|
اوجه التغييرات المحتملة بعد انتخابات برلمان اقليم كوردستان المرتقبة(1)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2558 - 2009 / 2 / 15 - 08:16
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
نرتقب و نتابع بشغف ما يجري هذه الايام على الساحة السياسية الكوردستانية من استعدادات و تحضيرات ، و بعد انتظار طويل و ركود سياسي منذ مدة ، نسمع اليوم عن اجراء الانتخابات البرلمانية قريبا ، ان ما يجري في المستقبل القريب و ما ينم عن هذه الظروف من التغييرات والاصلاحات ممكنة و بشكل جذري ربما ،و لكن يحتاج الى خطوات حذرة . ستكون هذه ثالث انتخابات عامة تجري في الاقليم منذ انتفاضة اذار ، بعد الانتخابات الاولى و ما جرٌ ورائها من الاحتكاكات ووصلت الى الحرب الاهلية و تقسيم الاقليم كمعقلين للحزبين المتنفذين و توابعهما ، هذا بعد احتراب شرس وتضمنها دعوة القوى الخارجية من قبل الطرفين لمساعدتهما في السيطرة على السلطة بشكل مطلق و الغاء الطرف لاخر و تسقيطه نهائيا . و بعدها جرت انتخابات ثانية بعدما وضعت الحرب اوزارها الثقيلة على الشعب الكوردستاني ، و نتجت هذه الانتخابات بعد الاتفاق الاستراتيجي بين الحزبين المتنفذين و بعد ان تاكدا انه ليس بامكان احدهما انهاء الاخر ، و انبثقت حكومة الاقليم بشكل توافقي بينهما ، و السلطة الحقيقية بقت كما هي تحت رحمة الحزبين و قراراتهما ، و بقت المنطقتين لحد اليوم و ضمنيا منقسمة على الطرفين تقريبا رغم ادعائهما توحيد الحكومتين و اعادة المياه الى مجاريها . المهم و ما يجب ان يُذكر هنا ، ان الشعب بعدما تلمس ما آل اليه الوضع و ما يجري سرا و من وراء الكواليس ، و كيفية ادارة الحكم في الاقليم و الفساد المستشري ، و العمل من اجل المصالح الذاتية بعيدا عن المصالح العليا كما يتشدقون ، و راى بام عينه ما يوجد على الارض من ان العدالة الاجتماعية وصل الى اي مستوى خطير و مدى اتساع الفجوة بين الفقر المدقع و الغنى الفاحش المسيطر على الوضع الاجتماعي السياسي، و تحسس مظلوميته و غبنه جراء افعال احزاب السلطة وتوابعها ،ازداد من وعي الشعب الى حد كبير مما يجري و الى حد مقبول ، و ها هو ينوي و يريد ان يعمل كل ما في وسعه من اجل التغيير و الاصلاح في الاقليم و هو المطلب الرئيسي لكل من يحس بالوضع الخطر ، و يمكنه ان يقول كلمته ان جرت الانتخابات بشكل نزيه دون ان تشوبها التشويهات و الافعال مما شاهدنا من قبل ، و هذا الوضع المتنقل يمر بمخاض عسير و الاهداف صعبة المنال و لكن تصحيح المسار ليس بمستحيل . اما الوضع السياسي العام بعد الانتخابات فيتحمل العديد من الاحتمالات كما نعتقد و يمكن ان نسردها كالاتي : احتمال فوز الحزبين بشكل مطلق و بقاء القوى الاخرى في الهامش ان حصل الحزبان و هما ينويان ان يجريا الانتخابات بتحالف استراتيجي بينهما، او بشكل نسبي كما تفرضه المستجدات على الاكثرية المطلقة من الكراسي في برلمان اقليم كوردستان ، سيكون الوضع مترسخا كما هو و يبقى على حاله دون تغيير يذكر ، و ربما تزداد السلبيات لثقة الحزبين الزائد بنفسيهما و تعويلهما على اصوات الشعب ، وان نجحا في لعبتهما السياسية شبه الديموقراطية على نحو يمكنهما استغلال انخفاض مستوى الوعي لدى الغالبية العظمى للشعب ، لربما ، و سيزداد الفساد و عدم الاعتماد على الدستور و القوانين في ادارة الحكم على الرغم من كل تلك الانتقادات التي تواجههما ،و هما يتحججان بحصولهما على اكثرية اصوات الشعب و ثقته ، و ستبقى الحكومة مشلولة و محكومة من قبل الحزبين ، و لم تتوجه نحو المؤسساتية و ستبقى صورية الى حد كبير ، والسلطة و الحكم الحقيقي و القرارات السياسية ستبقى بيد الحزبين ، و ستطول فترة بقاء الادارتين منقسمتين على بعضهما في الواقع رغم ادعاء توحيدهما . المناطق المتنازعة عليها تتجه نحو الاسوء نتيجة تقوية موقع المركز مقابل حكومة اقليم ضعيفة منقسمة على نفسها و متصارعة ، كما هو عليه اليوم ، و في احسن الاحوال ستكون قضية المناطق المتنازع عليها ، و هي المشكلة المصيرية العويصة و ما يخص اقليم كوردستان و مستقبله معلقة لفترة اخرى كما هي اليوم ، و منذ مدة و المل يتملص من حلها . الشفافية و الديموقراطية تبقى على حالها الميئوسة منها ، و لم نتقدم من ناحية تقديم الخدمات العامة لشعب قيد انملة ، ويتفاقم الروتين ، و يمكن ان نتراجع عما نحن فيه اليوم لازدياد الفساد و انخفاض الميزانية الممنوحة من مركز العراق نتيجة انخفاض اسعار النفط ، وبقاء العتمة على كيفية صرفها من قبل الحزب ، وهو المسيطر على صرفياتها لحد اليوم و التي تكون له حصة الاسد كما هو عليه منذ فترة طويلة ، و تزداد سيطرة التحزب الضيق على كافة مسارات الحياة بشكل اوسع ، من التعليم و التربية و الجامعات و الزراعة و الري و الثقافة والاعلام و التجارة و احتكار السوق الحر ، الى عدم تاثير مواقف منظمات المجتمع المدني و اخفاء مواقفهم ،ومن ثم امرار القرارات المصيرية . و لم نتقدم ولو بخطوة نحو المؤسساتية او الاسس العلمية في العمل الحكومي و اداء الواجبات ، و لم نتبع التقدمية ولم نستند الاستشارات في العمل السياسي العام . اي ، يجب ان ننتظر اربع سنوات اخرى و نحن في اسوا الحالات ، و لم نقدم على التغيير و الاصلاح المطلوب باستمرار . احتمال فوز قوة معارضة معينة و ان ياتي الحزبان في المرتبة الثانية هناك مشاريع سياسية تكتيكية قدمت اخيرا من قبل عدة اطراف على الساحة السياسية الكوردستانية ، واحتمالات التحالفات ازدادت ، الا انه من المعلوم للجميع ان الاحزاب الصغيرة لا يمكنها ان تعبٌر المرحلة لوحدها لظروفها المعلومة و قدرتها البائنة للعيان . ان كانت الكتلة الفائزة محل ثقة الجماهير و بقيادات معتبرة واصحاب مصداقية ، يمكن ان نتصور في حينه التغيير المامول و سيطرة التوجه الاصلاحي على الرغم من صعوبة الطريق ايضا ، لكون الحزبين المتنفذين لا يمكنهما ان يسمحا لاية قوة فائزة ادارة الحكم ، و هم يتلذذون منذ مدة ليست بقليلة بملذات السلطة و اعتادوا عليها ، و بنوا اسسهم الحزبية و الفكرية على هذا النحو و على المواقع والمناصب الحكومية ، و ليس على المباديء و العقائد و الوطنية و الشعارات التي يدعونها . و الاحتمال الاكبر هو عدم قبولهما للنتائج باية طريقة كانت ، هذا ان سمحا اصلا بمرور الانتخابات ان احسوا بهذه المشكلة و العائق امام استمراريتهما في هذا النهج ،و ان افترضنا انهما قبلا بالنتيجة نتيجة الضغوطات الخارجية قولا ، فهل ينفذون ما يشرعه البرلمان الجديد و هم يسيطرون على كافة منافذ الحكم ، فان كانت التشريعات لصالح الشعب و بعيد عن مصالحهما ، والسلاح و منافذ الاموال و الجبايات و الواردات بايديهما ، ومن يقبل في توحيد القوات العسكرية والامنية وهي تابعة لهما في الاقليم ، و اعادتها الى السكة المؤسساتية الطبيعية لها . فهل يمكن محاسبة و عقوبة المفسدين ، و من اهدر ثروات الشعب و استغل منصبه واستاثر بها . و هذه كلها عوائق و تصل القائمة او الكتلة الفائزة بها الى طريق مسدود ، ولكن الرهان على كيفية فتحها بمراحل، و يمكن لاي متابع ان يتفائل في جانب من ترسيخ الديموقراطية و الاصلاح خلال المراحل الانتخابية المقبلة لاصرار الشعب عليه، و ليس من خلال مرحلة محدودة او في وقت قصير .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدور التركي بعد حرب غزة و تلاسنات دافوس
-
دور النقد البناء في بناء الاحترام المتبادل بين السلطة و المو
...
-
مكامن عمليات اعداد القرارات السياسية و امرارها في العراق
-
تعتمد التحالفات السياسية على ظروف المرحلة و الوضع السياسي ال
...
-
من هم المعارضة و ما هي واجباتهم ؟
-
اوضاع العراق بعد تنفيذ اجندة الادارة الامريكية الجديدة
-
الاليات المناسبة لمشاركة الشباب في اداء الواجبات العامة
-
الفضائيات وسيلة عصرية لتمدن الشعوب
-
المحافظة على سلامة عقلية الاجيال القادمة من واجبات المخلصين
...
-
تقديس القائد من الخصائص السلبية التي يتصف بها الشرق الاوسط
-
الديموقراطية الحقيقية لا تحتاج الى رموز لترسيخها
-
صراع الاحزاب بحرية و سلام تنافس مقبول لقطف ثمار الديموقراطية
...
-
صورية تركيب ومهام برلمان اقليم كوردستان
-
الوعود الخيالية في خطابات وبرامج مرشحي مجالس المحافظات
-
سبل استنهاض الشعب العراقي من الاحباط الذي اصابه
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقيم كردستان (3)
-
عدم تاثير مواقف الاحزاب الصغيرة على سياسة اقليم كوردستان
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (1)
-
الفساد فاض عن حده المعقول في اقليم كردستان (2)
-
ماذا يحدث للمواطنين العراقين في السعودية
المزيد.....
-
بيونسيه تتوج مسيرتها بجائزة طال انتظارها ونانسي عجرم تطوي صف
...
-
فرنسا: هل ينجو بايرو من حجب الثقة؟
-
أمريكا - إسرائيل: أي حدود للتحالف بين ترامب ونتنياهو؟
-
بعد تبرعه بـ 100 مليار دولار للأعمال الخيرية، هل يترك بيل غي
...
-
شتاينماير يطالب من الرياض بإطلاق الرهائن وبتطبيق حل الدولتين
...
-
-مازلت متعطشا-.. نوير مستمر في حراسة عرين بايرن ميونيخ
-
ترامب يعلن رغبة بلاده في الحصول على المعادن من أوكرانيا مقاب
...
-
-زومبي من أجناس متعددة-.. زاخاروفا تعلق على عدم قدرة أوروبا
...
-
رئيس البرلمان البولندي يدعو أوروبا لتقليص الاعتماد على الولا
...
-
بيسكوف: لا يوجد أي تقدم في عملية تنظيم لقاء بوتين وترامب
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|