خالد يونس خالد
الحوار المتمدن-العدد: 786 - 2004 / 3 / 27 - 11:00
المحور:
الادب والفن
المحطة الأولى
غابت مع رحلةِ التاريخ
وأخذت معها حلاوةَ الربيع
والذنبُ في داخلي يحرقني
فقد هجرتُ بغداد
وهجر عنّي الأَحْباب
ومرت سنين من الربيع
إنقطَعَتْ فيها الأخبار
ولم أرجع إلاّ بعد تغير الأحوال
فاختفتْ ملاكة القلب
ولم تبقَ لي منها إلا الذكريات
المحطة الثانية
تغربتُ عنها تسعة عشر عاما
وهي لم تزل في البال
مخفية في عطرِ الحياة
ووردة في جنينة الأفكار
ونغمة في الوجدان
تُغَني للحب
والحبُ يبحث عن الأمان
والأمانُ مفقود
بين طُرقاتِ الأشواق
والأشواقُ لا تهدأ في الفراق
والدمعةُ تمتزج بالآهات
وأنا وحيد في فيضانَ الحسرات
فَضَيَّعتُ الطريق
بين الأمواج
وغرقَ فيها كل شئ
ولم تبق لي منها إلاّ الذكريات
المحطة الثالثة
أيها الزمن الضائع في مخيلتي
كيف شُرِّدتُ في أرضٍ غريب؟
وأنا في الغُربة سجين
والحبيبةُ في البعد
والبعدُ عني بعيد
آه لوكنتُ بسمةً على شفتيكِ
أو دمعةً في عينيكِ
أو عطرا بين ثديَيكِ
أو قطرةَ دمٍ في بُطَينيكِ
أو كنتُ آهةً من تَأَوُّهات صدرك بين جَنبَيكِ
ولكن كل شئ ضاع
ولم تبق لي منها إلاّ الذكريات
المحطة الرابعة
تمنيتُ أن أكون نور الشمس ألعبُ بخصلاتِ شعركِ
أو ضوءَ قَمَرٍ أدخلُ نسمات وجهكِ
أو قطرةَ ندى على ورقِ الشَجرِ الذي كنا نجلسُ تحتها في جامعة بغداد
وأنا أعشق المدينة
لأنَّ حرفا منها من إسمك
ياصديقة العمر
لحظةُ لقاء تكفي أن نُرجِع ثلاثين عاما إلى طفولة الحبِّ
فأكونُ برعما في حديقة بيتكِ
وتسيرين بين طرقاتها
فتقطُفين البُرْعُمَ
وتضعينه في كأس ماء
فتشربين منه قليلا بشَفتيكِ
وتضعين الكأس بجانب رأسك
على طاولة تَرْقُدُ بجنب سريرك
وتنامين مع سَكينةِ الليل
وأنا حلم أتجَوَّلُ في مُخيلتك
بين أحلامكِ
فتتنهدين على نغماتٍ
تَتَفَتّحُ أوراق البرعُمِ
وقد إستنشقَتْ من تَنَهداتِكِ
فتنظرين إلى البُرعُم وردةً
وتحملينها بأناملك
وأوراقُها تتناثَرُ على صدرك
وبَسمَتُكِ تغرق الأوراق بالعَشق
وتختفي الأوراقُ بين ثدييك
وتكون في ذاكرتك
وأكون معك في الشجَنِ
أكتب الشِّعر بين وجنتيك
وأنهضُ من حلمي
والحلم يشكو
واللذة تمحو
فلم تبق لي منها إلاّ الذكريات
المحطة الخامسة
أخبريني أيتها الرياح العاتية
أين هي أحلام عمري؟
خذيني إليها لَحْظَةً
ثُمَّ عَذِّبيني دَهرا
فلحظةُ وفاءٍ
أحبُّ من طول عُمْرِ الجَفاء
فدعيني أَحتضِنُ اللحظةَ بشُموع الآهاتِ
ليبدأ فيضان الليل
وصَخب النهار
فلا أُبالي
فقد هاجرتُ إليها
وهاجرتْ إليَّ
إنها في ذاكِرتي
وأنا قفص من عظام
لم تبق لي منها إلاّ الذكريات
كُتِبَت في السويد آذار/مارس 1992
#خالد_يونس_خالد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟