أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جاسم المطير - عن رحيل معلمنا الكبير محمود أمين العالم














المزيد.....

عن رحيل معلمنا الكبير محمود أمين العالم


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 2535 - 2009 / 1 / 23 - 09:25
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


مع بداية الخمسينات حين اجتذبتنا نحن شباب ذلك الزمان اضاءات الأفكار والثقافات ، العالمية والعربية ، المتنوعة التي تبلورت أصنافها بعد هزيمة الفاشية الهتلرية بنهاية الحرب العالمية الثانية كان شرط الوطني العراقي الراغب في التنوير والثقافة أن يكون مالكا لبعض عطاء طه حسين وسلامة موسى وعلي عبد الرازق واحمد شوقي ومحمد عبد الوهاب وسيد درويش وعبد الرحمن الشرقاوي وأم كلثوم ونجيب الريحاني وغيرهم . ثم كان محمود أمين العالم ثروتنا الكبرى التي انتخبناها لتكون مقالاته المشتركة في كتاب أدبي نقدي يحمل اسمين متميزين محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس ( رحل أنيس أيضا بعد رحيل العالم بأسبوع واحد ) . كان حصولنا على أي مقال أو كتاب من مقالات وكتب العالم بمثابة احتفال أدبي كبير يحتل مركز الأولوية عندنا ، كما عند جميع الباحثين عن فهم عربي لطرائق العمل ضد العبودية ومؤسساتها المتمثلة في أنظمة الحكم في ذلك الزمان .
حين وصلتنا من الكويت ذات يوم نسخة من كتاب عنوانه ( في الثقافة المصرية ) عام 1955 تناقل سريعا بين أيدي مجموعة من شباب البصرة ( عدنان المبارك ، هشام البعاج ، فيصل الحجاج ، رجاء عبد الرزاق ، نظيمة وهبي ، شاكر محمود ، جاسم المطير، شاكر القيسي وغيرهم لا أتذكرهم الآن ) وقعنا جميعا أسرى في ظلال أفكار جديدة ثرية بالأدب وجواهره النقدية التي جوبهت في تلك الأيام بردود فعل متباينة حيث انتقد المؤلفان محمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس فيه بشدة أدباء بارزين آنذاك منهم عباس محمود العقاد وطه حسين الذي رد على الكتاب واصفا إياه بأنه "يوناني فلا يقرأ ..! " أما العقاد فاتهمهما في صحيفة (أخبار اليوم) بالشيوعية قائلا " أنا لا أناقشهما وإنما أضبطهما. أنهما شيوعيان .
يوما بعد يوم كنا نجد في نصوص محمود أمين العالم ما يساعدنا ويدلنا على الوعي المبكر في العلاقة بين الأدب والمجتمع ، بين السياسة والمجتمع ، بين الأدب والسياسة ، ثم وجدنا أنفسنا تلاميذ نجباء لمعلم كبير اسمه محمود أمين العالم لأننا أبناء ذلك الجيل وجدنا أحاسيسنا ومشاعرنا أسيرة اللغة المكتوبة بقلم محمود أمين العالم أكثر من غيره ، فقد وجدناه خلال نصف قرن مضت يسمو بنا نحن قراءه إلى مستوى عال في التعبير والجدل والتحليل .
محمود أمين العالم لم يكن شخصية ثقافية ساحرة حسب ، بل كانت كتاباته بمثابة مسرح نصف دائري نطل من خلاله على ما يجري في الأحداث الأدبية والسياسية والفلسفية والاجتماعية والاقتصادية . كان يرسم لقرائه أعمق القيم الإنسانية والنضالية بتكيف بارع بعيدا عن الشعارات المجردة التي يستخدمها البعض لكسب أهواء القراء في عصر كانت فيه المشاكل السياسية والحروب الإسرائيلية – العربية وغيرها وأساليب القمع والبطالة والجوع والتخلف تنهش جميع المجتمعات العربية حيث يتوالى كبار رجال السياسة وقادة الجيوش في الدول العربية على التسابق للحفاظ على كراسي الحكم المصكوكة بالأموال بينما يظل العقل العربي مقيدا ، تائها ، متأزما .
في ظل نصف قرن عربي من الظلام الوحشي كان محمود أمين العالم وسط النسور والدبابير والزنابير المنتشرة في مختلف زوايا المؤسسات الثقافية والصحفية في مصر يواصل البحث والكشف بصعوبة بالغة عن طريق الحبور والانعتاق بوساطة تكييف العطاء الماركسي الموهوب كبركة فلسفية من بركات الحضارة الأوربية الجدلية للاستفادة منها في تنوير الثقافة العربية كشرط من شروط إرساء السفائن الثقافية العربية على السواحل العقلانية الهادئة . ولأنه كان كادحا يوميا من اجل تحقيق الأهداف الإنسانية للشعب المصري فقد عقد علاقة كبرى بين مواهبه الشخصية المتألقة وبين مختلف أجناس العمل الأدبي والسياسي والفلسفي . كان شاعرا وناقدا ، وكاتبا ، ومناضلا ، وفيلسوفا ، ومدرسا ، وأستاذا جامعيا ، وصحفيا . مارس العمل السياسي السري والعلني . كان قائدا حزبيا حكيما . كان مبشرا ديمقراطيا متوهجا . كان سجينا سياسيا صابرا . فصل من وظيفته أكثر من مرة لأسباب سياسية وكان منفيا في لندن وباريس طويلا .
علّم محمود أمين العالم أجيال المثقفين المصريين والعرب روحا ثورية جديدة . علّمهم اللغة القادرة على النفاذ إلى قلوب الملايين من الناس . علّمهم وسائل الكشف عن وظيفة المناضلين المتجددة دوما بتغير الزمن والأحداث . علّم المثقفين أن يكونوا أحرارا غير تابعين لأية سلطة غير سلطة الضمير والإخلاص لقضايا الشعوب . علّمهم ضرورة تجديد وتحديث أدوات الشعر والمقالة والبحث والصحافة والفنون . علّمهم النظر بعمق إلى أحداث الواقع المعاش بالاستفادة من تجارب الماضي وليس تقديسها .
هكذا علّمنا محمود أمين العالم راحلا عنا في أدق الظروف وأصعبها . وهكذا سيظل اليسار العربي أمينا لمبادئه العظيمة بعد رحيله وخلوده .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 1- 1 – 2009





#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يحمر ّ وجه الكذابين خجلا..!!
- عبوسي في بغداد ..
- أنا مع ميسون .. انتخبوها أيها الوطنيون
- عشق ومجد وقرنفل احمر وبانوراما جديدة
- هزّوا شباك العباس أيها الفقراء العراقيون ..!
- بوش الثاني ..وداعا ..!
- أيها المرشحون الديمقراطيون تعلموا من اوباما
- عن داء جديد اسمه الفساد الديني ..!!
- البصرة تزهر ولا تذبل بوجود كاظم الحجاج وصحبه
- تأنق مجهودكن وارتقى تحت شجرة زيزفون صحفية عراقية مزهرة يا مي ...
- أيها البصريون غنوا أغنية كوكو كتي
- هنيبعل يعود من جديد مسموما ..!!
- بيان من القيادة العسكرية العامة للقوات العربية الإسلامية ..! ...
- اكتشاف منافع النوم أهم من اكتشاف النظرية النسبية ..!!
- فيصل لعيبي يشد خيوط النور من الغربة إلى الوطن
- ليس بالتهاني وحدها ينال المواطنون حقوقهم ..!
- أيها الصديق العزيز ماجد الساري : العطشى يعاتبون ..
- أيها الصوت العالي طالب بن غالي
- وزارة الثقافة العراقية تعتقد أن التقوى والسينما نقيضان ..!!
- عن ثرثرة عراقية اسمها حقوق الإنسان ..!


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - جاسم المطير - عن رحيل معلمنا الكبير محمود أمين العالم