مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8 - 10:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل العالم الذي نعيش فيه سيء بالفعل , و هل نحن بحاجة لأن نعيش في عالم أفضل , يتوقف الجواب على وضعك الفعلي في هذا العالم , لم تتحرك واشنطن و لم تئن وول ستريت حزنا على الأمريكان سواء فقدوا بيوتهم أو أي شيء آخر , فقط تراجع أرباح وول ستريت وحده تمكن من تذكير بوش ومن بعده أوباما بفضائل الإحسان , لصالح كبرى الشركات تحديدا , في مجتمعاتنا أيضا تبحث أغلبية النخبة عن مبررات لكل مساوئ الوضع القائم , و في بعض الأحيان تفسيرات , إيجابية بالتأكيد لصالح الوضع القائم , عدا عن تشويه و وصم أي بديل عن القوى السائدة بكل ما أمكن من سلبيات , لا توجد بالتأكيد في القوى السائدة...إن أحد معايير نجاعة منظومة التدجين السائدة السلطوية هو في درجة إدراك ضحايا القوى السائدة لمدى تعاسة واقعهم و لمدى استعدادهم للنضال في سبيل تغييره , هذا يحول السياسة بمعناها الدارج أو السائد على الأصح , إلى مجرد رصد علاقات القوى السائدة بعضها ببعض , وصفها و محاولة التنبؤ بتطوراتها , و هكذا تجري ممارسة السياسة وفق هذا المعنى الذي يضع القوى المسيطرة في المركز و يلغي أي وجود لسواهم حتى من أطراف هذا العالم , أي تعرف ممارسة السياسة بالتهليل لهذه السلطة أو تلك , هذه القوى السائدة أو تلك , كقوة إيجابية , و بالضرورة انتقاد خصومها و وصمهم بالسلبية , هكذا يصبح هذا العالم يستحق أن يعيشه البشر , هكذا يختفي أي كلام عن تغيير العالم أو عن ضرورة هذا التغيير , هكذا يضطر ضحايا هذا العالم إلى الانكفاء إلى همومهم اليومية , بعيدا عن أي قدرة على مناقشة أحقية عالم كهذا بالاستمرار...لكن هذا لا يحل إشكالات هذا العالم , و أولها وجود هذا الكم الهائل من الضحايا المهمشين و المقموعين و المنهوبين غير المسبوق منذ سقوط دولة الرفاه التي كانت وظيفتها الأساسية الحد من التوجه الثوري للجماهير....و هذا يحرج و يرهق منظومة التدجين الرسمية و شبه الرسمية باستمرار الحاجة لتجريب و استخدام مبررات و وسائل و ذرائع "جديدة" أو "متجددة" تماما كما في عالم التسويق , إن اهتزاز منظومة التدجين السائدة أثناء حرب غزة مثلا كان أحد أسباب إيقاف الحرب و "المصالحات" التي تلتها بغرض إعادة لململة منظومة التدجين هذه....ستبقى القوى السائدة بحاجة لإنتاج رضا و صمت الأكثرية التي تسحقها , و سيبقى هذا هو المبرر الوحيد لاستمرار عالم تعيش فيه الغالبية العظمى من البشر كالعبيد........
مازن كم الماز
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟