الاحتفال بذكرى ميلاد زكي خيري في 12/4 تجسيد لاعتزاز العراقيين بمناضليهم الوطنيين والاممين ومفكريهم العالميين

سعاد خيري

الحوار المتمدن-العدد: 2612 - 2009 / 4 / 10 - 10:05
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

الاحتفال بذكرى ميلاد زكي خيري في 12/4
تجسيد لاعتزاز العراقيين بمناضليهم الوطنيين والامميين ومفكريهم العالميين
سجل زكي خيري مسيرة كفاحية وطنية واممية على امتداد القرن العشرين، اشد قرون البشرية صخبا واحتداما. فقد بدأ نضاله الوطني منذ منتصف العشرينات ضد الاحتلال البريطاني ومن اجل تحرير الطبقة العاملة العراقية وتحرير المرأة . فقد ساهم في اول تظاهرة ضد زيارة القطب الامبريالي والداعية الصهيوني الفريد موند ، وساهم في تنضيج الحركة النقابية العراقية ومكافحة الامية في صفوفها وصياغة مطالبها ولخص تجربتها عام 1954 في مؤلفه ربع قرن من تاريخ الحرة النقابية العراقية . كما كانت اول مساهمة صحفية له عن تحرير المرأة عام 1926. وعايش الفلاحين في سنوات الاختفاء ودرس مشاكلهم وحدد الحلقة المركزية لحلها بالغاء الملكية الاقطاعية الكبيرة للارض وتوزيع الاراضي على الفلاحين كما جاء في مؤلفه "مسائل في الاصلاح الزراعي" عام 1959. وتطور وعيه ونضاله مع تطور الحركة الوطنية وارتباطها بالحركة الثورية العالمية، واضطلاعه على التطورات العالمية السياسية والفكرية، بفضل المامه باللغة الانكليزية. وكان عاملا فعالا في طليعتها الثورية وفي بلورة استراتيجيتها ومساهمته في تأسيس الحزب الشيوعي العراقي وفي صياغة اهدافه وبرامجه وعمل في صحافته وساهم في تطويرها حتى اخر يوم في حياته 19/2/1995 ولخص تجربتها في مؤلفنا المشترك "دراسات في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي" ، عام 1984 .
واكب زكي خيري تاريخ العراق المعاصر وكان عنصرا فعالا في صنع هذا التاريخ بكل انجازاته وتحمل نتائج انتكاساته من سجون وتعذيب واختفاء واقساها الغربة . وعمل بكل طاقاته لتجنيب شعبنا الكوارث بالتحذير من الاخطاء وتكرارها. وبقي مليء الثقة بقدرة شعبنا على تحرير وطنه وبناء مستقبله ومساهمته الفعالة في تحرير البشرية، مركزا نضاله الوطني والاممي ضد الامبريالية العالمية باعتبارها العدو الرئيس لشعبنا ولعموم البشرية . ولم تلتبس الامور على زكي خيري مهما تعقدت الظروف الوطنية والعالمية ولاسيما بعد كل ما احدثته المحن والكوارث التي شهدتها البشرية في الربع الاخير من القرن العشرين وما ارتبط بها من محن وكوارث لا يزال شعبنا ينوء بها. وحذر زكي خيري دائما من مخاطر تكبير دور أي من ادوات الامبريالية واعتبارها العدو الرئيس بمعزل عن الامبريالية كالنظام الدكتاتوري او الارهاب وحتى طموحات النظام الرجعي الايراني . فكل هذه الادوات على اختلاف مهماتها وادوارها تحميها الامبريالية الامريكية وتدربها او تهادنها ما دامت تحقق لها اهدافها في الهيمنة على شعبنا وترويضه وسترميها كما رمت من قبل شاه ايران وغيره من الادوات عندما ينتهي دورها وتجد من يحل محلها. وفعلا فقد اعدمت صدام الذي قدم لها من الخدمات ما لم تكن تحلم به ، بعد ان انتهت مهمته الاخيرة ، في تمكينها من احتلال العراق. ونبه زكي خيري الى الخطر الرئيس من الخطأ في تحديد العدو الرئيس الذي اصبح شائعا في الحركة الوطنية العراقية بما فيها طليعتها، هو اضعاف يقظتها تجاه مخططات الامبريالية الاجرامية بحق شعبنا والشعوب العربية والبشرية عموما، والركون الى مشاريعها ومناطق امنها وحمايتها. واكد دائما بان الاخطاء السياسية التي تقترفها القوى الوطنية يدفع ثمنها شعبنا غاليا ان عاجلا ام اجلا.!! ففي مؤلفه الحرب العراقية الايرانية وقضايا الدفاع عن الوطن والثورة" الصادر في عام 1987 تحذير من استغلال الامبريالية والصهيونية لحرب تدور بين بلدين من مجموعة دول عدم الانحياز لاضعافهما واشغال شعبيهما عن النضال من اجل الديموقراطية والتقدم. وحدد الشعار الاستراتيجي : "انهاء الحرب فورا بصلح ديموقراطي عادل"وربط على اساس ماركسي وعلى ضؤ تجارب الشعوب بين قضابا الدفاع عن الوطن والثورة الوطنية الديموقراطية . ودعا القوى الوطنية لمكافحة المخططات الامبريالية وادواتها ولاسيما النظام الدكتاتوري وتوعية الجماهير وتعبئتها والكف عن المساهمة في تضليل الشعب وتعميق شعور اليأس المدمر للطاقات والقبول بالحلول الامريكية المذلة .
ناضل زكي خيري طوال حياته من اجل تطوير معارفه الماركسية منذ ادراكه بانها الاساس الفكري لتحرير شعبه وعموم البشرية وهي الاهداف التي كرس لها حياته وانكب على دراستها بمثابرة الطالب المجد، حتى اخر يوم في حياته. وزكي خيري قاريء محترف يواصل القراءة لساعات طويلة وبتركيز عال مما اكسبه قابلية على تحديد الحلقة المركزية في كل قضية وعلى التنظير والتطوير. وله مساهمات في هذا الميدان منشورة بعدة لغات وضمن مجموعات مكرسة لعشرات المؤتمرات النظرية والسياسية العالمية وفي المجلة العالمية "قضايا السلم والاشتراكية "الذي عمل عضوا في هيئة تحريرها لدورتين .
وسجل زكي خيري اوج نضوجه الفكري ومساهمته في تطوير الفكر العالمي، قبل رحيله بعام . فرغم تاثره العميق بانهيار الاتحاد السوفيتي والازمة العميقة التي تعرضت لها الحركة الشيوعية العالمية، لم يفقد زكي خيري الثقة بالماركسية ولا العزيمة على اخراجها من الازمة ولا وضوح الرؤية نحو المستقبل. فقد انكب يبحث عن الاسباب مستندا الى النهج الماركسي المادي الديالكتيكي واستطاع ان يشخص الاسباب الرئيسية في بحوث ومداخلات عديدة. فاشار الى السبب الموضوعي للازمة العامة للحركة الشيوعية العالمية بما فيها الاحزاب التي كانت حاكمة في البلدان الاشتراكية هو التطور العلمي التكنولوجي الذي فرضته الثورة العلمية التكنولوجية، التي طرحت مهمات جديدة على الحركة الشيوعية العالمية تقتضي تطوير النظرية والمنهج، فضلا عن تجديد كل حزب فيها فكريا وسياسيا وتنظيميا، انطلاقا من اسسها ونهجها، وليس من خلال التخلي عنها. و شبه ذلك برمي الطفل مع ماء غسيله . كما شخص زكي خيري العامل الذاتي الرئيس، بالجمود العقائدي والتحريفية وترهل الاحزاب الشيوعية الحاكمة وهيمنة البيروقراطية على قيادتها وعزلتها عن القاعدة الجماهيرية الاساسية لها الطبقة العاملة . أي خروجها الكامل عن الماركسية نظريا وممارسة، فضلا عن سيادة الخمول والاتكالية في معظم الاحزاب الشيوعية الاخرى .
وشخص زكي خيري الحلقة المركزية في الخروج من الازمة في الحركة الشيوعية العالمية والوطنية هو معالجة العامل الذاتي وفي المقدمة تطوير الماركسية والتصدي للحلول والاستنتاجات المبتسرة او الهروب من الازمة بالتخلي عن الماركسية كليا او الفصل بين مكوناتها كالتخلي عن النظرية والتمسك بالمنهج . فجاء مؤلفه القييم وحدة النظرية والمنهج الذي نشر عام 1992تحت عنوان مراجعات ماركسية، مساهمة جادة في تطوير الماركسية و الفكر العالمي السلاح الجبار الذي يتحول بتبني الشعوب والبشرية له الى قوة مادية جبارة تستطيع تحريرها من جميع اشكال الاستغلال والظلم وتقيم عالم الحرية والرفاه والتقدم .
فالنحتفل في 12/4/من كل عام بذكرى المناضل الوطني والاممي والمفكر العالمي زكي خيري في بيته وفي كل انحاء العراق التي شهدت نضالاته واحاطها باهتماماته وستبقى انجازاته وكتاباته اسفار تربط بين مستلزمات الحاضر والمستقبل لشعبنا ولعموم البشرية

#سعاد_خيري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات