سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 782 - 2004 / 3 / 23 - 06:55
المحور:
الادب والفن
ولد حماد ونشأ في الكوفة زمن الدولة العباسية ، وكان أبوه نبالا يبري النبل ، بينما عاش هو شاعرا ، خليعا ، ماجنا . وعجرد شهرة حملها ، حين كان يلعب عُريانا مع صبية في يوم شديد البرد ، إذ مرّ بهم عرابي فقال له : تعجردت يا غلام !
والعجردة في اللغة هي التعري ، يقال تعجرد الرجل إذا تعرى ، والعجرد : الذهب أيضا .
كان في الكوفة ثلاثة أنفر يقال لهم الحمادون : حماد عجرد ، وحماد الراوية ، وحماد بن الزبرقان ، ثلاثتهم كانوا شعراء ، يتنادمون على الشراب ، وكانوا كأنهم نفس واحدة يرمون بالزندقة !
قال حماد يهجو بشار بن برد الشاعر الأعمى :
ألا من مبلغ عني الذي والده بُردُ
إذا ما نُسب الناس فلا قبلُ ولا بعدُ
ويا أقبح من قرد إذا ما عمي القردُ
اتصل حماد عجرد بالوزير أبي الفضل ، الربيع كي يؤدب ولده ، فكتب بشار للربيع رقعة عليها :
يا أبا الفضل لا تنمْ
وقع الذئب في الغنمْ
إن حماد عجردٍ
ان رأى غفلة هجمْ
فلما قرأها الربيع قال : اخرجوا حمادا من الدار ، فأخرجوه .
سأل الخليفة الوليد بن يزيد حمادا الرواية : ما مقدار ما تحفظ من الشعر ؟ قال : كثير . ولكن أنشدك على كل حرف من حروف المعجم مئة قصيدة كبيرة ، سوى المقطعات من شعر الجاهلية دون الأسلام !
فقال الخليفة الوليد ، وهو المولع بالخمرة وشربها : انشدني :
أ من المنون وربيها تتوجعً
والدهر ليس بمعتب من يجزعُ
القصيدة لأبي ذؤيب الهذلي . قال حماد : فأنشدته إياها حتى أتيت على آخرها . فصاح في ساقيه : اسقه – يا سبرة ُ- أكؤسا ، فسقاني ثلاثة أكؤس خدّرت ما بين الذوابة والنعل .
وثالث الثلاثة هو حماد بن الزبرقان الذي كان يشاتم شاعرا كوفيا رابعا هو حمزة بن بيض ، ثم اصطلحا ، ودخلا يوما على أحد ولاة الكوفة فقال لابن بيض : أراك صالحت حمادا ؟ فقال : نعم . على أن لا آمره بصلاة ، ولا ينهاني عنها .
وحين مات حماد عجر دفن على تلعة ، وقتل الخليفة المهدي بشارا ، فدفن على تلك التلعة ، فمر بقبريهما أبو هاشم الباهلي ، الشاعر البصري الذي كان يهاجي بشارا ، فانشد :
قد تبع الأعمى قفا عجرد
فأصبحا جارين في دار ِ
تجاورا بعد تنائيهما
ما أبغض الجار الى الجار ِ
صاروا جميعا في يدي مالكٍ
في النار والكافر في النار ِ
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟