|
اهمية ادارة التغيير و كيفية قطف ثمار الصراعات و الاختلافات
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2572 - 2009 / 3 / 1 - 05:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد تناطح الافكار العديدة ، منها الحديثة و الجديدة عن العصر ، برزت ملامح الصراع الطبيعي بين سيطرة الفرد بشكل مطلق و اهمية الجماعة و الفرد بشكل نسبي او اهمية الجماعة لوحدها . ان الليبرالية الحديثة تدعي الحرية الكاملة للفرد في تسيير الامور في كافة المجالات الحياة ، استنادا على ضمان حقوقه المشروعة ، دون اي حساب لما تتطلبه مصلحة الجماعة معا ، و التي تتضارب في كثير من الاحيان مع حرية الفرد المطلقة . و في المقابل هناك من الافكار الواقعية و التي تحسب حسابات دقيقة لما تتطلبه الانسانية بشكل عام ، و ما يتضمن حقوق الفرد و الجماعة وفق حدود و اطر معينة ملائمة مع الارضية التي تنبثق منها تلك الافكار ، و به يختلف العمل و الالية لتحقيق الاهداف من فكر لاخر، و من هذه الافكار الديموقراطية الوطنية ، و الاشتراكية الديموقراطية ، و الاشتراكيةالاجتماعية المعتدلة الواقعية ، و التقدمية العلمانية المتعددة الاتجاهات . و من خلال الفترة الانتقالية او غير المستقرة ، تحدث صراعات متعددة الجوانب ، و ان لم تستغل للمتابعة و الاستفادة من نتاجاتها المثمرة ، ستؤدي بها الى العكس المطلوب ، وتضر بالمجتمع و تعود به مراحل و عهود، وكما نشاهد في المجتمعات الاسلامية في العديد من البلدان ، و يكون للمستوى الثقافي و الوعي العام للشعب و كيفية و اسلوب ادارة تلك المراحل المتغيرة دور حاسم لتحديد الطرق الناجحة و السير الى الامام و الخطو الصحيح دون افرازات او مؤثرات سلبية تذكر . و عليه ، لو تابعنا المجتمعات بانواعها ، و كيفما كانت نظامها السياسي و ما التحولات و التغييرات التي طرات على كينونتها في كافة النواحي السياسية والاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و ما وصلت اليها . سنرى الخلافات و الاختلافات والصراعات المتعددة الاوجه بينها. اننا نعتقد و بشكل حاسم ، ان المجتمعات المتوسطة الاوضاع من حيث التقدم الثقافي و الاقتصادي ، لابد لها ان تفرض خصوصياتها على طبيعة و شكل و مضمون النظام السياسي الذي تتم التغييرات المطلوبة فيه ، و ان كنا اكثر صراحة ، ليس من المعقول ان تنقلب مثل تلك المجتمعات فجئة بين ليلة و ضحاها ، و تحدث صدمة ربما تحول دون تغيير ما كانت تنوي في طبيعتها و انتقالها بشكل سلس الى المرحلة المتقدمة . اي اننا نحتاج الى النظام اليساري الواقعي الملائم لتلك الارضيات ، و عند اخذ الظروف الخاصة بنظر الاعتبار لكل موقع و بيئة ، سيكون انجح وسيلة و اوفر حظا للنجاح من غيره ، اي ادارة التغيير بحاجة الى عقلية واقعية تقدمية منفتحة دون الاستناد على العاطفة و مغريات الراسمالية القحة . هناك من يعتقد بان حرية الفرد هي الهدف الوحيد للدولة ، كيفما كانت نتائجها و افرازاتها ، وربما تعود بالضرر المباشر على الفرد بنفسه ، بعد دورة كاملة دون ان يعلم ، والفرد ربما لايعتقد بان الدولة هي الوسيلة الهامة لتحقيق اهدافه الخاصة ،كما هو من وجهة نظر الليبرالية الجديدية والى حد كبير . و هذا صحيح و لكن للدولة مهام اخرى غير تحقيق اماني الفرد فقط ، و هو مسؤوليتها في منع هضم حقوق الجماعة من خلال الحرية المطلقة للفرد . و من جانب اخر ، النظر الى التعددية في الاراء و المواقف و الاهداف ، وهي ضمان رفاهية افراد الشعب ، و هو الطريقة المثلى لازالة توحيد الافكار في بودقة واحدة ، و به تضمحل التعددية في اخلاقيات و صفات و ثقافة الافراد ، و هذا ما تبعده اليبرالية التي تعتمد على ضمان الحقوق الفردية بعيدا عن الفوضى كما بعتقدون ، و يعتقدون ايضا في قرارة انفسهم ان الفرد يخسر يوما بعد اخر حرياته ، و تزداد مهام و اعمال الدولة على حساب الفرد ، ولم تبقى لديه اختيرات شخصية ، و يعتبرون ان عكس الامور و ازدياد مهام و حريات الفرد على حساب الدولة هو الواجب الاخلاقي التقدمي الهام لليبرالية الجديدة . ان الصراع المتعدد الجوانب للفرد تماثل الدولة في عمله ، وهو الموضوع البارز لليبرالية و كيفية الاستفادة من الاختلافات و الصراعهات من منظور الاعراف الاخلاقية للمجتمعات المتوسطة الحال ، من الجوانب التقدم السياسي الثقافي الاقتصادي و الاجتماعي . الا ان التوافق بين القديم و الجديد من وجهة نظر الليبرالية دون الاعتماد على نوع الارضية سيخفق دون شك ، و هي التي تصر عليه دون تنظيم وضع علمي مناسب لكل مجتمع ، و هي تهدف دائما الى التعميم و اعتماد الافكار التي طبقتها طبق الاصل في الدول المتقدمة و تنقلها دون نقص او زيادة الى ارجاء العالم ، و هذا ما تواجهها العوائق و الاعتراضات التي تجبرها على اعادة النظر ، وفي الكثير من المواقع ستؤدي الى الفشل . الاختلافات المشتركة بين الافكار المعارضة للمنظور الاصالوية العامة و الواقعية و التجديدية المعتمدة على الحرية الفردية المطلقة ، لها ثمارات ملحوظة و اكثر نضجا للخلافات من اجل المنافع بين الافراد و المجموعات ، و حتى بين الاثنيات و القوميات ، و هذا ما يمكن ان يكون صحيحا لحد ما ،و لكن يجب ان نعلم ان هذا يكون على حساب مصالح المجتمع العامة . و الليبرالية تعتبر الصراعات مثل هذه هي الشرط اللازم للتقدم التكنولوجي الاخلاقي معا للمجتمع ، في حين تعتقد ان التقدم ياتي من خلال الاختلافات و الخلافات و الصراعات في النواحي المختلفة للمجتمع ، و هذا تناقض ان امعنا جيدا في جوهره ، ولابد من تصحيح الحال او ايجاد البديل المناسب له. ان الهدف هو استغلال انتاج الصراع لصالح الانسان ، وفي تلك الحالات السابقة من المتوقع ان تحدث الفوضى و عدم الاستقرار و التراجع ، و هذا عكس المطلوب . و لم يتحقق التقدم الاقتصادي الذي تعتبره الليبرالية الركيزة الاساسية الحاسمة لتامين رفاهية الانسان . و في السياسة ، نعتقد انها تاتي من اختيار الاصلح لادارة البلاد ، وهو خير البشرية . اي لم تتحقق الاهداف الخاصة بالليبرالية و بوسائلها الخاصة . اما اليسارية الاجتماعية الديموقراطية تعتمد في ذاتها ، ان طبقت بحذافيرها ، على ما موجود في الواقع و من نتاج التنافس السلمي الطبيعي بين المكونات ، و بحدود معينة بين مكونات وافراد ضمن اطار المنفعة العامة ، و ليس خروجا من الصالح العام و مصلحة الفرد ايضا ، و ما تعتمده الليبرالية الراسمالية دون النظر الى الواقع ، هو الذي يزيد من مساحة عمل الفرد على حساب الجماعة ، و هذا هو التناقض و الخلاف الكبيرين بين الواقعية و الخيال في تطبيق الافكار . و هناك جانب مشرق يُرى في الافق والذي يوائم بين تلك الصراعات ، ويمكن ان تسمى بالليبرالية اليسارية الواقعية ان جاز التعبير ، و التي يمكن ان تخصص لكل موقع بشكل خاص دون ان تفصل على العموم . اذن الادارة اليسارية الواقعية يمكنها ان تنظر الى مثل هذه الافكار لقطف ثمار الصراعات المحتدمة بين الافكار الجديدة ، والاستفادة من الخلافات ، و التقدم و التطور يحل محل التراجع والفوضى في هذه الحالات و المراحل المتنقلة ، و هو ما ينشده الجميع . هناك جانب هام في هذه العملية ، و يعتبر عامل فصل وهو العقلية و الفكر و المعتقدات من يدير التغييرات و الوسائل التي يدار و يتبنى بها المستجدات على ارض الواقع ، و التجارب اثبتت ان اعلمانيين الاكاديميين المحايدين هم خير من لهم القدة في انجاح العمليات المعقدة ، و عكس ما يفز منها الى خير الانسانية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا اختيار هذا الوقت لكشف تورط النواب العراقيين في الجرائم
...
-
اليسارية بين العقل والحرية
-
ماذا يحل بالمنطقة بعد نضوب النفط فيها ؟
-
هل ستنتظر امريكا نتائج انتخابات الرئاسة الايرانية لتتحذ الخط
...
-
على هامش اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في العراق
-
عوامل اخفاق اليسار في انتخابات مجالس المحافظات
-
سيطرة اليمين في اسرائيل و تاثيراتها على علاقاتها في المنطقة
-
التراجع في تطبيق ديموقراطية اقليم كوردستان
-
ترسيخ الفلسفة و النهج التربوي التقدمي اولى مهامات الدولة الح
...
-
اهمية الاصلاح داخل الاحزاب و تاثيراته على الوضع العام في الع
...
-
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|