جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 07:46
المحور:
الادب والفن
جارتنا الحبيبة دون ميعاد ,, بحيرة جميلة , هكذا شاءت الصدف الجميلة القليلة في حياتنا أن تكون رفيقة غربتنا ,, يالها من غانية جميلة غافية مدللة على كتف الغابة العذراء المجاورة , ترقص التانغو على موسيقا النوارس والحمام والبط والإوز متمايلة مع أغصان الصفصاف الحانية بحنان الأم فوق مياهها النقية كدمع العين ..
يالها من غانية جميلة مدللة على الطبيعة والإنسان الذي يحمل الطعام ليلقيه أمامها للطيور والبط الذي يتجمع على ضفافها في عرس لامثيل له بين البشر ,, ولولا اغتصاب الطريق الدولي الذي يربط لاهاي بأوربا الجنوبية بكارة الطرف الشمالي من الغابة باستحياء ودون " زفة " محركات وأبواق سائقين طائشين محظورة في هولندا لبقيت البحيرة والغابة قطعة من الجنة التي وعد بها الإنسان – على ذمة الرواة وصانعي الأسطورة المعششة في عقول البشر لاتقبل المساس بقدسيتها ..–
ماؤها حريري الملمس كوجه قهوائي اللون صبوح لسمراء من بلادي تدغدغه نسيمات رفيقة ,, تحدث فيه بعض التجاعيد عن غيرقصد ,لئلا تعيّرها الغابة بالشيخوخة , رغم أن عمرها متجدد لايعترف بمرورالزمن , لأنه خارج الزمن .
لعله من عمر ولادة هولندا التي أوجدها وخلقها الإنسان منذ خمسمئة عام فقط , خلافاً لجميع بلدان العالم التي خلقت الإنسان وأوجدته ,
انتزع إنسان هذه البلاد بلاده من مياه بحر الشمال الباردة لؤلؤة جميلة ليضمها إلى حضن أمنا الأرض الدافئ وحنانها الغامر الذي لايستحقه الإنسان الأناني الجشع الذي يمعن في تدميرها وتدمير نفسه برضوخه لحفنة من حيتان وطغاة العالم ....
وقف قريباً من مقعدي المفضل على الضفة عملاق أشقر عرفت إسمه فيما بعد – مارك- ليلقي بشصه في البحيرة للمرة الثانية , كانت تأكل الطعم وتفر هازئة به .. وهو يبتسم , وفي المرة الثالثة تحرك الشص بعنف وتموّج الماء فوقه , ليخرج الشص مزهواً بصيده . كانت سمكة بنية اللون تتلوى في الهواء كراقصة السامبا , فرح الرجل العملاق ونظر نحوي كقائد ظافر في المعركة قائلاًً إنها جيدة , , تصورت أنه سيتركها على العشب حتى تهدأ هدوء الأبدية ثم يضعها في جعبته , ليعاود الكرّة حتى يملأ ها عائداً إلى المنزل مزهواً أمام حبيبته ...
لكن خاب ظني بعدما أخرج الرجل من جعبته ميزاناً صغيراً وزن به السمكة بعد أن ربت عليها برفق وفرح عاشق مراهق ثم سجل رقماً وضعه داخل قطعة نحاسية صغيرة بعد أن أحكم إغلاقها وعلّقها بإحكام بجانب غلاصيم السمكة , ثم طبطب عليها ثانية , وأعادها للماء بحنان الأم التي تعيد طفلها إلى سريره الصغير بعد إرضاعه , ثم أعا د ترتيب أدواته وحقيبته واتجه نحوي وقال مازحاً سأعود العام القادم علني ألتقي بصديقتي البنية لأوزنها وأطمئن عن صحتها مرة أخرى ....إذا نجت من شهر الصيد المقرر في القانون ... ثم ودعني وغاب على دراجته في الطريق الملتوية بين أشجار الكستناء ...!......لاهاي / صيف 2008
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟