أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المثقف وإبداع الأبد














المزيد.....

المثقف وإبداع الأبد


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 03:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن القيمة المادية والمعنوية لفكرة الأبد تقوم أولا وقبل كل شيء في تحريرها للحس والعقل من إشكاليات الأزل وتحقيقها عبره. فالأبد مستقبل. والمثقف المبدع مستقبل. والبدائل مستقبل. والحدس مستقبل. ومن جميعهم تتراكم إشكالية المبدع الكبير بوصفها إشكالية لا تنتهي. وفي عدم نهايتها تتجسد حدود الأبد. بمعنى أن المثقف المبدع يجسد في حياته وموته، حركاته وسكناته، ظاهره وباطنه حقيقة الحرية في الإبداع بوصفه موقف أبديا. وفيه ومن خلاله يحقق معنى الأبد في التاريخ. وهي الحالة التي تجعل منه روحا حيا.
فالإبداع الحقيقي ابدي بالضرورة. بمعنى انه لا يستمد أبديته من رغبة فردية أو سطوة خارجية، بقدر ما انه يتراكم من معاناة البحث عن بدائل عقلانية وإنسانية هي عين الحدس والمستقبل. وبالتالي، فان السؤال الحيوي لا يقوم فيما إذا كانت هناك ضرورة لأن يكون الإبداع أبديا أم لا، بل في كيفية تحقيق الأبد في الإبداع.
إن الأبد في الإبداع هو الاستماع لصوت الأبد، أي الاستماع لصوت الحق والحقيقة وتناسبهما الواقعي والتاريخي في رؤية البدائل الحرة. وهو سماع متنوع الأوجه والأشكال والمستويات، لكنه محكوم دوما بهاجس الحرية، بوصفها مرجعية الأبد التاريخي. إذ لا يمكن للمثقف المبدع الارتقاء إلى مصاف الأبد التاريخي دون أن يكون جسده في التاريخ وروحه في الأبد. بمعنى تحقيق فكرة الحرية في إبداعه الفرداني بوصفه توحيدا للجسد التاريخي والروح الأبدي، أي أن يكون تاريخيا في مواقفه، أبديا في روحه. وهي النسبة الأشد تعقيدا بالنسبة للإبداع، لكنها الطريقة الوحيدة المثلى والضرورية للارتقاء إلى مصاف الأبد في الإبداع، ومن ثم الإبداع الأبدي.
إن الإبداع الأبدي هو تأسيس دائم للحرية. ومن ثم فهو يحتوي في أعمق أعماقه على أولوية وجوهرية الأنا الحرة. والأنا الحرة هي "أنا الحق"، أي الأنا المبدعة بمعايير الحقيقة. وفيها ومن خلالها تتراكم هوية المثقف الحر. فالإبداع الأبدي حرية بلا حدود، أي لا يحده شيئا ولا يقيده غير الحقيقة واستظهارها في المواقف والأعمال والأقوال. وحالما تبلغ الأنا المبدعة هذه الحالة، عندها تأخذ في الذوبان والسريان في مكونات الحق، بوصفه النسبة الضرورية للتجانس (الهرمونيا). وهي الخاتمة التي تحيي في الأنا مشاعر الأبد، أي تحررها بصورة نهائية من ثقل اليأس والقنوط وأشكال الرذيلة الأخرى، وتجعلها أشبه بالحياة، أي تجسيدا للفضيلة. ومن الممكن تأمل هذه الحالة في تجاعيد الزمن العراقي ورسم ملامحه القادمة في تاريخ المستقبل. كما يمكننا رؤيتها في كل مظاهر الانحطاط، بدأ من التفكير والتفكير ونمط الحياة وانتهاء بسقوط العزة القومية والإنسانية.
ومن الممكن أن نأخذ من مثال التعبير في اللغة نموذجا. فمن المعلوم، أن لكل لغة تاريخها في الخط والعبارة. والعربية دون شك هي من بين أكثر اللغات العالمية عراقة وتاريخا، بمعنى تراكما في البنية والصورة والمعنى. وليس ذنبها في أنها الآن غريبة بين أتباعها فيما يتعلق بالقدرة على استعمالها والتعبير عنها بها. وهي ليست ظاهرة عجيبة أو عصية على الفهم. لكنها مثيرة للشفقة أحيانا، ولعزيمة الانتفاض أحيانا أخرى. فعندما زرت اليونان للمرة الأولى عندما كنت طالبا (في كلية الفلسفة)، فان السؤال الذي راودني آنذاك هو "هل أن هذه الأرض فعلا هي التي أنتجت أساطين الفلسفة؟ وهل أن أرسطو وأفلاطون وعشرات أمثالهم من هنا؟" بحيث جعلتني هذه الحالة اشعر بقدر من الاطمئنان إلى أن حالة الخراب عندنا لها ما يعادلها في التاريخ والمعاصرة!! كما أنها قابلة للتغير والتبدل. وهي أمور معقولة بمعايير التاريخ ومقبولة بمعايير المطلق. لاسيما وان المطلق قادر على الاستخفاف بكل موجود بوصفه جزيئة، والاعتزاز بها بوصفها مظهر وجوده. فهي معادلة لا يحلها الجبر ولا تطيقها الهندسة، ويقبلها العقل بمعايير "الوجود خير من العدم"، ويتلذذ فيها الحدس عندما يرى نفسه أبهاما يمهر الحياة بختم النجاة من هول الوقيعة في هوانها. وهو سر اللذة التي يشعر بها المثقف عندما يتفرد لحاله بحاله، ومظهر العزة التي ينبغي أن يحقق وجوده من خلالها. أما سرّ وجوده الحقيقي (الأبدي)، فيقوم في تجاوز الزمن إلى التاريخ ومنه إلى الروح. بمعنى بلوغ الحالة التي تجعل كل ما فيه اقرب ما يكون إلى سريان الوجود في الوجد، والخرير في الجداول، والصبا في الصبايا!! فهي الحالة التي تنأى به عن الرجوع دوما إلى قواعد الدليل لإثبات بديهيات الوجود والتاريخ. وتضعه عوضا عن ذلك أمام مهمة البرهنة العملية على أن الإبداع الحقيقي سرّ يتكشف معناه في مجرى معاناة الأجيال والأمم لإدراك أبعاده الأبدية، أي غير المتناهية.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموجة الأخيرة للزمن الراديكالي
- طوفان الزمن الراديكالي وبداية التاريخ العقلاني
- المثقف ومرجعيات الروح المبدع
- المصالحة الحقيقية وأشباح الموتى!
- الزمن الطائفي والتاريخ العربي
- الحركة الصدرية – (تيار الداخل) وصعود الباطن العراقي(4)
- مقدمات المعترك السياسي والأيديولوجي للحركة الصدرية(3)
- الحركة الصدرية-غنيمة الزمن العابر وتضحية الانتقام التاريخي ( ...
- مقتدى الصدر - ميتافيزيقيا الثورة الصدرية( 1)
- المركز السياسي والمركزية الثقافية
- كتاب (العراق والمستقبل – زمن الانحطاط وتاريخ البدائل).
- الدكتور علي ثويني – الفكرة المعمارية وهندسة الروح العراقي
- حدود الصراع الروسي الجورجي وتجارب -الثورات الملونة- (1-2)
- نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (2-2)
- نهاية الزمن العرقي (الكردي) في العراق (1-2)
- نهاية الزمن الطائفي في العراق
- تقسيم العراق – يقين الأقلية العرقية وأوهام الطائفية السياسية
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- العراق ومرجعية الرجوع الى النفس
- (أشجان وأوزان الهوية العراقية) كتاب جديد لميثم الجنابي


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المثقف وإبداع الأبد