتاجية الكبرى التى هى أساس المرحلة الشيوعية العليا : فعن طريق تحقيق هذه الوفرة الإنتاجية العظمى ـ يمكن أن ينتقل المجتمع من قانون (لكل على حسب عمله) الاشتراكى إلى قانون (لكل على حسب حاجته) الشيوعى.
والثابت أن ديكتاتورية البروليتاريا لم تحقق هذا الحلم فى روسيا السوفيتية، حتى هذا القدر من التقدم الكبير الذى يعرفه الاتحاد السوفيتى الآن ـ بالمقارنة بأوضاع روسيا قبل الثورة البلشفية ـ أمر لا يعتبر ـ فى جانبه الأكبر ـ إنجازاً لديكتاتورية البروليتاريا السوفيتية.
ففى اعتقادنا أن القدرة الذاتية لديمتاتورية البروليتاريا السوفيتية إنما تقاس بما وصل إليه الاقتصاد السوفيتى (وأعنى بالطبع القوى الإنتاجية السوفيتية) عند بداية الحرب العالمية الثانية فحسب. وذلك لأن نمو الاقتصاد السوفيتى ـ حتى هذه الفترة ـ ‘نما يعزى للتوجيه الاقتصادى السوفيتى وحده، أما ما حدث من طفرات بعد الحرب العالمية الثانية، فيعزى لعوامل أخرى، سنذكرها فيما يلى من حديث.
أما عن مرحلة 1941 – 1917، فقد حقق إبانها الاقتصاد السوفيتى نمواً اقتصادياً ملحوظاً، لكنه لا يقاس بالتقدم الاقتصادى للعالم الغربى، ولا بالتقدم السوفيتى الحال، ولكنه أقرب لوضعية بلدان أوروبا الشرقية الحالية.
ومن ثم فقد حققت ديكتاتورية البروليتاريا السوفيتية قداً من النمو بسبب التخطيط الاقتصادى، وبسبب حماية النظام الجديد. ولكن هذا النمو لا يرقى ـ مطلقاً ـ لمرتبة يوصف فيها بأن تقدم اقتصادى عظيم كذلك الذى عرفه الاتحاد السوفيتى عقب الحرب العالمية العظمى، أو كالذى يعرفه الغرب من عهد بعيد.
بل والثابت أنه حتى هذا النمو ـ الذى حققه السوفيت قبل الحرب العالمية الثانية ـ كان قد أخذ فى الانحسار قبيل الحرب العالمية الثانية بشكل ملحوظ :
فالمعروف أن تقدم الصناعة السوفيتية، أخذ ـ منذ منتصف الثلاثينات ـ فى التراجع.
فنلاحظ أن جميع الاستثمارات ومعدلات التنمية أخذ فى التقهقر منذ عام 1936.
فالاستثمارات السوفيتية التى كانت تنمو حتى عام 1936 أخذت فى الانخفاض المتوالى إلى بداية الحرب العالمية الثانية. ولنراقب حجم هذه الاستثمارات فى الإحصائية التالية :
السنة حجم الاستثمارات
1933 2350 مليون روبل.
1934 2552 مليون روبل.
1936 4621 مليون روبل.
1937 3621 مليون روبل.
1938 3807 مليون روبل.
وكمثال قاطع آخر ـ فإن الاستثمار فى مجال صناعة الحديد (وهى أهم الصناعات الثقيلة والأساسية على الإطلاق) قد انخفض فى عام 1936 عن عام 1935 بنسبة 35 %. وقد استمر الانخفاض فى التفاقم حتى نهاية الثلاثينيات(30).
الأرقام قاطعة فى حدوث نمو ما بين سنة 1917 سنة 1936. ولكنها قاطعة ـ من جهة ثانية ـ بأنه نمو (عادى) لا يرقى لمرتبة النمو السوفيتى بعد الحرب العالمية الثانية، وقاطعة ـ من جهة ثالثة ـ بأن موجة هذا النمو قد أخذت فى الانحسار خلال النصف الأخير من الثلاثينيات حتى بداية الحرب العالمية الثانية.
ولا أشير لاستمرار الانهيار إبان الحرب، لكون هذا بسبب التركيز من جهة على الصناعات الحربية، ومن جهة أخرى بسبب فقدان مئات المصانع والأراضى الزراعية الروسية والأوكرانية بسبب الغزو الألمانى الذى اكتسح رقعات هائلة من الأراضى السوفيتية.
هذا عن الإنجاز الاقتصادى لديكتاتورية البروليتاريا السوفيتية قبيل الحرب العالمية الثانية. أما ما حدث من تطور فى الاقتصاد السوفيتى عقب الحرب العالمية الثانية فهو يعزى إلى مجموعة من العوامل، هى :
- جلب كميات هائلة من المواد الأولية بأسعار منخفضة جداً من دول أوروبا الشرقية التى صارت أجراماً تدور فى فلك الاتحاد السوفيتى(21).
- نقل مئات المصانع ـ بأكملها ـ من ألمانيا إلى الاتحاد السوفيتى(22).
- جلب مليونين من الألمان الأكفان للعمل فى سائر مجالات الإنتاج السوفيتى(23) ولا سيما فى مجالات الصناعات الكيمياوية والحربية.
- قيام الغرب (وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية) بتقديم المعونات المالية الكبيرة وشحن كميات هائلة من السلع والآلات والمعدات للسوفيت إبان الفترة الأخيرة من الحرب وعند اتهائها، وهى مساعدات ومعونات قدرت بمليارات الدولارات فى ذلك الوقت(24).
- الثروة الهائلة التى جلبت من أراضى منشوريا الغنية بعد جلاء اليابانيين عنها(25).
- الأراضى الغنية المتخمة بالمناجم والمعادن والمواد الأولية التى ضمها الاتحاد
السوفيتى لأقاليمه.
فهناك اولاً الأقاليم الأوربية التى ضمت للاتحاد السوفيتى غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهى ثلاثة عشر إقلياً تبلغ مساحتها الإجمالية أكثر من مائتين وسبعين ألف ميل مربع، وهى مساحة تفوق ـ كثيراً ـ مساحة شبه الجزيرة الأيبيرية أى أسبانيا والبرتغال معاً(26).
وهناك آخراً القاليم الآسيوية الواسعة فى منشوريا البالغة الثراء بالمعادن والثروات المنجمية والمياه.
ما الذى يعنيه كل هذا ؟..
يعنى ـ بوضوح ـ أن الإنجاز الاقتصادى لديكتاتورية البروليتاريا السوفيتة إنما ينقسم إلى مرحلتين :
ـ المرحلة الأولى :
تقدم فيها تقدماً ملحوظاً، ولكنه من جهة أخذ فى التراجع والانتكاس قبيل الحرب العالمية مباشرة، ومن جهة أخرى، فإنه كان أبعد ما يكون عن تحقيق تلك الوفرة الإنتاجية التى هى من أكبر مهام ديكتاتورية البروليتاريا، ووظيفتها الرئيسية لبلوغ الشيوعية.
وهو تقدم متواضع جداً، إلا أنه يظهر واضحاً بسبب التخلف الشديد الذى كانت عليه
روسيا بين بلدان أوروبا,
ولا شك أن الماركسيين الأوروبيين لا يرون أى دافع مشجع فى هذه التجربة.
كما أن الإنجاز الاقتصادى لديكتاتورية البروليتاريا فى سائر دول أوروبا الشرقية لا
ينبئ بإمكان تحقيق هذه الوفرة، بأى شكل من الأشكال. ومن ثم فإن القول بأنه سيحقق
الأساس المادى للمرحلة الشيوعية العليا ما هو إلا ضرب من الخيال الساذج.
ـ أما المرحلة الأخرى :
فقد أنجز فيها الاتحاد السوفيتى تقدماً أمبر مما حققه فى المرحلة الأولى، إلا أنه تقدم لا يعزى للقدرة الذاتية للنظام السوفيتى، وإنما يعزى ـ فى الحقيقة ـ لعوامل كثيرة خارجية، لولاها لانهار الاقتصاد السوفيتى تماماً.
وليس هذا القول رمياً بغير سندٍ، فدليلنا، هو ـ من جهة أولى ـ الفارق الكبير بين حالة الاتحاد السوفيتى ما بين سنة 1917 وسنة 1941 وما بين انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى الوقت الراهن.
فالأولى حقق تقدماً متواضعاً ثم أخذ فى الاندحار مع نفاذ حمية الثورة وقوتها الدافعة.
والآخر ـ على النقيض ـ يخطو خطى حثيثة للأمام، وإن كانت لا تنعكس بالقدر نفسه ـ ولا حتى بجزء منه ـ على المستوى المعيشى للمواطن السوفيتى. ومن جهة ثانية فقد ذكرنا العوامل الخارجية التى لا يمكن إغفال دورها فى تدعيم الاقتصاد السوفيتى. ومن جهة ثالثة فإن أمامنا بلدان أوروبا الشرقية، وهى تجارب لم تتح لها تلك العوامل والظروف الاستثنائية التى أتيحت للاتحاد السوفيتى، فنرى نتاج مقدرتها الذاتية على حقيقتها : اقتصاداً متواضعاً لا يكفل لشعوبها إلا القدر الأدنى من ألزم الضروريات، حيث يعيش مواطنواها عيشة ضنكاً؛ وهى فى ذلك مثل الاتحاد السوفيتى عندما كان ينمو فى ظل مقدرته الذاتية وحدها قبيل الحرب العالمية الثانية.
وبديهى أنه حتى فى ظل المرحلة الحالية لنمو الاقتصاد السوفيتيى فإن المستوى
المعيشى للمواطن السوفيتى لا يزال أدنى ـ بمراحل ـ من المستوى المعيشى للمواطن العادى ـ بل وللعامل بالذات ـ فى أى بلد صناعى متقدم؛ إذ أنه لا يزال بعيدا عما يحصل عليه العامل (البسيط) فى البلدان الصناعية المتقدمة من الضروريات ناهيك عن الكماليات والترفيه !
ولعله يكون مفيدا ان نعطى القارئ لمحة موجزة عن المستوى المعيشى فى بعض البلدان الصناعية المتقدمة ليكون واضحا إلى أى حد لا تشكل التجربة السوفيتيى ـ فى شقها الاقتصادى على الأقل هنا ـ أى مشجع أو دافع أو داع للإغراء على الاحتذاء بها فى مجتمعات تخطت ـ منذ قرون ـ ذلك المستوى المعيشى البالغ الانخفاض الذى يحيا به المواطن السوفيتى :
فى فرنسا بين عامى 1950 و 1975 ، حدثت التطورات التالية :
ـ زاد أجر المتقاعدين أربعة أضعاف.
ـ تم بناء 8.5 مليون وحدة سكنية جديدة.
ـ كان عدد الأسر التى تملك غسالة كهربائية للملابس أقرب للصفر، فأصبحت
70% من الأسر الفرنسية تمتلك هذا الجهاز.
ـ كان عدد الأسر الفرنسية التى تملك جهاز تليفزيون أقرب للصفر فأصبحت 90% من الأسر الفرنسية تملك هذا الجهاز.
- فى عامة 1953 كان 8% فقط من العمال يملكون سيارات، وبعد 19 سنة (أى فى
عام 1972) كان 66% من العمال يملكون سيارات خاصة.
- فى عام 1953 كان 32% من صغار الموظفين يملكون سيارات وبعد 19 سنة (أى
فى عام 1972) كان 86% من الموظفين الصغار يملكون سيارات خاصة.
- فى عام 1953 كان 56% من كبار الموظفين يملكون سيارات وبعد 19 سنة كان
87% من كبار الموظفين يملكون سيارات خاصة.
- فى عام 1975 أصبح عدد الحاصلين على شهادة البكالوريا ستة أضعاف الحائزين
عليها عام 1950.
- بين عامى 1950 و 1974 استحدثت فرنسا 5.35 مليون وظيفة من الميادين
الصناعية والتجارية.
- برغم الزيادة الهائلة (ظاهريا) فى الأسعار بين عام 1956 وعام 1976 فإن أسعار
الطعام تعتبر قد انخفضت من 100 إلى 53 على حين انخفضت أسعار المنتجات
الصناعية من 100 إلى 41.5 عند مراعاة الزيادة فى الدخول : بمعنى ان الأجهزة التى
كان يحصل عليها إنسان فرنسى عام 1956 بأجرة 100 ساعة أصبح يحصل عليه عام
1976 بأجرة 41.5 ساعة فقط.
- وفى عام 1976 أصبح نصف الفرنسيين يملكون بيوتهم التى يسكنون فيها(27).
وفى مقابل هذا، علينا ـ اعتمادا على البيانات السوفيتية نفسها ـ أن نؤكد أن الشعب السوفيتى لا يتمتع بـ10% من الأمور التى أشرنا إليها والتى يتمتع بها الشعب الفرنسى.
وبرغم الدلالات الواضحة للبيانات السالفة الذكر والتى أوردها الرئيس الفرنسى « دستان » فى كتاب له عام 1977، فإننا ـ زيادة فى الوضوح ـ نعلق عليها بقليل من الملاحظات.
أولاً : إذا كانت ديكتاتورية البروليتاريا لم تحقق لشعوبها هذا الإنجاز، وإذا كانت لا تحلم بأكثر من مثله ـ فإن من البديهى أن يتخلى عنها الشيوعيون الأوروبيون، إذ لا تبدو هناك أية حاجة اقتصادية تبررها.
ثانياً : توضح الإحصائيات إلى أى مدى يحدث التقارب بين الطبقات : فبينما كان
8% من العمال يملكون سيارات، وبينما كانت نسبة كبار الموظفين الذين يملكون سيارات
56% (عام 1953)، أصبح 66% من العمال يملكون سيارات خاصة، مقابل 87% من كبار الموظفين (عام 1972).
وشرح هذا ـ لمن يريد الشرح ـ أنه بينما قام 21% من كبار الموظفين بالانضمام إلى ملاك السيارات الخاصة (من عام 1953 إلى 1972) فقد قام 58% من العمال بالانضمام إلى ملاك السيارات (من عام 1953 إلى عام 1972).
وهذه الإحصائية لا تدل فقط على تقلص الهوة بين البروليتاريا والبرجوازية، ولكنها تهدم ـ فى الوقت نفسه ـ فكرة من أفكار « ماركس » الأساسية، فقد أكد « ماركس » أن المجتمع الصناعى سينقسم إلى طبقتين فقط : طبقة فقيرة تعمل ولا تملك هى البروليتاريا وطبقة أخرى ثرية تملك ولا تعمل هى الطبقة الرأسمالية، وأن كل الطبقات الأخرى ستضطر إلى السقوط إلى درك البروليتاريا التى سيزداد فقرها يوماً فيوماً، فى مقابل ازدياد ثراء البرجوازيين والرأسماليين أيضاً يوماً فيوماً.
وهى مقولة تدحضها التجربة ويبطلها تماماً الواقع : فالإحصائية التى نتكلم عنها ـ من فرنسا ـ تثبت أن البروليتاريا هى التى تلتحق بمميزات الطبقات العليا لا العكس، وأنها أولاً فى طريق الثراء لا الفقر، وأن معدل ثرائها ـ آخراً ـ يدنيها ـ لا يقصيها كما توقع ماركس ـ من الطبقات البرجوازية العليا فى المجتمع(28).
وأخيرا فإن طبيعة العصر، وزوال إمكان التكتم على أى وضع فى العالم المعاصر بسبب التطور الكبير فى وسائل المواصلات والإعلام فضلا عن الانتهاء ـ النسبى ـ لمرحلة الأسوار التى كان الاتحاد السوفيتى يضربها حول نفسه كل ذلك أدى إلى ترسيخ قناعة ثابتة فى أذهان الطبقات العمالية فى البلدان الصناعية المتقدمة، مؤداها هو امتياز وتفوق وضعية تلك الطبقة فى بلدانها عن وضعية نظيرتها فى البلدان الاشتراكية من الجانب الاقتصادى، فضلا عن الجانب السياسى بطبيعة الحال.
ولا ريب ن انهيار الأمل الاقتصادى الأعظم المعلق على عاتق (ديكتاتوريات البروليتاريا) كان نصيب كبير فى تضعضع فكرة (ديكتاتورية البروليتاريا)، نفسها : فلماذا الاحتذاء أو الاقتداء، إذا كان المآل للتقهقر لا للارتقاء ؟ .. وكيف فى ظل الحرمان المعيشى الذى يرى العامل فى البلدان الصناعية المتقدمة عمال البلدان الاشتاركية يحيون دائرته، يتوفر الفائض الذى يجعل المجتمع يبلغ الطور الشيوعى الذى ينال فيه كل فرد كل ما يحتاج إليه.
ثالثا : وإلى جانب ما سلف ذكره ـ تتنكر الأحزاب الشيوعية فى بقاع عدة من العالم لفكرة (ديكتاتورية البروليتاريا) لحقيقة هامة ظهرت من تمكن الشيوعيين من بلوغ السلطة فى مجتمعات غير صناعية، وإنما فى مجتمعات يشكل الفلاحون والزارعون فيها الطبقة الكبرى والقطاع الأعرض من الشعب وقد حدث هذا بالذات فى بقاع عدة من آسيا وأفريقيا.
وقد نجم عن حدوث ذلك أن ظهر أن صيغة ديكتاتورية الطبقة العمالية (البروليتاريا) صيغة مفتعلة بالنسبة لتلك البلدان.. وهو ما دفع بعدد من البلدان الزراعية التى وصل فيها الشيوعيون للحكم ـ والصين هى المثل الأكبر فى هذا الصدد ـ إلى إحداث تحويرات فى النظرية الماركسية تقبلها ـ فى اعتقادنا ـ رأسا على عقب.. كما أنها تجعل المتأمل لما يقال ويحدث فى حيرة من كنه تلك الديكتاتورية العمالية فى بلد لا عمال فيه بالمعنى الماركسى للعامل الصناعى.. فضلا عما فى ذلك من افتئات وابتسار لمرحلة كاملة من مراحل الاقتصاد السياسى كما صورها « ماركس »، وهى المرحلة الرأسمالية التى من رحمها تخرج الاشتراكية(29).
ـــــــــــــــــــ
1- حول المهام الأساسية للديكتاتورية البروليتارية إبان فترة الانتقال الاشتراكية،راجع:
- لينين : المهام الساسية لديكتاتورية البروليتاريا الروسية، صفحة 197 وما يليها.
-لينين : الأقتصاد والسياسة لديكتاتورية البروليتاريا، ص 219-218 راجع دارستى
(لينين) الآنف ذكرهما فى كتاب يضم مجموعة من أعمالة بعنوان: (حول الاشتراكية الطوباوية
والأشتراكية العلمية)، دار التقدم فى موسكو،1975.
2- راجع نص رسالة «ماركس» إلى يوسف فيديماير بتاريخ 5 من مارس 1852 فى:
- ماركس ـ إنجلز. مختارات، النرجع السابق، الجزء الرابع، صفحة149.
3- كارل مركس: نقد برنامج غوتا، المرجع السابق، الجزء الثانى، صفحة 261.
4- كيم إيل سونج: حول مسألتى فترة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية وديكتاتورية البروليتاريا، المرجع السابق،
ص: 9-8.
5- L.D. Trotsky
6- G.Y. Zinoviev
7- L.B. Kamenev
8- L.M. Kaganovich
9- راجع الجزئية لرفض الشيوعيين الأوروبيين لفكرة ديكتاتورية البروليتاريا فى فصلٍ تالٍ من هذا الكتاب بعنوان «الأرو - شيوعية». كذلك راجع ما كتبه «سانتياجو كاريّو» الأمين العام للحزب الشيوعى الأسبانى عن رفض حزبه والأحزاب الشيوعية الأوربية لفكرة ديكتاتورية البروليتاريا فى
- سانتياجو كاريو : الشيوعية الأوربية والدولة، ترجمة سمير كرم، دار الطليعة، بيروت ص:
148-121.
10- يلاحظ أن الماركسيين الفرنسيين ـ على سبيل المثال ـ كانوا فى عشرينيات وثلاثينيات القرن يؤمنون ـ إيماناً مطلقاً ـ بضرورة اقتفاء أثر النمط أو النموذج الروسى للماركسية، حيث كانوا يعدون كل بحث فلسفى غير مطابق للتفسير الروسى عملاً مناقضاً للنهج البروليتارى. وقد فرض هذا عليهم أن يهتموا بالدعاة لا بالمنظرين المفلسفين للنظرية الأم. وإنهم حاولواإنشاء حزب يتخلى عن كل فكرة ناقدة للنموذج الروسى، ومن أهم جزئيات هذا النموذج استبعاد كل مناقشة لدور واتجاه الحزب الشيوعى الروسى، (راجع بيار ومونيك فافر: الماركسية بعد ماركس، المرجع السبق، صفحة 129).
وبديهى أن الديمقراطية الأوربية الغربية التى كانت قد نمت بشكل كبير قد شقت العصيان على هذا الفكر داخل العقول الماركسية نفسها حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه الآن داخل الأحزاب الشيوعية الأوربية ـ ومنها الحزب الفرنسى ـ التى تنتهج مساراً مستقلاً ومعارضاً للمسار السوفيتى بشكل عام.
11- من المعلوم أن ستالين قام بتصفية القادة الماركسيين واحداً بعد الآخر: ففيما بين سنة 1928وسنة 1936 (وهى السنة التى تخلص فيها من أكبر عدد مجتمع من قادة الحزب الشيوعى وذلك بأحكام محاكمة موسكو الشهيرة)، فكنتيجة لسياسة «ستالين» القائمة على اعتبار أن الحزب لا يقبل أى نقد لأن النقد يفقده الإجماع اللازم لتحطيم المقاومة الداخلية والخارجية ـ قام «ستالين» بجهاز مفوضية البوليس السياسى بقتل أو إخفاء أصحاب كل رأى معارض لستالين من أقطاب الثورة مقل تروتسكى (Trotsky) وزينوفيف (Zinoviev) وكامينيف (Kamanev) وبوخارين (Bukharin) وتومسكى (Tomsky) وريكوف (Rykov) وراديك (Radek) وبياتاكوف (Pyatakov) و بريوبراجنسكى(Pryobragensky) وتوخاتشيفسكى (Tuchachevsky) وكيكوف ( Kikov).. إلخ
فضلاً عن ملايين الأشخاص الذين قتلوا أو اختفوا إبان حكم «ستالين» الذى أستمر قرابة ثلاثين عاماً.
12- وفى هذا يقول المؤرخ الإنجليزى الكبير « هربرت فيشر » إن بقاء النظام البلشفى فى روسيا يجب ألا يسير العجب (فقد ألف الشعب الروسي الطغيان دهوراً طويلة، وإن أساليب القمع الصارمة التى تؤذى مشاعر الاحرار فى الدولة الغربية لا تثير سخطاً فى تلك البلاد نصف الآسيوية) لذا (فإن حكم « ستالين » ذلك الابن الفج الطباع لإسكافى من اهل ولاية جورجيا، والذى تخرج فى صفوف الجمعيات الثورية والذي كان أيام شبابه قاتلاً ولصاً من لصوص العصابات المسلحة التى تسلب القطر، إن حكم « ستالين » ليس بأكثر عنفاً وقسوة وأشد غلطة ووحشية من حكم «إيفان» المروع أو « بطرس الاكبر »، والبدعة الحقه فى روسيا إقامة جمهورية برلمانية تعيش فى جو من الحرية، وتسير شئونها في جو من الحرية، وتسير شئونها بعد بحثها فى مجالات حرة طليقة، فإنة حينما ألغى « لينين » الجمعية التأسيسية لم يفعل شيئاً سوى أن قضى على روسيا بأن تدير ظهرها لبدع الغرب السياسية، وتعود الى أساليب القياصرة وأنظمتهم الاستبدادية المألوفة).
راجع هربت فيشر : تاريخ أوروبا في العصر الحديث، المرجع السابق، صفحة 631.
13- راجع: David Thomson: Europe Since Napoleon. Penguon Books.1972,p.843
14- للعالم الثالث تجاربه المؤلمة أيضاً مع السوفيت، ولعل أبرزها تجربة مصر مع السوفيت وكذا تجربة الصومال أيضاً. وقد انتهت تجربة مصر، ثم تجربة الصومال ـ بعد ذلك ـ بنهاية واحدة: حيث طرد السوفيت من مصر (عام1971) وحيث طردوا بعد ذلك من الصومال (عام 1977).
وعندما أعلن فى الصومال طرد السوفيت، رفض التجار أن يبيعوا لهؤلاء السوفيت فى أيامهم الأخيرة بالصومال أى سلعة من ضروريات الحياة اليومية، وكان التجار يقولون إن لهمالحق فى أن يبيعوا بضائعهم لمن يريدون، وبما أن الصومال الآن (بلد حر) فهم لا يريدون البيع للسوفيت ! كما قام بعض التجارب بوضع سعرين على كل سلعة، سعر لكل البشر، وسعر مضاعف (عدة مرات) للسوفيت، تعبيراً عن مقتهم الشديد للسوفيت.
حاشية : لتأمل الشكل العجيب لعلاقة السوفيت بدول العالم الثالث، راجع ما كتبه البروفسور (والترلاكوير) مدير معهد التاريخ المعاصر بلندن والأستاذ بجامعة Brandies الأمريكية وبجامعة Reading البريطانية عن علاقة السوفيت بمصر منذ منتصف الخمسينيات وإلى بداية السبعينيات :
Walter Laqueur : The Struggle for the Middle East: The Soviet Union and the Middle East
1958-70. Penguin Books, 1972, pp. 83-106.
15- راجع : Barraclough : An Introduction To Contemporary History. Op. cit, p.212
كذلك راجع : جورج صوريا : 300 يوم من الثورة الروسية ـ مشاهدات ووثائق، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1972، صفحة 365.
16- J.Plamenatz : German Marxism and Russian Communism. London, 1954, p.262
17- بيار ومونيك فافر : الماركسية بعد ماركس، المرجع السابق، صفحة 127.
18- بل كان هذا هو توقع « كارل ماركس » ذاته. راجع الأسباب التى أوردها « كيم إيل سونج » فى سياق تبريره لعدم
تحقق نبوءة « ماركس » هذه فى :
- كيم إبل سونج : حول مسالتى فترة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية وديكتاتورية البروليتاريا، المرجع السابق، ص 6-5.
19- راجع : سانتياجو كاريّو : الشيوعية الأوربية، المرجع السابق، صفحة 35.
20- راجع: Alec Nove : An Economic History of the U.S.S.R> Pelican, 1976, p. 236
21- Walter Laqueur : Europe Since Hitler. Op cit p. 69.
22- المرجع السابق : ص 69.
23- المرجع السابق : ص 69.
42- المرجع السابق : ص 69.
25- المرجع السابق : ص 69.
26- الأقاليم الأوربية التى ضمت للاتحاد السوفيتى فى أثناء وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية هى :
- إقليم البلطيقى (24 ألف ميل مربع).
- إقليم لاتفيا البلطيقى (20 ألف ميل مربع).
- إقليم إستونيا البلطيقى (18 ألف ميل مربع).
- إقليم بولندا الشرقى (68 ألف ميل مربع).
- إقليم بيساربيا وإقليم بوكوفينا من رومانيا (19 ألف ميل مربع).
- إقليم مولدافيا (13 ألف ميل مربع).
- إقليم من بروسيا الشرقية (3500 ميل مربع).
- إقليم كارباثو التشيكوسلوفاكى (3500 ميل مربع).
- إقليم كاريليا البلطيقى (16 ألف ميل مربع).
- إقليم بيتسامو (4 آلاف ميل مربع).
- إقليم تانوتوفا (64 ألف ميل مربع).
- إقليم جزر كوريل (4 آلاف ميل مربع).
- إقليم ساخالين الجنوبى (14 ألف ميل مربع).
ومساحة هذه الأقاليم بالضبط هى 272500 ميل مربع.
راجع : Walter Laqueur : Europe Since Hitler. Op cit, p. 71.
27- راجع البيانات السابقة فى:
فاليرى جيسكار دستان : الديمقراطية الفرنسية، ترجمة عبد الله نعمان، الشركة التونسية للتوزيع (تونس) ومنشورات عويدات (بيروت)، الطبعة الأولى، أبريل 1977، الصفحات : 25 و 28 و 29 و 102 و 114.
28- تجدر الإشارة إلى أن « إدوارد برنشتاين » مؤسس الحزب الاشتراكى الديمقراطى الألمانى
والذى كان من المقربين لكارل ماركس ثم تخلى عن اقتناعه بالماركسية كان أول من لاحظ عدم صواب مقولة ماركس بخصوص اضمحلال الطبقات الوسطى وهبوطها إلى درك البروليتاريا : فقد كتب مراراً ـ وبالإحصائيات ـ يؤكد أن الواقع فى البلدان الصناعية إنما يثبت عكس ما ذهب إليه ماركس فى هذا الصدد، حيث يزداد حجم واتساع الطبقات الوسطى التى تنضم إليها كل يوم فلول جديدة ممن كانوا يعدون فى الماضى من البروليتاريا.
- راجع فى هذه الجزئية ما كتبه عملاق الفكر العربى عباس محمود العقاد فى كتابه (الشيوعية والإنسانية فى شريعة الإسلام) الطبعة الثانية، دار الهلال، 1963، ص16 – 17، 142 ـ 144، حيث يشير إلى الإحصائيات التى أوردها برنشتاين فى مؤلفه (الاشتراكية التطورية Evolutionary
(Socialism و التى توضح وتؤكد ما سلف ذكره. ومن هذه الإحصائيات ما يبين أنه ما بين سنة
1851 وسنة 1881 زاد سكان إنجلترا بنسبة ثلاثين بالمائة على حين زاد عدد المالكين أبناء الطبقة الوسطى بنسبة 233% وفى بروسيا زاد عدد السكان ما بين 1892 و 1907 بنسبة 20% على حين زاد عدد أصحاب الثروات التى تترد ما بين 150 و 300 جنية بنسبة 84.3% كما زاد عدد أصحاب الثورات التى تترد بين 300 و 1525 جنيها بنسبة 64.1% وزاد عدد أصحاب الثروات التى تتردد بين 1525 و 5000 جنية بنسبة 156.7%.
29- ذكر « ماركس » مرارا أن الرأسمالية هى التى تخلق البروليتاريا، واعتبر ذلك تطبيقا دقيقا لأهم القوانين الجدلية (الديالكتيكية) ألا وهو قانون نفى النفى (Negation of Negation)، فتطبيقا لفكرة أن كل شئ يلد نقيضه فإن الرأسمالية هى التى توجد نقيضها ـ البروليتاريا ـ الذى ينفيها فى المستقبل، والفكرة فى الأصل للفيلسون الشهير « هيجل » (Hegel).
والغريب ألا يكمل الماركسيون إعمال هذا القانون من قوانين الجدل، ناهيك عن قانون التطور؛ فإذا كانت كل الظواهر والنظم فى عملية تطور دائبة دائمة، وإذا كان كل شئ يخرج نقيضه الذى ينفيه، وإذا كان هذا ينطبق على الرأسمالية ـ فلماذا لا نطبق بعد ذلك على الشيوعية والبروليتاريا ؟.. فتخرج كل منهما ما هو نقيضها وما سوف يحل محلها بعد ذلك ؟.. ولماذا ـ برغم اعتقاد الماركسى المثقف بالديالكتيك ـ تكون الشيوعية هى آخر مراحل التطور الاقتصادى والسياسى، ولماذا تخلد طبقة البروليتاريا وتخلد هيمنتها على تاريخ البشرية ؟.. أمستثناة هى
من أهم قوانين الجدل (التطور ونفى النفى). أم عودة للمطلق وإن لم يصرح أحد بذلك؟
النص الإنجليزي الأصلي الذى وردت ترجمته العربية أعلاه :
The Dictatorship Of The Proletariat
(1)
One of the issues most closely associated with the transition to socialism is “the dictatorship of the proletariat”. In Marxist theory, the transition to socialism is meant to come about through the eruption of the struggle between the bourgeoisie and the working class, or proletariat, whereby state power would pass into the hands of the proletariat. The latter would exercise its dictatorship until it triumphs over all the other classes which remain in society even after the proletariat assumes power as residuals of a long, deep-rooted past. During that phase, all power would be in the hands of the proletariat to enable it to accomplish its historic task, that of eliminating all classes antagonistic to the working class. 83 Once it has accomplished its mission, its dictatorship will come to an end, since no other classes will exist and the state apparatus will fall, along with the entire system of laws, when all men (those who remain!) will have attained the highest stage of communism.
Briefly, that is the idea of the `dictatorship of the proletariat , its rationale, functions and fate. To show how basic this idea is to the whole structure of marxist ideology, and to leave no room for the argument that its repudiation is a development within the framework of the marxist theory itself and not a blatant contradiction of its very foundations, let us turn to the words of Marx himself.
In a letter postmarked London, Karl Marx wrote to Joseph Wiedmeyer in New York on March 5, 1852, affirming that "The class struggle necessarily leads to the dictatorship of the proletariat". 84 Twenty-three years later, in his `Critique of the Gotha Programme published in 1875, he wrote: "Between capitalist and communist society lies the period of the revolutionary transition of the one into the other. There corresponds to this also a political transition period in which the state can be nothing but the revolutionary dictatorship of the proletariat." 85Communist leaders in many parts of the world still declare their total adherence to that belief; some even hold that the dictatorship of the proletariat must continue beyond the transition to socialism, at long as capitalism remains strong in the world. 86
(2)
Contemporary socialist experiments are still at the stage of the dictatorship of the proletariat. However, nowhere has the proletariat come to power through a long struggle against capitalism, nor through the eruption of the struggle in the form of a violent workers revolution. Rather, it has always seized power either through military coups or through takeovers by communist parties supported by Soviet military presence, and then in countries that did not go through the stage of capitalist development in the orthodox marxist sense of the word.
In other words, the accession to power by these dictatorships did not proceed in the manner envisaged by Marx. Another glaring discrepancy between the theory he expounded and its application in practice is that not one of the dictatorships of the proletariat existing in countries of the socialist bloc can claim to have been established by the working class. In the Soviet Union, for example, the leaders of the Bolshevik party all came either from the middle or upper-middle class. Trotsky, Zinoviev, Kamenev, Kaganovitch and other Bolshevik leaders who laid the foundations of the dictatorship of the proletariat in the Soviet Union were all middle class intellectuals, many of them Russian Jews from professional and merchant families. The same applies to those who created dictatorships of the proletariat in the rest of the socialist countries, including those in the Third World. In Cuba, for example, the dictatorship of the proletariat was established by members of the upper middle class, by the sons of rich families who had been sent to European capitals for their studies, a great luxury in such poor societies.
What does dictatorship of the proletariat really mean? According to Marxists, it is a dictatorship exercised by the majority in the interest of the majority and against all the classes and groups opposed to those interests. If that is so, why is the majority represented at the higher echelons of the communist party by only a few who are selected in a particular manner? Why does the majority in its entirety not enter into the communist party? Especially since Marxists absolutely reject the idea of representational democracy which is the basis of the western parliamentary system. Why, if not for the fact that their dictatorship is directed against the proletariat itself in the name of the proletariat. Can anyone maintain that Stalin s regime of violent repression was directed only against the non-proletarian classes in the Soviet Union and that it did not affect the entire population? In fact, the leadership of this regime, like that of every other dictatorship of the proletariat, was made up of members of the middle class who took it upon themselves to protect the interests of the working class in the face of all other classes.
An important development in this respect is that communist parties in most of the industrialized countries, the very climate for socialism according to marxist theory, have, one after the other, abandoned the idea of dictatorship of the proletariat87, declaring that the transition to socialism does not have to come about through class struggle and that, if they ever came to power, they would not establish a dictatorship of the proletariat to abolish all other classes.
To destroy the idea of dictatorship of the proletariat is to destroy the backbone of marxist political thought as elaborated by Marx, Engels, Lenin and all other marxist theoreticians over a whole century. For without the dictatorship of the proletariat, the other classes will not be abolished and, consequently, humanity will not attain a classless society. As Marx himself had firmly rejected the idea of "the free people s state" advocated by Ferdinand Lassalle, this meant the collapse of the following basic tenets of marxist thought:
*
The class struggle (given that, after coming to power, the proletariat would coexist peacefully with other social classes);
*
The withering away of the state (since the proletariat would not liquidate the other classes, and the class division of society is the basis for the existence of the state);
*
The disappearance of laws (the existence of laws, like the existence of the state, is based on the existence of classes);
*
Attainment of the supreme communist stage (unimaginable in marxist thought without the dictatorship of the proletariat and its liquidation of all other classes).
The repudiation of this basic tenet of marxist thinking by the communist parties of western Europe and other parts of the developed world is due to several factors:
First, the democratic climate prevailing in Europe. Western Europe is solidly anchored in parliamentary democracy, in freedom of thought and opinion and in all other human rights and hence, by its very nature, cannot subscribe to any theory that would destroy such democracy and freedoms. This climate of freedom and democracy has imposed itself even on the communist parties of western Europe and on the staunchest supporters of Marxism in western Europe88 and in other parts of the world, like Japan.
It may have been easy for the peoples of Russia, the Ukraine, Georgia, Siberia or the Caucasus to accept a dictatorship of the proletariat sixty years ago, or to accept the crimes of a tyrant like Stalin who liquidated scores of his closest comrades and millions of those who opposed his views89. After all, they were peoples who had known nothing but autocratic rulers and slavery through the centuries90. The history of tsarist Russia is a chronicle of brutal repression: one example that comes to mind here is the story of Spiratsky, the nineteenth century Russian minister who tried to introduce French laws into Russia and who was exiled to Siberia for his pains! For a nation whose historical frame of reference is a saga of harsh dictatorships, the dictatorship of the proletariat was no more than a new name for an age-old pattern.
The communist parties of Western Europe are far more aware than leftist movements in the third world of the negative consequences that will inevitably follow on the establishment of a dictatorship of the proletariat in their countries. They know that they can only come to power through a coalition with other parties and that there can be no question of those parties accepting adictatorship of the proletariat. Thus they would have nowhere to turn for help but to the Soviets and, given the liberalism of the leaders of communist parties in western Europe (their birthright as citizens of a democratic civilization), as well as the lessons drawn from the recent past, this is unlikely to be an attractive prospect.
Western Europe has not forgotten the lessons learnt from the Soviet invasion of Hungary and Czechoslovakia, from Soviet exploitation of the economies of eastern Europe and from Tito s experience with the Soviets when he aspired to a degree of independence for his country. Not only was he expelled from the Cominform, but Yugoslavia was subjected to strong economic pressure from the Soviet Union and other member countries of the Comicon.91 There are many other examples attesting to the perils of falling out with the Soviets. 92
Second, the failure of this basic tenet of marxist ideology to move from the realm of the theoretical to that of the applied. The socialist experience has proved to the communist parties of western Europe and other parts of the developed world that the elimination by the proletariat of all other classes and its attainment of the highest stage of communism when there will be no antagonistic classes, no state and no law, but one single class living in peace, was no more than wishful thinking, a naive illusion that has not materialized nor shows the slightest indication of ever doing so in any part of the world. Classes still exist in the socialist countries, albeit under new guises, the state has become stronger and more centralized, laws are gradually coming closer to West European legal theories and many other marxist expectations appear to be as illusory and elusive as the utopian dreams of Thomas More.
One such expectation, confidently predicted by Lenin in 1917, was that World War I would put such unbearable pressure on the industrial capitalist states that the only way out of the crisis would be through the proletarian revolution. Events have since proved the fallacy of that analysis and we have yet to see a proletarian revolution in any large industrial state. 93 Another such expectation, announced by the well-known Bolshevik, Zinoviev, in 1918, was that within one year all of Europe would become communist!94 Only one year earlier, Zinoviev, together with Kamenev, considered that the bourgeois Russian Revolution of March 1917 should not transcend its historical limits and become a proletarian revolution too rapidly on the grounds that such a revolution would fail without the support of a general communist revolution in western Europe!
The expectation that a proletarian revolution would break out in all parts of Europe was not confined to Lenin and Zinoviev, it was shared by all the leaders of the Bolshevik revolution and by all European communists. 95&96 That preposterous expectation persisted until the early thirties, when it became clear to the communist movement in Russia and throughout the world that a proletarian revolution in western Europe or anywhere else in the developed capitalist world was an impossibility. Having come to that conclusion, they had to revise their views on other matters as well. Thus, after holding that the building of socialism in Russia was dependent on the revolutions to be led by western workers, they now claimed that it was the latter who needed the Russian experience to sustain, assist and support them.
This new rationale marked the beginning of a new relationship between Soviet Russia and the West. The Soviet Union had to ensure its security in a world that did not seem to be moving, as had been expected, towards a proletarian revolution. Stalin signed several treaties with Germany, then with the allies after World War II, in a bid to expand his boundaries and set up a wall of socialist states to serve as a buffer between the Soviet Union and western Europe. At a later stage, starting in the seventies, the Soviet Union sought a modus vivendi with the West, deferring its old dream to some distant future and resorting to covert methods of operation.
One European Marxist who did not share the belief of Marxist leaders in the Soviet Union and throughout Europe that capitalism was about to collapse, that the proletarian revolution was about to break out and that the dictatorship of the proletariat would be established in capitalist Europe, was Antonio Gramsci, secretary-general of the Italian Communist Party, who was imprisoned in 1928 and died in prison in 1937. He showed a more realistic grasp of the situation when he said that the path of the western proletariat towards power and dictatorship was fraught with defeat.
Third, the disappearance from the developed countries of the working class described by Engels in “The Condition of the Working class in England” and on whom Marx focused all his studies. The proletariat Marx and Engels knew in the nineteenth century was an exploited working class performing hard manual labour in difficult and primitive working conditions, totally devoid of any guarantees or social security. Such a class no longer exists in the industrialized capitalist world 97, as it did in Munich, Lyons, Manchester, Leeds, London and other large industrial cities of the nineteenth century. There is no longer any trace of those workers in today s factories, where there is no proletariat in the technical sense of the term but, rather, employees engaged for the most part in non-manual work.
In conclusion, the proletariat which toiled under such unspeakable conditions in the last century is a class that does not exist in the industrialized capitalist countries of our age, where technological advances are ushering in an age of industry without workers, where mental work will replace the manual work performed by Marx s proletariat.
A visit to any factory in a large industrial city today will corroborate the fact that today s working conditions are nothing like those which prevailed in the nineteenth century, that an entire system of social guarantees and security is provided to the workers of today, one that is certainly not enjoyed by their counterparts in the industrialized socialist countries. Consequently, there is no need for the communist parties of western Europe to advocate the dictatorship of a class that no longer exists in developed capitalist systems.
Fourth, the disintegration of the idea of dictatorship of the proletariat is also due to an important economic fact, namely, that the economic hopes pinned by the early marxist theoreticians on the stages during which the proletariat would be in control have failed to materialize. Marxists believe that between capitalism and communism, socities will go through a transitional tage, the post-capitalist socialist stage. During that transitional stage, the workers, through the dictatorship of the proletariat, would control all aspects of life, including the economy. They would strive to achieve greater growth to realize maximum productivity, the material basis for the establishment of the higher stage of communism, for it is through the realization of such maximum productivity that society can move from the socialist principle of `each according to his work to the communist principle of each “according to his need”.
It is a fact that the dictatorship of the proletariat in Soviet Russia has not realized that dream. Even the progress achieved by the Soviet Union today, in comparison with the conditions which held in Russia prior to the Bolshevik revolution, cannot be considered an achievement of the dictatorship of the Soviet proletariat.
The capacity of the dictatorship of the Soviet proletariat can only be measured in terms of the level of growth reached by the Soviet economy (i.e., the level of development of productive forces) in the early days of World War II, because it is only up to that point in time that the growth of the Soviet economy can be credited solely to Soviet economic orientations. Whatever progress was achieved after the war is due to other factors we shall come to further on.
In the period between 1917 and 1941, the Soviet economy achieved noticeable growth. Yet the degree of growth cannot be compared to that of the western world nor even to the present rate of growth achieved by the Soviet Union. It was closer to the present rate of growth in the countries of Eastern Europe. Thus while the dictatorship of the Soviet proletariat did achieve a certain degree of progress because of economic planning and the protection of the new regime, that progress was never up to the level of what the Soviet Union achieved after the war. It had also begun to slow down noticeably just before the war, when Soviet industry began to slacken in the mid-thirties in terms of investments and development rates. Investments which had been growing until 1936 began to decrease systematically as indicated by the following statistics:
Year Volume of Investments
1933 2350 million roubles
1934 2552 " "
1936 4621 " "
1937 3621 " "
1938 3807 " "
Investment in the iron and steel industry alone (by far the most important of the heavy industries) decreased by 35% from 1935 to 1936. This downward trend continued until the late thirties. 98 Figures definitely point to growth between 1917 and 1936, but to a rate of growth not comparable to that attained by the Soviet Union after the war. Moreover, growth receded from the mid-thirties to the beginning of the war. The decline continued during the war, but that was due to a concentration on the war industries and to the huge losses in factories and agricultural land incurred as a result of the sweeping German invasion.
So much for the economic achievements of the dictatorship of the Soviet proletariat before the Second World War. As to the development of the Soviet economy after the war, this was due to several factors:
*
the enormous quantities of raw materials obtained at very low prices from the East European countries which had become Soviet satellites;99
*
the transfer of hundreds of factories from Germany to the Soviet Union;100
*
the two million qualified Germans who were brought over to work in all areas of Soviet production, 101 particularly in the chemical and military industries;
*
the financial aid extended by the West (especially the United States), which also sent great quantities of goods and machinery to the Soviet Union during the last period of the war and immediately after. The assistance was estimated to be worth billions of dollars;102
*
the great wealth obtained from Manchuria after its evacuation by the Japanese;103
*
the annexation of neighbouring territories rich in mines and raw materials.
The thirteen European provinces annexed by the Soviet Union immediately after the war covered a total area of more than 270,000 square miles, an area greater than the Iberian Peninsula, while the Asian provinces of Manchuria were extremely rich in mineral wealth and water. 104
From the above, it is clear that the economic performance of the dictatorship of the Soviet proletariat can be divided into two distinct stages:
A first stage of steady progress followed by a decline just before World War II. The progress itself was modest and far from what had been expected from the dictatorship of the proletariat. It was noticeable only because Russia was so far behind the countries of Europe. At any rate, it was not an encouraging sign for the European Marxists, who found little in the economic performance of the dictatorship of the proletariat in the Soviet Union or, for that matter, in any country of eastern Europe, to justify the expectation that this dictatorship could realize the material basis for the establishment of the higher phase of communism.
A second stage of far greater progress that was not, however, due to the intrinsic strength of the Soviet system but, rather, to many external factors without which the Soviet economy would have totally collapsed. This is not an idle assertion but one that is substantiated by facts. Fact No. 1: the enormous difference between the economic performance of the Soviet Union in the period between 1917 and 1941 and its performance in the post-war period up to the present day. Where during the first period progress was slow and nearly ground to a halt as the momentum of the revolution waned, in the second period it surged forward in leaps and bounds. This dramatic upsurge can only be explained by the external factors we have mentioned, whose role in bolstering the Soviet economy cannot be over-emphasized. Fact No. 2: the countries of eastern Europe, which did not benefit from the exceptional circumstances available to the Soviet Union after World War II but had to fall back on their own resources, have been able to generate only minimal economic growth, their modest economies able only to provide their peoples with the bare necessities, exactly the same situation which existed in the Soviet Union before the war.
That is not to say that even at the present rate of growth of the Soviet economy the standard of living of a Soviet citizen is not far below that of an ordinary citizen in any advanced industrial country. He is still far from obtaining what a simple worker in those countries has access to in the way of basic necessities, let alone luxuries. It may be useful to give the reader an idea of the standard of living in an advanced industrial country to show that the Soviet experience, at least in its economic aspect, was not an encouraging example to follow for societies which had far surpassed the inferior living standard of the Soviet citizen centuries before:
Between 1950 and 1975, the following developments took place in France:
*
pensions were quadrupled;
*
8.5 million new housing units were built;
*
he number of families owning a washing machine rose from near 0% to 70%;
*
the number of families owning a TV set rose from near 0% to 90%;
*
in 1953, only 8% of workers owned a private car; by 1972, the percentage of car-owning working-class families rose to 66%;
*
in 1953, 32% of civil servants owned private cars; by 1972, the percentage had risen to 86%;
*
in 1953, 56% of senior civil servants owned private cars; by 1972, the percentage had risen to 87%;
*
in 1975, there were six times as many high-school graduates as in 1950;
*
between 1950 and 1974, France created 5.35 million new jobs in the fields of industry and commerce;
*
despite the apparent steep increase in prices between 1956 and 1976, the price of food is considered to have decreased from 100 to 53, while the prices of manufactured goods decreased from 100 to 41.5, bearing in mind the increase in incomes, e.g., equipment that a Frenchman could have obtained in 1956 at the cost of 100 hours, he obtained in 1976 at the cost of only 41.5 hours;
*
in 1975, half of the French people owned their homes. 105
According to the statistics of the Soviet state itself, the Soviet people do not enjoy 10% of the comforts enjoyed by the French people. While the above statistics speak for themselves, two observations are in order here:
First, the failure of the dictatorship of the proletariat to achieve anywhere near as high a standard of living as that achieved under the capitalist systems of western Europe led European communists to question the validity of this key section of Marxist-Leninist theory. Second, the French statistics show to what extent social classes are drawing closer together: whereas the percentage of car-owners among senior civil servants rose by 21% between 1953 and 1972, it rose by 55% among the working class during the same period.
These statistics not only indicate a rapprochement between the proletariat and the bourgeoisie, they also disprove one of Marx s pet theories, viz, that industrial societies are divided into only two classes: a poor class which works and does not own (the proletariat) and a rich class which owns and does not work (the capitalist class). All other classes are reduced to the level of the proletariat, which would be getting ever poorer while the capitalist bourgeoisie would become ever richer. The French statistics turn this theory on its head: it seems the proletariat is catching up with the privileges of the upper classes, that it is getting richer, not poorer, and that it is getting richer at a rate that is bringing it ever closer to the bourgeoisie, contrary to Marx s predictions. 106
Finally, in a shrinking world where the tremendous development of the communications industry makes it impossible to keep any situation secret, the walls with which the Soviet Union surrounded itself for so long have come crashing down. As a result, the working classes in the advanced industrial countries are now well aware that their situation is far better, both economically and politically, than that of their counterparts in the socialist countries.
The shattering of the great economic hopes placed in the dictatorship of the proletariat was the main factor that led to the collapse of the idea itself, as workers in the advanced industrialized countries asked themselves how the deprivation they see their brothers suffering from in the socialist countries can ever become the material basis for the higher stage of communism, when each will get according to his needs.
In addition to all the above, communist parties in several parts of the world rejected the idea of the dictatorship of the proletariat as totally inappropriate for the non-industrial societies of Asia and Africa in which communists did manage to seize power. With peasants and farmers representing the majority of the population, the formula of a dictatorship of the proletariat seemed contrived and essentially flawed. This led several agricultural countries under communist rule, China being the most notable example, to introduce changes into the Marxist theory which, in our opinion, have shaken it to its very foundations. One is entitled to question how there could be a dictatorship of the proletariat in countries where there are no workers in the Marxist sense of industrial workers, and where an entire stage in the socio-economic evolution of society as advocated by Marx has been skipped, namely, the stage of capitalism out of the womb of which socialism is born. 107
#طارق_حجي (هاشتاغ)
Tarek_Heggy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟