|
مرام المصري في كرزة حمراء على بلاطة بيضاء
صباح محسن جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2587 - 2009 / 3 / 16 - 08:37
المحور:
الادب والفن
في/ كرزة حمراء على بلاطة بيضاء الشاعرة مرام المصري .. شعلة ٌ تجوب المحرمات ( ترجمة من الأنكليزية )* مرام المصري ابنة اللاذقية - سوريا ، تعيش كشاعرة وكاتبة سورية في فرنسا منذ عام 1982. نشرت لها ثلاث مجموعات في اللغة العربية. ترجمت قصائدها إلى العديد من اللغات ، منها ما صدر بكتب مترجمة إلى الفرنسية والأسبانية. شاعرة حب عربية معاصرة. تميل لكتابة غنائيات شعرية اغوائية قصيرة ذات وضوح مثير للدهشة وصدق ثاقب تلضمها سوية كما لآليء في سلسلة من قصة تفضي بمكنون صدرها بشعرية حب عربي متحدّر لتفضي به إلى اللغة اليومية فضلا عن صور ومجازات ومن ثم إعادة خلقها فيما تنهل ثمارها من الطفولة أو القرآن. مثلما في العديد من الثقافات ، يغدو الشعر العربي أحد الأشكال الفنية الشائعة. حيث يقرأ الشعر العربي في مناسبات رسمية وهو يهتم بالمجتمع أكثر مما للفرد وما يزال على نطاق واسع يرتبط بشكل وثيق بالموسيقى. غالبا ما ينهل من الشعر أشهر المطربين الغنائيين في العالم العربي ، مثل الفنان كاظم الساهر ، إذ يعتمد في غنائه المقطوعات الشعرية الغنائية للشاعر نزار قباني أحدث الشعراء المعاصرين، ولا سيما أشعار الشاعر السوري الأخيرة التي كتبت لصوت كاظم الساهر. إن صلة الشعر بالموسيقى تغدو جدُ مهمة. فالعربية بما تحوي من غنى في الأصوات والمفردات تعير نفسها للتعزيم أو التعويذ. في الواقع أن أحد الإنجازات الأساسية للعلماء المسلمين هو تعلّم كيفية تجويد القرآن بصورة سليمة وبالترانيم الأقوى. لهذا السبب يبدو الشعر العربي بالنسبة للأذن الغربية حماسيا من حيث المواضيع الرئيسة التي أخذت تنحى منحى سياسيا وبشكل سائد. شعراء اليومِ سياسيون بشكل كبير، لما شعروا به من الغضب والمرارة على ضياع فلسطين. فاللغة لَيست عاميةَ كتلك اللهجة المنطوقة في الدكاكينِ أَو على الشارع. الشعر حديث للسان أكثر رسميا ، أكثر صرامة في قواعدِه ، وهو استعمال آسر غالبا لكلمات نادرة تعود إلى اللغة العربية الكلاسيكية. رغم ذلك حقق الشعر الغنائي البغدادي ، أبان العصر الذهبي للحكم العباسي من القرن العاشر ، تطورا وشعبية ملحوظين مما ترك تراثا ذا شأن. الحب كما هو في كل الثقافات ، موضوع حيوي بثيمة خالدة على أنه قد قيّد برمز ديني صارم ، وتكتم وتقييد للعاطفة الجنسية وخلق هوة للحرية ما بين الرجال والنساء ، حيث ابتدع رمزا اصطناعيا مصدقا وشوقا مستحيل الإدراك يشبه إلى حد كبير شعر الحب المتودد في العصور الأوربية الوسطى. إلى مثل هذا التقليد كانت مرام المصري بمثابة الصدمة حيث تكتب عن كل ما هو محرم من المواضيع ، العاطفة الطبيعية والجحود والزنا والوحدة – بصدق وكثافة تبز فيها حتى الغربيين. جاءت مجموعتها الشعرية – كرزة حمراء على بلاطة بيضاء – مستقاة من مجموعتين حديثتين بشكل نصوص متقابلة بالعربية وترجمتها إلى الإنجليزية بقصائد قصيرة تكشف عن لحظات مكثفة مكتنزة الرؤى وبانعكاسات توحي بالمرارة والألم. فهي تعتمد في اختيار الكلمات وترتيبها بنسبة ما على القافية أو الإيقاع فلا تفقد شيئا عند ترجمتها كما هو الحال في قصائد المبدع خالد مطاوع.
الكثير من قصائدها ذو طابع جنسي :
جاءني متخفياً في جسد رجل فلم آبَهْ به . قال لي افتحي فأنا الروح القدس . وخوفاً من المعصية تركته يقبلني ، عرّى بنظراته نهدي الخجولين، حولني لامرأة جميلة. ثم نفخ في جسدي روحه هادراً رعدا و صواعقَ آمنت . البعض الآخر من القصائد يعكس ما هو ساذج : يا للغباء قلبي في كل مرة يسمع نقراً يَفْتَحْْ .
والبعض الآخر يكشف عن مكامن حزن وتأسي :
أنا أعتذر ، لأني من حيث لم أنتبه هبت نسائمي على أغصانك ، فأوقعت الزهرة الوحيدة التي تبرعمت .
الدقة تكمن في عري العبارات وخفة في المقترحات تلك التي تحمل من الخوف أو الرقة أو الإحباط : تستذكر الشاعرة المصري لحظات من العنف وكثافة في خليط ذكي من الحلم وتفاصيل دقيقة شبه مضاءة مخترقة على نحو قاس. في أحايين تقترح الخطوط بذات التقليد القديم :
كنت أسير على الصراط المستقيم عندما اعترضت طريقي اختل توازني إلا أنني لم أقع.
على أنها في أماكن أخرى تقاطع ذلك المنحى بما هو حديث ومعاصر من الصور:
امرأة تعود برائحة رجل غريب إلى دارها تغتسل ، تتعطر تبقى فواحةً رائحة الندم.
يغدو من الصعب أن تجد قصائدها ذلك الرواج والترحاب العريض في العالمِ العربيِ - بالتأكيد ولا في موطنها سوريا- حيث التقاليد الصارمة . تعيش الشاعرة مرام المصري منذ عام 1982 في فرنسا ، وحساسيتها تبدي تأثرا واضحا. على أن ذلك سوى ترابط ما بين أنوثتها وفردانيتها الحديثة وتلك التقاليد والأعراف العربية القديمة التي ما تزال تضرب وتشد سحْباً إلى وراء: علمها أن تتفتح كزهرة رمّان حمراء ، أن تنصت لوشوشات جسدها وأن تصرخ ، بدل أن تَئِد آهاتها وهي تسقط كورقة
*Michael Benyoun عن مجلة التايمز اللندنية عن دار بلوديكس للنشر-2004 كتاب من القطع المتوسط بـ 96 صفحة بنصين متقابلين بالعربية والإنكليزية ترجم النصوص إلى الإنكليزية خالد مطاوع فاز كتابها بجائزة أدونيس لأفضل إبداع عربي لعام 1997 .
#صباح_محسن_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كفاح الأمين يدعو لما بعد زمن الكتابة !
-
هل من تساؤل ٍ للبرق ؟
-
الصحافة العراقية .. إعادة اكتشاف أبي القاسم الطنبوري
-
لذاذة
-
يا ليَ من ’ توم ‘.. يا ’جيري‘ !
-
كثيرة هي التنهدات غير المجدية
-
غزل التراب
-
باول العرب .. قبل أن يغبطك الغرق
-
رصاصٌ راجع
-
خطابات في الضد من الحرب: خمس سنوات كثير جدا لحرب!
-
كو أن ، الأدب والانتصار على لعبة الألم
-
أحلى ما في ضحكتها
-
مالِكُ الحزين
-
هل ستشهد عملية الموصل القضاء على مهنية المقاومة بذريعة القضا
...
-
تميمة ٌبأمرالفقر
-
كزار حنتوش : دعهم يقولون الشعر.. ليتطهروا !
-
هلاّ تجالسني...
-
خمسة مليون شكرا
-
معلّقات في معلّقة
-
خطأ ما
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|