|
استعصاء في مجلس النواب
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2566 - 2009 / 2 / 23 - 07:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحققت الديمقراطية للشعب العراقي بعد ان كانت حلماً ، الا ان ممارستها باتت متعبة جدا لكونها افتقرت الى مجتمع ديمقراطي ، اي ان حالها حال اي نظام او تشكيلة سياسية حيث لايمكن تطبيقها الا في حاضنتها الاجتماعية ، وكان من المؤمل ان ترفع رايتها الاوساط المثقفة الواعية في الاحزاب والقوى الديمقراطية ، ولكن بعد خطواتها الاول حفر لها قبراً سمي بالمحاصصة ، وراحت نتائج مخاضاتها تأخذ شكلاً لايمت للديمقراطية بصلة ، فتارة بأسم التوافقية واخرى استحقاقات انتخابية وفي نهاية المطاف توزع الحصص المعروفة بانها على حساب المصالح العامة ، يعد مجلس النواب من ابرز نتائج الحياة الديمقراطية في العراق ، كما انه يفترض ان يكون نوابه الكتيبة المقدامة للدفاع عن الديمقراطية ونظامها الجديد ، ولا ننسى مواقف مشهودة له كان ابرزها خلع رئيسه غير المناسب وبسلاسة تامة ، وقد اعتبر ذلك نصراً للديمقراطية ، غير ان هذا الانجاز الديمقراطي لم يدم طويلاً ، فعندما اريد انتخاب رئيساً جديداً للمجلس طغت ثقافة الحصص واخذ البعض يصرح علناً بان منصب الرئيس من حصته حصراً ، متناسياً او بالاحرى لاغياً ارادة نواب الشعب ، وبدا غير آبه بوجود آلية ديمقراطية كفيلة بحسم هذا الامر ، ودخل مجلس النواب العراقي جولات عاصفة كان محركها التزاحم على مواقع النفوذ ، مما ادى الى استعصاء لقضية هامة تتعلق بهيكلية المجلس ذاته وليس بمهامه ، حتى ان التحالفات التي في جوهرها صفقات سياسية لم تكن بقادرة على حل هذه المعضلة ، واذا كان هذا البرلمان غير قادر على انتخاب رئيساً له اذاً كيف سيشرّع لبناء دولة ديمقراطية ذات مؤسسات دستورية وقانونية ؟ . ان ما ينطلق منه دعاة حل المجلس هو الوهن الذي اصابه بسبب انتقال عمله الى خارج النصوص الدستورية ، وابتعاده عن التقييد بالنظام الديمقراطي واحكامه المعروفة ، وكانت قد تعرضت اغلب القوانين التي طرحت امامه الى حالة من الجرجرة واستهلاك الزمن وذلك بدعوى محاولة التوافق بين الاطراف المتعارضة ، اي كل جهة تريد تلويين القانون بلونها العرقي او الطائفي ، و كانت القوانين التي صدرت قد غلب عليها الطابع الفئوي بدلاً من الظهور بالصفة الوطنية العامة ، فمثلاً قد اجحف بحق الاقليات من خلال قانون قد اصابته المحاصصة بمقتل ، كما تم تمييز بعض الشهداء عن بعضهم الاخر وفقاً لقانون ، وجرى عزل سجناء سياسيين وحرمانهم من الحقوق التقاعدية وحصر الامر بفئة محدودة تابعة لقوى متنفذة ، كما ويعاني عدد اخر من مشاريع القوانين من الحجز التعسفي لان اطلاق سراحها بات مرهوناً بتفصيلها وفق مقاسات خاصة على حساب المصالح العامة ، واخيراً وليس آخراً ما تجلى بقانون انتخاب مجالس المحافظات الذي سلب جهاراً نهاراً اصوات القوائم الصغيرة واعطاها الى الكتل الكبيرة ، وقد مثل ذلك اغتصاباً لارادة الناخب العراقي ولكن بقانون !! . ان حالة الاستعصاء في ما يخص انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب ليست بالغريبة فقد سبق ان شهدنا المطاولة المتعبة في تشكيل الحكومة ، وليس بالامكان التوقع غير هذا النزاع على الحصص ومواقع النفوذ من قبل الكتل المتحكمة ، لذا تصبح الخشية على تحطيم قدرة بناء الدولة الديمقراطية مبررة ، وكل ما مر الزمن غدت امكانية العودة الى الماضي التعيس برداء مختلف واردة ، نقر اننا متشاؤمون ولكن لسنا بصدد اعطاء هذا التشاؤم نسبة مئوية عالية ، انما لابد من لفت الانتباه لدوافعه التي تضاف اليها على الدوام مؤشرات تعزز الشعور به ، ولكن ذلك ما يدعو المرء الى ان يدير ظهره الى افق التفاؤل ، وبالتالي يصبح التردد عن المشاركة مخيماً على النفوس ، وبمعنى ادق احباط للهمم في حين تحتاج العملية السياسية حتى لابسط جهد مخلص ، وفي ظل هذه اللجة الصاخبة يستوجب التحذير من استمرار صراع الكتل الكبيرة ، والتي لم تكتف باستحواذها على مواقع القرار السياسي انما راحت تزحف على حقوق الاخرين . وفي هذا الوقت الذي ينتظر فيه تضافر الجهود لاعادة بناء الدولة الديمقراطية نجد الجهة التشريعية المعول عليها في بناء المؤسسات التنفيذية في حالة الافتقار الى الكيان الراسخ ، وقد امسى مجلس النواب معروفاً بأنه مصاب بالشلل بحيث وصل به الامر الى حالة الدوخان في متاهة المحاصصة المقيتة ، مما عطل قدرته على انتخاب رئيساً جديداً له ، وغدا في حالة استعصاء متواصلة ، وهنا يصبح التساؤل عن مصير القوانين العديدة المنتظرة التي يفترض ان يصدرها ويقرها امراً في غاية الاهمية ، ان ما يعتمل في داخل اروقة مجلس النواب العراقي ما هو الا عمليات مقايضة سياسية شبيهة الى حد بعيد بالمضاربات في بورصة الاسهم ، اي من يمتلك العدد الاكبر يمكنه التحكم في الامور
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رهانات لاتتمتع بنصيب وافر
-
حصاد الانتخابات .. بحسابات الحقل ام بحسابات البيدر ؟
-
فساد انتخابي بامتياز
-
قضية الشعب العراقي .. لماذا صارت استثناءً ؟!!
-
الحزب الشيوعي العراقي .. قوس قزح عراقي فانتخبوا قائمته
-
مستقبل العراق بين وعي الناخب وكفاءة النائب
-
المحكمة الجنائية العراقية .. اولوية ملفات ام محاصصات ؟!!
-
العراق .. انتصار في مجلس النواب وانتصار في مجلس الامن
-
ثغرة { الدفرسوار } في دفة الحكم !!
-
المدنيون ... من ابناء محلتنا
-
اوباما .. وجه جديد ام مجرد واجهة ؟
-
الاتفاقية الامنية ... اختبار نهاية المطاف
-
منطلقات مواقف الرفض والقبول للاتفاقية الامنية
-
التعامل مع اغتيال الشخصيات.. جريمة لاتغتفر وجريمة مشابهة فيه
...
-
تمخض الاحتلال فولد اتفاقية امنية
-
الاتفاقية الامنية يستلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟
-
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
المزيد.....
-
استفزه فضربه الآخر بكرسي.. مرشح لمنصب عمدة بالبرازيل يهاجم م
...
-
كاميرا ترصد لحظة القبض على المشتبه به في محاولة اغتيال ترامب
...
-
ترامب يعلن أنه سيتفاهم مع روسيا والصين إن فاز بالانتخابات
-
جزر الكناري تستقبل 500 مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة خلال
...
-
إثيوبيا تصل قريبا للبحر الأحمر.. توتر جديد بالقرن الأفريقي؟
...
-
الصومال يوقع قانونا يلغي الاتفاقية بين إثيوبيا وجمهورية أرض
...
-
هل باتت الحرب بين إثيوبيا ومصر وشيكة؟
-
نصف سكان الأرض لا يتناولون ما يكفي من 7 عناصر غذائية هامة..
...
-
الجيش الإسرائيلي يعتقل 3 فلسطينيات بينهن زوجة القيادي الأسير
...
-
الدفاع الروسية تنشر فيديو لتطهير قرية حدودية من قوات كييف
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|