أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - الأم - قصة قصيرة جدا














المزيد.....


الأم - قصة قصيرة جدا


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 789 - 2004 / 3 / 30 - 07:43
المحور: الادب والفن
    


ظلّت تدعو الله سنين كثيرة.. ولم تترك ولياً من الأولياء الصالحين إلاّ وزارته , وقدّمت له البخور والمجامر والكبريت.
وعندما عدت من بلد ناء خلف البحر، قالت: جلبتك صلواتي يا جاحد، يا ناكر ، يا ناسي الحليب واللبن.. ومع الأيام سرعان ما تشكّلت غيمة،و جبل من نار بيننا. وتذكّرت أنّها أرضعتني مازوتاً وكيروسيناً. أهو الحليب أم الدفلي؟.. نسيت الحليب والثدي، ولا زالت بقايا أشواك الصبّار.
كانت تقول لي مرّات كثيرة: يا ليتني لم ألدك.. ليتني متّ يوم ولدتك.. أنت عاق. توقّعتها يوم كنت طافشاً في بلاد الأعراب والأغراب الموحشة الضيقة قادرة على صنع الأشرعة, فأرسلت لها قماشاً أبيض من أمستردام, وثوباً من الشانزي ليزيه، لكنّها مزّقتهما, لأنّهما من صناعة بلاد الكفار، البلاد التي حاربت المسلمين وفتكت بهم ولا تزال تفتك .
كان أشدّ ما يزعجها الحديث عن المرأة والجنس.. كانت تتهمني بالفجور والفساد، وتتهم صديقاتي القليلات بالعهر والدناءة.. وكانت تسألني دائماً عن أحوال الدنيا والعباد، فأحدّثها عن علاقاتي مع بعض نساء البلدان التي أزورها, وعن جوعي وفقري ونومي على أرصفة الشوارع, وتحت أقبية المترو، وعن غربتي الكلبيّة, وعن وطني الذي يتّمني, فتحترق أعصابها وتصيح: يا كافر .. يا زنديق.. أبوك قديس ، وجدك ولي من أولياء الله, وجدّ جدك بنوا له قبّة ومنارة, وقريباتك من أطهر نساء المعمورة , وأعرقهنّ حسباً ونسباً. وكنت أتاملهنّ جيدا , فلا أرى إلا طبولا جوفاء, وسنين عجافا, وقحطاً وبواراً , وغرورا كاذباً, وطهارة روح زائفة, وعنجهية ترتع في أسمالها البدوية والقبليّة والطائفيّة والعشائريّة .
كانت باردة كالعجين , وتكره جميع الرجال, باعتبارهم خنازير بريّة، ومتوحشين جنسياً, ولا يكتفون بإمرأة أو جارية مهما كانت جميلة وشهيّة, ولا تشبعهم كل نساء الأرض ـ على حدّ تعبيرهاـ وعلى الرغم من أنّها تبجّل والدي تبجيلا منقطع النظير, إلاّ أنها لم تكن على وفاق جسدي معه, وكانت في أحيان كثيرة تفتعل الخصومات , محتجة بأنّها ضلع أعوج, ولا تعطى المكانة اللائقة بأجدادها الغرّ الميامين.
لا تزال بقايا الطفولة البعيدة تهبّ كالسنبلة في ذاكرتي. وكانت تصرّح سراً وعلناً: بالناقص من الرجال، ليذهبوا إلى الجحيم, لولا أنهم يزرعون الأطفال الوسيمين في أرحام النساء لكانت الخنازير أفضل منهم.
وقال لي والدي: إنّ طاقاتها الجنسيّة قد ماتت منذ عشر سنوات، بعد أن أجرى لها طبيب جرّاح فاشل ، تخرّج في جامعات المعسكر الاشتراكي, عمليّة جراحيّة خاصّة.
أذكر مرّة أني اصطحبتها لزيارة أصدقاء لنا، وعندما وضعوا شريط فيديو لفلم أمريكي ، ملأ صيته الدنيا, وأقامها ولم يقعدها بعد, بدت بطلة الفلم شبه عارية، فجنّ جنونها، وشتمت أعداء الله والكفار في أمريكا وروسيا وجميع أصقاع الدنيا. وعندئذ اعتذر صاحب المنزل، واضطرّ إلى حرماننا من متعة أمريكا وعظمتها الأثيرة, وسحر نسائها اللواتي يعشقن الصحراء العربية الكريمة, وجلابيبها , وجبروت رجالها, وأنهار بترولها الدافقة عزّا وأبّهة وكبرياء هامة ونفس أبيّة.
في الآونة الأخيرة لاحت لها خاطرة.. بدا لها زواجي هاجساً وهمّا، لكني أصررت على أن من أتزوجها لا بدّ أن تكون دافئة العينين, وتكون صديقة, وتحبّ الشعر والموسيقى, و لها صداقات وعلاقات إنسانية كريمة, وصادقة قولا وعملاً, وليس شرطاً أن يكون لها غشاء بكارة, فالماضي ملك لأصحابه, وما يهمني حاضرها النظيف, فصاحت مفجوعة: يا ويلي .. يا مصيبتي.. حفيد المشايخ والقبب والأولياء والقديسين يريد عاهرة! لكني لم أستطع الزواج لأن نساء بلدتي شرانق جميلة محصّنة باللؤلؤ والمرجان, وضفادع لا تفتح فخذيها إلا للمستبدين والطغاة، وأصحاب المكاتب العقارية ، والأحذية الجميلة التي تقود سيارات " البويك الأمريكية " ، و " ميتسوبيشي اليابانيّة"، وسرطانات يتركّز شرفها المقدّس المنيع في نصفها الأسفل, وأكفالها الجميلة, والمصيبة إني لا أريد إلا مومسا كما تقول أمي .
انتــــــــــهت .



#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدار البيضاء وحياة ريجنسي و TV5). قصة قصيرة مهداة إلى صديقي ...
- أخي - قصة قصيرة جدا
- النملة - قصة قصيرة جدا
- القلادة - قصة قصيرة جدا
- جانيت - قصة قصيرة جدا
- القبّرة - قصة قصيرة
- الأدباء الشهداء في العصر التركي على يد جمال باشا السفاح
- الخمّارة - قصة قصيرة جدا
- الزوجة - قصة قصيرة جدا
- النخلة - قصة قصيرة جدا
- الحلم - قصة قصيرة جدا
- صديقتي - قصة قصيرة جدا
- البحر - قصة قصيرة جداً
- عرض ودراسة لكتاب: الحب بين المسلمين والنصارى في التاريخ العر ...
- البؤبؤ - قصة قصيرة جدا
- سكّان مدينتي قصة قصيرة جدا
- وضبطني البحر- قصة قصيرة
- أحلام مليكة بنت الأخضر في وهران - قصة قصيرة
- ملاحات في عيون حالمة - قصة قصيرة
- قراءة في كتاب (( في مجلس أبي الطيب المتنبي ))، تأليف الدكتور ...


المزيد.....




- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - الأم - قصة قصيرة جدا