أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير العبيدي - السياب المرتد بين عاكف و القاعود 2















المزيد.....

السياب المرتد بين عاكف و القاعود 2


منير العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2597 - 2009 / 3 / 26 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب السيد عدنان عاكف تعليقا مطولا على القسم الاول من هذا الموضوع المنشور في الحوار المتمدن أشار في مطلعه إلى أن الكثيرين قد كتبوا حول موقف الحزب الشيوعي من شعر السياب جاعلا اياي ضمن هؤلاء . و بهذه المناسبة اود ان اوضح ما يلي :
1ـ ما كتبته في مقالي آنف الذكر ليس له علاقة بموقف رسمي للحزب ، فأنا لم أسمع بوجود موقف رسمي محدد ، و انما ينحصر بما كتبه السيد عاكف نفسه من جهة ، كما انه من جهة اخرى يتناول المواقف الشخصية لبعض الأوساط الحزبية و خصوصا في مجال المثقفين .
المعيار العقائدي الذي اشرنا اليه في الحكم على شعر السياب كان قد اعتمده السيد عاكف نفسه ، كما اعتمدته بعض هذه الاوساط و إن هناك اتجاهات متباينة من هذا الموقف داخل أي حزب و هذا أمر صحي .
بذلك نلاحظ بأسف أن السيد عاكف يحاول أن يجعل نفسه في خانة الحزب و يجعل من مخالفيه خارج هذه الخانة بتقويلهم ما لم يقولوا. لا شك انه يعرف ان الحزب ملك الجميع و خصوصا أولئك الذين ضحوا في سبيله و عملوا في صفوفه .
و لكن هذا لا يلغي بل يستوجب تأدية الواجب الفكري و إنضاج النقاش حول مجمل القضايا من اجل دفع مسيرة الحزب و الشعب إلى الأمام ، فلا أحد في نقاشنا هذا مع الحزب و لا احد ضد الحزب ، ما هكذا تؤخذ الأمور ، لا يوجد هنا سوى إطار فكري للجدل من اجل الاقتراب من الحقيقة .
2 ـ إن أفضل ما كتبه السيد عاكف في مقاله هو ما ذكره من أن السياب اقرب إلى الشيوعيين من القاعود و هو بذلك عل حق تماما ، و كنت أتمنى أن تسود هذه الروحية المقالة التي كتبها ، و لكن ما كتبه لاحقا و خصوصا اتهامه للسياب بالارتداد ، و التعليقات المتشنجة التي وردت من بعض المعلقين و منها تلك التي تتهم السياب بالخيانة مثل تعليق السيد عبد العظيم هو ما يعطي خصوم اليسار الفرصة لاختطاف السياب من وسطه الذي أحبه وتربى في كنفه لحقبة من الزمن . أتذكر بهذا الصدد ما كتبه احد الثوريين الروس قائلا للكتاب الثوريين الروس : لا تدعوا النقاد البرجوازيين يسرقوا بوشكين منا ، داعيا إلى اعادة قراءته بطريقة ايجابية .
3 ـ أتمنى من كل قلبي أن يكون ما كتبه السيد عاكف عن ارتداد السياب مجرد هفوة ، كما اعتبرها هو في تعليقه ولكن الأمر لم يكن على هذا النحو للأسف . إن أية قراءة للسياق الذي وردت فيه لا تترك أي مجال للشك في أن اتهام السياب بالارتداد هو نهج فكري راسخ للأسف و لا زال مستعملا على نطاق واسع و قد أعطى السيد عاكف تفسيرا وتبريرا تفصيليا لمثل هذا النعت بواسطة الإشارة الى انتقال السياب من الموقف الاممي الى الموقف العنصري القبلي حسب صياغته .
و لقد كتبت شخصيا العديد من المقالات التي أدعو فيها إلى جعل التجديد الذي يسعى له الحزب ابعد من جانبه الشكلي الذي تسعى له بعض الأوساط المحافظة و من ضمن ذلك دعوتي الصريحة الى التخلي عن اتهامات الارتداد و التحريفية لأن مثل هذه النعوت ، رغم انها في كل الاحوال غير مبررة ، كانت ضمن الصراع الضاري الذي خاضه لينين في مرحلة التأسيس و ما تعرض له من تحديات فكرية تأسيسية . ان من المعروف ان التجديد قد شمل التخلي عن اللينينية و لكن الامر ينبغي أن لا يتوقف عند هذا الحد بل ينبغي القيام بجرد كامل للمفردات و انماط التفكير التي لم تعد تتلائم مع عصرنا كما اشرت في هذه المقالات .
من الملاحظ إن أغلب الذين ينعتون مفكري الشيوعية و اليسار العالمي بالارتداد لم يقرئوا أيا من كتبهم .
4 ـ لم ترد في مقالي اية اشارة الى مجلة شعر و غيرها و لا داعي لأن أعود الى ما كتبه ناجي علوش لأنني اعتمدت بشكل شبه كامل على البناء الفكري لمقال السيد عاكف .
لا اعتقد ان القارئ سوف يغفل عن الفقرة التي كتبتها بهذا الخصوص و قد ورد فيها ما يلي عما كتبه السياب :
" إن ما كتبه السياب و ما كتبه على إثره القاعود هو تهجم و تشويه لسمعة حزب ذي تراث فكري و نضالي حافل "
ثم كتبت بعدها الفقرة التالية :
" انشغل موضوع السيد عاكف كثيرا بما ذهب إليه القاعود ، رغم أن ما كتبه القاعود مستهلكٌ و مكرر و غير ذي قيمة و قد سمعنا منه الكثير في فترات كثيرة من تاريخنا ، أقصد ما قام به من تشويه لسمعة فكر سياسي ذي تاريخ مجيد و الإصرار على النغمة البالية بأن هذا الفكر لا يتماشى مع تعاليم الإسلام ، هذا الخطاب المستهلك لم ينطل على احد في السابق و لن ينطلي على احد الآن و لا في المستقبل ، و القاعود لا يضيف شيئا . "
و في هاتين الفقرتين كنت واضحا بما يكفي لكي أبيّن ان ما كتبه السياب عن الحزب الشيوعي لم يحتوي على أي نقد حقيقي أو قيمة فكرية و لم يكن سوى تهجم و أن الحزب هو حزب ذي تراث فكري و نضالي حافل . فلماذا يتجاهل السيد عاكف ذلك و لماذا يحاول ان يجعل من الحزب حزبه و يكرر نفس النمط الفكري الذي جرنا الى المأساة و هو أن كل فكر مختلف هو فكر معادٍ ؟

الفكر القومي و الفكر الاممي
كانت هذه باختصار هي المحاور التي ناقشنا فيها مقال السيد عاكف. بقيت نقطة لم نتطرق لها و هي نقدنا كماركسيين للفكر القومي و فكر الإسلام السياسي و ضمن إطار الفكر الجدلي .
نَقدَ ماركس الفكرَ القوميَ طارحا بديلا هو الفكر الاممي ، فمفكرٌ كبير مثل ماركس لا ينقد ظاهرة ما طارحا الفراغ كبديل لها ، بل يرى العناصر الناشئة المرشحة كبديل حتى و إن كانت في طور النشوء ، و قد وجد ان الفكر القومي و تأسيس الدولة الوطنية يتلائم مع مرحلة نشوء السوق الوطنية في اعقاب نمو رأس المال و انحسار علاقات الإنتاج الإقطاعية و الأنظمة التي تمثلها وخصوصا الدلالات السياسية لقيام الثورة البرجوازية الفرنسية عام 1789 .
و بذلك يكون الفكر القومي متقدما على الفكر الكنسي الاقطاعي و لكنه رجعي بمعيار الفكر الاممي الذي وجد ماركس انه ملائم للاصطفافات الطبقية الجديدة و ظهور الطبقة العاملة كقوة فاعلة في المجتمع ، و هذا مثال للفكر الجدلي الذي يرينا من اية زاوية ينبغي لنا ان نتناول ظاهرة ما .

الفكر القومي العربي
سجّلُ الأنظمة العربية القومية لم يكن دائما سجلا مشرفا خصوصا في الموقف من الديكتاتوريات التي سامت شعبنا العذاب و كذلك الموقف من القوميات الأخرى غير العربية ، و إن النقد القاسي لها كما للعديد من المثقفين القوميين مبررٌ و مشروع .
و لكن تقويض الخطاب القومي يجري اليوم من اجل الانتصار لاتجاهات أخرى ليست أفضل منه و ليس من اجل البديل التقدمي بل من اجل الفكر الطائفي و تقويض الإطار الوطني كما في العراق و بلدان اخرى في المنطقة . يحتم هذا علينا أن نأخذ الأمر بأقصى درجة من الحساسية و الحذر لأن الأمر يتعلق بالكيان العراقي .
تسعى دول مجاورة الى تقويض الولاء الوطني والقومي من اجل خلق مناطق نفوذ قائمة على تعزيز الولاءات الطائفية و تشن هجومها على الثقافة العربية و يجرى الدعوة الى الفكر الإسلامي كبديل .
و لكن الحقيقة ان دول المنطقة الرئيسية المحيطة بالعراق ليست معنية بالفكر الإسلامي بمعناه العام و المنفتح ، بل هي معنية بالفكر الطائفي الذي تم تكييفه في بعض هذه الدول لكي يكون هوية قومية أكثر مما هو فكر إسلامي و كل طرف من هذه الأطراف يدّعي أن ما لديه هو الإسلام الحقيقي ، وقد رحب طائفيون من مختلف الأطراف بالخطاب الطائفي القادم من هذا الطرف أو ذاك على حساب الخطاب الوطني بصراحة و بدون لف او دوران و سفهوا في كتاباتهم و تصريحاتهم تعبير " العراق " و رفضوا الإعتراف به كإطار للتعايش المشترك و دعوا صراحة و ضمنا إلى إلغاءه.
و لكن أطرافا يسارية شاركت للأسف في الهجوم الذي شُنّ على الثقافة العربية و على الاطار العراقي بعضهم مدفوع بالنية الحسنة و كرد فعل على السجل غير النظيف للأنظمة العربية و تجاربنا المرة معها دون يأخذ هذا البعض بنظر الاعتبار أن محيطنا العربي ضروري لخلق توازن إقليمي لكي نعيش مع المحيطين العربي و الإسلامي بتوازن .
و لكي أكون واضحا فأنا لا أقول إن السيد عاكف قد تبنى هذا الموقف ، كلا ! و لكني اقول أن الفكر القومي ليس فكرا عنصريا قبليا و هذا الوصف الذي اطلقه السيد عاكف على الفكر القومي ليس دقيقا وفق احسن التفسيرات ، انا هنا ادعو إلى اعتماد جدلية ماركس في وصفه لتعاقب الأنظمة الاجتماعية و بذلك لا يكون شيئا ما حسنا أو سيئا ، تقدميا أو رجعيا بشكل مطلق و مجرد و انما فقط ضمن الظرف الملموس و كذلك بالمقارنة مع بدائله المتاحة .
اذا كان الخيار مطروحا بين فكر قومي و فكر طائفي ، و هما خياران مران في كل الاحوال ، فسأقول إن فكرا قوميا لا يقوض الكيان الوطني أقل شرا من فكر طائفي يزرع الشقاق بين ابناء الوطن الواحد بل بين الساكنين في شارع واحد و بين أبناء العائلة الواحدة في العراق المتنوع .
و لكني أقول أيضا ان فكرا قوميا يعتدي على القوميات الأخرى و يتنكر لحقوقها و لا يسعى الى التعايش معها هو فكرٌ مرفوضٌ بنفس القدر .
إن ما اعتبرتُه مجاملة للفكر الإسلامي على حساب الفكر القومي يسعى إلى القول بأن الفكر الإسلامي ليس بديلا صالحا للخيبة التي لحقت بنا من الفكر القومي العربي و رغبت أن اعبر عن رأيي بضرورة الحذر من التمادي في التماهي مع الفكر الإسلامي من قبل بعض أطراف اليسار .



#منير_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياب المرتد بين عاكف و القاعود
- - أكتب على يد عادل السليم - للكاتب الكوردي كاروان عمر كاكه س ...
- حين يكون الجلاد مثقفا
- المثقف العراقي ، مجدٌ ولكن بعد الموت فقط
- المالكي من المشروع الطائفي إلى المشروع الوطني
- لماذا لم أعد راغبا في الكتابة في الحوار المتمدن
- القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية و موقفها من المجت ...
- القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية و موقفها من المجت ...
- القوى السياسية الفاعلة على الساحة العراقية و موقفها من المجت ...
- هوركي أرض آشور رواية جديدة
- الحكومة العراقية تتحالف مع عتاة اليمين المعادي للاجانب في ار ...
- بيتي الوحيد الحزين
- الكسب الحزبي
- كاسترو : خمسين سنة في السلطة و لكنه ليس ديكتاتورا !!
- كيف يمكنك ان تدير موقعا الكترونيا - بنجاح -
- العقل الحزبي و المجتمع المدني
- قصيدة بالألمانية للشاعر كريم الأسدي
- ليالٍ من عاصمة كانت على قيد الحياة
- من أجل يسار جديد الجزء الثالث
- من أجل يسار جديد الجزء الثاني


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير العبيدي - السياب المرتد بين عاكف و القاعود 2