أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد المعرفي - دروس تقوية في الديمقراطية














المزيد.....

دروس تقوية في الديمقراطية


أحمد المعرفي

الحوار المتمدن-العدد: 787 - 2004 / 3 / 28 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الزمن القديم الغابر ، حين أتأخر عن الرجوع إلى
البيت ، كانت جدتي العطوف ، تبحث عني في أنحاء الحي
وبيوت الجيران بيتاً بعد بيت ، ولا يهدأ لها بال حتى
تجدني وتعرف مكاني ولو كان ذلك في أقصى الحي ، ولكن
العجيب في الأمر أنها رغم حبها الشديد لي ، فإنها ما أن
تراني وتقبض علي ، حتى توسعني ضربا مبرحاً لما سببته لها
من خوف وقلق عظيم ، وقد تعلمت من ذلك الدرس المؤلم
البليغ، أن المحبة قد يشوبها البغض، و الود ربما
يعتريه العنف في بعض الأحيان .

وها أنذا ، في هذا الزمن الديمقراطي الجديد الوافد
قسراً من خلف الحدود ، أعيش نفس المحنة ، ولكن بشكل أوسع
هذه المرة ، لأن الأمر بات لا يخصني وحدي ، ولكنه يشمل
الجميع ، بل كل القاطنين في الشرق الأوسط الكبير، ولم
تعد جدتي معنية بالأمر ، ولكنها القوات المسلحة
الأمريكية بنفسها جزاها الله خيراً ، جاءت إلينا مهرولة
بسبب حبها وخوفها الشديد علينا، تنقب في شوارعنا وأزقتنا
بحثاً عنا، لتوسعنا حباً وضرباً وركلاً ، ولكن
بالصواريخ والراجمات هذه المرة ، لمن لا يستمع للكلام
ويفهم الإشارات واللغات ، حتى تعلمنا الطاعة
والديمقراطية عن بكرة أبينا ، وأنا شخصيا لا أعترض على
ذلك ، وأريد أن أتعلم هذه الأبجدية بسرعة تامة ،
تيمناً بدرس جدتي العتيد ولسعات يدها على خدي ، رغم
صعوبة الأمر ، وغلبة الطبع على التطبع ، وأعلن على رؤوس
الأشهاد ، أني لا أمانع حتى في أخذ دروس للتقوية إذا
تطلب الأمر،لأتعلم الديمقراطية ، وأتعود على قبول الرأي
المخالف ولو تجرعت من ذلك السم الزعاف .



وقد بدأت بالفعل أوطد نفسي على هذا الأمر الصعب ، فابدأ
كل يوم تمارين الصباح بقراءة مطولة لأعمدة الأخوة
الأعداء فكرياً كما نقول في تعابير ثقافتنا الموروثة ،
وأخص بالذات الأخ العزيز سمير عبيد ، الذي اكتشفت بعد
معاشرة طويلة أنه خير معلم لي على قبول الرأي المخالف ،
وأن أفكاره رغم رفضي لها ، لا تخلو في النهاية من
الجدة والطرافة، في خضم الكتابات المهولة المتناسخة،
وبعد أن أصبح الكتاب أكثر عدداً من القراء ، استطاع أن
هو أن يتفرد بخط متميز لا تخطئه العين ، فتراني أبحث
عنه بين أكوام الصفحات ومن موقع إلى آخر ، حتى تكل
أصابعي من الدق والنقر ، ولا أتوقف إلا بعد أن أرتوي من
فيض معين أعمدته حتى السطر الأخير ، موطدا ً العزم رغم
العذاب وارتفاع الضغط الذي أعانيه ، أن تعلم
الديمقراطية من مصادرها المْوثوقة قبل غيري ، وإذا
اكتفيت وارتويت منه، عرجت على الفور إلى حمزة الحسن ،
أخوض معه مشفقاً عليه وعلى نفسي من تجربة الآلام
والأحزان والعزلة ، ليطهرني بلسعاته وتعابيره اللماحة
المتدفقة ، من رجس نفسي البغيضة ، وإرث الآيدلوجية
اللعين المترسب داخلي ، فآخذ منه درساً مكثفا في
الثقافة الجديدة ونقد الذات وجلدها ، حتى يحمر جلدي ،
وأشعر أني لا أساوي فلسا في هذا الكون وان عمري قبله قد
ضاع هباء ، حتى من الله علي بفرجه في الوقت المناسب
وذلك في أوج ظهور الديمقراطية الأمريكية وسلطانها الذي
لا يقهر ، وكلما صادف أن قرأت بعدها لمن يشابهني في
الرأي والعقيدة البائدة، تعوذت بالله من الشيطان الرجيم
، وعدت أستعين بحمزة من شر تأثير هؤلاء الظلمة
المنقرضين.

ولكن لأمر ما لا أعرفه، وجدت أن الأخ سميرعبيد قد
إنقطع هذه الأيام فجأةَ عن الكتابة ، ولم أعد أراه في
كافة المواقع المعتادة التي تعودت أن أراه يسوح فيها
، فدب في قلبي الخوف والخشية عليه، من غدر أعدائه
الكثيرين ، فبالله عليكم يا إخوان ، ويا من تباشرون
السايتات ليل نهار ، وتعرفون مخابرها ومداخلها ، ومن
يعلم منكم سبباً لإحتجابه وصده عن مريديه ، أو يعرف
خبراً عن مكان كتاباته، أن يدلني عليه ، ويرسل لي
مشكوراً عنوانه ، فقد طالت غيبته ، وأشتقت إلى طلة قلمه
الممشوق ولحيته الصبوح ، وأنتم أيها الأمريكان القساة ،
الويل لكم إذا أصبتموه بمكروه ، ليخرج لنا بعدها في
اليوم التالي، الناطق الرسمي بإسمكم كما تعودنا دائماً
ويتنصل فيها من فعلتكم النكراء، أو ليقول أنكم ما زلتم
تجمعون المعلومات عن مكان اختفائه ، أتركوه وشأنه فنحن
ابْـخَص به، ونريده كما هو على علاته بشحمه ولحمه ، فإن
مجرد وجوده بيننا دليل أكيد وضمانة راسخة على أننا
بدأنا والحمد لله ، نتعلم دروس الديمقراطية على أصولها
الصحيحة .



#أحمد_المعرفي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجَنـْــدلة وبين المنزلتين !!.
- يـــا بحيــري
- رزْ ﮔـــــــــــــار
- إلـْـحَـــقْ أسْـــــــــتادْ ... !!
- آ ل كــــابوني ...!!
- سعدي يوسف ، وإجتماعات بنات آوى ...2 .
- سعدي يوسف , وإجتماع بنات آوى ... !
- ألشكوى لغير الله مذلـــه .. !
- يابـِـحيْري... 2
- أين الإحصائيات يا فيصل ..!!
- يا بحيـــــري...
- أبــو العَطــــــــاوي
- إمْطـَـشــَّـــــْر ..
- أسفْ والله ... !
- هَــــــلِـــهْ
- صـــــادوووه ..!
- إتخرّبط جاسم المطير..!
- الشاعر الكبير سعدي يوسف / تحياتي واحترامي لشخصكم الكريم وبعد


المزيد.....




- من زيت الزيتون إلى اللحم المقدد.. هكذا ستؤثر رسوم ترامب الجم ...
- بعد تصريحات ترامب.. وزير خارجية مصر يبحث الخطة العربية بشأن ...
- بيسكوف: لا يزال من الصعب تصور مفاوضات مراقبة التسلح بين موسك ...
- -جبل إيفرست داخل الرحم!-.. لماذا تقل فرص الحمل في المناطق ال ...
- السيسي وماكرون على تخوم غزة وسط حشد كبير من المصريين
- المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: ارتفاع عدد القتلى من الصحفيي ...
- زاخاروفا: مشاورات ثلاثية في موسكو اليوم حول البرنامج النووي ...
- الكرملين: موسكو تدعم المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة ...
- -كومبارس في استعراضه-.. -واللا-: هكذا أحرج ترامب نتنياهو بال ...
- تصعيد جديد بين الكوريتين وطلقات تحذيرية تنطلق من سيئول


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد المعرفي - دروس تقوية في الديمقراطية