أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - ليو شتراوس : الأب الفكري للمحافظين الجدد















المزيد.....

ليو شتراوس : الأب الفكري للمحافظين الجدد


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2570 - 2009 / 2 / 27 - 09:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


خلافا لكل مزاعم النيو ليبرالية الامتداد النظري للمحافظين الجدد , فإن الأساس الفعلي لصعود المحافظين الجدد لا يشكل على الإطلاق تطورا للعقلانية البرجوازية في فترة الإمبراطورية..فالتنظير الفكري الرأسمالي في فترة نهاية الحرب الباردة و ما بعدها ( منذ صعود ريغان حتى بوش الابن ) شكل قطيعة حقيقية , بل و تمرد جذري , على الأشكال المتأخرة للعقلانية البرجوازية الحداثية..لا ينتمي فكر المحافظين الجدد , الذي يعود الفضل في إحيائه و نشره لشتراوس , إلى نقد ما بعد الحداثة النيتشيوي عموما , بل هو نقد ينطلق من موقف كلاسيكي قبل حداثوي , و ذلك خلافا لكل مزاعم الليبراليين العرب , الذين تحدثوا عموما عن العلاقة الوثيقة بين فكر المحافظين الجدد و مشروعهم العالمي و الشرق أوسطي و بين الحداثة كهدف نهائي للنهضة العربية المعاصرة..على العكس تماما كان هذا الفكر ردة نحو الماضي قبل الرأسمالي باتجاه تشريع و تأسيس نظام شمولي يقوم على خطاب فكري سياسي شعبوي مؤلف من مزيج من الفلسفة و الدين بغرض خداع الناس العاديين و ضمان ولائهم....في الحقيقة كان تنامي نفوذ ليو شتراوس ( 1899 – 1973 ) في الأوساط الأكاديمية الأمريكية علامة هامة على العودة القوية للأفكار المحافظة المعادية لليبرالية لممارسة تأثير مركزي في الفكر السياسي و الاقتصادي الأمريكي منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي..بدأ شتراوس مما اعتبره نقائص الليبرالية التي اعتبرها النتيجة المنطقية للأفكار الفلسفية للحداثة , أي ما يمكن اعتباره نقائص الحداثة نفسها..آمن شتراوس أن الليبرالية , كما مورست في القرن العشرين في الغرب , تشتمل على ميل داخلي نحو النسبية الذي يؤدي إلى العدمية..و اعتبر أن الدولة الليبرالية الألمانية كانت مفرطة في تحملها للشيوعيين و النازيين الأمر الذي أدى في نهاية الأمر إلى تدميرها , و أنها بتحملها للفوضى الأخلاقية قلبت الألمان العاديين ضدها...بعد مغادرته ألمانيا عام 1938 بسبب ديانته اليهودية , حمل معه نفس التقييم للمنظومة السياسية الأمريكية الليبرالية..اعتقد شتراوس أن أمريكا قد وجدت على أساس متنوع , معاصر و كلاسيكي و آخر إنجيلي , و انتقد الاستبعاد الليبرالي للعنصر الكلاسيكي و عمل على إعادة إحيائه عن طريق تبنيه للمثال السياسي الأفلاطوني , في وقت كان الفكر الكلاسيكي عرضة للنقد و حتى الإهمال من المدرسة الوضعية التجريبية السائدة يومها في الفكر الأمريكي..لهذا الموقف أصل أكثر عمقا عند شتراوس , فقد رأى أن الفلسفة السياسية المعاصرة قد اعتبرت متطلبات الفضائل التي وضعتها الفلسفة السياسية الكلاسيكية أرفع بكثير من أن يمكن بلوغها , هكذا تصبح الفلسفة السياسية المعاصرة مجرد مساومة نحو فضائل واقعية لكن أكثر تواضعا و ذلك عندما تقدم أساسا واقعيا لإنجاز إنساني معتدل من الاستقرار و الرخاء...من المشهور عن شتراوس وصفه للحداثة أنها تقف على أرض صلبة لكن منخفضة...من جهة أخرى رأى شتراوس أن الفلسفة السياسية المعاصرة خطرة , لأنها عندما تكشف الحقيقة الرديئة للأخلاق التي يقوم عليها النظام المدني تضعف قناعة الإنسان العادي بهذا النظام , و لذلك ميز شتراوس بين مستويين من إعلان أو تصريح النص الفلسفي , بحيث يجري فهم حقيقة ما يقوله فقط من قبل قلة متخصصة دون أن يفهم من الناس العاديين و بالتالي دون أن يؤثر على قناعتهم و خضوعهم للنظام السائد..لذلك نراه , على العكس من الأكاديميين الليبراليين الذين اعتبروا سقراط شهيدا للفكر , يرى أن إعدام أثينا له كان مفهوما...و رغم أنه اعتبر ماكيافيلي نقطة التحول الكبرى التي قادت إلى الفلسفة السياسية المعاصرة إلا أنه انتقده لأنه صرح عن آرائه للعامة , و انتقد إطاحة ماكيافيلي بالقيم القديمة و دعوته لتشكيل النظام السياسي وفق القيم الإنسانية , الأمر الذي انتهى إلى علوم اجتماعية لا تقوم على القيم و سياسات حداثية وضعية تقوم على مقاربة تكنوقراطية بحتة ( في الحالة الليبرالية البرجوازية )...النقطة المركزية في الميكافيلية , و التي طورها هوبز و لوك من بعده , هي أن الإنسان يقف خارج الطبيعة , بل في مواجهتها , عندها لن توجد قيم أو لاهوت طبيعي , أو ستبقى دائما موضعا للشك...على العكس من هذه النظرة للإنسان يعود شتراوس إلى تعريف أرسطو للإنسان على أنه كائن سياسي بطبيعته , بالتالي فالسياسة و قيمها الجيدة هي طبيعية , و إذا كانت هناك تراتبية هرمية "طبيعية" لهذه القيم فمن الضروري عندها وجود تراتبية هرمية "طبيعية" بين البشر ( هنا يستخدم شتراوس ذات التبرير الأرسطي للعبودية على أنه نظام طبيعي )..و يستعير شتراوس أيضا موقف أفلاطون المعادي للديمقراطية الأثينية في موقفه من الليبرالية البرجوازية , هكذا كانت أفلاطونية شتراوس سلاحا لتبرير الانقسام الطبقي و انقسام البشر إلى حكام و محكومين من جهة و للدفاع عن الأوليغاركية من جهة أخرى ( أوليغاركية النخبة المالية الاجتماعية , البرجوازية )..أما في سعيه للبحث عن حل للنزعة العدمية لما بعد الحداثة , فقد قرر شتراوس أن يعود إلى الدين كأساس ضروري للفكر اليومي للبشر العاديين , كأساس لخطاب السلطة الشعبوي الذي يعيد إنتاج خضوع الناس لها....هنا يجد شتراوس رده على عدمية ما بعد الحداثة , فأمريكا ليست فقط حالة متقدمة جدا لليبرالية البرجوازية و بالتالي تحمل خطورة عالية "للانزلاق" إلى العدمية , بل أنها قامت , جزئيا , على أساس كلاسيكي إنجيلي و قد مثل هذا الأساس مصدرا لخطاب شعبوي يقبل بالأمر الواقع , لمخرج واقعي لخطر العدمية هذا...و فيم بدت العولمة محصلة لمشروع الحداثة , كان شتراوس معاد لمفهوم المجتمع العالمي , و اعتقد أن المواطنة العالمية مستحيلة , مثلها مثل الصداقة العالمية , الناس الجيدون هم وطنيون فقط , يحبون وطنهم الأم...هدف مشروع النقد الشتراوسي للحداثة إلى إحياء المثل التي هدمها النقد الحداثي و ما بعد الحداثي , و ذلك وفقا لخطاب شعبوي يقوم على خداع مبرر تماما للجماهير من قبل النخبة و السلطة السائدتين...يحتل الشتراوسيون اليوم مراكز قيادية في معظم أقسام العلوم السياسية و الفلسفة في الجامعات الأمريكية....يكفي أن نذكر بين أتباعه , ولفوفيتز , جين كيركباتريك , جون أشكروفت , فرانسيس فوكوياما , و صموئيل هنتنغتون...هذا يسهل بالتأكيد فهم الأساس النظري لأطروحة هنتنغتون , قبل الحداثية بل و المعادية للحداثة , عن صراع الحضارات....

مازن كم الماز


المراجع :
- Leo Strauss , Conservative Mastermind ; Robert Locke , http://www.frontpagemag.com/Articles/authors.aspx?GUID
- Profile : Leo Strauss , Fascist Godfather of the Neo-con , Jeffery Steinberg , http://www.larouchepub.com/eirtoc/2003






#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنطون بانيكوك : رأسمالية الدولة و الديكتاتورية ( 1936 )
- برودون إلى ماركس
- الحكيم بعد عام على غيابه : اكتشاف الإنسان و نقد فكرة الزعيم
- هكذا تفهم الحروب و هكذا تنتهي
- عن تصاعد قمع الأكراد في سوريا و محاكمات جرائم الأكراد الفيلي ...
- في المفاضلة بين القتلة و الحرامية
- أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية
- الأخلاق : فضائل الدولة لميخائيل باكونين
- عن الشهادة و الشهداء
- لا تسجد
- جدل مع مقال الأستاذ ياسين الحاج صالح عن المجتمع المكشوف
- في مديح الديكتاتور مهداة للرفيق ستالين
- محمود درويش من أحمد الزعتر ( 1977 ) إلى خطبة الهندي الأحمر ( ...
- المعارضة الليبرالية الديمقراطية للأناركية
- عن هويتنا كبشر
- تعليق على دفاع الأستاذ غياث نعيسة عن الماركسية الثورية
- لا دولة واحدة و لا دولتين , بل لا دولة
- وا معتصماه ! : أمجاد الجنرالات و عالم الصغار
- ملحمة غزة
- استخدام البشرة السوداء لكينغ و أوباما لتحسين الحلم الأمريكي


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - ليو شتراوس : الأب الفكري للمحافظين الجدد