أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا السمين - البراكين المهادنة -2- كنتِ لغة تساوق أسوار الصمت














المزيد.....

البراكين المهادنة -2- كنتِ لغة تساوق أسوار الصمت


رضا السمين

الحوار المتمدن-العدد: 2583 - 2009 / 3 / 12 - 01:17
المحور: الادب والفن
    



كنتِ لغة تساوق أسوار الصمت

أنا القادم من ركام النهضة المفكّكة والجسد المَوْشوم، فرديّة تسخر من الجموع ومن فراغها. فكر محروم من جسده، ذاك هو حالي والمقهورين. أحاول أن أعيش اختراق الرّيح لجنباتي الفاغرة أمام هوّة فراغها، أن أعيد بناء سكناي...

أنت تقرئين وأنا أقرؤك، لا أدري هل أحبّ القمح لأنّه في لون شعرك، أم أنظر إلى شعرك حدّ الاستشعار، لأنّه بلون الغروب - الأصيل، والمساء عندي يا منظورتي حزن واستحضار الذاكرة وترميم الكيان.

أحيانا حاولت أن أهرب من الليل، وعشقته أحيانا. ولا أنتبه بتكرار مرهق للحظة الزمن إلاّ في الليل، حين تغيب ظلال الحركة. استحضرتك الآن ومعك لون القمح وصِبغة المساء. ولمّا أنظر إليكِ تستغرقينني أو هو البياض أو امتلاء صامت للجمالية.

جميل طرف عينيك.
لم أكن أرغب أن تنظري إليّ. ولا أحبّ التقاء العيون. معك عشقت النظر والمنظور بلا تبادل، ولا استتباع. لم أرغب في الحديث ولا التعارف، فقط نظر.
كنت إيحاء، كنت تفجّرا من الإيحاءات وذاك ما أفتقده في عالم مصمّت، بلا دلالة. وأنت حقل من الدّلالات.
النظر إليك كان فيضا من المعاني، حضَرَت الذوات بلا امتلاك.
أو ربّما أحببت صمت رؤيتي لكثرة قرفي من الكلام، إذ غدا بلا مسمّى ولا تحديد ولا إيحاء. كنت لغة تساوق أسوار الصّمت.

عشتُ مصاحبتك في الغياب وخبرتُ التشوّق للرّؤية...
أنت بدويّة كالشِعر القديم وأنتِ سؤال المدينة.
أنت ذاكرة. أنت حوار ومساء وقمح وفلسفة ودفئ فإذا اختلاف المعاني وتعدّد القراءة. " لقد أراد هرقليطس(576ـ480 ق.م) أن يتحدّث عن وحدة الوجود فتكلّم عن الماء ".

يا مَن رأيتُ فيها مَن لا أستطيع أن أكونه. فرحة متلذّذة بيضاء تحرّكها الموسيقى. تلبس الألوان وتجهل أنّنا هُزِمْنَا...
لا تعرف أنّ المجتمع منهار وأنّنا نعاني التوقّف.
لا تقلِق عقلها الجميل صور الإجهاض والقصف بالطائرات، لا ترهقها ظلال التفكّك العربي ولا معنى الحياة في الاجتماع.
كان رقصك محاولة للقبض على لحظة فرح ومعنى، كان جسمك حضورا، ضدّ تغييب دام قرونا أو حياة. كان جسدك في حركاته وقفزاته يوقّع تأكيد ذاته وإعلان حضوره. كان رقصك تعريفا بإمكانات الجسد ورمزا لقدرته على الإيحاء وتفجير الدّلالات وخلقا للمعاني.
وكنتُ أتفرّج.
وخفتُ عليك، على ألوانك، على حركة جسدك، على حلمك اللاّعب، على براءتك في زمن فقدَ البراءة وينتظر عسكر النّار أو قصف العدوّ...



قطرة ماء...

قابع في فضاءك المجوّف، حطّمتَ كلّ الأشياء... فانتفيْت أنت. تحاول لمّ أشلائك لا لتنزوي بظلّك، بل لتباشر الفعل والتسمية من جديد. فقدتَ شعورك بكلّ ما هو "جزئي" "يومي" "عادي"، انخطفتَ نحو الكلّي... فلم تعد تلمس أو ترى حيّا فردا.
سلبتَ كلّ العالم والرّموز وبقيت وحدك في التيه... "تصارع" أشباحك وتحادث ظلّك. رفضتَ معانقة كلّ الذوات الكائنة والقائمة في أمر الممكن والملموس فجزّأت - قسّمتَ ذاتك ذوات. وخلقت من وحدتك التعدّد فصرتَ اكتفاء هو انكفاء عن الحياة - العالم. كلّ شيء يُحيلك إلى كلّ شيء، هل أنت لغة لم تجد حروفها؟ أم رموز فقدَت إحالاتها؟ أتوق إلى أن أرى أشياء جديدة حتى ولو كانت معي منذُ وجدتُ كائنا مبصرا لعدمه... أتوق إلى أن أقرأ نصّا جديدا يعيد كتابة الأشياء ولو القديمة منها... أتوق إلى أن أحترق في آخر الأشياء، أن أغرف من اللحظة ولو أنّ عيني نظرٌ في الأفق... أتوق إلى من يعلّمني، يكشف لي، يراود انفعالي، أو ما يضيء العالم، الاكتشاف، الانفعال... وهذا التوق، ألا يكون بإعادة التلمّس وإعادة ترتيب المعرفة؟!

ذقتَ من كلّ الأشياء بطرف، فبقيت تموّجا على السّطح، لم تغب في عمق، لم تذب في انصهار... فبقيت في صحو التوازي حدّ السكر، غاب عنك الانفعال وابتسامة خافتة كنتَ.

كلّ الأشياء تدور دورتها الأولى وتنشقّ إلاّ أنت يا قارعة الطريق!!
"إدراكك" للما بعد ضيّعك عن الهذا... فمنذ غرقك الأوّل لم تسبح ثانية!
وعشقت رؤية البحر لا الغوص فيه!
هو التردّد حدّ التقاء السحاب الطريق.. أو عمل الخيال لما كان يمكن أن يكون.. لولا! رفضتَ أن تكون أحدب "هيجو" (1885-1802 م) في نوتردام، فلماذا لم "تشارك" الناس عالمهم؟ "العادي" كما تقول؟! أيّ شيء جمع في ذهنك - مسارك فرديّة أقسى من فرديّة "دون سقف دون قانون" واكتظاظ الدّوائر الثلاث: الكادحين، الأمّة، عالميّة المقهورين؟ أيّ شيء جمع في كيانك بين "لا حلم لا رفاق لا حبيبة" وبين توحّد غيفارا بمحروميّ العالم، تحسّ الاضطهاد إذا صفع أيّ إنسان في أيّ مكان؟

تحيا فرديّة لا من أجل ذاتها! بل من أجل كلّ الناس، فلا أنت تمتّعت بفرديّتك ولا أنت توحّدت مع الناس. لا اكتفيت بنرجسيّة عباقرة الخلاص.. ولا تواضعت مع حواريّة المقهورين كفرايري (صاحب كتاب تعليم المقهورين) أو مع الممارسة الجدليّة للمجاهدين.
أيّ كائن أنتَ لا يحيا فرديّته ولا يحيا مع الناس، الذاهل عن نفسه والرّاغب عن الناس؟ حتى عن النخبة! تستنكف من العامة وتحتقر "الخاصة" وترفض التمييز بينهما، ولا ترى نفسك في أيّ "جسم" أكبر منك، وتسخر من "ذاتك"، وتتردّد حتى أمام الاحتضان المفتوح للتي تراود فيك أسطورة الشطر؟!

هل أنا بحرٌ أم قطرة ماء لم تجد سَيْلها فظنّت أنّها البحر؟



#رضا_السمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البراكين المهادنة - لماذا أنزفكَ والأرضُ؟
- زواج أزرق
- هُناك حَيث لا هِي ولا أحدْ
- ظهر الفساد في البرّ والبحر...
- مهندس القيروان
- ونَعَبَ الخبراء...
- عيون لا تنام
- الظلال أهمّ من كائناتها في الصحراء


المزيد.....




- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رضا السمين - البراكين المهادنة -2- كنتِ لغة تساوق أسوار الصمت