|
مذكراتي في كندا - 5
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2561 - 2009 / 2 / 18 - 09:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اليوم في الصباح وجدت تنبيها للسكان ملصقا علي بوابة العمارة التي اسكن فيها . يقول الملصق . انه علي الساكن الذي ينسي أو يضيع مفتاح شقته ويعود بعد الساعة التاسعة مساء لكي يكلف البواب بفتح باب العمارة له . أن يدفع مبلغ 25 دولارا .. لأن " الكونسرج " – البواب – من حقه أن يستريح بعد 9 مساء .
أعجبني جدا هذا الكلام . رغم انه ليس في صالحي كساكن . فهو حكم عادل . لأن البواب . انسان وليس مكنسة أو ممسحة نكنس أو نمسح بها الأرض ، نجرها في أي وقت في الليل أو في النهار لنقضي بها حاجتنا .. كلا بل هو انسان . يجب أن يكون له ساعات عمل محددة . وما زاد يتم تعويضه عنه .
لعلكم تتذكرون فيلم " البيه البواب " للفنان الراحل " أحمد زكي " حيث يقوم بدور البواب الصعيدي ذو الجلباب والطاقية . الذي يسكن – ككل البوابين – بغرفة غير صحية بأسفل العمارة . يستغل السكان فقره وجهله فيعاملونه كما العبيد..! . مما يجعله ينتقم لهذا الظلم الطبقي الواقع عليه . فيستغلهم أيضا بطرق عدة أو يقاسمهم فيما يقترفونه مما هو غير مشروع , وبعد علمه بخبايا أسرارهم .
عندما قابلت بواب العمارة التي أسكن بها هنا في مونتريال ظننته : " حضرة صاحب العمارة " . فهو شكلا وملبسا : بيه – بك - .. وبحق .
البواب لا يسكن تحت بير السلم كما دائما بوابي العمارات في مصر . الذين تعد لهم غرف معتمة لا تراها الشمس .. كلا .. وانما يسكن بشقة ككل السكان . بالطابق الأول فوق الأرضي . وله بالطابق الأرضي مكتب أنيق ونظيف . بالتليفون . – وفيما بعد اعتدت علي ان اراه من حين لآخر وهو يوقف سيارته الخاصة أمام العمارة . وامتلاك البواب - أو غيره - لسيارة خاصة ليس بمشكلة ولا بالشيء الغريب . - والبواب هو الذي يحررللسكان عقد الايجار . والذي يتسلم قيمة الايجارات في أول كل شهر – نقدا أو شيكات - ويسلمها للمالك . بالاضافة لعمله في تنظيف مدخل العمارة وزجاج البوابة وطرقات الطوابق – بين الشقق - ورعاية الشجر والزهور الموجودة امام مدخل العمارة . وخلاف ذلك . مما قد نتطرق اليه في مقال آخر . --- يوم آخر : اليوم في محل " الديبانير " – أي البقال . او السمان – حسب قول اهل الشام - – . وهو رجل هندي الأصل . كما هو واضح من ملامحه وبشرته . والذي أفضل الشراء من عنده . وجدت شيئا مكتوبا بجانب ماكينة حساب النقود . فاستفسرت منه . فهمت أن معناه ان الزبون الذي يحضر بعدما يكون قد أطفأ اللافتة الكهربائية التي تعني أن المحل مفتوح للزبائن . ليجهز نفسه لمغادرة المحل بعد انتهاء ميعاد عمله ليعود لبيته للراحة . ان لدي ذاك الزبون حاجة ضرورية وملحة لشراء شيء ما . عليه دفع مبلغ 10 دولارات . مقابل الفتح بعد انتهاء العمل .. ولو لدفيقة واحدة . جري العرف هنا ، علي أنه ما دام صاحب المحل أطفأ اللوحة المضيئة - او اللافتة - المكتوب عليها المحل مفتوح . خلاص . علي الزبون أن ينصرف ولا مجال للاحراج . وهذا البقال . أضاف ذاك التنبيه من عنده كاحتياط اضافي . لاي زبون . شيء عادل ومضبوط ... لقد تربيت - وعشت في أكثر من قرية مصرية وتجولت بالريف . والحضر . المصري شمالا وجنوبا - . وعرفت أن البقال – غالبا ما يكون محله في نفس بيته – عليه أن يفتح باب محله في أنصاف الليالي وعند الفجر لمن يطرق بابه او يناديه لأنه " خرمان " ويريد شراء علبة سجائر ..! وقد يأتيه زبون بعدما أغلق محله بعد يوم عمل طويل وشاق ولكي يستريح بمسكنه . ولا يمكنه الاعتذار أو الامتناع فذلك من شأنه أن يكدر صفو الجيرة أو القرابة أو النسب او الصداقة او المعرفة .. ! ويضيع العشم والامل بين البقال وبين الناس . حيث يسمح لهم العشم والأمل .. بحق ازعاج الانسان في اي وقت من الليل أو النهار ، وقض مضجعه ! هذا غير معقول ..
واعرف أن موظف البريد الحكومي بالقرية المصرية . ان كان من ابناء القرية ومن صالحه أن يكون عمله في القرية التي يعيش فيها ، قد يضطر لطلب نقله لقرية أخري ! لكون أهل القرية كلهم أقارب وأصدقاء ومعارف . وكل من له دفتر توفير يحفظ فيه ماله . ان احتاج مبلغا من حسابه ليلا أو نهارا او في يوم اجازة رسمية للبريد الحكومي . يدق الباب علي صاحبنا الموظف هذا طالبا منه فتح المكتب الحكومي والخزينة البريدية ليصرف له ما يحتاجه . ولا يمكن ان يقبل عذر أن المكتب حكومي وان الموظف لا يحق له فتحه بعد مواعيد العمل الرسمية .. كل هذه ليست اعذار تشفع امام الصداقة و صلات القربي والصداقة وصلة الجوار ..الخ ..! مثل هذه الفوضي الحياتية . لا يمكن في ظل وجودها أن يرتقي شعب من الشعوب وفي ظل اعلام وتعليم يغفل أو يهمل معالجة تلك المساويء السلوكية . لا يمكن لبلد أن ينهض في يوم من الأيام ... ولا أظن معالجتها مكلف بشيء . لا للتعليم ولا للاعلام .. كل ما في الامر أن التعليم والاعلام يحتاج لوزراء ومدراء .. : يهمهم صالح ومستقبل ورفعة شأن الشعب والوطن . =***===***=
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تاجر الرقيق المبشر بالجنة!
-
مذكراتي في كندا – 4
-
منوعات بانورامية - 2
-
تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 3/3
-
تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 2/3
-
تركيا الاسلامية بين الأرمن والفلسطينيين 1/3
-
كورال البوم والغربان
-
من مذكراتي في كندا -3
-
الاسلام لم يختطفه أحد – والعكس صحيح .
-
من ضحايا الاسلام – الشيخ عبد الله السماوي –
-
الناس والحرية 21
-
من خيرات الاسلام
-
حصان اسمه فلسطين !
-
الناس والحرية - 20
-
كلية طب الحجامة – جامعة بعيركو
-
منوعات بانورامية
-
مسلم وملحد في الاحتفال برأس السنة
-
الناس والحرية – الحلقة 19
-
حركات التحرير الكاذب – من مراكش الي كوردستان –
-
مصحف هيرو هيتو - 3
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|