أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 2564 - 2009 / 2 / 21 - 03:24
المحور:
الادب والفن
ليس منّا من لم يلعب (عنكب يا عنكب .. نط واركب ) صغيرا وفيها تتوالى تتوالي قفزات الصبيان تخطيا من على ظهر أحدهم الذي ينحني مختارا طوال دورة تقافز زملائه . فإذا لمت ساق أحدهم رأس الصبي الذي أسلم ظهره لقفزاتهم، حل محل الصبي المنحني ، لتعاد دورة التقافز الجماعي من فوق ظهره ، وهكذا. على أن من حق الصبي الذي يستعد للقفز أن يطلب من الصبي ( مطية اللعبة) : (طاطي البصلة) إذا لاحظ أن رأسه ترتفع لأعلي مما يجب . ويشترط في تلك اللعبة الصبيانية أن يتصايح الطرفان ( من قفز ومن وطىّ ) فيصيح الأول بدعاء الركوب (عنكب يا عنكب) ليسمع من الثاني دعاء الاستجابة( نط .. واركب) وهكذا يتناوب الصبية حركة التقافز وتكرر فيما بينهم اللعبة (مرة تعنكب ومرة تركب) وكثيرا ما يتخلل دعاء الطلب ودعاء الاستجابة اعتراض زاجر : ( طاطي البصلة) لينكس المستلم ظهره للقفزات رأسه التي كثيرا ما يتعمد الصبية نصبها شركا للإيقاع بأحد القفزة .
لعبنا هذه اللعبة أطفالا بروح رياضية مرحة . أما أن نلعبها كبارا ، فهذا ما لم يخطر لي على بال . فإذا صادفنا من يلعبها ؛ فتلك ستكون من غرائب ما نلقي من مظاهر الفكاهة في حياتنا ، على أيامنا العجيبة تلك !! أما إذا علمنا أن بعضا من أساتذة المسرح في معهد أو في جامعة في القرن الحادي والعشرين ، يمارسون لعبة ( عنكب يا عنكب) دون روح رياضيو ، ودون مرح ، وبدون رغبة الآخرين في الانحناء ، ليقفز هؤلاء فوق ظهورهم عنوة ، وبدون حاجة إلى دعاء ( عنكب يا عنكب) ، فلا شك ستكون سابقة تستحق التسجيل في موسوعة جينيس العالمية!!
وهكذا تحتفي ساحة التعليم المسرحي الجامعي بتراثنا الفلكلوري الطفولي ، كلما أعير عضو هيئة تدريس إلى جامعة أو معهد خليجي ؛ فيمارس زميل له لعبة عنكب يا عنكب إذ يتنازل لزميل على شاكلته عن دعاء الركوب الفلكلوري ، ليجيبه المعار بدعاء الاستجابة ( نط واركب) فينط على ظهر زميلهما المشرف الرئيسي للبحث ، ويسطو وهو في تخصص تاريخ مسرح – مثلا – على ثمرة جهد الأستاذ في رسالة تتخصص في الإخراج أو التمثيل . فإذا وقف الأستاذ معترضا على محاولة سطو الأستاذ عنكب علي جهده العلمي الإشرافي الذي مرت عليه سنة ونصف السنة ، شهر في وجهه سلاح التصويت الصوري في المجلس ، حيث ينشد غالبية الأعضاء، إن لم يكونوا جميعهم دعاء الركوب إنشاداً جماعياً، من مقام ( موافقون) !!
وهكذا تعيد الجامعة إنتاج المقولة السياسية الصهيونية الشهيرة، التي كانت تعليقا على ابتلاع الصهيونية لفلسطين بإجماع دولي:
( لقد أعطى من لا يملك لمن لا يستحق )..
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟