أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 12















المزيد.....

حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 12


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 789 - 2004 / 3 / 30 - 07:47
المحور: الادب والفن
    


حينما تطاردك ذاتك تتجه صوب الاستذكار المتخفي تحت الأزمنة ، الشرود المبهم يغتبط محنة التراكمات البعيدة . تمد الليالي أمسياتها المترنحة بالحلم البنفسجي ، فيغتسل القمر الضوء رذاذ الاسترخاء . تتغنى الارتعاشات المقمرة زركشات الأنجم الحالمة ( ينجمة عونج ينجمة .. متعلية وتشوفين ) . يدب الأمل المتيبس انغماسه هطول الحنين فترفع الأرض هامتها لتسترق لحن البقاء ، علنا نرشف كاس نشوتنا من شفة الحلم ... ثم عناق بين الأرض وبين الشعاع الهاطل كالمطر من الأعالي ، تلون ارتعاشه ارتماءات الشعراء نحو القصائد النرجسية .. فيشدو صمتهم أغاني الروح .
ناظم السماوي العالم الساحر الذي اثلج مجسات الروح بترنيماته ، طالما اطفأ عطش السماوة بفيض الحب والحنين ( يا حريمه انباكة الجلمات من فوك الشفايف ) . كانت قصائده همس في الذات وأغانيه ارتواء عاشق ( أريدك بالحلم خطار أتمر بيه عشك اخضر ) دفء الحنين ولوعة الغربة وشجونها تخرج من صمت قصائده وارتعاشات أغانيه .
أيتها الكهرمانة التي وضعت أساور النخل على أطراف جماليات التكوين ، نشدوا لحن الشواطئ المتدثرة برائحة النخل واو راق السدر .. أيتها السومرية التي منحت أسوار الوركاء علوا واحتضنت غربة الشعراء لذاتهم نهمس بقصائد الحلم الجميل ...( رايح يرايح وين يولي يا بوية ... لكدر أروح وياك لكدر أظل وانساك لكدر أخليك ) المعادلة الممتحنة التي وضعها ( إسماعيل محمد إسماعيل ) حينما اسمعُ أغنيته الخالدة هذه اقف أمام امتحان صعب ، يالها من حيرة بين الرحيل والبقاء ، بين الوداع واللقاء ، بين وبين ... أمام هذا وذاك كانت دموعي تغتسل محنتي وأنا أصغي كأني أصغي لهمس ذاتي وصراعات نفسي الأبدية ، إسماعيل هذا شاعر خجول وهادئ وبعيد عن الأضواء ، ترى أين أنت الآن يا أبا محمد ، هل ما زلت تبحث عن معادلاتك ( طاح الدرهم رن الدرهم شنهي الفرق أبين الإبرة وبين الدرهم ) سلام لك ولروحك المبدعة ولهدوئك الرائع وقصائدك الجميلة .
يا سومرية الروح أيتها القادمة من أسوار الوركاء ، حاملة أغاني كلكامش وهو يتململ بانتظار صديقه انكيدو ( انكيدو خلي وصاحبي ) عن ماذا أحدثك ...
عن شاكر السماوي الشاعر الذي جاءت قصائده كرصاص يخترق الجسد وكسهام تنفذ إلى القلب ، أم أحدثك عن عزيز السماوي الذي تحنط بحنوط الغربة التي آوت روحه ودفن في مقبرة حب الوطن ، مات غريبا عن وطنه لكن روحه غادرت صوب الوطن الجميل .. ترى هل روحك ألان يا عزيز تستظل تحت نخل السماوة وتستحم على شواطئ الفرات . وهل روحك الجميلة ما زالت تضيء الليالي ( أريدك كمرة تضوي الروح .... وتحدر مشاحيف الحلم بالروح ... واجيك بحسبه حداري ... وارد بين الكصب مشحوف .. ويطك مني الضمير شراع .. للوادم سفر ، ولعيونك .. أمر بين القوافي صور .. مطر .. مطر ) .
( سعد يا سعد يبعد أهلي سعد .. الغيبة طالت والناس كالت .,. ما تردلنه بعد ) هذا هو سعد صبحي السماوي .. الشاعر الإنسان الشفاف الذي اتكأ على قصائده وتمرد على المألوف .. أين أنت أيها الصديق الجميل .. في أي بيت شعر ترقد وفي أي قصيدة تتدثر .
سيدتي أيتها المرتدية وشاح ملوحة السماوة ومتزينة بقصائد شعراءها وروعة قصائدهم ، لماذا تغادرنا اللحظة باتجاه زمانٍ آخر .. مكان آخر .. لماذا تغلق ذكرياتنا سنواتها بصمت ، لماذا تجرجرنا الوحدة نحو المجهول ( آخذه الروح بس بهداي مو جر ... إذا هي آلك ليش الأذية ) نعمان الحميدي أيها القرنفلة التي تبعث شذاها باتجاه العاشقين ولونها بهجة للناظرين لماذا اطفأك الحلم خلسة وغادرت دون موعد مع الضفاف .. ترى هل تذكرك شواطئ (العطشان ) ألان ، ترى هل تذكرك قصائدك الشفافة ( شفاف وعذب ميك .. كتبنه أسماء نه بضيك ) .. هل تذكرك قصائد ( محمد كاندو ) التي كانت تجلس على طاولة الاستذكار وهي تحتسي خمرة الشعر ( لا عجد دبعن فزعلي .. ولا عجود المرزة رد تلي حنيني ) ،
( محمد كاندو ) الشاعر العبثي الذي يملئ جلساتنا الليلية جمالية لسرعة بديهته ونكاته الجميلة التي تضفي إلى ليالينا شدوا وجمالا ، كانت له محنة مع القصيدة وصراعات ، فما اجمل قصائدك التي كتبت على علب السجائر الفارغة ( كلب كلب.. ظل عندي بس نص كلب .. جديتك بدمعتي تنسه الدمع بالجذب ) .
حينما ترينه للوهلة الأولى تشعرين انك تقفين أمام شاعر ، شكله ، سلوكياته ، كله عبارة عن جسد سو مري يتحرك بروح شاعر معاصر .. ( يابو ألسفينه .,. خذنه وروح بينه .. خذنه ابعيد .. ابعيد ابعيد .. خذنه لشاطي الخير ) .
يا سيدتي هكذا هم أبناء المدينة الترابية مدينة كلكامش ، الوركاء التي خط الحرف الأول بها والمدينة التي عرفت المدنية في بدايتها هكذا ترينهم ، لهم طعم كطعم نخل السماوة التي تغنى به الشعراء والمغنون ( نخل السماوة يكول طرتني سمرة ) هكذا هم طيبون وشفافين وارواحهم نقية وشفافة كقصائدهم كمدينتهم .
كان بودي أن أحدثك عن عدد اكبر من الشعراء لكن الذاكرة لا تسعفني ، وليس لدي شي عن تاريخ الشعراء الشعبيين في المدينة ولم يمنحني أحد من أصدقائي شي عن هؤلاء المبدعون .. لكن أسمائهم عالقة في ذاكرتي ، الذاكرة التي تحفظ الصبا الجميل ووجه المدينة المشرق بشقيها ، الشرقي ، والغربي ، والصوب الصغير ، الذي كانوا يسمونه ( القشلة ) أو ( صوب البرامه) ، وبرائحة قصائد هذه المدينة التي حط على أطرافها .. ( السمؤل) و ( المتنبي ) و ( عروة ابن الورد ) ... السماوة التي أنجبت الشيخ والشاعر الفيلسوف ( عبد الحميد السماوي ) والشيخ الشاعر ( محمد طاهر السماوي ) ويطول الحديث عن الأعلام في المدينة .. ومالها من نكهة الحب والجمال .
لذا ضمت في خوافيها شعراء شعبيين امتازوا بجمال الكلمة وعذوبة القصيدة ، ترى من هم الأحياء منهم ومن هم الأموات .. أين أنت ألان يا ( محسن الخياط ) أيها الشاعر الصامت ولكن قصائده كانت تصدح في كل المحافل تملي فراغ صمته ( جان بسنين التعدت عندي عود ... بس جنت ما عرف ادك ... وعله مر الوكت علمني زماني شلون ادك .. ردت عودي ما لكيته ابيش ادك ) ، هل ما زال صديقك شاطئ ( آل حاج يونس ) يحاورك ويستمع لقصائدك الرائعة ، هل كسرت صمتك وصرخت بصوتك المتلعثم ( بالحصاد وهيه هوسة .. وصار من فركاك ببدر .. وكلمن يعانك عروسه .. بالعشك بالشوك بالذمة بشرفك .. هو عيد بلاية بوسه ).
هكذا انتم وهذه هي الاستذكارات تحتظنكم ، أيها الأصدقاء المبدعون يامن قطعتم عني سبل مودتكم وشدو أصواتكم ، ترى هل نسيتموني أم ما زلتم تتذكروني ، وأنكم حاضرون في كل الحكايات والذكريات ، أين أنت ألان يا ( كريم الجسار ) وأين أنت يا ( هاشم جعاز ) و( مظفر صبري ) و ( سريح ) و ( عزيز أبو الشوك ) و ( جبار الفحام ) و ( كاظم عبد الجبار ) أيها الذي غادر حيث بقيت أغنيته نرددها دوما ( اتنه .. اتنه .. هم تنيت وما اجيتي ) .
كهرمانتي الجميلة .. سلام .. سلام على ارض العراق وشوق وحب ...
سلام على الشعراء الأحياء منهم ورحمة للأموات ..
أيتها الكهرمانة التي تلهمني استذكاراتي لتبعث الحب والدفء لكل مبدعي ارض الوركاء ، شعراءها ، فنانيها ، مثقفيها ، مناضليها ، أحياءها ، أمواتها .
عذرا إن نسيت أحدا ممن لم تسعفني الذاكرة به ..
افتحي الواحك السومرية ودوني ما حكيته لك .. بانتظار حكاية أخرى ولقاء آخر ..
تحية حب لكل عراقي شريف ومبدع والمجد والخلود لكل قطرة دم سالت على ارض العراق دفاعا عن الفكر والمبادئ ..
لقاءنا في حكاية مستظلة بظلال أسوار سومر ..
موعدنا هو .. العراق .. العراق .. حدوده حدود الشمس والكرامة



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرافة السعلاة تعود إلى الانترنيت
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 11
- بين اشيائي حروف تحتضر
- زفرة باتجاه المتخفي المعلن
- كلٌ باتجاهِ الاخر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة التاسعه
- ثَمةَ أشياءٍ تختزلُ الوسادة
- الهطول الاخير للزبدِ البري
- خفايا تَحتَ ظِلالِ الفَجرِ
- تحتَ صوتِها شهوةٍ مهملةٍ
- من يوصد الغفله الى/جمال حافظ واع
- خرافة الريح
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثامنه
- الحوار المتمدن .. هو الحوار الاكثر بهاءا واكثر اشراقا في زمن ...
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه
- اقبية المراثي المستتره
- حينما نتشاجر مع القصائد
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السادسة
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة
- نشأة....... ونشأة أخرى


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة 12