أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عزيز العرباوي - الحرية والانغلاق :














المزيد.....

الحرية والانغلاق :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2573 - 2009 / 3 / 2 - 03:21
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


لا شك أن صور الحرية في عالمنا العربي معرضة كلها للأفول والانغلاق، لأن الواقع السياسي والثقافي العربي يراكم تراجعات خطيرة على الصعيد السياسي والحقوقي ويحتاج إلى صدمة كبيرة لإيقاظه من هذا التراكم الخطير الذي قد يؤدي بالحريات السياسية والثقافية والاجتماعية التي حاول المجتمع العربي على مدى عقود تحقيقها ولو باليسير من النتائج لكنها كانت كافية لوضع سكة الإصلاح في طريقها المنشود. لقد فشلت الآلة السياسية والحقوقية والثقافية في العالم العربي في الحفاظ على هذه النتائج وبدأت تفقد قدرتها على مواجهة أنظمة سياسية تريد إرجاع القاطرة إلى مكان انطلاقتها الأولى، وبالتالي الحفاظ على مكاسبها الكبرى التي منحتها القدرة الكبيرة على الصمود والتصدي لكل محاولة إصلاح أو تغيير ولكل مطالب بالتجديدوالتحديث مستعينة تارة بقوى سياسية ودينية لمهاجمة المطالبين بالإصلاح والتحديث وتارة بوسائلها البدائية والهمجية المتمثلة في العنف والنفي والسجن.

صور الحرية التي كانت قد بدأت تتعايش مع قيم مجتمعية تقليدية وبالية وتحاول تغييرها أو تحويرها حسب متطلبات العصر الحديث أصبحت اليوم محاربة بكل الوسائل المتاحة وأكثرها فتكا لهذه الصور هي الرؤية التقليدية الدينية المبنية على اسس غيردينية بل هي دخيلة على الدين والقيم، فأصبحت صور الحرية التي لا تعارض القيم الإنسانية والدينية كأنها طاعون في نظر العديد من الفئات والجماعات يجب القضاء عليه قبل أن يستفحل.

أصبح مفهوم الحرية ملتبسا بمجرد دخول البعض على الخط لتعريفه وللتحكم في إمكانية ممارسة الحرية داخل مجتمع ما. وبالتالي أصبحت هذه الحرية مقيدة برؤية بعض الفئات والحركات التي تحتكر الدين والأخلاق والقيم ثم بهذا الاحتكار تتحكم في عقول الناس وفي طريقة تفكيرهم وحياتهم وكأنهم قاصرون لا يفقهون في أمور الحياة شيئا سوى ما رسمته لهم هذه الفئات. وبات على الناس جميعهم أن يطبقوا مفاهيم هؤلاء ومبادئهم التي عفا عنها الزمن ولم تعد تغري أحدا باتباعها لأنها تتناقض مع رسالة الدين – أي دين – وهي التجديد والتطور حسب الزمان والمكان.

إن الجدال الذي أصبح يتعايش اليوم في عالمنا العربي تحديدا حول مفهوم الحرية ومبادئها الأساسية هو جدال يأخذ الكثير من المناحي التي تنتج صراعا غير مرغوب فيه بين فئات المجتمع، هذا الصراع يؤدي إلى تعطيل عجلة التطور والإصلاح في العالم العربي المكتوي بنار الأمية والجهل والفقر والضعف. ولا يمكننا أن نستمر في هذا الوضع إلى ما لا نهاية وغيرنا يطور نفسه ويحاول تغيير مفهومه ونظرته إلى الطبيعة والإنسان هذا الكائن المحير. وبالتالي فالدفع نحو التخلي عن هذا الجدال هو المطلوب اليوم قبل أي وقت مضى خاصة وأننا نرى هذا التراجع على مستوى الحريات في عالمنا العربي عامة.

والحقيقة أن هذا التراجع في مستوى الحرية في عالمنا العربي مرده عدم نضج القوى السياسية والحقوقية والثقافية لاستقبال مباديء الحرية أحسن استقبال ومحاولة تنميتها من الشوائب ومما قد يعلق بها من قيم غربية غيرذات جدوى وتتعارض مع قيمنا الاجتماعية والدينية والثقافية. ولا نكاد نشعر أن هناك نوايا صادقة لدى هذه القوى للعمل على تغيير ثقافتنا تجاه قيم الحرية والعدالة والمساواة والإيمان بالمتغيروبالنسبي داخل دياناتنا السماوية وداخل قيمنا التي عمرت لقرون دون غربلة أو إعادة إصلاح.

المعركة اليوم في عالمنا العربي هي معركة قيم ومعركة مفاهيم ومصطلحات قبل أن ندخل في غمار الصراع التنفيذي لهذه المباديء المذكورة. ولذلك فإن أغلب الحروب الفكرية والثقافية نراها مشتعلة فيما بيننا حول تحديد المفاهيم والمصطلحات وتعريفها. فكل طرف منا يحاول أن يفرض رؤيته للمفهوم والمصطلح على أنه هو الصائب وهو القادر على خلق الاستمرارية داخل المجتمع دون مشاكل ودون زيغان. وقد تركت هذه المعركة الكثير من الخسائر على مستوى المشاعر بين أفراد الوطن الواحد والدين الواحد وتركت كماً هائلاً من الأفكار المدمرة لوحدة الوطن والمجتمع، ولذلك فنحن نرى أن هذا الصراع لن يقود إلا إلى الدمار والخذلان، فهل من معتبر؟ .

إن الدور الذي لعبه الفكر العربي المبني على احترام الرأي المخالف والذي دافع عن حرية التعبير وحاول الدخول في غمار معارك فكرية وإيديولوجية لترسيخ قيم حرية التعبير والرأي لهو دور عظيم يستحق التنويه والاحترام. ورغم كيد الكائدين فقد استطاع ممثلو هذا الاتجاه الفكري أن يرسخوا العديد من المفاهيم لدى المتلقي العربي الذي بدأت أعداده تتزايد يوماً بعد يوم في محاولة لترشيد المفاهيم الدينية والقيم الإنسانية والتقريب بينهما على أسس تحترم الثوابت المتعارف عليها دينياً وأخلاقياً.

سيبقى دور هذا الاتجاه الفكري قوياً وضرورياً اليوم وغداً سيما وأننا نرى أن هناك نيات مبيتة للتراجع عن كل المكتسبات التي حققها الفكر العقلاني والمتنور داخل كل قطر عربي ولو نسبياً، ولذلك فالضغط على كل القوى السياسية والدينية لتغيير رؤيتها هاته ومحاولة إخراجها من قوقعتها المهترئة التي تظن خطأً أنها تقيها من موجة التغيير والإصلاح هو الهدف الأعظم الذي يجب على هؤلاء وضعه أمامهم وهم يحاورون هذا الفكر الانغلاقي أو المنغلق على نفسه أو وهم يخاطبون الفئات المجتمعية في كتاباتهم وندواتهم ومحاضراتهم....



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنا المفقود : خاطرة
- من قال إنها شفافة فقد كذب : قصة قصيرة
- البكاء في حضرة الصليب
- - العدالة والتنمية - أو التنديد والوعيد :
- الساعات الإضافية : جريمة تربوية بامتياز :
- زيارة الأضرحة طريق يقود إلى الجاهلية :
- هكذا يكون الانتماء :
- في مديح الأقصى :
- التجمع العربي الغريب :
- هوغو تشافيز وأنظمتنا الرسمية الخانعة :
- المقاومة تدشن عهدا جديدا في مسار الأمة :
- تائه في وطن :
- العالم العربي واختلال الفكر السياسي :
- - الشيخ والبحر - لإرنست همنغواي : عندما يبدع المترجم :
- استباحة الحلم بالنفاق :
- ثقافة العنف ودوافعها الأساسية :
- سقوط المارد إلى الهاوية : الأزمة مستمرة :
- تحذير
- المثقف المنافق وموته المحتم :
- الأنماط الروائية العربية كما يراها شكري الماضي :


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عزيز العرباوي - الحرية والانغلاق :