أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل علي - شجار / قصّة قصيرة














المزيد.....

شجار / قصّة قصيرة


كامل علي

الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 00:45
المحور: الادب والفن
    


جلسَ مُراد مع زوجته في مقهى يَطلُّّ على بحر مرمرة في انتظار موعد الباخرة التي ستقلّهما في رحلة سياحية قصيرة من اسطنبول الى يالاوا، واحسّ بانتعاش بعد استنشاق هواء البحر العليل في ذلك الصباح الخريفي من صباحات اسطنبول، وكان يُمني نفسه برحلة تنفض عن كاهله ارهاق العمل وتعب سنين عمره الّتي كانت تطرق ابواب العقد السادس.
القى نظرة خاطفة على ساعته، وادرك أنَّ لديه مُتسَعٌ من الوقت قبل موعد اقلاع الباخرة لارتشاف فنجان من الشاي وتدخين سيجارة، فالتفت الى رفيقة حياته الّتي شاركته في رحلة العمر قائلا:
- هل تريدين قدحا من الشاي؟
- كلّا، ولكن ارجو ان تستعجل فهناك طابور امام كشك الخدمة.
امام كشك الخدمة اخذ مراد مكانه في الطابور، وتبادر الى خاطره معاناته ووقوفه لساعات طويلة في طوابير البيض والالبان واللّحم في الوطن قبل اغترابه، وبينما كان غارقا في بحر ذكرياته اصطدم به احدهم، التفت بحركة لا ارادية نحوه فلاحظ انّه شاب انيق في الثلاثينات من العمر يلبس نظّارة شمسية سوداء ويحمل في كلتا يديه قدحين من الشاي.
نظر الشاب الى الشيخ والشرر يتطاير من عينيه وقال بحدّة وبلكنة تركية ركيكة:
- سالاك ( وهي شتيمة بالتركية تعني غبي).
ثار الدم في راس الشيخ وبدأ قلبه يخفق بسرعة جنونية ولكنّه تمكّن انْ يسيطر على فورة غضبه وقال مخاطبا الشاب بحدّة:
- انت الغبي لانّ الذنب ذنبك وبدل أنْ تعتذر منّي شتمتني.
صمت الشاب ولم ينبس ببنت شفة واتجه صوب منضدته مسرعا وجلس مع فتاة شابّة في عمره وامراة في الخمسينات من العمر.
حاول بعض الواقفين في الطابور تهدئة ثورة الشيخ والقوا باللائمة على الشاب ولكنّ دقّات قلب الشيخ تسارع اكثر ورجع بسرعة بعد اخذه الشاي الى منضدته وهو يرتجف من الغضب وقال بعصبية مخاطبا زوجته:
- لن ارتاح اذا لم أرد الاهانة وسالقن هذا الصقيع درسا لن ينساه طوال عمره. بهتت الزوجة وقبل ان تتبين حقيقة ما يحدث انطلق مراد كالقذيفة نحو منضدة المعتدي وخاطبه بحدّة قائلا باللغة التركية:
- هل تتكلم التركية؟
- نو(No)
استنتج الشيخ من الاجابة أنَّ غريمه امريكي او انجليزي لذا ازدادت ثورته فانحنى الى الامام وأمسك بتلابيب الشاب ودفعه بكل ما اوتي من قوة فسقط الشاب الى الخلف مع كرسيه، وكان الشيخ في اثناء ذلك يزمجر ويرعد ولم يبق في قاموسه الانجليزي والتركي شتيمة لم يستعملها. في تلك الاثناء تدخّلت الفتاة الشابة وامسكت بشعر المهاجم وحاولت سحبه الى الخلف وهي تصرخ بتركية فصيحة قائلة:
- كيف تتجرأ على اهانة زوجي وتحاول ضربه؟
عندما لاحظت زوجة الشيخ تدخّل المرأة في الصراع، هبّت لنجدة زوجها وامسكت بتلابيب الشابة وسحبتها نحوها.
ساد الهرج والمرج في المقهى وتطوّع بعض الروّاد للتفريق بين المتشاجرين.
بعد انتهاء المعمعة رجع الشيخ الى مائدته وجلس بالقرب من زوجته وقلبه يخفق بشدّة من الانفعال، واحتدم النقاش بين رواد المقهى بين متسائل عن ماهية الامر وشارح لسبب الشجار وكان الفريق الثاني مِنْ الّذين كانوا في الطابور وشهدوا بداية النزاع.
في تلك الاثناء تقدّم شاب تركي كان جالسا مع صَحبِهِ في المائدة المجاورة نحو الشيخ وبسرعة خاطفة امسك بيده وأراد تقبيله ولكنَّ الشيخ سحب يده بسرعة وبحركة لا ارادية، فأنبرى الشاب قائلا بلهجة رقيقة:
- والله ياعم لو أنَّ جميع الاتراك مثلك لما آلَ حالنا الى ما آلَ اليه اليوم.
تأثر الشيخ من مبادرة الشاب واغرورقت عيناه بالدموع، وفكّر في تلك اللحظة بما يعانيه الشعب العراقي من قهر جراء اعتداءات وعنجهية جنود الاحتلال.
وتبادر الى ذهنه تساؤل مُلِح آخر:
هل كان سبب ثورته العارمة اصوله البدوية التي دفعته للثأر من كرامته ام كونه من بلد عبّاس ابو الرأس الحار؟




#كامل_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحي والايحاء وألأطار ألفكري للإنسان
- ألشمّاعيّة- قصّة قصيرة
- الرائيلية ومحاولة التزاوج بين الدين والعلم
- جدول الضرب / قصّة قصيرة
- عدالة السماء وتناسخ الارواح
- يوسف وتفسير الاحلام
- ثورة الشّك- هل كان موسى يهوديا ام مصريا؟


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل علي - شجار / قصّة قصيرة