أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - تصرفات شتى إزاء الريح














المزيد.....

تصرفات شتى إزاء الريح


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2536 - 2009 / 1 / 24 - 08:18
المحور: الادب والفن
    


صاحبي، هل لي أن أسألك: أين سيطيب لك الرسو – إن كنت ستملك حق تقرير المصير اللحظي في مواجهة الأقدار – حين تدهمك عاصفة الأحزان التالية؟
...
ثمة أكثرية من الناس تفضل رسواً هادئاً على المرفأ الذي عليك، من أجل الوصول إليه، أن تتحرك بعكس اتجاه العقارب الثلاثة التقليدية، أو بعكس حركة الزمن بوجه عام (لكن دونما أن ينطوي ذلك على معارضة للأخير من أي نوع.): إنه مرفأ الذكريات، يا هذا.. صحيح أن اجترار الذكريات بشكل دوري، مع كل هبة ريح سوء جديدة، لا هو يقيك كثيراً من وقع مثل تلك الريح السيئ على خصائصك وكيانك، ولا هو يضمن لك صنع المزيد منها – نعم، من الذكريات، أعني – والخليق بمضاهاة ألق ذكرياتك الأقدم الخاطف في مرآة بصيرتك ومحاكاة تأثير محطات حياتك ومراسيك السابقة المنعش لروحك والباعث لنفسك على التأمل، والصبر أو التأسي، والأمل.. نعم، كل هذا الزعم هو صحيح وواقعي تماماً، لكن لا تنس - على الجانب المقابل من الظن - أن استدعاء ما جلب لك (من الأحداث، واللقاءات، والتجارب، والنجاحات، ... إلخ إلخ) في السابق بهجة مازال بعض شررها يلمع إلى اليوم قد يستدعي بهجة إضافية لاحقة لك، أو على الأقل: قد يحول بينك وبين أن تقنط حتى من الأمل في غد ينطوي على مثل تلك البهجة الوهمية اللاحقة.

وثمة سواد عظيم من الناس يفضل الرسو على المرفأ الذي يتعين عليك، إن شئت وصولاً إلى تخومه، أن تسبح مع التيار، وفي نفس اتجاه العقارب نفسها: وبذلك أقصد مرفأ الأحلام.. فكم هو مهدئ لاضطراباتك أن تقنع نفسك بمنطق أن اليوم العصيب لن يسلم أمرك، بالضرورة، إلى يوم عصيب آخر، وأن الرياح ذات الوقع البغيض على نفسك أنت – بالذات – حين تهب من بعيد، وغالباً من وراء ذلك الجبل الأسود المخيف الذي طالما تراءت لك في أحلامك المفزعة خيالات ساكنيه المحتملين القساة، فإنها بالتأكيد لا تعدم على قائمتها اللانهائية أسماء غيرك الذين يتعين عليها أن تهب باتجاههم أيضاً.. بل وربما تسعى الريح الحزينة بعد إحدى الهبات باتجاه راحة مؤقتة وتوقف لحظي عن الهبوب. من يدري كيف تفكر العواصف؟؟

وهناك سواد آخر، أضأل من سابقه، من الناس يؤثر الاستسلام القدري الكامل لذلك الهبوب الغير المرغوب فيه ولا المستطاع الدفع. وأفراد هذا السواد هم، في الغالب من الأحيان، الأسرع جنياً لثمار قرارات الرسو السلبية التي يتخذونها تحت وقع الهبوب. إنهم المتشحون بالامتناع عن الفعل أو المحتمون به، لا عن ارادة وحكمة ولكن عن خنوع أو لا مبالاة.

المهم، في كل الأحوال السابقة، هو أن يكون حق الاختيار بيدك.. أما لو كان الأمر بخلاف ذلك، إذن فلكل حادث حديث.

فما خيارك المفضل، على فرض توافر خيارات أمامك، يا هذا؟
...

آه.. ونسيت أن أقول لك إن هناك أيضاً من يواجهون الرياح بصدور عارية وعزائم لا تلين، ورغم أنهم لا يقوون على دفعها حالاً في الأغلب الأعم، إلا أنهم يراكمون خبرات لا بأس ولا استهانة بها في ذلك الاتجاه، بكل تأكيد، ومن يدري فلعلها تمكنهم ذات يوم من دفعها حين تهب أو من منعها من الهبوب أصلاً باتجاههم. وأخيراً وآخراً، هناك من يلجأون إزاء الرياح وفي مواجهة صلفها كله – مثلك الآن – إلى الصمت المطبق، الذي هو عن خيار الاستسلام القدري مختلف على نحو لا أظنك تستحق عناء توضيحي إياه لك.



#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أقصُوصة من سِفر الإياب
- فعل الأمر في رؤيا
- فصل العلم عن الدين.. لماذا؟
- متوسط المتوسط
- حالات
- انتصار الهاء
- بينما أنتظرك
- حتى أتتني الرسالة
- بطل، والنهاية
- شكراً يا سمرا
- مَن أنت؟
- في الحقيقة..
- الأزمة المالية العالمية وملاحظات أولية
- ثلاثي ضوضاء المسرح
- المحمول في يد الجميع
- أبجدية التحضر: منظومة الفكر والممارسة لدى العقول المتفتحة
- تأكل الطير
- فوضى.. ولكن
- لما بنكبر
- تخاريف بنكهة أندلسية


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي ثابت - تصرفات شتى إزاء الريح