أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - هل من سبيل للقضاء على الشكاوى الكيدية؟














المزيد.....

هل من سبيل للقضاء على الشكاوى الكيدية؟


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2611 - 2009 / 4 / 9 - 11:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قد تتفق المجتمعات حول مفهوم الشكوى ولكنها تختلف حين يتعلق الأمر بأشكالها وأهدافها. فالشكوى سواء كانت مكتوبة أو منطوقة هى عبارة عن وسيلة يسعى الفرد من خلالها أن يرفع الظلم ويسترد الحقوق. ففى المجتمعات التى تقوم على علاقات صحية بين الأفراد حيث يعرف كل فرد دوره وواجباته نحو المجتمع لا يتقدم الفرد بشكوى إلا بعد أن يستنفد كل السبل الودية ويحرص ألا تتضمن الشكوى سوى المعلومات والحقائق التى تساعد على إحقاق الحق. أما فى المجتمعات التى تعانى من الأمراض الاجتماعية والنفسية فإن الشكوى تتجاوز المطالبة بالحق ورفع الظلم لتتخذ شكلا آخر عبارة عن سلاح يدمر به الشاكى صورة الآخرين ومكانتهم فى المجتمع. وهذا الشكل يقودنا إلى شكل مقيت من أشكال الشكوى وهى الشكوى الكيدية التى قد تتضمن كما هائلا من المعلومات الكاذبة والمدمرة والتى من شأنها أن تنال من شرف ونزاهة الآخرين وهى فى نفس الوقت لا تحمل توقيعا ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تتوصل لمصدر الشكوى أو أن تتعرف على شخصية المرسل.

الجدير بالذكر أن انتشار الأشكال المختلفة للشكوى قد يختلف من مجتمع إلى آخر داخل القطر الواحد. قد لا يعرف مجتمع من المجتمعات الشكاوى الكيدية وقد لا يتقن أفراده مفردات هذا الشكل الردىء غير الأخلاقى الذى يفتقد ممارسوه الشجاعة حيث لا يجرؤ أحدهم على الكشف عن هويته. لقد قضيت فى مدينة قنا أكثر من ربع قرن حيث عملت بالتدريس بإحدى كلياتها وطوال هذه الفترة لم يحدث أن تقدم شخص بالشكوى ضد شخصى الضعيف سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وفى المقابل فقد انتقلت منذ خمس سنوات فقط للعمل فى محافظة أسوان حيث تقيم أسرتى وحيث يقيم كتاب مهرة فى الشكاوى الكيدية إذ لا يمر يوم من دون أن يتسلم أحد المسئولين فى مصلحة من المصالح شكوى كيدية. قد يدعى أحدهم بأن فلان الفلان يفعل كذا وكذا أو قد يتقمص الشاكى شخصية الآخرين حين يرسل الشكوى باسم أحد أفراد المصلحة. لا جدال أن الشكوى قد تحتوى على معلومات حقيقية تقود إلى كشف جرائم ومخالفات ترتكب فى مصلحة ما غير أن هذه الشكاوى فى معظم الأحيان قد تشتمل على معلومات كاذبة لا تمت للحقيقة بصلة. لقد اطلعت على شكوى من هذا النوع يتهمنى كاتبها زورا وبهتانا بأننى أتحيز للطلاب المنتمين لفئة معينة فى المجتمع ويتهم أحد زملائى بأنه يقوم بإلقاء دروس خصوصية على سطح منزله (!!). ربما لا يعرف كاتب الشكوى أن المسئول الذى تلقى الشكوى علم بكيديتها وخلوها من الحقيقة ومن ثم لم يلتفت إليها. لقد أدرك المسئول بحصافة وحنكة أن كاتب الشكوى يتسم بالجبن والغباء إذ ليس من المعقول أن يجهر أستاذ جامعى بارتكاب مخالفة عقوبتها الفصل من الخدمة وهى المخالفة التى أدعى الشاكى أن الأستاذ يمارسها فوق سطح المنازل.

ورغم أن الشكاوى الكاذبة لا تلقى أذانا مصغية لدى بعض المسئولين غير أنها تترك أثارا سلبية تبقى فى النفوس فترة طويلة. ومن الآثار السلبية التى تتركها الشكاوى الكاذبة هى انتشار ظاهرة الشك فى الآخرين. فالضحية يبدأ مرحلة من الشك حول كاتب الشكوى ومصدرها حيث تستبد به الظنون والهواجس: أن فلان هو كاتبها. وهذا فى حد ذاته يعمل على تعكير الأجواء بين أفراد المصلحة: فالكل يشك فى الكل. وفى نفس الوقت فإن هذه الشكاوى تعمل على تفشى ظاهرة الانتقام لنظل فى دائرة مفرغة لا نعرف سبيلا للخروج منها إذ ينتقل الضحية من مرحلة الشك إلى مرحلة الانتقام حيث يبدأ فى إرسال سلسلة من الشكاوى الكيدية ضد من يظن أنه مصدر الفرية التى نالت منه. ومن المعروف أن العاملين فى كل مصلحة من المصالح يدركون كل الإدراك أن هناك أشخاص معروفين ومتخصصين فى مثل هذه الأمور الانتقامية. أما ثالثة الأسافى فهى أن بعض رؤساء المصالح قد يسعون لتفادى شرورهم واستقطابهم من خلال التغاضى عن مخالفاتهم أو منحهم مكافآت لا يستحقونها وهذا من شأنه أن يخلق أجواء غير صحية قد تزيد من عدد محترفى هذا النشاط لإدراكهم بالمميزات والامتيازات التى ترتبط بهذا العمل البذىء.

ومما سبق يتبين لنا أن اهتمام المسئولين بالشكاوى الكيدية التى تشير عباراتها إلى الكذب قد يؤدى إلى زيادة أعداد ممارسى هذا النشاط الذى يعرقل سير العمل. ومن الواضح أن تجاهل هذه الشكاوى ووضعها فى أقرب سلة مهملات هو السبيل الأمثل للقضاء على هذه الظاهرة التى باتت منتشرة فى بعض مجتمعاتنا. روز اليوسف، عدد 1141، 6 إبريل 2009، ص9.



#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أهالى النوبة ومنطقة كركر
- فرحة أهل النوبة... هل ستكتمل؟
- الفساد فى ولاية أوباما
- قضية الفرص الضائعة
- حرب غزة ومعايير النصر والهزيمة
- هل ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؟
- متى تتحد حركات المقاومة فى الأراضى المحتلة؟
- سقوط أقنعة وعمامات التحريض
- المتاجرة بدماء الفلسطينيين فى غزة... إلى متى؟
- مؤسساتنا التعليمية ومعايير الجودة
- هيكل وانتخابات الرئاسة الأمريكية
- ظاهرة المتناقضات فى الشخصية المصرية
- العنف من المدرسة إلى الشارع المصرى
- جامعة أسوان ... متى سترى النور؟ __1
- لايزال التحقيق مستمرا فى النوبة....
- سارة بالين: هل تصلح نائبة للرئيس الأمريكى؟
- مشاعر عامة الناس ومقتل سوزان تميم
- ملاحظات حول قانون المرور بعد تطبيقه
- الشركات المصرية الحديثة وحقوق المستهلك
- خطورة تعارض المصالح والاحتكار على مستقبل البلدان


المزيد.....




- الخارجية الروسية تستدعي السفيرة الأمريكية في موسكو وتكشف الس ...
- ??مباشر: صحة غزة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإسرائيلي إ ...
- بعد موت رئيسي.. الإيرانيون يتجهون إلى صناديق الاقتراع لاختيا ...
- منطقة الساحل بعد الانقلابات - بين الإحباط والصحوة
- موسكو تحمل واشنطن مسؤولية هجوم دموي بالقرم وتتوعد بـ-عواقب- ...
- Hello world!
- موسكو: ضلوع واشنطن في اعتداء سيفاستوبول واضح ولن نترك هذه ال ...
- مشهد مروع لسقوط مساعدات إنسانية فوق خيمة للنازحين وتسويتها ب ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي في داغستان إلى 20 وإصابة ...
- -فتح- تحمّل -حماس- مسؤولية -إفشال- جميع الحوارات السابقة


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - هل من سبيل للقضاء على الشكاوى الكيدية؟