أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المُستفَّزة . . فيلم بريطاني يعيد النظر في قضية العنف المنزلي















المزيد.....

المُستفَّزة . . فيلم بريطاني يعيد النظر في قضية العنف المنزلي


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 11:00
المحور: الادب والفن
    


يعتبر فيلم " المُستفّزَة " للمخرج الهندي جاك مندهرا واحداً من الأفلام البريطانية المهمة التي غيّرت مفهوم الإستفزاز في القانون البريطاني، وتداعياته القضائية. وهذا الفيلم مستوحىً من قصة حقيقية حدثت لكيرانجيت ألواليا التي انتقلت من الهند الى انكلترا اثر زواج مرتب من قبل أسرتها. ولأنها لم ترَ زوجها الا مرة واحدة قبل الزواج، ولم تتعرف من كثب على طويته ونظرته الى الحياة، فقد فوجئت لاحقاً به، وصدمت بطبيعته العدوانية وأنانيته الخارجة عن الحد. فما أن حملت بجنينها الأول حتى انصرف الى أهوائه وملذاته الخاصة، كما أدمن على تناول المشروبات الكحولية التي كشفت الوحش الكامن في أعماقه. وعلى مدى عشر سنوات كان يسومها سوء العذاب، ويغتصبها عنوة. فالقانون البريطاني لا يبيح للرجل أن يأخذ زوجته عنوة الى الفراش ما لم تكن هي مستعدة لأن تمارس الحب بإرادتها. وحينما طفح الكيل قررت أن تنتقم منه، إذ سكبت النفط على ساقيه تحديداً وأوقدت فيه النار. وقد أصيب جراء هذا الحادث بحروق بليغة مات إثرها بعد بضعة أيام. أما كيرانجيت فقد حكمت عليها المحكمة البريطانية بالسجن مدى الحياة متهمة إياها بارتكاب جريمة قتل مع سبق الترصد والإصرار. لم تنته القصة عند هذا الحد إذ تدخلت احدى الجمعيات المناصرة لحقوق المرأة " ساوث هول بلاك سسترز " ووكلت أحد المحامين الناشطين في هذا المجال ليحسم الأمر في نهاية المطاف لمصلحة كيرانجيت مؤكداً أنها تصرفت وهي متلبسة بشخصية الضحية المقموعة التي تتعرض باستمرار الى الاساءة والاستفزاز والحط من الكرامة، وبذلك نقل المحامي القضية من اطار القتل العمد الى اطار القتل غير المتعمد، والدليل أنها سكبت النفط على قدميه كي تعيقه عن الحركة خشية أن يلحق بها ويضربها من جديد ضرباً مبرحاً.
القصة السينمائية
لا تختلف القصة السينمائية عن القصة الحقيقية الا في بعض التفاصيل البسيطة. وقد أورد بعض النقاد أن كيرانجيت تنتمي الى الطبقة العمالية في النص الأصلي، أما في القصة السينمائية فهي تنتمي الى الطبقة المتوسطة. أما بقية الأحداث فهي متطابقة مع القصة التي شاعت آنذاك، ولا بد أن المخيلة الشعبية قد أضفت عليها بعض التفاصيل التي قد تضخّم من طبيعة الحدث أو تقلل من شأنه. لا شك في أن النجمة البوليوودية آشواريا راي " ملكة جمال العالم عام 1994 " التي أدت دور " كيرانيجت ألواليا " قد لفتت الانتباه الى هذه القصة بواسطة نجوميتها، وشهرتها العالمية الواسعة، إضافة الى مقدرتها على تجسيد مختلف الأدوار. وقد نجحت في تقمص دور المرأة الضحية التي تتعرض للظلم والتعسف والإيذاء الجسدي والنفسي، ناهيك عن الكلام البذيء الذي تتعرض له بين أوان وآخر. أما زوجها ديباك ألواليا والذي جسد دوره الممثل البريطاني من أصول هندية " نافين أندروز " فقد أتقن دوره هو الآخر حتى رمزاً للشر وقسوة الرجل المنحدر من أصول شرقية. ركز كل من المخرج جاك مندهرا وكاتبا السيناريو كارل أوستن وراهيلا غوبتا على الصراع بين الثقافتين الهندية والبريطانية. وعلى الرغم من أن التقاليد الثقافية والاجتماعية والدينية الهندية توجب على المرأة حق احترام الرجل، وعدم الخروج عن طاعته، إلا أن المجتمع الإنكليزي الذي يساوي بين المرأة والرجل لا يقبل بمثل هذه المفهومات التي تميز بين الناس على أساس الجنس أو النوع البشري لذلك فإنها تحيل كل شيء الى القانون. ومع ذلك فقد تحملت كيرانجيت عشر سنوات من الظلم والاضطهاد والاساءات المتكررة التي يندر أن تتحملها امرأة، وقد وصلت بعض هذه الاساءات الى حد الضرب المبرح، والخنق، وحاولة تشويه وجهها بمكواة ساخنة، ودفعها من أعلى السلّم الى أسفله وهي حامل إضافة الى الكلمات البذيئة التي يعف اللسان عن ذكرها. إن احساسها العالي بالاضطهاد هو الذي دفعها الى اقتراف جريمة قتل، اذ سكبت عليه النفط، وحينما نهض مرتعباً دفعها فسقطت الشمعة الموقدة من يدها فشبت به النار ولم يجد بداً من الهروب الى حديقة المنزل كي يتمرغ بها في محاولة لإطفاء ألسنة النار التي أخذت تتصاعد في ملابسه، ولم ينقذه من هذا الموقف المروع سوى جاره الذي أطفأه ببطانية بعد أن أخذت الحروق منه مأخذاً كبيراً. وفي أثناء سير التحقيق اتهم زوجته بارتكاب جريمة القتل العمد. وصادف أن تقف أمه الى جواره، بينما كانت هي الشاهد الوحيد على فظاظته وسلوكه الوحشي. إذ قلبت ظهر المجن ليكرانجيت مع العلم أنها شهدت غير مرة بأم عينها كيف كان ديباك يضريها ويخنقها ويعتدي عليها أمام الأطفال الذين يرتعدون خوفاً من صرخات أبيهم الذي يأتي مترنحاً في آخر الليل. وذات مرة لوى يدها وأوجعها ضرباً على ظهرها ولم يجد بداً من أخذها الى الطبيبة وحينما أوشكت الطبيبة أن تصل الى الحقيقة سحب زوجته وخرج من العيادة كي يتخلص من الموقف المحرج الذي أوشك أن يقع فيه، لكن الطبيبة لم تلزم الصمت، وإنما ذهبت الى المحكمة وأدلت بشهادتها ضد الزوج متهمة إياه بأنه يضرب زوجته وأن الآثار التي وجدتها على ظهر الضحية هي دليل دامغ بأنه كان يعاقبها بدنياً. وعلى الرغم من أن الحكم الأول لم يكن لمصلحتها اذ سجنت مدى الحياة لأنها ارتكبت جريمة قتل متعمد إلا أن الأمور قد تبدلت لاحقاً. فبعد أن أمضت ثلاث سنوات وأربعة أشهر في سجن النساء، وتعرفت على رفيقتها القوقازية في الزنزانة " روني " أو فيرونيكا سكوت " ميراندا ريتشاردسن " أخذت الأمور تنحو منحى آخر. إذ بدأت صديقتها تعلمها اللغة الإنكليزية قراءة وكتابة، كما تفتح أفقها، والغريب أنها وجدت حريتها في السجن، بينما كانت تفتقر الى هذه الحرية في العالم المفتوح الذي تلوث وأصبح رمادياً معتماً بفعل تجاوزات الزوج الذي وعدها بأشياء كثيرة لكنه سرعان ما تخلى وعوده بعد مدة زمنية قصيرة، خصوصاً وأن الشكوك كانت تؤرقه ليل نهار. فذات مرة طلبوا منهما أن يرقصا على خشبة المسرح، لكنه تملص من هذا الطلب، وأجبر زوجته أن تراقص أحد أصدقائه، ثم اتهمها بخيانته مع هذا الصديق العابر. يمكن اختصار قصة كيراجيت مع زوجها بأنها حجيم لا يطاق ضاعفته الخشية على أولادها من الضياع.
اعادة المحاكمة
نتيجة للجهود الكبيرة التي بذلها كل من المحامي أدوارد فوستر " روبي كولترين " ورادها دلال " نانديتا داس " ممثلة جمعية " ساوث هول بلاك سسترز " فقد أفلحا في اعادة المحاكمة لأن هذه القضية أصبحت حديث الشارع، وقد تركت تأثيراً واسعاً لدى الرأي العام. وقد كان المحامي ذكياً لأنه ركز على المسببات التي دفعت بكيرانجيت لأن تقدم على هذا العمل المروع لأنها وقعت تحت تأثير الشخصية المقموعة التي تشعر أن حياتها قد أصبحت خالية من أي معنى لذلك قبل القضاء الأنكليزي دراسة القضية من جديد على وفق الاشتراطات والأسباب التي دفعت بالضحية لان تنتقم من زوجها كي تدافع عن نفسها وأطفالها من خطره الذي لا يتوقف عند حد. ونتيجة للمرافعة المنطقية بين محامي الدفاع من جهة والقاضي البريطاني من جهة أخرى توصلت المحكمة الى قرار يبرئ ساحة الضحية لأنها دافعت عن نفسها وأطفالها، كما اكتفت المحكمة بمدة السجن التي قضتها الضحية داخل سجن النساء وهي مدة ليست قصيرة على كل حال. وحينما خرجت من السجن كانت وسائل الاعلام بانتظارها كي تسجل هذا النصر لها ولأطفالها أولاً، ولجمعية ساوث هول بلاك سسترز " ثانياً، وللمحامي الحاذق الذي أعاد الأمور الى نصابها الصحيح. وعلى الرغم من أن شيري بلير قد منحت الفيلم جائزة جائزة خاصة لتصديه للعنف المنزلي إلا أنه لم يسلم من الانتقادات الشديدة التي وجهت لمخرج الفيلم ولكاتبي السيناريو على وجه التحديد، وهؤلاء الثلاثة لم ينجحوا في خلق المواقف الدرامية التي تتوفر عليها القصة الحقيقية. أما المشاهد الكثيرة التي صورت في داخل السجن فإنا غير موفقة هي الأخرى، وقد بدا السجن وكأنه فندق او مكان للاستجمام. كما أن مشهد خروج كيرانجيت من السجن بعد أن قصت شعرها وارتدت ملابسها الأوروبية وهبطت من السلّم وسط تصفيق السجينات يوحي وكانها عارضة أزياء أو ممثلة تهم بالنزول الى خشبة المسرح من مكانٍ عال. ويبدو أن بعض النقاد الذين قرأوا النص الأصلي وقد وجدوا فيه نفساً درامياً أقوى من الفيلم السينمائي نفسه.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شريط - بدي شوف - لجوانا حاجي وخليل جريج: هل رأت أيقونة ال ...
- في فيلمها الأخير - صندوق باندورا - يشيم أستا أوغلو تستجلي ثل ...
- المخرجة التركية يسيم أستا أوغلو في - رحلتها الى الشمس -
- رشيد مشهراوي في فيلم -عيد ميلاد ليلى-: نقد لواقع الحال الفلس ...
- قوة الرمز واستثمار الدلالة التعبيرية في فيلم - فايروس - لجما ...
- أين يقف المفكر حسين الهنداوي. . . أ عَلى ضفاف الفلسفة أم في ...
- من ضفاف الفلسفة الى مجراها العميق: قراءة نقدية في ثنائية الأ ...
- المثقف وفن الاستذكارات في أمسية ثقافية في لندن
- - القصة العراقية المعاصرة - في أنطولوجيا جديدة للدكتور شاكر ...
- فيلم - ثلاثة قرود - لنوري بيلجي جيلان وترحيل الدلالة من الحق ...
- المخرج قيس الزبيدي يجمع بين السينما والتشكيل والعرض المسرحي
- - الطنجاوي - لخالد زهراو... محاولة جديدة لهتك أسرار محمد شكر ...
- قراءة المهْجَر والمنفى بعيون أوروبية
- رواية - الأم والابن - لكلاوﯿﮋ صالح فتاح: نص يع ...
- - زيارة الفرقة الموسيقية - لكوليرين . . شريط ينبذ العنف ويقت ...
- في شريطه الروائي الوثائقي - فك ارتباط - عاموس غيتاي يدحض أسط ...
- جابر الجابري يتحدث عن الثقافة العراقية في مخاضها العسير
- مجيد ياسين ل - الحوار المتمدن -: في قصائدي لوحات تشكيلية رُس ...
- - مُلح هذ البحر - لآن ماري جاسر والاصرار على حق العودة
- ترجمة جديدة ل - هاملت - تسترشد بالأنوار الكشّافة للشُرّاح وا ...


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - المُستفَّزة . . فيلم بريطاني يعيد النظر في قضية العنف المنزلي