عبد العالي الحراك
الحوار المتمدن-العدد: 2556 - 2009 / 2 / 13 - 08:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انبرى بعض المثقفين والاعلاميين اليساريين في خدمة السلطة على طول فترات الحكم السياسي في العراق, بحسن نية او ببيعها رخيصة, وقد ظهر هذا واضحا خاصة في فترة حكم النظام السابق, وبطرق ووسائل مختلفة.. البعض من ذوي النية الحسنة اعتبرها وسيلة سلمية ناجعة في سبيل تطوير النظام السابق ودفعه لأتخاذ مواقف تقدمية ويسارية.. وقد يكون هؤلاء المثقفون مدفوعين من قبل حزبهم, الذي كان مشاركا في (الجبهة الوطنية) انذاك, بينما انخرط البعض الاخر عن طريق الاجبار والاكراه ثم الاغراء والاغداق على بعضهم بالمال والموقع الوظيفي.. فسخروا قابلياتهم الثقافية والاعلامية المتقدمة في دعم حكم النظام السابق وتخلوا عن شعبهم ومبادئهم بقصد او بدون قصد.. الان تتكرر الظاهرة مع اختلاف المرحلتين والنظامين وبمستويات متباينة.. فهناك المثقف الذي تستضيفه قناة اعلامية طائفية,ليتحدث لها عن الوطنية والديمقراطية كي تخدع به الناس.. واخر في قناة اخرى قومية ليتحدث عن تاريخ العراق وفترات الحكم الدكتاتورية والحكم الديمقراطي الجديد.. واخر يلقي قصائد في الشعر الشعبي ويستعرض بالمديح حياة السياب والقناة الاعلامية التي تستضيفه تعتبر الشاعر هو(من يتبعه الغاوون) وهكذا.... دون ان يدركوا جميعا بان هذا اعلام خطير ,يصب في مصلحة صاحب القناة الاعلامية وحزبه الممول وفكره المسيطر,الذي هو دعاية في حقيقة امره لأرساء ثقافة تلك القناة الاعلامية وتقوية دورها الداعم للحكم المذهبي والطائفي والقومي بغطاء ديمقراطي ولأنهم لا يملكون مثقفين واعلاميين ,بمستوى لائق يستطيعون ان يتكلموا الى الناس عبر وسائل الاعلام..هم يملكون ارقى الشهادات المزورة في القراءة الحسينية واداء اللطميات وقيادة المسيرات المليونية. لقد جلبت انتباهي سلسلة اعلامية اعلانية دعائية مصورة للاعلامي اليساري فالح حسون الدراجي منشورة على موقع صوت العراق الالكتروني الذي يظهر نفسه وطريقته السردية والوصفية لأشياء لا تستوجب كل هذه الدعاية ,ولا تجلب انتباه القارئ الى شيء واقعي بكل هذا المستوى من الاعلان..لقد خسر اليساري مثقفا واعلاميا في السابق بسبب هذه الطريقة في العمل للاخرين وترك نفسه وحزبه وجماهيره ..وهو يخسر الان دون ان ينتبه الى ما يقوم به وما يحصل من اثر سلبي في استقبال الجماهير له والتفاعل معه ..هم لا يدركون ان اليسار العراقي في تدهور مستمر وخاصة الحزب الشيوعي العراقي.. فنتائج الانتخابات الاخيرة تعلن هذا الفشل بوضوح ,بينما اعلاميه ومثقفيه واصدقائه تأخذهم القنوات الاعلامية الاخرى تحت تأثير مغرياتها ,والحزب لايستطيع تمويل قناة اعلامية يسارية مناسبة تحتويهم وتفيد الحزب والشعب من ثقافتهم واعلامهم كما لم يرتق بموقعه الالكتروني الى المستوى الذي يقدم للناس من خلاله الراقي والمفيد...
الاعلامي اليساري فالح حسون الدراجي يدعو العراقيين لزيارة العراق ليطلعوا على (التقدم والتطور), دون ان يدعوهم الى العودة والعيش والفعل بين اهلهم واحبتهم, ودون الطلب من الحكومة ان توفر لهم مستلزمات العودة الدائمية ولكافةالمهجرين تحت الخيام في الاردن وسوريا.. كان الاجدر بالاعلامي الوطني واليساري خاصة ان يجعل من ظاهرة الهجرة القسرية للعراقيين خارج العراق, موضوعه الساخن, ليكوي به ايدي الطائفيين الحاكمين في مجالس المحافظات وفي الحكومة والبرلمان, ويحملهم مسؤؤلية تلك الجريمة البشعة بحق الانسانية في العراق, ويطالب بتقديمهم للعدالة, لا ان يلطف وجوههم ويغض النظر عن افعالهم وسرقاتهم داعيا, البعض من زملائه الاعلاميين لزيارة العراق على نفقة رئيس الوزراء بالطائرة ,ثم يتجولون بالسيارات الفارهة ترافقهم الحمايات المشددة.. ولماذا كل هذا؟ ليطلعوا على (التقدم والتطور) ,وكي لا يصدقوا بكلام الاعلاميين الاخرين في القنوات الأعلامية المعادية كقناة الجزيرة القطرية...امر جيد ان يزور العراقيون في الخارج بلدهم ويلاحظون استقرارا امنيا وتقدما ملحوظا ..لكن الافضل من كل ذلك ان يعودوا ويبقوا في بلادهم للعمل من اجل تثبيت الديمقراطية وترسيخ الوحدة الوطنية وحمايتها من اخطار الطائفية والمشاركة في البناء والاعمار حيث الكفاءات والقابليات هناك, لا للزيارة فقط.. ندعوا جيراننا واخوتنا العرب والاجانب من اصقاع الدنيا كافة, لزيارة العراق للسياحة صيفا في مصايفه العليلة في الشمال ,عندما يطمئن السيد البارزاني والشعب الكردي, باننا شعب واحد ووطن واحد وسياحة متنوعة, الصيف لديهم والشتاء عندنا في الجنوب, عندما نبني في البصرة مرافق سياحية جميلة وننظف انهارها ونشجر ظفافها .. من زار مدينة البندقية في ايطاليا وانا فيها الان فالبصرة اجمل منها,عندما تبلط شوارعها وتنظم وتزرع ورودا حديقها ومنتزهاتها..وتم احياء آثار اور في الناصرية واثار بابل في الحلة..عندها سيزورنا الاخرون ونحن مستقرون نستقبلهم لا ان يزورنا سرا قادة من احتل بلادنا ودمرها.. الاخ فالح حسون الدراجي فرح وهو يتجول في بغدا واتمنى ان يدوم فرحه وفرح جميع العراقيين, ولكن هل انتهت الطائفية بتغير ظاهري بسيط على خارطتها وتوزيع ادوار بعضها يفوز وطنيا والبعض الاخر يخسر طائفيا ؟؟انها قوة الشعب وحسن رفضه للطائفية..لكن لم تحن له الفرصة بعد للتمييز بعمق في جوهر الوطنيين والديمقراطيين الحقيقيين عن سواهم.. وهنا يأتي دور الاعلامي الوطني واليساري ليعمق وليس ليصفق للظاهر ويسميها (الانجازات العظيمة),ناسيا الخسارات الكبيرة التي تكبل بها الشعب والوطن, نتيجة اجرام وعبث الطائفيين وميليشياتهم, وهم ما زالوا يحكمون ويتصرفون بمصائر الناس في مجالس المحافظات, حيث التغيير الذي احدثته انتخابات مجالس المحافظات لم يكن جذريا ولم يرتق الى مستوى (الانجازات العظيمة) فقد تعود التحالفات الطائفية الى سابق عهدها ,وهي لم تنفك بعد عمليا ورسميا ..فالمجلس الاعلى يحبذ العودة اليها..وحزب الفضيلة لا يمانع من احيائها والمشاركة من جديد.. والتيار الصدري كيان شيعي قح يتلاعب بالاسماء والعناوين والاشخاص ’قلق جدا ينتظر الاشارة عبر الحدود ليثير المشاكل والعنف..لان جذورالطائفية ممتدة في الارض وفي العقول..على المالكي قلعها وعدم اللعب بها لأغراض الحكم والسياسة والمساومات. حبذا لو عدد لنا السيد فالح حسون الدراجي بعضا من هذه (الانجازات العظيمة) خارج التحسن الامني الذي يعترف به الجميع, او لانه يتجول فرحا في شوارع الكرادة, فحسبه انجازا عظيما..لا مانع من تأييد السيد المالكي في ارساء الاستقرار الامني, بل لابد من تأييده دون اطراء كبير, لان الامن بحاجة الى السياسة.. والسياسة في العراق معناها الوحدة الوطنية, التي تتناقض مع المذهبية والطائفية واحزابها ورموزها ..وكما شارك المالكي في صنعها عن طريق تشكيل الائتلاف الحاكم, عليه الغائها باستئصاله لأئتلافها ,والبحث عن ائتلاف وطني ديمقراطي حقيقي, جماهيره موجودة بين الخمسين بالمائة الذين شاركوا في الانتخابات الاخيرة والخمسين بالمائةالذين سيشاركون في الانتخابات القادمة عندما تكون النوايا والخطوات وطنية صادقة وثابتة.. عليه ان يتوجه لهم ويدعوهم للمشاركة في الانتخابات القادمة, ويطمئنهم من خلال خدمات جديدة على الارض ينجزها خلال العام الحالي وليست وعود.. فان استمرت الوعود, فستصبح مقاطعة الانتخابات القادمة اكبر واوسع..وهنا يأتي دور الاعلامي الوطني واليساري في المطالبة المستمرة بتقديم الخدمات والتصفيق لها ولمن يقدمها ليس الا. لم تترسخ القاعدة المادية القوية للوحدة الوطنية وملايين العراقيين يعيشون في الغربة وهم وطنيون ديمقراطيون.. فلا ديمقراطية بدون ديمقراطيون على ارض العراق, والديمقراطية في خطر ما زالت الطائفية والقومية الانعزالية لها في المرصاد..ضرورة العمل من اجل خدمات افضل للشعب وعودة المهجرين والمهاجرين واصحاب الكفاءات, فهم اساس الوحدة الوطنية وكفتها الثقيلة التي تطيح بكفة الطائفية المتهاوية والقومية الانعزالية المتباكية . ضرورة التواصل بين ابناء الداخل والخارج وملاقحة الافكار والرؤى وليس الاعتكاف على الموقف وعدم التجاوب مع مواقف واراء الاخرين وان انتقدوا بقوة.. فاحترام الرأي والرأي الاخر والرد عليه جزء من ادب المجاملة واحترام الذات وبيان صحة الاراء من خطئها حتى يؤيدها الناس اويرفضون الخاطئة .ان تشتت اليسار يضعف الوحدة الوطنية, فحتى انصار الحزب الشيوعي العراقي مشتتين في مواقفهم يدعمون غيرهم اكثر مما يؤازرون بعضهم بعضا.. فهذا الاعلامي الذي يصرح من على قناة الفرات ,وذاك الذي يقابل في قناة العراقية, والاخر الذي يكيل مدحا في شخص رئيس الوزراء ,بينما الحزب يخسر في الانتخابات..اين التفسير وكيف التبريرلهذه التصرفات والابتكارات؟ لا احد يعترض على تأييد رئيس الوزراء في خطواته واجراءاته العملية في تعزيز الامن وتقوية الوحدة الوطنية ,ولكن يجب المراقبة والمتابعة للتقدم وللتطوير الذ ي سيحصل في المستقبل او قد لا يحصل, خاصة في جانب المصالحة الوطنية الحقيقة والواعية لمصالح الشعب ونشر الثقافة الوطنية الديمقراطية وفتح المجال واسعا للكفاءات والقابليات ان تعود وان تعمل بيسر وحرية وابعاد العناصر الفاسدة ومحاكمتها ,فهي مازالت تعشعش في الوزارات والدوائر الحكومية وفي مكتب رئيس الوزراء والبرلمان.. ليست هناك تجربة شعبية وطنية ديمقراطية مستقرة في العراق..فالظاهر على السطح هو الفساد والتخلف والبطالة وتزوير الشهادات وبقاء الناس خارج بلادهم .عندما يبدأ البناء والاعمار يدعى الزوار لزيارة العراق للاطلاع على الانجازات العظيمة.. اما الان فالانجازات هي في السرقات والفساد المالي والاداري والبطالة وتعطل الخدمات.. لابد ان نسمع من الشعب يروج للحقيقة التي يعيشها وليس لأعلامي يتجول لايام معدودة في شوارع الكرادة ..لقد ذكرتني يا استاذ فالح بصديق فلسطيني زارالعراق في السبعينات, وعندما عاد الى الخارج لأكمال دراسته ,صار يتحدث بيننا نحن الطلاب عن التطور والتقدم في العراق بشكل غريب.. فقلت له, كم يوم بقيت في العراق؟ واين ذهبت؟ فقال بقيت اسبوعا واحدا, وفي بغداد.. فقلت له.. وكيف استطعت ان تطلع على كل هذا التطور؟ فقال لقد شاهدته عبر التلفزيون.. اذن هو تلفزيون.. واعلام تلفزيون.. ودعاية واعلان.. ام حقيقة..؟ انا لا اؤيد القنوات التلفزيونية المغرضة والتي تعادي العراق وتعادي الحكومة ,لكني اؤيد اجراءات حقيقية وكبيرة على الارض, وصوت الشعب هو الذي يبلغ عنها ويعمل لها دعاية.. واتمنى ان تكون في الطريق هذه الانجازات العظيمة التي تتحدث عنها, ايا كان فاعلها ومقدمها.. المهم ان يستفاد منها الشعب وتتطور من خلالها البلاد...نريد ان نرى معامل تعمل وعمال يعملون وحقول خضراء واسواق تعج بها منتجاتها ومدارس جديدة وطلاب فرحين ومستشفيات وصحة لا امراض ولا كوليرا.. وانتخابات قادمة يشارك فيها الجميع.. وقوانين للاحزاب الوطنية اللادينية ومصادر تمويلها وتنظيم افضل للانتخابات وسجلات الناخبين وغيرها امور كثيرة ..عندها سأصفق مع الاخ فالح حسون الدراجي وغيره دون ان تمنعني ايديولوجية او يخدعني الحكيم وسوف اؤيد المالكي واعترف واقر بوطنيته, وليكن عبد الكريم قاسم اخر مع الحاجة الى ابتسامة ذلك الزعيم فقد كان زعيم باقتدار..لقد اكثرت من الصورالاعلانية يا استاذ فالح.. يبدو انك تحب الظهور قبل ان تتبوء موقعا بحثت عنه ام بحث عنك..او رغبت فيه ام لا.. ليس مهما للقارئ والمشاهد ان يرى صوركم وهي صور لطيفة وجميلة, لانه امر شخصي.. كان بودي ان ترينا صورا (للانجازات العظيمة) كي نفرح معكم ..فنحن كما انتم نحتاج الى فرح.. سنفرح عندما نرى الانجازات العظيمة سواء كانت مادية شامخة او ديمقراطية حقيقة ووحدة وطنية موردة ومفتحة.. دمت سالما في العراق او في امريكا . عبد العالي الحراك 10-2-2009
#عبد_العالي_الحراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟