|
أين الحقيقة؟
شاكر خصباك
الحوار المتمدن-العدد: 2550 - 2009 / 2 / 7 - 08:25
المحور:
الادب والفن
مسرحية في ثلاثة مشاهد 2007 تجري أحداث المسرحية في ميدان عام تحيط به الأشجار. يتواجد بعض أعضاء الفرقة في المسرح بينما ينتشر الآخرون في الصالة والتي تمثل امتداداً للمسرح. الأضواء خافتة في المسرح وفي الصالة قبل بدء المسرحية. تضاء الأنوار الساطعة في المسرح والصالة ويدخل أعضاء الفرقة فيُستقبلون بالتصفيق من قبل المشاهدين. يصطف أعضاء الفرقة في صف واحد في أعماق المسرح. تتناثر الكراسي والمناضد في زوايا المسرح، وتوجد حقيبة كبيرة مليئة بالملابس وأخرى صغيرة فيها لوازم المكياج.
المشهد الأول المخرج – (وهو يخطو إلى مقدمة المسرح) السلام عليكم أيها المشاهدين الكرام. أنتم اعتدتم مشاهدة مسرحياتي في بناية المسرح. لكنني سأفاجئكم اليوم بمسرحية تُخرج على النمط التقليدي.. مسرحية تعالج قضية هزّت قلوبكم بحدثها المأساوي، وهي قضية انتحار المرحوم الحاج ماجد العبدالله.. الصناعي والمحسن الكبير. وقد اخترت هذا الميدان العام ليستطيع أي فرد منكم مشاهدتها، بدون تذاكر.. ليس مشاهدتها فقط وإنما المشاركة فيها أيضاً بما لديه من معلومات. فأنتم تعلمون أن الناس اختلفوا في تفسير الضغوط والدوافع التي تعرّض لها المرحوم فقادته إلى هذا المصير المأساوي. ولا أدّعي أيها الحضور الكرام بأن كل ما سيرد من كلام وأحداث في المسرحية هي حقائق نهائية رغم أنني بذلت كل جهدي للوصول إلى الحقيقة لكنني آمل على كل حال أن تكون خطوة لإدراك الحقيقة الكاملة. وكما تعلمون إن إدراك الحقيقة أمر صعب جداً. في كل زمان ومكان. فليس هناك حقيقة مطلقة، وكل منّا ينظر إليها من زاويته الخاصة. ولا أريد أن أسترسل في هذا الكلام الفلسفي، لكنني لابد أن أؤكد لكم بأنني استقيت معلوماتي ممن كان له صلة بالمرحوم ماجد. وقد عرضت تلك المعلومات بكل أمانة وموضوعية. وسيقوم ببطولة المسرحية نجومكم المحبوبون الفنان صلاح الحميدي والفنان رشيد الصالحي والفنانة هالة فخري. وفي المشهد التالي سيقوم الفنان صلاح بدور المرحوم الحاج ماجد وسيقوم الفنان رشيد بدور مدير البنك سليم الهادي. (يتقدم شخص من صف العاملين في المسرحية ويتولى عملية المكياج لصلاح ورشيد، ويلبسهما الملابس المناسبة. وبعد انتهائه يجلس رشيد وراء مكتب في مقدمة المسرح بينما يجلس صلاح بجوار المكتب. يتقدم شخص من صف العاملين نحو مقدمة المسرح وهو يحمل لافتة كتب عليها "المشهد الأول" ويقف دقائق ثم يتراجع إلى موضعه). المخرج – هذا المشهد أيها الجمهور الكريم يدور في مكتب مدير البنك سليم الهادي قبل حادثة الانتحار بأسبوع. (ملتفتاً إلى الممثلين) تفضلا أيها الزميلين.. باشرا عملكما. سليم – أنت تعلم يا حاج ماجد أنني بذلت جهداً عظيماً لمساعدتك طوال الشهور الماضية. ولكن لي مسؤولياتي ولا يمكنني تجاوزها. لم يبق أمامك سوى أسبوع واحد.. أسبوع واحد لا غير. ماجد – لكنك تعلم بظروفي يا أستاذ سليم وتدري أنني غير قادر على توفير المبلغ المطلوب وسداده للبنك في حدود هذه المهلة. سلمان – هذه ليست مشكلة البنك بل مشكلتك وأنا قلبي معك يا حاج ماجد ولكن ما باليد حيلة. النسيب – (في الصالة) هذا كذب فلم يكن قلب الأستاذ سلمان مع الحاج ماجد بل مع المتآمرين عليه. المخرج – رجاء يا أخ عباس .. أرجو عدم التفوه بعبارات جارحة. النسيب – لكن هذا الذي يقوله مدير البنك غير صحيح، ولم يكن قلبه مع المرحوم الحاج ماجد. وبالتأكيد إنه وبعض مسؤولي البنك انتفعوا من عملية بيع المصنع. مشاهد – صدقت،وهو أمر ليس غريباً على البنك، فسجله طويل في هذه الألاعيب. فهو يعرض المصانع أو الأراضي أو البيوت المرهونة لديه للبيع لسداد قرض الدائن، ويلعب المتنفذون فيه أدوارهم من وراء الستار للانتفاع من عملية البيع. وأنا من الذين خسروا بيته نتيجة مثل هذه الألاعيب. المخرج – رجاء يا إخوان. هذه مجرد تخمينات قد تكون صحيحة وقد لا تكون. وأنا لا أوافق على الإساءة لسمعة البنك. فدعونا من هذه التعليقات. (ملتفتاً إلى الممثلين)أكملا.. أكملا. ماجد – من المستحيل عليّ توفير المبلغ المطلوب في مثل هذه الفترة القصيرة يا أستاذ سلمان.وأنا بصدد البحث عن ممولين يمكن أن يمدّونني بالمبلغ المطلوب كما أنني أحاول استرداد بعض القروض التي أعنت بها بعض المحتاجين لكنني لم أوفق إلى ذلك حتى الآن. سلمان – إذن لا خيار لنا يا حاج ماجد في بيع المصنع. ماجد – (بلهجة أليمة) هذا المصنع يمثل شقا عمري يا أستاذ سلمان،ويعلم الله كم بذلت فيه من مجهود.. وأنا أعدّه قطعة مني.. وأعتبر جميع العاملين فيه بمثابة أقربائي الأقربون. حسين (في الصالة) هذا كذب.. والله كذب. النسيب – (في غضب) احترم نفسك يا حسين. فالكلّ يشهد بأن المرحوم الحاج ماجد لا يعرف الكذب،وكان يعامل عمال مصنعه أفضل معاملة، وكان ربّ عمل مثالي. حسين – لا تقلّب مواجعنا يا أسطى عباس. فأنت نفسك تعلم وأنت مساعده أنه كان مثالاً لربّ العمل الجشع الذي لا يرحم عمّاله. النسيب – أنت تقول هذا الكلام لأنك كنت من أسوأ العمال. وكنت أكثرهم إهمالاً لعملك مما اضطر المرحوم إلى فصلك. حسين – بل إنه فصلني ظلماً وعدواناً والسبب لأنني كنت أدافع عن مصالح زملائي العمال. وكان زملائي يسكتون على هدر حقوقهم خوفاً من الفصل والبطالة. مشاهد – أنت تكذب يا حسين، فكلّنا نشهد بأن المرحوم الحاج ماجد كان يعاملنا أحسن معاملة. وكان يساعد كل واحد منّا إذا ما احتاج إلى المساعدة. حسين – أنت تقول هذا القول لأنه نصّبك جاسوساً على زملائك يا عبدالقادر. النسيب – كذبت أيها الشيوعي المخرّب فليس مثل الحاج ماجد من يقوم بمثل هذه الأفعال. مشاهد – لم يقل زميلنا حسين غير الصدق. فيا ما هددني الحاج ماجد بالطرد لأنني كنت أطالبه بحقوقنا فاضطررت إلى السكوت خوفاً من البطالة. كان رجلاً ظالماً ولم يكن يخشى الله. الزوجة – (في الصالة) اخجلوا يا حقراء. أهكذا تتحدثون عن زوجي المرحوم؟ أهكذا تتحدثون عن الرجل الصالح الذي سمّاه الناس "شيخ المحسنين؟". مشاهد – أشهد بالله. كان المرحوم مثال الرجل المحسن العطوف على الفقراء. وكان يغدق على الكثيرين من الفقراء الذين يمنعهم حياؤهم من التصريح بعوزهم. وكان يمدهم بمؤونتهم من الطحين والسكر والشاي وحتى الملابس في مختلف المناسبات و خصوصاً في شهر رمضان والأعياد ومن دون أن يصرّح بذلك. بل إنه كان يخصص لبعض المعوزين رواتب شهرية. مشاهد – صدقت يا أخ وأنا واحد من هؤلاء. الزوجة – طبعاً. فالمرحوم كان يعمل بالمقولة: "إذا أحسنت لمحتاج بيد فيجب ألاّ تعلم يدك الأخرى بذلك". المشاهد نفسه – أشهد وما بالله. كان المرحوم يفعل ذلك. وسأحكي لكم يا إخوان حكاية كنت شاهداً فيها. ففي يوم من الأيام اتصل بي أحد الفقراء المستورين وأخبرني أن حالة عائلته المعيشية سيئة وأنه لم يعد لديهم مؤونة في البيت تعينهم على شهر رمضان.وطلب مني أن أخبر الحاج ماجد بذلك، فلما حدثت الحاج ماجد بأمر هذه العائلة اعتذر عن نجدتها وقال لي إنه وزّع على المحتاجين ما يخصصه عادةً في شهر رمضان ولم يعد هناك مجال لذلك، وبعد أيام التقى بي الشخص المحتاج فشكرني بحرارة على وساطتي وقال لي إن الحاج ماجد أغدق على عائلته العطاء. فعجبت للأمر. وحينما التقيت بالحاج ماجد عاتبته على اعتذاره لي مع أنه كان ينوي مساعدة تلك العائلة.فقال لي: أتريدني أن أفضح الرجل وأتباهى بمساعدته؟ ألا أخاف الله؟ حسين – ولكنه في نفس الوقت يسمح لنفسه بمصادرة جهود العمال والإثراء على حسابهم.أي أنه يعطي بيد ويستعيد ما أعطاه مضاعفاً باليد الأخرى. فلقد كان المرحوم مع عماله مثالاً في الجشع والبخل وتجاهل حقوقهم المشروعة. كان مثال الرأسمالي الصناعي الذي يمتص دماء عماله ولا يبالي بهم أبداً. النسيب – لأن أمثالك هم من أسوأ الأمثلة على العمال الجشعين الذين لا يفكرون إلا بالطريقة التي يستغلون بها ربّ العمل. المخرج – اسمحوا لي بالتدخل رجاء فقد أبدى كل منكم وجهة نظره وآن الأوان للعودة إلى مسرحيتنا. (ملتفتاً إلى الممثلين) أكملاً .. أكملا أيها الزميلين. ماجد – على كل حال يا أخ سلمان أنا ما أزال طامعاً في عونك على تأجيل سداد الدين.. لشهر على الأقل لعل الله يجد لي مخرجاً من هذه الأزمة. سلمان – أنت تطلب مني المستحيل يا حاج ماجد. وأنت تعلم أن البنك أجّل بالفعل أكثر من مرة قرار سداد الدين وذلك بتدخلي الشخصي. وحينما وافق مجلس إدارة البنك على وساطتي أخذ بنظر الاعتبار مكانتك، واقتنع الأعضاء بأن من الضروري عدم تعريض سمعتك في عالم المال لأي خدش.لكنك لم تفعل شيئاً تجاه أزمتك. والحقيقة أنني مندهش يا حاج ماجد كيف أغرقت نفسك بهذه الديون. فالمفروض أنك كنت تسحب من البنك هذه القروض الكبيرة من أجل تجديد المكائن ورفع مستوى الإنتاج، لكن ذلك لم يحدث. ماجد – أؤكد لك يا أستاذ سلمان أن معظم الخراب الذي لحق بالمصنع هو بسبب المنافسين وعلى رأسهم محسن القادري الذي لجأ إلى كل الطرق لكي يدمّر مصنعي. وأنا واثق أنه كان يحرّض بعض عمالي على تخريب المكائن وعلى الهبوط بمستوى إنتاج المصنع ويدفع لهم مبالغ مجزية من أجل ذلك. كما: أني وقعت في حسابات وصفقات خاطئة، هذا إضافة إلى قروض أعنت بها بعض المحتاجين وهم غير قادرين على سدادها. محسن القادري – (في الصالة) هذا كذب فليس مثلي من يلجأ إلى هذه الأفعال. فأنا رجل صاحب ضمير ولا يمكن أن ألجأ إلى هذه الأساليب الخسيسة. أنا صناعيّ شريف وأؤمن بالمنافسة الشريفة. لكن الحاج ماجد كان يلجأ فعلاً إلى مثل هذه الأساليب الخسيسة. وكثراً ما عجبت لماذا كانت تتعطل بعض المكائن في مصنعي، غير أنني لم أسمح لنفسي بالشك في عمالي. ولكن يبدو لي أنه كان يحرضهم فعلاً على مثل هذه الأفعال التخريبية. على كل حال الحمد لله الذي ردّ كيده إلى نحره. فقد ارتفع مستوى الإنتاج في مصنعي وهبط مستوى الإنتاج في مصنعه. وأنا أعدّ ذلك مكافأة من الله على نزاهتي.والآن صارت بعض مؤسسات الدولة تحجز إنتاج مصنعي قبل ظهوره بشهور. الزوجة – اخسأ فليس زوجي الحاج ماجد من يقوم بمثل هذه الأفعال. مشاهد – طبعاً تدافعين عن زوجك فالطيور على أشكالها تقع. ولكن ليعلم الجميع أنه كان لعنة علينا نحن أصحاب المصانع.وكان يبذل جهده وماله من أجل تحطيم مصانعنا ليخلو له الميدان . ولم يقل الأخ محسن القادري غير الحقيقية. مشاهد – لا تظلموا الحاج ماجد يا إخوان فأنا أمتلك أيضاً مصنعاً صغيراً ، ووالله لولا مساعدته ما استطعت أن أقوّم مصنعي. وكم ساعد غيري من أصحاب المصانع الصغيرة وياما قدّم لنا القروض لنقف على أقدامنا. مشاهد – صدقت .. صدقت. النسيب – على أية حال ليس جودة إنتاج مصنعك يا محسن القادري هو سبب إقبال الدولة عليه، وأنت تعرف السبب الحقيقي جيداً.. وهو مهارتك في رشوة المسؤولين عن تلك المؤسسات. محسن القادري - كذبت يا عباس الصالحي.. كذبت. المخرج – دعونا نعود إلى المسرحية من فضلكم.. (ملتفتاً إلى الممثلين) استمرا .. استمرا. سلمان – على كل حال يجب أن تعترف يا حاج ماجد أن البنك كان كريماً جداً معك ولا يمكن أن يكون موضع لوم. وأنا شخصياً تعهدت أمام مجلس الإدارة أكثر من مرة أنك ستسدد الدين لكنك لم تفعل. وأشعر أن سمعتي أمام المجلس قد اهتزت. فأرجوك أن تقدّر موقفي. وفي الاجتماع الأخير استطعت بصعوبة بالغة أن أؤجل عرض المصنع في المزاد العلني لأسبوع فقط. ماجد – لكنك تستطيع بالتأكيد يا أخ سلمان التأثير على أعضاء مجلس الإدارة فيوافقون على التأجيل لمهلة أخرى. سلمان – وما فائدة التأجيل يا حاج ماجد؟ أنت في كل الأحوال لن تتمكن من تدبير المبلغ. وإنني لأعجب على أية حال كيف تبددت تلك القروض. المقامر – ( في الصالة) أتريدون أن تعرفوا يا ناس كيف بدّد تلك القروض؟ لقد بددها على موائد القمار.. اسألوني أنا. فكثيراً ما زاملته على تلك الموائد. وياما نصحته أن يكف عن اللعب لأن الحظ يعاكسه فلم يستمع لنصحي، وكان يخسر أحياناً المئات بل ألوف الدنانير في الليلة الواحدة. الزوجة – الله يلعنك.. الله يلعنك.. تتهم زوجي الحاج ماجد الرجل الصالح بلعب القمار؟ من يصدق مثل هذه الأكاذيب يا ناس! النسيب – إنها مؤامرة دنيئة من أصحاب المصانع الحاقدين على الحاج ماجد لتشويه سمعته وهم الذين دفعوك ودفعوا أمثالك إلى مثل هذه الأكاذيب.. وشخص مثلك لا يهمه أن يكذب ويتهم الشرفاء بأبشع التهم.. شخص يتبجح بأنه مقامر.. كن شجاعاً وقل لنا كم دفعوا لك لتشترك في هذه المؤامرة لتلطيخ سمعة المرحوم الحاج ماجد . المقامر – أنالا يهمني إن صدقتموني أم لم تصدقوني . ولكن اعلموا أنني كنت زميله فعلاً على موائد القمار، وكانت هناك صداقة متينة تربط بيننا. النسيب – وهل من المعقول أن يصادق رجلٌ تقيٌّ كالحاج ماجد شخصاً سفيهاً مثلك؟ مشاهد – ما هذا الافتئات على الرجل الصالح؟! عيب 00عيب عليك أيها المقامر.. حدّث العاقل بما يليق. الزوجة – أنت إنسان سافل وعديم الذمة أيها المقامر تريد أن تلطخ سمعة زوجي لقاء أموال قبضتها من أعدائه لتنفقها على موائد القمار لكن أكاذيبك هذه لا تنطلي على أحد. فكل الناس يشهدون بتقى زوجي الحاج ماجد. مشاهد – أي والله .. رحمك الله رحمة واسعة يا حاج ماجد، كم كنت تقياً وكم كنت حريصاً على أداء الصلاة في الجامع في مواقيتها. ولم تتخلف عن صلاة الفجر في الجامع في أشد الليالي برودة. وكم أحسنت إليّ أنا إمام الجامع بمبالغ من المال وهدايا من الأطعمة والمؤونة. وكنت تقول لي: هذا ما يستحقه شخص مثلك يحث الناس على أداء صلاتهم في مواقيتها. المخرج – دعونا نعود إلى المسرحية من فضلكم يا إخوان (ملتفتاً إلى الممثلين) تفضلاً .. تفضلا. سلمان – على كل حال يا حاج ماجد لا أنا ولا أعضاء مجلس الإدارة مسؤولين عن طريقة تصرفك بالقروض فهذا شأنك. والمهم أنه لم يعد أمامك من فرصة لإنقاذ المصنع أكثر من أسبوع. ماجد – أتعني إذن أنكم قررتم بصورة نهائية عرض المصنع للبيع في المزاد العلني في نهاية الأسبوع القادم يا أستاذ سلمان؟ سلمان – هذا ما تم عليه الاتفاق فعلاً يا حاج ماجد في آخر جلسة لأعضاء مجلس البنك. ماجد – ألا تدرك يا أستاذ سلمان أنكم ستقدمون إذا ما نفذتم قراركم هذا على ارتكاب جريمة قتل بحقي؟ سلمان – ولماذا جريمة قتل بحقك؟ كل ما هنالك أن البنك سيقوم بواجبه لا أكثر ولا أقل. فلماذا تعتبر ذلك جريمة؟ ماجد- لأن ضياع المصنع مني معناه ضياع حياتي يا أستاذ سلمان. سلمان – (وهو يضحك)لا تبالغ يا حاج ماجد فأنت لست أول صناعي يفقد مصنعه ولا آخرهم. فالكثيرون من أصحاب الأموال قد أعلنوا إفلاسهم وفقدوا مصانعهم أو متاجرهم أو مزارعهم. ولم نسمع أن أحداً منهم قد مات بسبب ذلك. ماجد – إذن ستسمع بذلك عما قريب.. وسيكون دمي في رقابكم. (يتقدم حامل اللافتة إلى مقدمة المسرح وقد كتب عليها "نهاية المشهد الأول".. وفي هذه الأثناء يخفت الضوء تدريجياً حتى يسود الظلام في المسرح والصالة).
المشهد الثاني (يسطع النور فيظهر المخرج والعاملون في المسرحية في مواضعهم كما في المشهد الأول. يتقدم حامل اللافتة إلى مقدمة المسرح وقد كتب عليها "المشهد الثاني" ، ثم يتراجع إلى موضعه. يقوم المسؤولون عن المكياج بتهيئة الملابس المناسبة للممثل صلاح والممثلة هالة وبتنفيذ المكياج المناسب لهما. وبعد الفراغ من ذلك يجلس صلاح وهالة على مقعدين في مقدمة المسرح). المخرج – هذا المشهد يجري أيها الجمهور الكريم في شقة الحاج ماجد الخاصة وذلك قبل أيام من حادثة الانتحار. وهو يدور بين الحاج ماجد وعشيقته حسنية. وسيقوم الفنان صلاح بدور الحاج ماجد وتقوم الفنانة هالة بدور عشيقته حسنية. الزوجة – (صائحة)ماذا؟! ماذا أيها المخرج الفاسق؟ أتتهم زوجي بمثل هذه التهمة الشنيعة؟ الحاج ماجد لديه شقة خاصة يستقبل فيها عشيقته؟ والله لأقلب الدنيا عليك. (تحاول النهوض وقد استشاطت غضباً فيمسك النسيب بتلابيبها). النسيب – اهدئي يا أم كريم.. اهدئي. إنها مؤامرة على أبو كريم يشارك فيها أطراف عديدة. ويبدو أن المخرج طرفٌ فيها.ولاشك أنه قبض من أعداء المرحوم مبلغاً مجزياً.وعلى كل حال سنقاضي كل من يحاول في هذه المسرحية الإساءة إلى سمعة الحاج ماجد. المخرج – مالي والمؤامرة المزعومة؟ أنا لم أذكر في المسرحية إلا ما رواه لي الآخرون. وقد أعلنت لكم منذ البداية أنني لا أؤيد أي كلام يرد فيها. فقد يكون صحيحاً أو مكذوباً. وكل ما هنالك أنه حصيلة تحقيقاتي في هذه القضية الشائكة.ومن يريد أن يصدقه فليصدقه ومن يريد أن يكذّبه فليكذبه. النسيب – وكيف أوصلتك تحقيقاتك إلى هذه المرأة التي تزعم أنها كانت عشيقة المرحوم؟ المخرج – إنها هي التي اتصلت بي حينما علمت أنني أجمع المعلومات عن هذه القضية لأؤلف مسرحية عنها. النسيب – (بسخرية)ومن هي يا ترى؟ المخرج – لا يمكنني الإعلان عن شخصيتها فقد اشترطت عليّ عدم الكشف عن هويتها. لكنني أستطيع القول إنها إحدى العاملات في المصنع. النسيب – كذبت فالحاج ماجد كان يعامل جميع العاملات وكأنهن بناته أو أخواته الصغار ولا يمكن أن يتخذ من إحداهن عشيقة. مشاهدة – والله لو كان باستطاعته أن ينتهك أعراضنا جميعاً لفعل. فلم يكن يقصّر في محاولة إغرائنا بكل الطرق. الزوجة – (صارخة) اخسئي أيتها الحقيرة فالحاج ماجد كان رجلاً تقياً ولا يمكن أن يفكر بارتكاب خطيئة. مشاهدة أخرى – هكذا كان يخدع الناس لكننا العاملات في مصنعه كنا نعرف حقيقته وكذب تقواه. المخرج – على كل حال دعونا نباشر مسرحيتنا الآن.. تفضلا يا هالة ويا صلاح . ماجد- أهلاً بك يا حسنية. نوّرت بيتك. حسنية – (بسخرية) بيتي؟ وكيف يمكن أن يكون بيتي إلا إذا كنت زوجة لك؟ وما أنا الآن سوى عشيقتك. ماجد- أنت تستعجلين الأمر يا حسنية. ماهي إلا شهور وتنالين ما تتمنين. فتحلّي بالصبر.. تحلّي بالصبر يا حسنية. حسنية – وإلى متى أتحلى بالصبر؟ أنت تردد على سمعي هذا الكلام منذ شهور. ماجد- أنت تعرفين ظروفي الصعبة يا حسنية وأنا أحاول أن أمهّد للموضوع وأعالجه بالطريقة الصحيحة. حسنية – اسمع يا حاج ماجد . أنا لست غبية ولا بسيطة مثل غيري من بنات المصنع اللواتي ضحكت عليهن. ولن أسمح لك بأن تضحك عليّ كما ضحكت على غيري. ماجد- أنا ضحكت على غيرك يا حسنية؟ اتقي الله ولا تتهميني بمثل هذه التهمة الظالمة. كيف تقولين عني مثل هذا القول؟ أفلا ترين أن اختياري لم يقع إلا عليك من دون بنات المصنع جميعاً؟ حسنية – قلت لك إنني لست غبية ولا بسيطة يا حاج ماجد .و أنا أعرف لك شيء عنك. وإذا كنت استسلمت لغوايتك فليس عن جهل بحقيقتك ولكنني صممت منذ البداية أن أنال منك كل حقوقي وعلى رأسها أن أكون زوجة لك على سنّة الله ورسوله. وإذا كنت صبرت عليك كل هذه الشهور فلأنني كنت أنتظر الوقت المناسب. وها قد أتى الوقت المناسب. ماجد- وماذا تقصدين بذلك؟ حسنية – أنا الآن حامل منك يا حاج ماجد. ماجد- (مرتعباً)ماذا؟! حامل؟ مستحيل.. مستحيل. الزوجة – اخسئي يا زانية.. حامل من زوجي؟ تزني مع الرجال الآخرين ثم تتهمين زوجي بأنه أبو سفاحك؟ النسيب – اهدئي يا أم كريم. اهدئي يا أختي.. دعينا نرى إلى أيّ مدى ستصل هذه الأكاذيب عن أبي كريم. المخرج – (ملتفتاً إلى الممثلين) استمرا .. استمرا. ماجد- لعلك متوهمة يا حسنية..لا يمكن أن تكوني حاملاً. حسنية – ولماذا لا يمكن أن أكون حاملاً؟ ألست امرأة كسائر النساء ؟ وماذا كنت تتوقع وأنت تنام معي كل أسبوع مرتين على الأقل؟ الزوجة – كذبت والله كذبت. فالحاج غير قادر على ذلك. ماجد- (في ارتباك) لا .. لا يا حسنية.. لابد أنك مخطئة. حسنية – مالك تبدو مرتعباً من هذا الخبر؟! أليس المفروض أن تفرح بولد جديد مادمت ستتزوجني كما تزعم؟! ألم أقل لك أنك تنوي الضحك عليّ كما ضحكت على غيري. ماجد- مالك ترددين هذا القول؟ من التي ضحكت عليها؟ حسنية – أنا ذكية يا حاج ماجد. وقبل أن أسمح لك بأن تقيم علاقة معي استقصيت عن ماضيك بالتفصيل.. فكن متأكداً أنني أعرف كل شيء عنك.. أعرف كل شيء عن علاقتك بالمسكينة المرحومة فطيمة. الزوجة – كاذبة .. كاذبة. ماجد- المرحومة فطيمة؟ ها.. طبعاً فطيمة. كانت عاملة في المصنع. وأتذكر أنها انقطعت عن العمل فجأة. وحينما سألت عنها أخبروني أنها ماتت. حسنية – أتعني أنك لا تدري لماذا ماتت؟ ماجد- وكيف أدري؟ أأنا مسؤول عن خلق الله؟ حسنية – المفروض أنك تدري فأنت السبب في موتها. ماجد- (في استنكار) أنا؟! وما شأني في الأمر؟ حسنية – لأنها انتحرت بسببك. أو على الأصح بسبب خديعتك لها. الزوجة – قبحك الله على هذا الكذب. ماجد- ما هذا الكلام الفارغ؟ إنها لم تكن سوى عاملة في المصنع ولم أكن أعرف عنها أي شيء آخر. حسنية – بل كانت عشيقتك،ولاشك أنك وعدتها بالزواج كما وعدتني وحينما حملت منك وأخبرتك بذلك تنصلت من وعودك فانتحرت خوفاً من الفضيحة. ماجد- (في غضب) كفاك هذه الأكاذيب الفارغة يا حسنية. الزوجة – (صائحة) طبعاً أكاذيب فارغة. وماذا يتوقع من زانية مثلك؟ فما أنت سوى زانية، وبإمكانك أن تختلقي على الناس الشرفاء ما تشائين من أكاذيب. هالة - (مخاطبة الزوجة) من فضلك.. كفاية إهانات.. فما أنا سوى ممثلة أؤدي دوري في المسرحية. فأرجوك ألا تغلطي بحقي. المخرج – لا تهتمي بها يا هالة فهي لا تقصدك بل تقصد حسنية. هالة - لكنها زوّدتها يا أستاذ فريد. مشاهدة – والله لم تقل حسنية غير الحقيقة ونحن زميلات المرحومة كنا نعرف بذلك. حسين – (في سخرية) ويقولون عنه الرجل الصالح التقيّ. الزوجة – كان الحاج ماجد رجلاً صالحاً تقياً بشهادة الناس جميعاً رغم أنفك وأنف الذين خلفوك. مشاهدة – حرام عليكم يا ناس أن تظلموا المرحوم الحاج ماجد فكم سدّ عوزنا نحن عاملات المصنع. وكان يحافظ على أعراضنا كما لو كنّا أخواته. الزوجة – صدقت .. والله صدقت. مشاهدة أخرى – بل كذبت ..والله كذبت. المخرج – (مخاطباً الممثلين) استمرا.. استمرا. حسنية – اسمع يا حاج ماجد0 قلت لك إنني ذكية وأنت غير قادر على خداعي كما خدعت غيري ولن يفيدك إنكارك. ماجد- (في تهكم) من يسمعك تتحدثين هكذا يتصور أنني خدعت جميع عاملات المصنع. حسنية – من يدري كم واحدة خدعت منهن؟ أما أنا فلم أستطع أن أعرف سوى اثنتين منهما 0 ماجد- (ساخراً) إذن هناك واحدة أخرى غير فطيمة.. فمن هي يا ترى؟ حسنية – إنها نعيمة.. أم أنك لا تتذكرها؟ ماجد- أنالا أتذكر عاملة بهذا الاسم. حسين – ما شاء الله .. ما شاء الله. كم كان عدد ضحاياك يا حاج ماجد من العاملات المسكينات؟ يا رجل .. يا صالح! المشاهدة السابقة - ~(في سخرية) الله وحده يعلم عدد ضحاياه يا أخونا حسين. الزوجة – كان الحاج ماجد رجلاً صالحاً رغم أنوفكم وأنوف الذين خلفوكم. المخرج – (للممثلين) استمرا .. استمرا. حسنية – طبعاً تتذكرها يا حاج ماجد. بل وتتذكرها أكثر من غيرها لأنها كلفتك مبلغاً أكثر من أية واحدة من ضحاياك. ماجد- (في سخرية) وكيف ذلك يا ترى؟ حسنية – لأن أباها ساومك على شرف ابنته مع الأسف.. ماذا أقول في ذلك؟! كان أهلها معدمين ولا يكادون يدبرون عيشتهم وكنت ستطردها من المصنع. فهددك أبوها إما أن تدفع لهم مبلغاً كبيراً أو أن يجعل فضيحتك على كل لسان. فخضعت لتهديده. لكنك اشترطت عليه أن ينتقلوا إلى بلدة أخرى فوافق على شرطك. وهكذا كنت تجد دائماً طريقة لتستر فضائحك يا حاج ماجد. المشاهدة نفسها – أي والله .. لا عاب فمك يا حسنية. حسنية – ولكن اعلم يا حاج ماجد أنني لست من النوع الذي تعاملت معهن.. وأنا لا أساوم على شرفي بأموال الدنيا فأنا امرأة شريفة. الزوجة – (وهي تضحك ساخرة) أنت امرأة شريفة أيتها الساقطة؟! أنت التي لا تتورع عن اختلاق الأكاذيب عن الناس الشرفاء الصالحين؟ ماجد- اسمعي يا حسنية. ما دمت قد اخترت هذا الطريق فاعلمي أنني لا أخضع لتهديداتك أو ابتزازك وأنني لست الرجل الذي يتزوج من امرأة تفرّط بعرضها. فكيف أئتمن مثل هذه المرأة؟! ولعلمك أنا لا أصدق أنك حامل أصلاً. حسنية – إذا كنت لا تصدقني فليكن الطبيب حكماً بيننا. ماجد- (بلهجة مترددة) وحتى لو كنت حاملاً.. فمن قال إنك حامل مني؟ فامرأة تفرّط في عرضها يمكن أن تكرر ذلك مع أي شخص. حسنية – (تصرخ غاضبة) اسمع أيها السافل. أنا أسمح لك بأي شيء إلا أن تتهمني بشرفي. وأنا أشرف منك لأنني لم أخدع أحداً يوماً. أنت خدعتني ووعدتني بالزواج ثم تقول لي الآن أنك لا تتزوج من امرأة تفرّط بشرفها. ,أنا امرأة شريفة وأحسن منك.. فأنالا أكذب مثلك. ماجد- (ساخراً) فإذا كنت امرأة شريفة كما تزعمين فكيف فرّطت بعرضك إذن؟ حسنية – أنا لم أفرّط بعرضي كما تتخيل.. أنا رضيت بأن أقيم علاقة معك لأنني خططت أن أكون زوجة لك.. وأن أقبل بالتضحية في البداية لكي أحقق مرادي. وعليك أن تفهم هذا جيداً. فلا تفكر بأية مساومة معي. إما الزواج وإما.. ماجد- (متهكماً) وإما ماذا؟ حسنية – وإما الفضيحة.. الفضيحة الشاملة. فضيحة الرجل الصالح الذي يغوي بنات الناس بوعود حلوة ثم يتنكر لهن ويرميهن كما يرمى قشر الموز. الزوجة – (صائحة) اخسئي يا كلبة.. يا زانية هالة - (في غضب) إلى متى تظلين تشتمين الناس؟ الزوجة – ومن الذي أرغمك على أن تمثلي هذا الدور الساقط؟ المخرج – لا تبالي بها يا هالة .. استمري .. استمري. حسنية – إما الفضيحة وإما الزواج يا حاج ماجد.. اختر بين الاثنين. ماجد- (بلهجة متطامنة) لا تظلميني يا حسنية، فأنا أحبك. وقد فضلتك على كل بنات المصنع.وكلما هنالك أنني أنتظر الظرف المناسب للوفاء بوعدي في الزواج منك. أعطني فرصة.. هذا كل ما أطلب منك. حسنية – قلت لك لا تحاول أن تضحك عليّ. أنا أعلم أنك لا تحبني وكلما هناك أنك عبد لشهواتك. والله أعطاك مالاً يساعدك على تحقيق شهواتك. وبالمناسبة أنا أيضاً لا أحبك وكلما هنالك أنني أريد أن أكون زوجة رجل غني مقتدر فأنا مللت من الفقر وبؤسه. ولذلك لن أساوم على هدفي هذا خصوصاً بعد أن صرت حاملاً منك. ولا أريد لابني أن يكون ابن زنى. الزوجة – هو ابن زنى إذا كنت حاملة فعلاً. ماجد- أنت تبالغين يا حسنية فالأمور لا تحلّ بهذه الطريقة بل تحتاج إلى وقت. حسنية – أنا أمهلتك وقتاً كافياً يا حاج ماجد. وطبعاًُ أنا أفضل ألا أعرّض والد ابني إلى فضيحة تلطخ سمعته بالوحل وتجعله أضحوكة على كل لسان. ماجد- لكنك ستفضحين نفسك أيضاً يا حسنية. فهل هذا في صالحك؟ أليس من الخير لك أن تصبري حتى تسمح لي الظروف بالزواج منك؟ حسنية – لا .. لن أسكت بعد الآن على خداعك وألاعيبك. وأنا مستعدة للفضيحة ما دامت هي الطريقة الوحيدة لكشف حقيقتك .. عليّ وعلى أعدائي يا رب. ماجد- (يحني رأسه في حيرة وقد غلبه الصمت). الزوجة – لا تستسلم لتهديداتها الحقيرة يا أبو كريم. فما هي سوى امرأة ساقطة. حسنية – (بلهجة حاسمة) إما الزواج وإما الفضيحة يا حاج ماجد.. ليس لديك حلّ آخر. ماجد- (باستخذاء) ولكن الفضيحة ستقتلني يا حسنية ولا أظنك ترتضين أن تكوني سبباً في موتي. حسنية – فاختر الزواج مني إذن. ماجد- (بعد لحظة) أمهليني بعض الوقت يا حسنية لأتدبر أمري. حسنية – أمهلك أسبوعاً فقط.. أسبوعاً واحداً لا غير.. إما الزواج العلني وإما الفضيحة. عليّ وعلى أعدائي يارب. (يتقدم حامل "اللافتة" وقد كتب عليها "نهاية المشهد الثاني". وفي هذه الأثناء يخفت النور في المسرح والصالة حتى يسود الظلام).
المشهد الثالث (يسطع النور فيظهر المخرج والعاملون في المسرحية في مواضعهم المعتادة كما في المشهد الأول والثاني. يتقدم حامل اللوحة إلى مقدمة المسرح ويرفعها وقد كتب عليها "المشهد الثالث" ثم يعود إلى موضعه). المخرج – هذا المشهد أيها الجمهور الكريم يدور في بيت الحاج ماجد في مساء يوم الحادثة المشؤومة. ويمثل الأخ صلاح دور الحاج ماجد والأخ رشيد دور نسيبه عباس. أما الفنانة هالة فتمثل دور زوجة الحاج ماجد. (ينشغل الممثلون الثلاثة في هذه الأثناء بارتداء الملابس المناسبة ويتولى عامل المكياج عمله، وعند الانتهاء يجلس الثلاثة على كراسي في مقدمة المسرح). الزوجة – (صائحة) ماذا؟ ماذا؟ هل أنت مجنون أيها المخرج؟ هل بلغت بك الوقاحة إلى هذه الدرجة؟ المخرج – اصبري .. اصبري يا أم كريم. لماذا أصابك هذا الرعب؟ ما يدريك أن ما سيدور من كلام هو في صالح المرحوم الحاج ماجد؟ النسيب – وهل يتوقع أن يرد في مسرحيتك غير التشهير بالحاج ماجد؟ ثم من سمح لك أن تتحدث بلساني ولسان أم كريم؟ أبلغت بك الوقاحة أن تتقوّل علينا في حضورنا؟! المخرج – أنتما لا تدريان بما سيقال ولا يحق لكما أن تتهماني بهذه التهم. النسيب – أيها الناس. لا تصدقوا ما سيورده هذا المخرج المتآمر من كلام على ألسنتنا فهو مشترك بالمؤامرة على الحاج ماجد ولا شك أنه قبض أتعابه مقدماً. حسين – لكننا لم نسمع شيئاً بعد من أقواله يا أسطى عباس حتى نكذّبه . النسيب - أسكت يا رذيل فأنت متآمر مثله وأتحداك أن تذكر كم قبضت من مال مقابل دورك في هذه المسرحية المهزلة. الزوجة – (للمخرج) أنت لم تكن حاضراً معنا في تلك الليلة حتى تدّعي أنك صادق فيما تقول. وكلما ستفعله أنك ستختلق أكاذيب على ألسنتنا كما اختلقت الأكاذيب الأخرى. المخرج – اطمئني يا أم كريم فلن أختلق أكاذيب بل سأذكر بأمانة كل ما دار بينكم من حديث. النسيب – (ساخراً) وهل كنت ترتدي طاقية الإخفاء وأنت متواجد بيننا من دون أن نراك؟ المخرج – بل كان هناك شخص آخر حاضراً هذا اللقاء بينكم وسمع كل ما دار بينكم من حديث، وقد اشتريت المعلومات منه. النسيب – (متهكماً) ومن هذا الشخص يا ترى؟ المخرج – ما دمتما مصران على معرفة مصدر معلوماتي فاعلما أن هذا الشخص هو الخادمة.. الخادمة التي سمعت كل ما دار بينكم من حديث وأنا لا أتحرج من ذكرها فقد قررت ترك البيت. وأرجوكما الآن أن تسمحا لنا بمباشرة المسرحية0 النسيب – على كل حال إننا لن نرد على ما ستذكره من أقوال في مسرحيتك المهزلة فسيكون كلاماً باطلاً بالتأكيد. وسيكون لقاؤنا معك في المحاكم. المخرج – (ملتفتاً إلى الممثلين) تفضلوا يا زملاء. ماجد – (مخاطباً الزوجة) ما هو السبب الذي جعلك يا فاطمة تصرّين على حضور عباس؟ فاطمة – لأنني أريد أن أقول لك شيئاً بحضوره ليكون شاهداً عليه. ماجد – وما هو هذا الشيء الخطير الذي تريدين أن تقولي لي أمامه؟ فاطمة – أريد أن أقول لك أن صبري على سلوكك قد نفد.. كفاية قهر. يكفيني أنني صبرت كل هذه السنين، ماجد – أنت زوجتي وأم أولادي ويجب عليك أن تصبري عليّ في الحلو والمرّ. فاطمة – وأين هو الحلو؟ هذا البيت الفخم الذي أعيش فيه وهذا الطعام الجيد الذي توفره لي؟ وهذه الحلي الذهبية التي تشتريها لي؟ أهذه هي العيشة الحلوة في نظرك؟ إلى متى أظل أقاسي من الضيم والعذاب؟ ماجد – وما الذي ينقصك؟ هل لدى أيّ واحدة من أخواتك ما لديك من حلي ومجوهرات؟ هل تعيش أي أخت من أخواتك مثل عيشتك الفخمة هذه وفي بيت مثل هذا البيت؟ فاطمة – لكنهن لا يعشن حياة الخديعة والكذب والخيانة. ماجد – لا .. لا . أنا أقبل كل شيء إلا مثل هذا الكلام. وإلاّ فهل نسيت اشتراطاتي عليك؟ ألم نتفق على عدم تدخلك في حياتي الخاصة؟ ذكّرها يا عباس.. ذكّرها. يظهر أنها نسيت ذلك. عباس – (برفق)ولكن للصبر حدود يا حاج ماجد. ماجد – (في شيء من السخرية) ولماذا انتهى صبرها في هذه الأيام العصيبة التي يوشك فيها المصنع أن يُعرض للبيع؟ فاطمة – أنت تعلم أنني لم أكفّ عن الشكوى يوماً من حياتك الخاصة هذه التي لا ترضي صديقاً ولا عدوّا. وحذّرتك مراراً من آفة القمار التي أخذت تلتهم كل ثروتك. وهذا ما حدث. عباس – (بلطف) ولا تنس يا حاج ماجد أنني أنا أيضاً حذّرتك مراراً من ذلك وأنا أرى وضع المصنع يتدهور من سيء إلى أسوأ بسبب الحاجة إلى رأس مال.. ومكائنه يصيبها الخراب دون أن نتمكن من استبدالها. وطبعاً انصرف الكثيرون من زبائننا عن إنتاجنا المتدهور. النسيب – (صائحاً) أنا الذي قلت مثل هذا القول عن إنتاج مصنعنا أيها الكاذب؟ إن إنتاج مصنعنا يتفوّق على إنتاج أي مصنع آخر. محسن القادري – هذا قول مضحك يا أسطى عباس. المخرج (للممثلين) استمروا.. استمروا ماجد – أنت أقرب الناس لي يا عباس وتعرف كم أحب مصنعي. إنني أحبّه بقدر محبتي لأبنائي. وأنت تعلم كم بذلت من مجهود لأوصله إلى ما هو عليه. وكان مجرد مصنع صغير لا يتجاوز عدد عماله عدد أصابع اليدين. فهل من المعقول أن أبخل عليه بالمال وأنفقها على وجوه أخرى؟ ولكن لا حيلة لي في آفة القمار التي تملكتني. ويعلم الله كم بذلت من جهود للفكاك منها.. خصوصاً في الشهور الأخيرة حينما أخذ الحظ يعاكسني. وكم ساعدني الحظ في بداية ممارستي للقمار. وياليت حظي كان سيئاً في البداية لما تملكتني هذه الآفة. لكنه كان حظاً ممتازاً وهو الذي وفّر لي المبالغ التي هيأت لي الإعلاء من شأن المصنع. أفتظن يا عباس أن أرباح المصنع هي المسؤولة عن ذلك؟ لا.. لا. فاطمة – لكنه كان ربحاً حراماً. وأنت كنت رجلاً صالحاً تقياً فكيف ارتضيت لنفسك هذا الربح؟ يا ليت ظل مصنعك صغيراً وارتضيت بالربح الحلال لظللنا نعيش بما يرضي الله ولظللت رجلاً صالحاً تقياً. ماجد – لكنني مازلت رجلاً صالحاً تقياً يا فاطمة. وما زلت أرضي الله. فأنا أؤدي الصلاة في مواقيتها وأحسن إلى الفقراء. وقد حججت ثلاث مرات. فاطمة – ولكنك ترتكب المعاصي فتغوي النساء وتلعب القمار. حسين – وقد قال الله في القرآن الكريم (إنما الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان). النسيب – أسكت أيها الشيوعي فلست الذي يدافع عن الدين. فأنا أعرفك جيداً وأعرف أفكارك الهدّامة. ماجد – علي كل حال هذه معاصي صغيرة يا فاطمة ولن يحاسبني الله عليها حساباً عسيراً. المهم أنني مؤمن بالله الواحد وبرسوله المصطفى وأؤدي كل فروضي الدينية. فاطمة – وماذا عن غوايتك للنساء؟ كيف تجيز لنفسك إغواء العاملات المسكينات؟ ماجد – أنا لم أجبر أية واحدة منهن يوماً على شيء. حسين – ولكنك تعرف يا حاج ماجد كيف تتخيّرهن وتعرف كيف تستغل مَواطن الضعف فيهن. فأنت تمنيهن بالحياة التي تنقذهن من مرارة الفقر والعوز. مشاهدة – لا عاب فمك يا أخونا حسين. الزوجة – هن اللواتي يستسلمن للغواية ولو كنّ شريفات ما استسلمن. المخرج – (للممثلين) استمروا.. استمروا عباس – لكنك تعلم يا حاج ماجد أن طريقة حياتك هذه على وشك أن تدمّرك، وسيعلن إفلاسك في خلال أيام قليلة وسيباع مصنعك في المزاد العلني. ماجد – (وهو يهز رأسه في حزن) وهذه هي الطامة الكبرى التي هدّت حيلي يا عباس. عباس – فماذا ستفعل؟ ستخسر كل شيء. محسن القادري – سيريح سوق الصناعة منه . ولن يضطر أصحاب المصانع الأخرى إلى مواجهة مؤامراته. وإن شاء الله يكون مصنعه من نصيبنا. النسيب – بل أنتم الذين تآمرتم عليه وطمعتم في مصنعه. وأنت بالذات يا محسن القادري لم تكن تتحمل صناعياً نشيطاً مثله.. صناعياً ذكيّاً هدفه رفع مستوى الصناعة في بلدنا والارتقاء بها ودعم اقتصاد البلاد. محسن القادري – (وهو يطلق ضحكة ساخرة) الحاج ماجد يهدف إلى مثل هذه الأهداف الشريفة؟ طول عمره وهو لا يفكر إلا بجني الأرباح وتكديس الثروة. ولم يخطر على باله قضية مثل الارتقاء بمستوى الصناعة في البلاد. وأنت يا عباس مساعده في إدارة المصنع وتعرف ذلك جيداً. حسين – كلكم كذلك أيها الرأسماليين لا تفكرون إلا بجني الأرباح وتمتصون عصارة حياة عمالكم المساكين لقاء دراهم قليلة مع أنهم سبب ثرائكم. محسن القادري – يكفينا من أمثال هذه المحاضرات السفسطائية يا أخ حسين فلولا رؤوس أموالنا التي ننفقها على إنشاء المصانع ما وجدتم عملاً. فاشكروا الله على نعمته. النسيب – أمثال هؤلاء العمال لا يعرفون شكر النعمة يا أخ محسن وهمّهم خلق المشاكل.. ويلومون أصحاب المصانع حينما يفصلون أمثالهم. المخرج – يكفي رجاءً (ملتفتاً إلى الممثلين) استمروا.. استمروا. عباس – ألا يمكن أن يتراجع البنك عن قراره يا حاج ماجد ويمدِّد لك مهلة سداد الدين لعلك تجد مخرجاً؟ ماجد – البنك مصرّ على قراره كما أخبرني المدير قبل أيام يا عباس. فاطمة – (في سخرية) ومن أين يأتي الفرج يا عباس وقد ضيّع كل أمواله على موائد القمار؟ الزوجة (صائحة) أنا أتهم أبو كريم هذه التهمة الشنيعة يا مخرج يا كذاب؟ ماجد – (غاضباً) قلت لك لا شأن لك بحياتي الخاصة يا فاطمة فلست أنت التي جمعت تلك الأموال.. لكنك تتمتعين بها. وإلاّ فهل نسيت كيف تعيش أخواتك مع أزواجهن؟ عباس – اهدأ يا حاج ماجد.. اهدأ ولا داعي لمثل هذا الكلام. ماجد – أنا آسف يا عباس.. ولكن ألا تراها كيف تثير أعصابي؟ فاطمة – لكنهن بالتأكيد أسعد مني ،وحياة أزواجهن نظيفة ومحترمة. ماجد _ (بسخرية) محترمة؟ هل يمكنك أن تدعي بأن أزواجهن يحظون بسمعة محترمة كالتي أحظى بها؟ فاطمة – لكنك تعلم أنها سمعة زائفة مبنية على الغش والخداع. وما أكثر ما فززت من نومي مرعوبة وأنا أتخيل أن أمرك انفضح بين الناس وأن سمعتك تمرغت في الطين. وأنا أعيش في رعب دائم من ذلك. الزوجة – اخسئي يا كاذبة فزوجي من أشرف البشر وسمعته بين الناس كالألماس. حسين – وهذا ما سيحدث قريباً إن شاء الله ستكون فضيحة وستكون بجلاجل كما يقول المصريون. محسن القادري- أكيد .. أكيد . ماجد – (غاضباً) اسمعي يا فاطمة. كل شيء يمكن أن أسمح لك به إلاّ أن تمسّي سمعتي بكلام مخدش. افهمي هذا جيداً. وستظل سمعتي لدى الناس سمعة نظيفة لا يمسّها أحد، أنا الرجل التقي الصالح الذي يحسن إلى الفقراء ويقوم بفروضه الدينية على أتمّ وجه. أنا رجل تقي صالح رغم كل من يشكك في ذلك. حسين - (يطلق ضحكة صاخبة) طبعاً رجل تقي صالح وفاسق ومقامر في نفس الوقت. الزوجة – (وهي تقف غاضبة) أيها المخرج.. إما أن تبعد هذا الوقح أو أقوم أنا باستدعاء الشرطة لطرده من هنا. المخرج – ولكن لا حق لي بطرده من هنا يا أم كريم فهو ميدان عام، ومن حقّ أي واحد الحضور هنا. حسين – (متهكماً) هل تريدين أن تفصليني من هذا الميدان كما فصلني زوجك من المصنع؟ النسيب – اهدئي.. اهدئي يا أم كريم ولا تبالي بما تسمعين من كلام وقح وسفيه. وكل ما سمعناه منذ بداية هذه المسرحية السخيفة هو كلام وقح وسفيه. المخرج – (ملتفتاً إلى الممثلين) استمروا.. استمروا ولا تبالوا بهذه التعليقات المنفلتة. فاطمة – (بتهكم) فاسمح لي أن أسألك إذن يا حاج.. هل الرجل التقيّ الصالح من يسمح لنفسه بإهانة زوجته وأم أولاده مثل هذه الإهانات؟ ماجد - أية إهانات؟ هل وجهت إليك يوماً أية كلمة مخدشة؟ هل قصّرت في حقوقك يوماً؟ الزوجة – لا والله يا أبو كريم.. لم تقصّر في حقوقي يوماً. أنا أقول الآن على رؤوس الأشهاد. ماجد – هل تمتلك أي واحدة من أخواتك من ذهب ومجوهرات ما تمتلكين؟ الزوجة – لا والله يا أبو كريم. فاطمة – وهل احترام الزوجة يكمل بهذه الطريقة؟ أليست حياتك الفاسدة أكبر إهانة لي؟ الزوجة – اسكتي يا كلبة.. كيف تجرئي على إهانة زوجي المحترم بمثل هذا الكلام؟ هالة – (ملتفتة إلى المخرج في حنق) أرجوك يا أستاذ فريد أن تتصرف.. إلى متى أظل أتحمل الإهانات منها؟ صلاح – صحيح يا أستاذ فريد افعل شيئاً فلا يمكن أن نبقى نتحمل الإهانات. نحن فنانون محترمون ولا يجوز إهانتنا. المخرج – احترامنا محفوظ يازملاء لدى جمهورنا العزيز فلا تهتموا بهذه التعليقات المنفلتة. استمروا.. استمروا. ماجد – حياتي الفاسقة ليست من اختصاصك يا فاطمة وهذا ما اتفقنا عليه. فاطمة – كيف ليس من اختصاصي وأنا زوجتك؟ هل تتصورني بلا إحساس؟ ماجد –وما علاقة حياتي الخاصة بإحساسك؟ فاطمة – (صائحة) يا ناس.. هل أنا بشر أم جماد؟ كيف تريدني أن أرضى بأن تشاركني نساء أخريات فيك؟ ماجد – وما العجب في ذلك؟ ألم يحلّل لنا ديننا الزواج من أربع نساء؟ فلماذا تجعلين من حبّي للنساء مشكلة خطيرة؟ فاطمة – ولكن ليس بطريقتك هذه.. وعلى كل حال أنا صبرت طويلاً على نزواتك هذه.. صبرت سنوات طويلة ولم يعد لي طاقة على الصبر. وكنت أمنّي نفسي بأن يتغلب حبّك للخير والصلاح على نزواتك الشيطانية هذه فتعود رجلاً صالحاً تقيّا كما كنت فعلاً. ولكن يظهر أنه لا أمل في ذلك. وها أنت ذا دمّرت نفسك ودمّرتنا معك بسبب نزواتك هذه وسيباع مصنعك لتسديد ديونك للبنك وستجلس على الحديدة. وبالتأكيد سينفضح أمرك للناس وتظهر على حقيقتك ونكون بذلك خسرنا كل شيء. ماجد – فإذن أنت لست مهتمة بما سيحلّ بي من كوارث بل مهتمة بما يمكن يحصل لك من ضرر. هذه هي نهاية العشرة الطويلة. عباس – لا .. لا يا حاج ماجد. ليس الأمر كذلك، لا تفهم أقوال فاطمة خطأ. أنت تعرف معزّتك عندها. وهي تعرف مدى معزّتها عندك. فاطمة – (بسخرية) أية معزّة؟ أية معزّة يا أخي عباس وهو يقضي لياليه مع عشيقاته؟ أنسيت كم شكوت لك مما أقاسي من ضيم وعذاب؟! وكان لابد لي أن أشكو لأحد لأنفّس عن كربي حتى لا أنفجر وأموت. وكنت بدورك تهدئني وتصبّرني وتعلّلني بأنه سيتغير يوماً ويعود كما كان الشخص التقيّ الصالح كما يعرفه الناس. ولكن كما ترى خابت آمالك وآمالي ولم يتغيّر.. لم يتغيّر أبداً. وأنا لم أعد أصبر. ولابد لي أن أفعل شيئاً وإلاّ قتلني همّي. الزوجة – (صائحة في غضب) أنا قلت مثل هذا الكلام لزوجي الصالح أبو كريم أيها المخرج الكذّاب؟ أنا قلت مثل هذا الكلام للرجل الذي عشت في حمايته معززة مكرمة طوال هذه السنين والذي أغرقني بالذهب والجواهر وعيّشني أحسن عيشة؟ المخرج (ملتفتاً إلى الممثلين) استمروا.. استمروا. ماجد (متهكماً) فماذا تنوين أن تفعلي إذن؟ فاطمة- أنوي أن أطلب الطلاق منك. لا يمكنني أن أظل أخدع الناس وأخدع نفسي بأنني زوجة الرجل التقي الصالح وأنني غارقة في السعادة. الزوجة – (صائحة) أنا أطلب الطلاق من زوجي العزيز وأبو أولادي يا كذابين؟ أنا؟! النسيب – اهدئي يا أختي أم كريم.. اهدئي. أنت تعلمين أنها مؤامرة على الحاج ماجد. المخرج – (للممثلين) استمروا.. استمروا. ماجد –وهل تتصورين أنني سأستجيب لنزوتك المجنونة هذه؟ زوجة الرجل الصالح التقي الحاج ماجد تطلب الطلاق منه؟ كيف يمكنك أن تتصوري بأنني أوافق على تدمير سمعتي بيدي؟ عباس –لا يا حاج ماجد .. لا تحمل كلامها على محمل الجدّ. إنها غاضبة وستهدأ كعادتها وتنسى كل شيء. فكثيراً ما حدّثَتني من قبل بمثل هذا الكلام في ثوراتها النفسية ثم نسيت بعد ذلك الموضوع كلياً. فاطمة – لكنني جادّة هذه المرة يا أخي عباس ومصرّة على طلبي ولن أتراجع عنه أبداً. لم يبق لدي صبر. ماجد – (في سخرية) وكيف سيتحقق لك طلبك؟ ألا تدرين أن الطلاق بيد الرجل لا بيد المرأة؟ وأنا أقول لك أن نجوم السماء أقرب إليك من الطلاق. فاطمة – وأنا أقول لك أيضاً أنك ستطلقني ورجلك فوق رأسك. وسترضخ لمطلبي شئت أم أبيت. فإما أن تطلقني أو أدمّر سمعتك بين الناس. سأفضح حقيقتك لهم ولن يمنعني شيء. فقد نزع حبّك من قلبي منذ سنين طويلة. وما واصلت الحياة معك إلا ستراً للفضيحة. عباس – اهدئي يا أختي أم كريم.. اهدئي. لا تنطقي بكلام تندمين عليه. فاطمة – لا يا أخي عباس. لن أندم على أية كلمة أنطقها الآن لأنها خارجة من قلبي. وأنا مصممة على أن أفعل المستحيل للحصول على الطلاق. ماجد – (وقد بدا عليه الانخذال) أهذه هي إذن نهاية عشرتنا يا أم كريم؟ تريدين تدمير سمعتي؟ فاطمة – لم تكن عشرة جميلة يا أبو كريم، وأنت لم تحاول رعايتها. وآن الأوان للانتهاء منها. الزوجة – لا والله يا أبو كريم.. كانت عشرة جميلة رغم أنوف هؤلاء الكذبة. ماجد – (وهو يقف وينظر إلى فاطمة بانخذال) هكذا؟! لم يبق لديّ إذن شيء آخر أقوله.. وسأستريح في غرفتي. (ينسحب الممثل صلاح وينضم إلى صف العاملين في المسرحية في عمق المسرح) المخرج – (يخطو إلى مقدمة المسرح) هذه هي المعلومات التي توفرت لي أيها الجمهور الكريم عن حادثة الانتحار المأساوية ولعلها تلقي ضوءاً على مسبباتها.وأنا لم أضف شيئاً من عندي لما جمعت من معلومات سوى ما تقتضيه الصياغة الفنية للمسرحية. وآمل أن تكون قد أسهمَت في الكشف عن الحقيقة. مشاهد – أنت توّهتنا عن الحقيقة أيها المخرج بمسرحيتك هذه بدلاً من أن تهدينا إليها. مشاهد – وظلمت الحاج ماجد ظلماً عظيماً وشكّكت الناس في صلاحه. مشاهد – لقد قيل "اذكروا محاسن موتاكم" وكان يجب عليك أن تلتزم بهذه المقولة أيها المخرج. مشاهد – لا أحسب أن ما ذكرته في مسرحيتك هي الحقيقة أيها المخرج. المخرج – على كل حال ليس للحقيقة وجه واحد يا إخوان وعليكم الوصول إليها بأنفسكم إذا استطعتم. أما أنا فهذا ما استطعت الوصول إليه. ومن حق كل شخص أن يصل إلى الحقيقة بمنطقه الخاص. النسيب – أما بالنسبة لنا أيها المخرج المتآمر فسيكون لقاؤنا معك في المحاكم. وستدفع الثمن غالياً جراء اشتراكك في هذه المؤامرة القذرة على سمعة المرحوم الحاج ماجد. وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. الزوجة – وسأقتص منكم جميعاً يا أعضاء الفرقة الحقراء. المخرج – هذا ما ينوبنا أيها الجمهور الكريم من إمتاعكم وما علينا إلاّ أن نضحي في سبيل مهنتنا. (يتقدم حامل اللافتة إلى مقدمة المسرح وقد كتب عليها "ختام المسرحية". تخفت الأضواء قليلاً قليلاً حتى يسود الظلام وتسدل الستارة ببطء ثم تضاء الأنوار في الصالة). - ستــار الختــام -
#شاكر_خصباك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نهاية إنسان يفكر
-
الواعظ
-
التركة
-
خواطر فتاة عاقلة
-
العنكبوت
-
الخاطئة
-
رسائل حميمة
-
انطوان تشيخوف -دراسة نقدية-
-
الرجل الذى فقد النطق
-
امرأة ضائعة
-
صراع -مجموعة قصصية-
-
بيت الزوجية -مسرحية-
-
ذكريات ادبية
-
القهقهة ومسرحيات اخرى
-
الطائر
-
كتابات مبكرة
-
مسرحية -الغرباء-
-
عالم مليكة
-
البهلوان ومسرحيات اخرى
-
هيلة
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|