|
للعراقيين فقط: بغداد تكتب، تطبع، وتقرأ....
ميثم لعيبي اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 07:01
المحور:
الادب والفن
سأراهن على فطنة القارئ العراقي وأقول إن ثمة مقولة - ومن دون ذكرها - يتداولها الشارع العربي كمسلمة، من الممكن القول الآن إنها صارت بالية أو صار لزاما تعديلها، وذلك بعد التطورات الهائلة التي شهدها هذا البلد الكبير بعد نيسان 2003 وصولا إلى 2009 ومرورا بسنوات الظلمة والتنوير و (صاعدا). فرضيتنا الأساس هنا تقول، إنه مثلما غيرت أحداث 11 أيلول وجه العالم، فان 9 نيسان 2003 هو حدث سيغير صورة العراق بالكامل،. لقد احدث هذا التاريخ انقلابا خطيرا سيلغي الكثير من المفاهيم والمقولات الجاهزة، والمقولة التي نحن بصددها هي واحدة من تلك المفاهيم التي سأنقضها حالاً. نعم، فالذي يسير اليوم في شارع عريق مثل شارع المتنبي، من شوارع بغداد، يكتشف بسهولة حقائق هائلة : إن الشارع استعاد عافيته بسرعة مذهلة ويرتاده عدد كبير من الزوار، خاصة يوم الجمعة، فقد اثبت الشارع إن الثقافة في بلد مثل العراق لن يوقفها قلة من المؤمنين بتفجيرات الجسد، وثمة معالم أضيفت إلى الشارع جعلته ينبض بروح جديدة، حيث بيت المدى للثقافة والفنون وهو أشبه بالمنتدى الثقافي والتراثي ومعرض لأحدث الكتب الثقافية وأيضا كاليري تعرض فيه صور شخصيات ثقافية بارزة، فإذا تمشيت في الشارع وصولا إلى ضفاف دجلة وجدت تمثالا شاخصا للشاعر الكبير المتنبي وهو يقف معانقا السماء ومواجها الريح ، ثمة أيضا في نفس المكان ظاهرة جديدة، حيث تجد جمعا من العازفين والمغنين وسط حشد من الجماهير يترأسهم عازف للسنطور والكل يشدو بأغنيات عراقية فلكلورية. المهم في الأمر إن ثمة عدد هائل من الكتاب العراقيين تملأ أسمائهم عناوين الكثير من الكتب المرصوفة على أرصفة الشارع، عناوين في مختلف الاختصاصات، هذا فضلا عن الكثير من الترجمات والتحقيقات والشروح. لا نقصد طبعا إن العراقي لم يمارس الكتابة قبل هذا التاريخ، فهو الذي علم الحضارات مسك القلم. ومنه انبثقت أول المكتبات. لكن ما نود التشديد عليه هو العدد المتزايد من المبدعين العراقيين الذين صرنا نعرف عنهم جديدا كل يوم، سواء من مثقفي الداخل أم الخارج، النقطة الأخرى المثيرة للانتباه أيضا، إننا صرنا نقرأ عن مبدعين من طوائف وقوميات عراقية مختلفة، بدأت الثقافة تطلع في بقاع مختلفة من ارض الوطن... يبدو إننا إزاء مشهد ثقافي جديد، يعكس ازدهار ثقافة حقيقية، صار واحدا من أهم معالمها هو التنوع. ثمة ظاهرة أخرى لصيقة بالكتابة ألا وهي الطباعة. وأنا أتجول في ذات الشارع / الشاعر، لفتني أن الكثير من الكتب، مطبوعة داخل العراق، الطباعة فاخرة وأنيقة، ولا تقل جودة عن مطابع بيروت، وغيرها... الكثير من المطابع الحديثة بدأت تنتشر في أماكن مختلفة، فثمة في بغداد دور للنشر، وهي مدعومة كما يبدو من مؤسسات ثقافية عراقية، كذلك الأمر في اربيل، حيث استخدم أسلوب المشاركة مع دور نشر عربية معروفة ومرتبطة بمؤسسات فكرية عربية عريقة. وأنا أعود بالتاريخ إلى أيام التسعينات مستذكرا أوقات الحصار، وما رافقه من منع وصول الكتب والمطبوعات إلى الداخل، استحضرني إصرار المثقف العراقي على مواصلة الإبداع، حيث برزت حينها ظاهرة طباعة الكتب والدواوين الشعرية بطريقة الأوفست البسيطة، وهي وسيلة استطاع من خلالها المثقف إيصال رسالته إلي الآخرين ولو بأعداد محدودة يمرر من خلالها المثقف منشوره إلى المعارف والأصدقاء، وهي طباعة ذات تكاليف بسيطة، في ذات الوقت تمكن المثقف من الإفلات من سلطة الرقابة القسرية. فإذا رجعنا بالتاريخ إلى ابعد من ذلك، بداية النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي تحديداً، أمكن القول إن تاريخ الطباعة في العراق يرجع إلى عام ( 1816 م ) حيث ثمة دراسات أولية تدل على وجود مطبعة حجرية في بغداد كانت تطبع صحيفة (جورنال العراق ) التي أسسها داود باشا الكرجي. كذلك مطبعة دار السلام وهي أيضا من أوائل المطابع الحجرية التي عرفها العراق وكان موقعها في مدينة الكاظمية وبها طبع كتاب ( دومة الزوراء في تاريخ وقائع الزوراء ) لمؤلفة الشيخ رسول أفندي الكركولي وذلك عام ( 1821 م ). ولسنا نغالي في القول إن تاريخ الطباعة في العراق موغل في القدم، فقبل خمسة آلاف سنة كان ظهور الأختام الأسطوانية باعتبارها أولى البدايات في فن الطباعة باستخدام الحروف المعدنية المتفرقة. الشق الثالث من المقولة هو فعل القراءة، وهو فعل لن احتاج إلى كثير من الجهد لإثباته لأبناء الرافدين، يمكنك الرجوع صديقي القارئ - واشدد على القارئ- إلى اصل المقولة التي تنتهي بـ.... وبغداد تقرأ.
#ميثم_لعيبي_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعاني الجانبية (للصبات ألكونكريتية) من الحقن الطائفي الى ا
...
المزيد.....
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|