|
انظمة الحكم المستبدة تحتٌم على المعارضين استغلال كافة الوسائل لاسقاطها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2590 - 2009 / 3 / 19 - 10:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد تغيرت الاوضاع العالمية العامة ، و بانت تاثيرات التقدم العلمي بشكل واضح على كافة شعوب العالم و بنسب متفاوتة . و لا زالت بعض الشعوب ساكنا تتراوح في مكانها دون ان تتحرك في الوضع الذي استقرت حالها فيه منذ امد بعيد . بعد الحوادث و الظواهر العديدة التي حدثت خلال السنين المنصرمة الاخيرة في هذه المنطقة ، تركت عوامل و اثرت بشكل فعال على حال و معيشة المجتمعات بشكل عام . اضافة الى التغييرات في الاوضاع السياسية العامة ، فان المستوى الثقافي و الاقتصادي تابعها في التغيير ،مما حدى بالتغيير الاجتماعي الملحوظ في العديد من الجوانب . و مهما حاولت الحكومات و السلطات المنغلقة على نفسها ان تسد الطريق امام المؤثرات الجارفة الكبيرة في جدار المعوقات التي خلفتها الانظمة الاستبدادية التي تمنع حتى نسمات التغيير ان تهب على اجواء شعوبها ، فان رياح التغيير هبت بشكل واسع على كافة المناطق . وفي الدول ادكتاتورية و كما نلاحظ ان النتيجة هي انعدام الحرية و فرض الكبت و الطغيان و الاحساس بالغدر و المظلومية من قبل الشعوب المغلوبة على امرها . و بدلا من ان تصرف هذه السلطات جهودها و امكانياتها في مجال يوفر سبيل التطور و ضمان مستقبل اجيالها، فانها تستغل معظم امكانياتها لكتم الافواه و تستغل اي طريقة لفرض العبودية و اهدار الاقتصاد و اموال الشعب من اجل بقاء دولهم على ما هو عليه ـ و المهم عندهم انهم يعملون بكل ما لديهم من اجل بقاء سلطاتهم و مصالحهم الضيقة الشخصية كانت ام الحزبية ، و مهما كانت النتائج يلتصقون بالايديولوجيات المقيتة النافذة التاريخ و المضمون . و انها تتنازل بكل ما لديها من اجل بقائها و تستغل الامكانيات المتوفرة لديها بشكل خاص في قمع المعارضين لها و بكل ما امكن من الوسائل، و كم يشبه العصر في هذه المنطقة بما مر به الشعوب الاخرى في المراحل التاريخية الغابرة و كاننا نعيد ما مرت به الشعوب دون ان نستفيد من تجاربهم و نتجاوز سلبياتهم . وفوق هذا ان هذه الانظمة تستعمل جيوشها الجرارة و قوتها الغشيمة و بكل بجاحة و صفاقة في كبت الاحرار و كتم الاصوات الصادرة من المطالبين بالتغيير و الديموقراطية والحرية ، و انها تعتمد على الافكار و العقائد البالية حقا في تحقيق الاهداف الضيقة و التضليلية ، ضاربة الحقوق الانسانية العامة و سعادة شعوبهم عرض الحائط ،و هم يستغلون اية فرصة للتنفيس و كسر الطوق حول اعناقهم و بتكتيكات معلومة . و هنا المصالح المشتركة للبلدان تفعل فعلتها في التستر على ما تقرفه ايدي الحكومات الظالمة ، و الشروط التي تفرضها هذه الحكومات في الصفقات السياسية و الاقتصادية ، وهي بالضد من مصالح شعوبهم الاستراتيجية و لمصلحة بقاء الحكومات الغادرة وانتعاش اوضاعهم و قيامهم من كلنكبات و نكسات و على حساب الحرية و الديموقراطية و التقدم و السلم الداخلي و التعددية و الحوار و التسامح و الخطوات الصحيحة لتقدم اي اي شعب في مسيرة حياته . و ان كان البلد و الحكومة و السلطة الدكتاتورية تسد كل السبل و تمنع كل الوسائل للحوار و اعادة المجتمع الى وضعه الطبيعي من اجل التقدم و التطورو ضمان مستقبل اجياله ، فلم تبق امام المعارض الوطني اامخلص اية مجال او طريقة للتعامل مع هكذا سلطات ، و ان كانت امكانياته و قدرته غير كافية لمقارعة النظام المستبد لوحده و في فترة محددة ، فكيف به ان يتصرف ، اما يستسلم للامر الواقع و ينتظر المفاجئات و الحوادث الطارئة ، و هذا غير وارد في اكثر الاوقات في العمل السياسي و خاصة في المعارضة الفعالة ، و اما تتحتم عليه هذه الظروف التعامل مع القوى الخارجية و يُجبر على طلب المساعدة ، او يساعد هو الاخرين على حدوث الفجوات في الجدران الحديدية الملتفة حول الانظمة القمعية و المحافظة على سلطتها بها ، اي قبول التدخل الخارجي لاسقاط مثل هذه الانظمة الحاكمة كما حدث في العراق و من المؤمل حدوثه في دول اخرى و باشكال و وسائل اخرى ، و ليس بشرط ان تكون امريكا هي الطرف المساعد دائما . و لم يحدث هذا الا وفق مصالح مشتركة لمن يريد انهاء الاستبداد و الحكم الدكتاتوري في بقاع العالم استنادا الى الثقافات العلمانية التقدمية الحديثة التي تستند على ضمان حقوق الانسان و الحرية و الديموقراطية و بناء المجتمع المدني الديموقراطي العلماني . و هذا ممكن حقا و لكن بخطط و برامج دقيقة مضمونة المستقبل من غير الافرازات و التداعيات كما حدثت في العراق و لاسبابها الموضوعية و الذاتية المعلومة ، و من المعوقات الاقليمية التي عرقلت استقرار الوضع و ترسيخ المباديء التقدمية العامة لاسباب ايديولوجية سياسية بحتة . اما المرحلة التاريخية الحالية و بعد نشر الافكار و الثقافات العالمية يمكن ان تكون محطة تاريخية للانتقال الى العصور الاكثر تقدما و ضامنا للحقوق العامة و خطوة اساسية للاقتراب من تحقيق التساوي و العدالة الاجتماعية ، و هي الهدف الاسمى للشعوب دون تمييز و تفرقة ، اي الدعم و المساهمة الخارجية وفق شروط و اسس مسبقة يمكن الاستفادة منها ، و بها يمكن التخلص من الانظمة المقيتة ، و من اجل تمهيد الارضية و الوضع المناسب لاقامة مجتمع مدني ديموقراطي و بارادة و عمل ذاتي و فكر و عقلية منبثقة من الافكار الانسانية الضامنة لمستقبل اجيال وشعوب تلك البلدان المحكومة بالحديد و النار ، و بالاخص في الشرق الاوسط . اي من الممكن الاختيار بين البقاء تحت نير الظلم و الاستبداد و اتخاذ الخطوة التكتيكية الفعالة لاحداث التغيير في الوضع القائم و من ثم التركيز على فرض الارادة التقدمية و الفلسفة العلمية المنورة في طريق تحقيق الاماني و الاهداف العامة لكافة الطبقات و الفئات و في مقدمتها الطبقة الكادحة و الفقيرة المعدمة من خلال فرض اليسارية الواقعية نفسها على الارض .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصالحة غير المشروطة مع البعث نكوث بالعهود الديموقراطية
-
الدولة المدنية تستوعب اليات ضمان الحقوق المختلفة للمجتمع
-
المدارس المختلطة تزيد فرص الابداع على المدى البعيد
-
دور المراة الهام في تحقيق دولة مدنية حديثة
-
النظام الديموقراطي ضامن لبقاء المجتمع المدني في كثير من المر
...
-
من اهم مهامات اليسار في المرحلة الراهنة، الواقعية و الاعتدال
...
-
مابين الليبرالية و اليسارية و الديموقراطية
-
المجتمع بحاجة الى المؤسسات و العقليات الثقافية التقدمية اكثر
...
-
اصرار البرلمان الكوردستاني على القائمة المغلقة للانتخابات ال
...
-
ما النظام السياسي و الحضارة التي تنصف المراة و تضمن حقوقها ؟
-
تمسك المراة بالروحانيات عادة مكتسبة
-
الشفافية تزيل الشكوك و الخوف من مجريات العملية السياسية الرا
...
-
العراق بحاجة ماسة الى اعادة التاهيل السياسي و الثقافي
-
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
المزيد.....
-
مصدر أمني لبناني لـ CNN: حزب الله اشترى أجهزة -البيجر- المتف
...
-
أجهزة الإعلام الروسية وأذرعها.. آليات صنع التضليل ونشره
-
بيان مصري بشأن انفجار أجهزة اتصال في لبنان
-
أنباء عن إحباط محاولة اغتيال أفيف كوشافي على يد حزب الله ا
...
-
9 قتلى ونحو 3000 جريح في سلسلة انفجارات أجهزة اتصال بلبنان
-
مصر تبدي استعدادها لتقديم المساعدات اللازمة لعلاج مصابي تفجي
...
-
واشنطن تنفي أي صلة لها بتفجير أجهزة الاتصالات في لبنان
-
سيمونيان تسخر من محاولات الولايات المتحدة تحريض الدول لفرض ع
...
-
الجهاد الإسلامي: واثقون أن المقاومة في لبنان وسوريا سترد على
...
-
إعلام إسرائيلي يحدد نوع المادة الحساسة المستخدمة لتفجير أجهز
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|