رداد السلامي
الحوار المتمدن-العدد: 2542 - 2009 / 1 / 30 - 09:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صالح ووعود الجحيم..!
لدي إحساس عميق جدا ، أن اليمن ستكون بخير وأنها ستبقى على حال أفضل حالما غادر النظام الحاكم أو وابتعد عن تعميق الأزمات وتمتين المشاكل وتفريخها .
صالح لم يكن عند مستوى حسن الظن به ، وخيبة أمل الشعب به كبيرة ، فهو في سن متقدم وفي حالة من الهذيان السياسي يرثى لها ، كان عليه أن يرحل يوم أن قرر ذات يوم ذلك ، لكنه عاد ولم يكن العود أحمد- كما يقال- الرجل حكم 30عاما وهي مدة كافية لأن تفقد العقل صوابه .
نظامه دمر المتاحات الايجابية لترشيد التقدم وانجاز التحول الديمقراطي الحقيقي ، عمق الأزمات ، استمرأ لغة المخاتلة وأسرف في خيال الوعود ليمن وعده بالمستقبل الأفضل فارتد به نحو الأسوأ.
حلم الشعب فتوحد ذات يوم لكنه لم يفيق إلا على واقع لم يطابق أحلامه فكانت حرب 1994م التي أوجدت شرخا نفسيا خطيرا يتراكم حتى اللحظة .
لم ينتهز الرئيس صالح فرص استفراده بالحكم لجعله يدوم ، إنه حتى يدمر بقاءه وكان الأجدر به المبادرة الحقيقية عمليا لرأب الصدع، الذي أحدثته تلك الحرب من خلال تمتين الديمقراطية التي من خلالها تتحقق الشراكة الوطنية التي انتزعها بتلك الحرب الظالمة .
تراكمت الأزمات ، وظل الرجل نائما على حلم أنه يمكن أن يدوم من خلال ألاعيب الصراع التي خلقها بقدرته على ضرب الشعب وقواه السياسية ببعضها كبقرة بني إسرائيل التي أحيت ميتهم الذي لم يعرف قاتلة ، ضانا أنها ستبقيه على الكرسي مُداماً، وَمداماً يحتسيه الشعب شغفا به .
لكن الواقع الموضوعي أنتج غير ذلك ، فخرجت الكروت من بين أصابعه ، مستوعبة للدرس ومدركة تماما له ، وهي لن تدعه كما يبدو حتى تجعل منه تاريخا محروقا في ذاكرة الشعب وأجياله
استمرا نظام صالح إن لم نقل -صالح ذاته- سياسة الكيد والحيل ، وأغراه تخلف الشعب فأوغل في كيده، ثم أوغل حتى تغلغل، ليحتل أدنى تفاصيل حياة اليمنيين ، فأوعز للمشايخ ، ومراكز القوى والنفوذ التي يمنحها من النفط ويتقاسم معها ثروات البلاد ليضربوا الشعب ببعضه ، فأدخلوه متاهة الثأر ، والحروب القبيلة ، والمناطقية ، وزجوا به في أتون معارك لا ناقة له فيها ولا جمل ، وأبقوه منهكا معروكاً في أفواههم، يتلذذون بذله وجوعه وفقره وعريه وتخلفه ، وبؤسه ، تتناوشه كل هذه الآفات ، حتى جعلته يعيد التفكير فيما هو فيه ، فأيقن أن الذي يحدث لم يكن حلم الذين ثاروا من أجله ليحرروه مما هو فيه الآن ، إنه اليوم يتململ ، ويدرك خطيئة التشبث بنظام غير صالح يشنقه ذلا ، ويغيب عقله بوعود لم تكن سوى وعد بالجحيم .
-------------------------------------------------------
*كاتب صحافي من اليمن
#رداد_السلامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟