|
هل سيشهد اقليم كوردستان فوضا خلاقة و تغييرا جذريا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2562 - 2009 / 2 / 19 - 08:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الاحداث تتسارع هذه الايام بشكل غير مسبوق من الناحية السياسية في اقليم كوردستان ، بعد الاعلان عن موافقة الحزبين المتنفذين لاجراء الانتخابات البرلمانية في حزيران المقبل ، و من المتوقع ان يقر البرلمان على ذلك و يوافق و يحدد يومها ان لم تحصل المشاكل العويصة و التفييرات المعوقة لاجرائها في الوقت المناسب . تسارعت القوى المتعددة لتحديد موقفها و كيفية خوضها لضمار هذه المعركة الديموقراطية و ما يتحملون من اثارها و افرازاتها ، و مما تنتج الانتخابات من التغيير في الواقع و المواقف ، و يتخلخل من توازن القوى لمدة معينة الى ان يستقر على وضع متغير و مناسب جديد حسبما يختار الشعب ، و تكون الخطوة الاصلاحية الاولى ضمنيا لما هو عليه الاقليم من الركود و استغلال الحزبين للوضع الكوردستاني ، و ما يحيط بها من كافة المجالات و كتم جميع الاصوات المعترضة بكل السبل و استغلال ظروف كوردستان الداخلية ، و استشراء الفساد و انعدام الشفافية و سيطرة حفنة من السياسيين على موارد الاقليم ، و اتساع الفجوة بين الغني و الفير ، و عدم تطور الاقليم بشكل يُشار اليه رغم توفر الوسائل الضرورية لذلك في اي مجال ، و بقاء المستوى الثقافي و الاجتماعي على حالهما طيل هذه الفترة ، اضافة الى صورية المؤسسات وعدم اعتماد الحكومة و السلطة على المؤسساتية ، و عدم الارتكاز على المستندات الديموقراطية ، و من يدير الحكم لحد اليوم هم الثوار الوطنيين مع المحسوبين و المنسوبين لهم من كافة الفئات بما فيهم من كان ضدهم و وقف امام مساعي و طموحات الشعب في زمن الدكتاتورية العصيبة ،واليوم هم اذرعتهم اليمنى . و بعد الخلافات و الاحترابات الداخلية جراء الصراعات الحزبية المصلحية الضيقة ، و تعمق الخلافات بين القيادات و حتى ضمن الحزب الواحد ، و السبب الاكثر وضوحا للشعب ، هو نزاعاتهم المستمرة على المال و الملذات و المصالح الشخصية و المناصب الحزبية و الحكومية ، و محاولة الاطراف السيطرة من جانب واحد و الغاء الاخر ، و عدم الاستناد علىالحوار و الانفتاحية و نشر العقلية الديموقراطية ، و عدم تلائمهم مع الاوضاع الجديدة التي طرات على الساحة السياسية الكوردستانية ، و بالاخص بعد سقوط الدكتاتورية و عدم امكانهم من مسايرة الامور بشكل سلمي و سلس ، و هناك من مؤثرات المركز العراقي على اقليم كوردستان بشكل سلبي و ينتج منه ما لا يفيد الاوضاع و المستقبل ايضا يدخل ضمن الاسباب غير المباشرة . اعمق المشاكل بين القيادات الحزبية تتمثل في اختلاف مستوى ثقافاتهم و قدرتهم الفردية على ادارة البلاد و العباد و حتى احزابهم ، و اعتمادهم لحد اليوم بشكل غير معقول على التجمعات و التكتلات العشائرية و المناطقية لتقوية مواقعهم الشخصية في الصراعات الحزبية، استنادا على الاسترضاء و المنفعة المتبادلة ، مما جعلوا من الفئات تتشابك من اجل الحصات التي توفرها لها الرؤوس التي تقف على بقائها ، و هي السبب الاساسي لعدم التغيير و التطور في الاقليم . و برز بين حين و اخر صوت هنا و هناك يدعو الى الاصلاح و التغيير ، الى ان وصلت الحال الى انعكافات و انعزالات لعديد من القيادات و عزوفهم على التعاطي مع الاوضاع الجديدة و اصرارهم على معارضة الوضع القائم عن طريق وسائل الاعلام و بشكل سلمي ، و حتما اجتمعت المصالح الشخصية مع مطالب الشعب احيانا، مما ادت الى الالحاح من عدة جوانب على الاصلاح و التركيز على متطلبات الشعب، بعد الفشل في العديد من النواحي من محطات العمل الحزبي او سقوط تكتل او سيطرة جهة واحدة على المراكز الحساسة لحزبهم . من الجدير بالذكر هنا ، ان احد الحزبين اكثر انفتاحا على الانتقادات واقل مركزية من الاخر، و الذي يسيطر عائليا على زمام الامور في حزبه و بشكل تسلطي ، و لا يمكن لاي خلاف بين مكونات حزبهم ان يخرج الى العلن ، و يتعاملون مع الحزب كرب اسرة ، و المجال غير واسع لابداء الاراء والمواقف . اما الاخر نتيجة لما اسس عليه منذ البداية استنادا على الجبهوية ،و كان متعدد الجهات ، و عمل كجبهة موحدة متعددة الاهداف و الشعارات و المباديء و الفلسفة و مختلفة العقائد ، و لذلك كانت الارضية متوفرة دوما لبيان الاختلافات و المناورات و التوجهات و الاراء و المواقف المتعددةالى العلن. اليوم طفحت الى السطح الخلافات و وصلت الحال الى تقديم الاستقالات الجماعية و ربما الانشقاق اذا لم تُحل المشاكل و لم تنفذ الشروط ، وكانت بعضها مفاجئة للجميع في هذا الوقت ، و ربما كانت استقالة البعض رد فعل اني نتيجة خلافات ادارية شخصية مستفحلة و ليست نابعة من منطلق خلافات فكرية او عقيدية ، او اختلاف في النظرات الى نوع الحكم و كيفية الادارة للحزب والحكومة ، لانهم كانوا لمدة غير قليلة على سدة الحكم و لم يقدموا نموذجا يحتذى به لكي نعتقد بان الاستقالة و العزوف و الانعكاف المفاجيء و الخاطف نتيجة لمتطلبات و المصالح العامة للشعب . هذا بالنسبة لاحزابهم ، اما ما يخص الاقليم بشكل عام ، و حتما ستكون لهذه الاحداث المفاجئة السريعة ( ان لم تعد المياه الى مجاريها و ذلك بتنفيذ المطالب الشخصية و الادارية التي تخصهم فقط )ستكون هناك من الاثار المباشرة لها على الوضع العام للاقليم بشكل جذري و من عدة اوجه ، و منها مصير التحالف الاستراتيجي بين الحزبين المتسلطين ، و ما ستكون عليه ظروف اجراء الانتخابات البرلمانية بعد تعدد القوائم المؤثرة . ستكون الظروف حساسة جدا ،لان العقليات المسيطرة متزمتة ، و يمكن ان تتحول الى فوضى جزئية ،و ربما تكون مخاضا طبيعيا لولادة وضع جديد اكثر انفتاحا و ديموقراطيا ، و ستنتج معارضة فعالة قادرة على الضغط و كشف المستور و المحاسبة و المعاقبة ، و التقدم و الازدياد من الشفافية و سحب البساط من تحت ارجل المسيطرين على المراكز الحساسة ،و ان كانت الفوضى خلاقة سيرحب بها الشعب بعد الركود والتراوح في الوضع العام لاقليم كوردستان منذ فترة ليست بقليلة، و بعد اجراء الاتخابات البرلمانية ، ستكون نتائج على غير ما هو عليه اليوم ، و خاصة بعد التغييرات و الاحداث المفاجئة في هذه الايام ، و ستكون نتائج الانتخابات عاملا حاسما للاصلاح و التغيير و الخروج من الركود . اما التخوف الاكبر الذي يسيطر على ابناء الشعب الكوردستاني ، هو عدم التحكم الى العقل والاستناد على العاطفة والسير بالعملية عن طريق التشدد و التطرف نحو المجهول ، سيصيب واقع الاقليم و مستقبله بخيبة امل ، الا ان العوامل الداخلية والاقليمية و العالمية سوف تقف بالمرصاد ، و ستؤثر على الموقف و لن تدع الامور ان تفلت من السيطرة ، و تعمل على عودة الجزء الى الكل اكثر فاكثر حسب اعتقادهم ، و هناك من النقاط الايجابية و المفرحة التي تمنع ان تصل الحال الى الفوضى العارمة ، و هو نضوج في عقلية الشخصيات المؤثرة غير الحزبية لحد ما ، و سوف تكرس الضغوطات على الراي العام ، و يمكن ان لايُسمح بالوضع الخروج من الخط الاحمر العريض . يجب ان لا ننسى ان اتباع تعدد القوائم المؤثرة هو الطريق الاسلم في الاصلاح و التغيير و العبور من المرحلة و التوجه نحو السلٌم الاعلى من الديموقراطية و ضمان الحرية و محاربة الفساد و العمل على ضمان حقوق الطبقة الكادحة و تقليص الفجوة بين الفقر والغنى ، و السلطة هي السبب الرئيسي في كل تلك السلبيات غير المنتظرة او المتوقعة من قبل ابناء الشعب ، او حدوث الفوضى العارمة المؤثرة ، ستكون احدى الاحتمالات و ربما ستكون خلاقا ان توفرت الارضية لانبثاق وضع جديد و الادارة بتشكيلة جديدة .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النهضة بحاجة الى العقلية التقدمية المنفتحة
-
كيف نسد الطريق امام محاولات تفريغ الديموقراطية من مضمونها
-
بعد انتخابات مجالس المحافظات.. الوضع العراقي الى اين ؟
-
استمرارية الاصلاحات دليل تطور و تقدم اي بلد
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان كوردستان المرتقب
...
-
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان ا
...
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
-
صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية
...
-
صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
-
الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|