عبد صموئيل فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2589 - 2009 / 3 / 18 - 08:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القرار الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية ضد السفاح السوداني عمر البشير والذي رجع بنا إلى الزمن الجميل الذي كان يقف فيه السفاح العراقي السابق صدام حسين يلوح بسلاحه ضد الغرب في تحدي واضح للشرعية الدولية، فها هو نفس المشهد يتكرر مع سفاح آخر ولكن من نوع أشرس من صدام حسين، ولكن الفرق أنه متخفي ولا يوجد ما يظهر أعماله الوحشية.
فضحايا البشير وإجرامه الوحشي في دارفور يتعدى النصف مليون ضحية في هجمات كانت تشنها القوات السودانية أو المليشيات التي تعمل تحت أجندة الجيش السوداني، كل هذه القوى كانت متجهة إلى إبادة إقليم دارفور إبادة كاملة لولا الصحوة الغربية المفاجئة بإعلامه الغربي والذي سلّط الضوء على هذا الإقليم الذي كان يصارع مع قوى الشر والظلم، ومع كل ذلك لم يرضخ السودان بنظامه الفاشي إلى النداءات الدولية بالكف ورفع الأيدي عن أهالي دارفور، بل ظل السودان حتى قبل أن تصدر المحكمة الدولية مُذكرة التوقيف ضد البشير بأسبوعين وهو يشن غارات جوية ضد أطفال ونساء الإقليم في تحدِ صارخ لصوت الرحمة والإنسانية.
وما يعصر القلوب بالأكثر هو التضامن العربي وإن كان لم يخرج عن كونه تصريحات لكن للأسف يجعل من العرب أجمعين هم مشتركين في هذا الجرم الرهيب الملوث بدماء الآلاف من النساء والأطفال والرجال، ولكن هذا ليس بغريب على الحكام العرب فهي كلها أنظمة فاشية ديكتاتوريه متعطشه لإراقة الدماء والقمع لشعوبها من أجل الجلوس على كرسي السلطة، أما الشعب السوداني المغيّب عن الحقيقه فقد خرج في أفواج بالآلاف ليعبر عن تضامنه مع سفّاحه وسجّانه.
خرج السودان وهو لا يعلم إلى أين ستأخذه هذه الأحداث وما هو مستقبله، خرج السودان ليقول لا للعدالة الدولية التي تحاول أن تنتشل السودان من مستنقع الإرهاب والوحشية، فالعالم قال كلمته من أجل أن يعيش السودان ويتذوق معنى الحرية، ولكن كيف يكون وهذه الشعوب قد وقعت في غرام الديكتاتورية، واختلطت المفاهيم عندها وأصبح كل شيء عندها معكوس.
ويبقى الشرفاء داخل هذا الوطن يقفون حائرين، لا يعلمون ماذا تخبئ الأقدار لهذا الوطن الذي أصبح رهينة في يد سفاح على أتم استعداد إلى أن يبيد السودان عن بكرة أبيه من أجل أن يعيش هو ويبقى حكمه، وهذا ما اتضح من المظاهرات الشعبية التي تصدرت شاشات الفضائيات منذ أن أصدرت المحكمة قرار التوقيف، ولا أحد يستطيع التنبؤ بالفترة القادمة فهل كما يُشاع في السودان هذه الأيام أن هناك تحركات لاغتيال البشير أم أن البشير هو الذي سيغتال السودان... لا أحد يعلم.
#عبد_صموئيل_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟