أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - بعض الابعاد السيكواجتماعية لأدب المعارضة غير الحزبية















المزيد.....

بعض الابعاد السيكواجتماعية لأدب المعارضة غير الحزبية


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2571 - 2009 / 2 / 28 - 07:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشخصية العراقية انموذجا

تركت الاوضاع السابقة جراء تسلط الديكتاتورية المقيتة في بلادنا تباينات في ظاهرة الوعي المعرفي والاجتماعي المعارض حيث شكلت تنوعا في الياته والتي انعكست على الشخصية في ابعادها العقلية المعرفية والاجتماعية .ففي الوقت الذي اتضحت فيه حدود المعارضة الحزبية المنظمة ممثلة باحزابها من اقصى يسارها الى اقصى يمينها والتي كان هدفها اسقاط النظام الدكتاتوري وكما يدركها النظام نفسه,كان هناك معارضة اخرى خفية تقاوم النظام بوسائل سايكوعقلية او ما يسمى المقاومة با الحيل الدفاعية وقد مثلت هذه المعارضة السواد الاعظم لشعبنا في الداخل,وكانت هذه المعارضة غير مدركة الابعاد نسبيا من قبل النظام السابق.

ان الاليات الدفاعية لهذه المعارضة غير الحزبية مستقاة من ذات الشخصية الانسانية التي تستجيب للضغوط الاجتماعية والسياسية بآليات فطرية دفاعية وهي محاولات تبذلها الشخصية للابقاء على التوازن النفسي لتخليص الفرد من حالة التوتر والقلق الناتجة عن الاحباط والصراعات التي لم تحل جذريا والتي تهدد أمنه النفسي والاجتماعي وهدفها وقاية الذات والدفاع عنها والاحتفاظ بقدر ما من الثقة بالنفس واحترام الذات وتحقيق الراحة النفسية,وتكون بنفس الوقت تراكما نفسيا ينتظر ساعته للتعبير عن نفسه بصيغة الرفض المباشر.وهذه الاليات الدفاعية المتعارف عليها في الادبيات السيكولوجية هي باختصار: الاعلاء,التعويض,التقمص(التوحد),الاحتواء,الاسقاط,النكوص,التفكيك(العزل),الانسحاب,التخيل,التحويل ,الكبت,النسيان,الازاحة,الابدال,الانكار,الالغاء(الابطال),الابدال,التعميم,تكوين ردالفعل(التكوين العكسي),الرمزية,التقديرالمثالي وغيرها من الاليات الدفاعية المتنوعة. وان الشخصية الانسانية
تسعى للاستفادة المرنة والفعالة وبمقدار الحاجة لهذه الوسائل لحماية نفسها من الصدامات المختلفة التي تتعرض لها في عملية الصراع السيكواجتماعية اليومي من اجل البقاء.

وقد تمكنت الشخصية العراقية عبر عقود من المعاناة من تشكيل نسيج سايكواجتماعي معارض لظاهرة القمع والدكتاتورية رغم شراسة الاخيرة وفتكها,لكنه نسيجا مخفيا يعبر عنه باليات الاختفاء والاحتماء
من الفتك والعقاب ويعبر عن نفسه بنوع من التصرف السياسي المراوغ والغير مباشر,وقد عكس ذلك
جزء من ما يسمى (بالموروث المخفي)والذي يعبر عنه بنوع من النقد للسلطة الجائرة من وراء ظهرها.
ويتشكل هذا الموروث من خلال اللاشعور الشخصي والذي يتكون من خبرات الفرد المكبوتة والعقد,ومن اللاشعور الجمعي وهو مشترك بين كل الاشخاص ويتكون من تراث النماذج الاصلية للانسان.

لقد وجد في الكلام وسيلة مهمة وواسعة بفعل ما يمتلكه من مقدرة على الرمزية والمجازية في التعبير وهو احد وسائل التنكر المهمة.وكانت السخرية والنكتة وسيلة من الوسائل المتاحة لتجريح الهيبة الشكلية للنظام وقيادته حتى باتت ممنوعة وتعرض صاحبها لأقصى العقوبات؛المغالات والمدح المفرط للنظام في الخطابات والشعر والفنون المختلفة وهي إذ تهدئ النظام وتسكن اورام الذات لدية تشكل في الجانب الاخر رأيا عاما مغايرا لذلك تماما تفهم على غير معانيها المباشرة بعد إنتهاء الاحتفالات؛الاحتفالات المفرطة في المناسبات (الثورية)وهي إن كانت تبدو وكأنها شكل من اشكال الخضوع والاذعان إلاإنها شكلت فرصا ذهبية للشللية الاجتماعية للحديث في الخفاء عن القيمة المتدنية للنظام؛المناقشات والسجالات في الاجتماعات الحزبية والمفعمة بروح( الحرص)على الحزب والثورة شكلت هي الاخرىوسائل مهمة لخلق اراء مغايرة وانشقاقية في الخفاء؛الخروج لأستقبال القائد بزخم بشري مبالغ فية وبشكل مقزز كان شكل من اشكال التمويه للعداء له,بل في بعض الاحيان طفحت هذه العدائية على السطح وتجسدت في محاولات للاغتيال؛ان خطابا عاما يلقيه( القائد)وهو يلتقي( بشعبه)يقابله في الطرف الاخر نوع من عدم الاكتراث والرغبة في الاستماع تعكسها بوضوح ظاهرة الاصغاء الشكلي المفتعل,الهمس في الآذان,الضحكة الخافته,التنهد,الغمزة اوالتحديق واستخدام مختلف المجازات اللغوية للتعبيرعن معارضة الخطاب,وتشكل هذه المناسبات فرصا للتناغم الاجتماعي المعارض غير المسبق؛أن انتشار شبكة من المجانين المفتعلين في المحافظات واطلاقهم للشعارات والاهازيج التحريضية هي الاخرى كانت فرصا للتندر من النظام ومضايقته.

أن السلوك والفطرة الأنسانيتين يتعارضان مع قيم الدكتاتورية,وبالتالي فأن الشخصية الانسانية قادرة على انتاج انماط متنوعة ومرنة من السلوك المضاد لها.وقد استطاعت الشخصية العراقية من احداث نسيجا معقدا من الاليات الدفاعية تستمد قيمتها ووسائل التعبير عنها باعتبارها ردة فعل على شراسة الدكتاتورية وآلتها القمعية.وحيث لم يترك النظام هامشا للمناورة العلنية...فقد اتخذ شعبنا اساليب لبقة عند الضرورة مضطرا الى اخفاء اهدافه بعيدا عن ادراك اعداء الحرية والديمقراطية ليست تنازلا بل التشجيع على سلوك سبيل التكتيك من اجل البقاء وإحداث حالة الاختمار.

ان الانتفاضات الشعبية ضد الدكتاتورية عبرت عن حالات الاختمار النهائي لأليات الاحتماء والاختفاء وبالتالي الاعلان عن نفسها بالهبات الجماهيرية,ففي اللحظات الاولى لسقوط النظام (وبغض النظر عن اشكالية سقوطه)وماصاحبها منه هبات عارمة(تجاوزت احيانا الفعل المعقول)لأزالة اثاره العيانية هو تعبير صارخ لاداء الشخصية في حالات الكبت الطويل,وحتى الحيادية المؤذية تحولت في اللحظة المناسبة الى شعور عنيف ورغبة في الانتقام.فكم كان من هؤلاء الناس سياسيا معارضا اوبعثيا اوحيادياإإإإ
اليوم وبعد سقوط النظام بخمس سنوات وحيث تمر العملية السياسية باختناقات لاحصر لها(رغم الانجازات)وظروف خارجية وداخلية غير مواتية لأستقراره وحياة تنعدم فيها الخدمات الاساسية كان يفترض على الاحزاب والقوى السياسية ان تستفيد وتعبئ المزاج النفسي الايجابي الذي تشكل لدى شعبنا قبل وبعد سقوط النظام وترتقي به الى مستويات تنسجم مع عملية بناء الدولة الحضارية ونبذ قيم التفرد والاستحواذ واستخدام الواجهات الرخيصة في كسب المواطن.ان المعركة بين التقدم والتخلف لاتزال على اشدها.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عامر صالح - بعض الابعاد السيكواجتماعية لأدب المعارضة غير الحزبية