|
بيان في المسرح التجريبي
حسب الله يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 07:46
المحور:
الادب والفن
أعلموا..أن الحقيقة باتت مقلوبة..فلقد استشرى الداء وعم البلاء..وليس من أحد يقول لا. ومع انكم تملكون ارفع وأقدس منبر امتلكته البشرية منذ أقدم العصور،الا أنكم اتخذتم منه متنفساً لرغباتكم الذاتية وهواجسكم المشتتة،ورحتم تطلقون مسميات تصيفونها وفق أهوائكم ليتبناها نفر منكم،ويروج لها أصدقاء لكم. قلتم بانكم تجبرون،وكل تجربة خاضعة للنجاح أو الفشل. وقلتم أنكم ابناء هذا العصر،وأنكم لسان حاله،وما عداكم لانفع فيه،ولا علاقة له بهذا الزمان. هو زمانكم اذن. زمان الخروج أو التمرد على كل أساليب المعرفة،على كل ماهو راسخ ومتين في قواعد الفكروالفن،زمان الانبهار بكل شيء..بكل غريب وطاريء ومشوه. أنتم تستعجلون الموت،بدليل ان كل ماقدمتموه تبدد وصار منسياً والجيد لاينسى وإنما يمكث في الذاكرة على مدى أجيال لاحقة،هل سألتم انفسكم ماهي جذوركم الثقافية لكي تتمردوا على كل ماصنعه البشرية من ابداع ومعرفة. هل عرفتم أن اساس كل تجربة قائم على المعرفة،وان كل تجربة تنفي على نفسها الفطرية،وان التجربة أحكام وتقص وبحث ونقيض لكل ماهو بال،وان تعدد التجارب يحقق المهارات ويزيد الخبرات. والتجريبية أيها السادة،اعتماد مناهج لاالغاء مناهج،باعتبار ان المناهج حقائق علمية لابد أن تدرس جيداً،وتتم الصلة بها بعمق ودراسة،لامسرح،لاابداع،بدون تجرب،غير ان لكل تجربة ادواتها المعرفية السليمة،ذلك ان التجربة لاتتشكل من فراغ،لأنها لاتعمل في فراغ. انتم مدعوون لمليء فراغ بقدرات لم يسبقكم اليها أحد..وبهذه الحقيقة تكونون مجددين..والا كنتم مقلدين لما قبلكم. لم يأت أحد منكم من قارة مجهولة على خارطة الزمان والمكان. لم ينزل عليكم ايحاء لاهوتي يقول لكم كونوا عباقرة،وما قبلكم وما بعدكم مغيب من الوجود. انتم لستم كائنات غريبة تأخذ مكانها في الارض دون سابق انذار،انتم من بين الناس،تحملون خصائصهم وتنفردون عليهم بطاقة الابداع فاذا كانت ملكة حقة مكثف في الارض وتجذرت،وأثمرت،والا كانت فقاعة. كثرة من اعمالكم المسرحية فقاعة. كثرة من ادعاءاتكم زبدا. كثرة..مما تزعمون وبعمق ورموزه كذب في كذب. والقليل..القليل مما تقدمونه يتقدم الينا باعتزاز واحترام..الاعتزاز به. قائم على نبل القصد والاحترام له قائم على قيمة الجهد. القصد والجهد لاينفصلان،الاخلال باحدهما يفقدهما حالة التوازن المطلوبة. أعلموا هذا ياسادة فن المسرح. اعلموا انه لاشيء ابقى من مسرح يفهمه الناس،ويعبر عن وجودهم،وها الفهم هو الانتماء الى الناس،يستدعي ان نقدم مسرحاً تجريبياً،بمعنى أننا نكشف سبل مخاطبة جديدة بشكل مستمر. سياسة المسرح مرونة،مرونة في استقبال الافكار ونشرها والتعبير عنها بواسطة فن المسرح،من لايؤمن بهذه السياسة- القاعدة ليس مسرحياً،انما هو مدرك في سيرك. من القواعد الثابتة يمكن الانطلاق الى قواعد غير ثابتة. من الحقائق المتداولة يصنع المسرحي حقائقه. من الاحلام يتقدم المسرحي لترسيخ فاعلية مسرحيته،مما عرف ويعرف..ويضيف معرفة جديدة. هو تجريبي اذن،هو مبتكر اذن،لأنه لايقبل بما هو قائم،وانما يمكن له ان يقوم ويبني ويحقق حضوره المتين. انتم تجريبيون مجتهدون مادمتم تعرفون ما تفعلون،ومن لايعرف مايفعل لاعلاقة له بالمسرح..وخير له اللعب في ساحة بلا جمهور. كل فنان مسرحي،كل مبدع،كل طالب معرفة،كل من ينشد العلم. مجرب في ميدانه،الكسالى وحدهم لايعرفون التجربة. الموتى قبلهم تخلوا عن التجربة..واختاروا السكون. انتم مجربون حقاً اذا امتلكتم طاقة التعبير عن كل مفردة تلح بالبوح،انتم مجربون ناجحون اذا ما فكرتم بجدية اضافاتكم على من سبقوكم. ذلك انكم امتداد مشروع لمن قبلكم..ومن يقطع صلته بماضيه،كمن يهدي شجرة بلا جذور..وطائر بلا جناحين. التجربة التزام بأن تعرف،التجربة مصدرك،ارضك البكر..لان تعرف. التجربة ليست تأملاً مفرغاً من المحتوى،التجربة اختبار،دقة في المعنية. التجربة سبيل للوصول الى اليقين. التجربة ليست بداية مسطحة،البدايات خطوة اولى لاشأن لنا ولكم بها.. فهذه حالة اختبار مبكر للمواهب،تجاربكم شيء آخر،تجاربكم تتحول الى كائنات حية عندما تجد مساحة حرة لأن تحيا. من منكم بحث في ساحة حرة يحرب فيها مهاراته وخبراته. من منكم فكر..لأن يريد من المسرح خطاب وجود شاهد وشاهد زمن. من منكم فكر..لأنه يبحث عن مياه جديدة في بحر متسع. من منكم خاطب نفسه:أنا اجرب،اذن انا موجود..ذلك ان الوجود قرين الفكر والفكر قرين التجربة والتجربة قرينة الابتكار. لاتجربة قادمة من فضاء خارجي. لاتجربة مالم يكن لها نفوذ حي على عقل واحساس الذين نتقدم اليهم بخطابها الاصيل. اعظم واقدس وانبل مافي الخطاب التجريبي انه فن نابض،متحرك،مندفع،متحد،مفجر للطاقات الكامنة..المسكونة بالصمت. المسرح التجريبي..هو المسرح الذي لايشيخ ولا يبلى،لانه مسرح يجدد نفسه..مثلما تجدد الحياة وجودها في كل فصل. المسرح التجريبي،صناعة،مهرة في استخدام الرؤى التي تتنفس في عمق المتعة،من أجل قتلتلك العتمة مع سابق اصرار.
#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في جامعة بغداد :الدراسات العليا بين الجد والمزاج
-
غابرييل غارسيا ماركيز: الواقع وأبعاده
-
كبار الكتاب كيف يكتبون؟
-
الغربة العراقية في ثلاث روايات لمحمود سعيد
-
كونديرا خارج الاسوار.. الطفل المنبوذ ..بطيئاً
-
ميلان كونديرا: ثلاثية حول الرواية
-
خذ ما تريد..وأعطني (حرية) التوقيع على ما تريد! قراءة في نص ا
...
-
من هو : جومسكي؟
-
مع الروائي العراقي مهدي عيسى الصقر في روايته: رياح شرقية ريا
...
-
العراق..من يغلب من؟
-
ماريو فارغاس يوسا:(الحرية الموغلة)
المزيد.....
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|