محمد عبد الرحمن يونس
الحوار المتمدن-العدد: 796 - 2004 / 4 / 6 - 08:18
المحور:
الادب والفن
أبو علي سبعيني العمر .. طلّق زوجته للمرة الثالثة , ثمّ عقد عليها للمرة الرابعة .. يحب الله كثيرا , والنبي والأولياء الصاحين , والمنجمين , والتجار أبناء كاره . ويغازل الزبونات اللواتي يجتمعن صباح كل يوم لشراء البصل الأخضر والبيض الفاسد , بكلمات غزل سحريّة , تصف أجسادهن البضّة , وعيونهن الساحرة؛ ويؤكّد للخلص من المقربين أنّ هذه اللغة هي التي تجعله يبيع بيضه الفاسدة، ومن دون معاناة تذكر.
سبّحته ذات المائة حبّة تتدلى من جيبه , وعندما يخرج إلى الشارع يجعل حباتها تدندن أمام النساء , بأجمل الأدعية المستجابة , وأكثرها تضرعا . يبان من تحت عباءته سروال قطني أبيض يرسم خطوطا متداخلة، وقد اجتمعت حول كمان تعوّد العزف في أوقات الصفاء والسكينة , وقد استطال حتى وصل إلى قدميه . وما إن يحضر في أي مجلس من مجالس المدينة ومناسباتها حتى يصرّح بأن النبي محمد صلوات الله عليه وسلامه , تزوج سبع عشرة مرة , ويعلن عزمه على الإقتداء بسيرته الحميدة ، إلاّ أن أم علي العارفة بأخبار زوجها وسيرته تؤكد أنه رجل كلام لا أفعال , وهو لا يقترب منها إلاّ مرة في الشهر , غير أنّ زبونات حانوته يستغربن : كيف له كل هذه القدرات على التغزل بهنّ غزلا يصل أحيانا حدّ الفحش الذي ألفته المدينة ونساؤها في الآونة الأخيرة.، ولا يستطيع الاقتراب من زوجته .!
ترقد أم علي على الدكة الخشبية ، وقد ربطت سروالها بخيط من القنب، ووضعت فيه الليرات الذهبية العثمانية .. بجوارها مجموعة من الجرائد القديمة , ومجلة الشبكة , ونادين ، واولمبياد الكرة، فوقها رزنامة قديمة نقشت بصورة ميرفت أمين وقد تهدّلت ملاصقة لرأس عنكبوت بريّ انهمك في رسم أحلامه العريضة.. تتأمل الصورة , وبحسرة تعلن : إنها كانت أجمل بمائة مرة من ميرفت أمين , عندما كانت شابة في مثل سنها.
لأبي علي ست بنات شابات يتناوبن البيع , وينهمكن معظم الأحيان في تبادل الشتائم مع والدتهنّ الجميلة .. ومنذ افتتاح الحانوت وتدشين الشارع الذي شرّفه الوالي بطلعته البهيّة ، تحيطه عشرون جارية , وألف راية تخفق، وهن يحلمن بفارس أبيض ، وسرير وثير وجميل , ولا يحدث صريرا واهتزازا ساعة تشتعل الأجساد , وخزانة بخمس طبقات , ونجوم , وشمس ولآلئ .
انــــــــــــتهت
#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟