أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نقد الأديان والتعصب













المزيد.....

نقد الأديان والتعصب


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مقالات عديدة سابقة قلتُ إن الأديان من صنع الإنسان، والإنسان هو الذي خلق الآلهة التي تطورت بتطوره. فبعد أن كان الإله حجراً أو جزع شجرة قديمة ميتة كانت تزين وسط القرية في أيام خلت، أصبح الإله في هيئة إنسان ينزل من السماء ليصارع يعقوب، وينهزم أمامه (24 َبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25 وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26 وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27 فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28 فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ») (سفر التكوين، الإصحاح 32). ثم أصبح الإله كالإنسان يرسل ابنه الوحيد لينقذ البشرية بإراقة دمه، ثم تعالى الإله بعد ذلك وأصبح إنساناً بيدين ورجلين ووجه وعواطف إنسانية من غضب وضحك وما إلى ذلك، وأصبح يجلس فوق كرسية أو يستلقي على عرشه فوق السماء السابعة وينزل من وقت لآخر إلى السماء الدنيا (التي لا نعرف حدودها بعد) ليستمع إلى دعاء المغلوب ويستجيب إلى دعوته، لأن دعوات البشر لا تستطيع أن تصل السماء السابعة التي تبعد عنا ملايين الأميال (بين كل سماء والأخرى مسيرة خمسمائة عام) (حديث نبوي).
وفي مقال لاحق عن ضرورة الأديان للإنسان، وتعقيباً على مقال للأستاذ عصام عبد الله، أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس، قلت إن الأديان ليست ضرورية لإنسان القرن العشرين الذي شب عن الطوق المعرفي وأصبح يعلم كل قوانين الطبيعة ويستطيع تفسير كل ما تلقيه الطبيعة نحوه. فإنسان اليوم لا يحتاج إلى دين سماوي أو دين فلسفي.
والأديان، كالحضارة، عملية تكاملية، لا ينفرد بها شعب أو قبيلة أو جنس دون الآخرين. كل دين أخذ مما وجده قبله. فالديانة اليونانية تشبعت بالأفكار الفارسوهندية، واليهودية تشبعت من العقائد البابلية ومن الديانات المصرية القديمة، ثم جاءت المسيحية تكملةً لليهودية وبنفس لغتها الآرامية، وجاء الإسلام وتعكز على اليهودية واستلف من المسيحية بعض تشريعاتها وميثالوجيتها. فالمصدر واحد وإن تشعبت الفروع.
وقلت كذلك لشيوخ الأزهر، وعلى رأسهم الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر، إن محاولتهم تسخيف المسيحية اعتقاداً منهم أن ذلك يقوي من موقف الإسلام، مغامرة فاشلة بالنسبة لقضيتهم لأن دحض أي دين يعني بالضرورة دحض كل الأديان السماوية الأخرى لأنها مكملة لبعضها البعض. وإله السماء الإسلامي هو نفسه إله السماء اليهودي وكذلك المسيحي. وقد عرف فرعون، في الميثولوجية الإسلامية، هذه الحقيقة عندما قال لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل.
والغرض من نقد الدين ليس هو سلب المؤمنين إيمانهم الذي يغذي أرواحهم وحيواتهم القاحلة، بقدر ما هو محاولة لنزع الأغلال التي كبلهم بها رجالات الدين على مر العصور، وتمكينهم من الحركة بدون أغلال حتى يستطيعوا قطف الأزهار الحقيقية بدل الزهور الاصطناعية التي يقدمها لهم رجالات الدين في شكل صكوك غفران أو وعد بدخول جنةٍ لحمها وسداها الممارسات الجنسية مع الحور العين.
وما دام الغرض من النقد هو نزع الأغلال، فقد نزع المسيحيون حول العالم أغلالهم بعد الثورة الصناعية وأصبح الدين بالنسبة لهم أمراً شخصياً بين الإنسان ومن يؤمن به.وحتى بالنسبة لليهودية فقد أصبح أغلب اليهود في أمريكا وأروبا علمانيين لا يهمهم ما يقوله الحاخامات اليهود.
ولكن العالم الإسلامي ما زال مكبلاً بسلاسل رجالات الدين وبالجهل والمرض. وبما أن العنف أصبح المسيطر الأول على حياتنا منذ منصف القرن العشرين وحتى الآن، أصبح من الطبيعي والمنطقي أن نحاول فهم أسباب ودوافع الذين يمطروننا بهذا العنف صباح مساء. وأظن أن أي شخص محايد لن يتردد في القول إن تسعة وتسعين بالمئة من الإرهاب الذي ينقّص حياة البشر في جميع الأقطار يقوم به رجال ونساء مسلمون.
والمؤسف طبعاً أن هؤلاء المسلمين يستهدفون الأبرياء الذين قد يكون فيهم المسلم وغير المسلم. فالذي يحدث في العراق الآن من تفخيخ السيارات والحيوانات والنساء، وتفجير المساجد والكنائس والمزارات، يقوم به مسلمون ضد مسلمين، يختلفون عنهم في المذهب، أو ضد مسيحيين لا ناقة لهم ولا جمل في ما حدث في العراق (اللهم إلا إذا اعتبرنا أن وجود طارق عزيز في حكومة حزب البعث سبباً كافياً لقتل المسيحيين).
والمشكلة في الدين، أي دين، سواء أكان "سماوياً" أو "فلسفياً" كما يسميه المسلمون، وإن لم يكن العنف في نصوصه فإن رجالات الدين المرتزقة الذين يتكسبون من بيعه للرجرجة والدهماء، لا يعجزهم لي عنق النصوص وإيجاد كلمة أو عبارة تبيح لهم ربط العنف بالدين، وبالتالي تبرر لهم ما يفعلون. وفي مثل هذه الحالات يكون نقد رجالات الدين هو المطلوب، أما نقد الدين يكون إجحافاً لأن ذلك الدين لا يحض على القتل و الكراهية.
ورغم أن الأناجيل المسيحية الرسمية الأربعة ليس بها أي عنف غير الآية التي تقول (34 لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35 فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. 36 وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ) (إنجيل متّى، الإصحاح العاشر)، والتي لم يقصد منها كاتب الإنجيل السيف الحقيقي إنما سيف رمزي يرمز إلى تعاليم المسيحية التي تفرق بين الابن الذي يؤمن وأبيه الذي يكابر، أو العكس، فإن رجال الكنيسة الكاثوليكية اتخذوا من هذه الأية ما يبررون به الحروب الصليبية وكل أنهار الدم التي تبعت ذلك. بل قبل ذلك قد استغلت الإمبراطورية الرومانية المسيحية التي لم تكن قد شبت عن الطوق بعد، ليستعمروا أغلب بقاع العالم المعروف في ذلك الزمان باسم إله السماء.
فكان نقد الكنيسة يومها، وليس نقد الدين، هو المطلوب، وقد قام به عدة رجال يتحلون بالشجاعة، وانتقدوا الكنيسة الكاثوليكية دون أن يتعرضوا إلى نقد الإسلام أو اليهودية، وانتهت سطوة الكنيسة الكاثوليكية عندما انهال عليها النقد من كل صوبٍ. فهل كان هؤلاء الرجال محقين في نقدهم للكنيسة الكاثوليكية دون غيرها؟ نعم، كانوا محقين في رأيي لأن الكنيسة الكاثوليكية وقتها كانت القوى الوحيدة التي تدعو إلى القتل وإلى صلب وحرق المفكرين وحرق الساحرات واستغلال الفقراء.
ورغم تسامح غالبية رجالات الدين المسيحي في عصرنا هذا فإن هناك بعض القساوسة، خاصةً في أمريكا، ممن يقوّلون الأناجيل ما لم تقل، ليبرروا عنفهم، فمثلاً، أحد قساوسة الكنيسة اللوثرية في أمريكا قال في قاعة المحكمة، بعد أن قتل طبيباً يقوم بعمليات الإجهاض، إنه ليس إرهابياً لأنه لا يستسيغ العنف من أجل العنف، وإنما استعمل العنف ليقاوم عنفاً أكثر منه، وهو قتل الأجنة في بطون أمهاتهم. وقد اعتبر هذا النوع من العنف دفاعاً عن حدود الله، وليس هجوماً(Terror in the Mind of God, Mark Juergenmeyer, p 9)
وعندما استعمل القس جون هيل John Hill مسدسه ليقتل الدكتور جون بريتون وحارسه الخاص وهما في طريقهما إلى إلى عيادة أمراض النساء والولادة، امتلأت الصحف الأمريكية بخطابات التشجيع لذلك القس من جماعة Defensive Action Movement أي جمعية العمل الدفاعي عن المسيحية.
ففي منطق هؤلاء القساوسة المسيحيين أن الإنجيل يبيح لهم الدفاع عن الأجنة بقتل الأطباء الذين يقومون بعمليات الإجهاض (مع العلم أن عدد الأجنة التي تجهض من تلقاء نفسها يفوق عدد الذين يجهضم الأطباء بعشرات المرات). فمنطقهم يسمح لهم بقتل طبيب يقدم خدمات جليلة لمجتمعه من أجل حماية جنين لم يولد بعد، وكان عليهم أن يقتلوا الإله الذي يجهض ملايين الأجنة كل عام.. ويسمون قتل الأطباء هجوماً دفاعياً لحماية شرع الله، تماماً كما يبرر القرضاوي الجهاد واستعمار بلاد الغير وقتلهم وسبي نسائهم بقوله إنه جهاد الدفع وليس جهاد الطلب.
وقد تفوق القس الأمريكي مايك براي Mike Bray على بقية القساوسة بأن أباح قتل السياسيين الأمريكيين مثل وزيرة العدل في إدارة الرئيس كلنتون، جانيت رينو، لأنها سمحت لل اف بي آي FBI باقتحام معسكر ديفيد كريش في ويكو بتكساس، واتهمهم بالكفر. وعذره في أباحة القتل لأتباعه هو أن السياسيين الأمريكان هم "الوثنيون الجدد" neo pagans، في مقابل المحافظين الجدد neo cons.. وطالب بإقامة حكومة أمريكية تحكم بشرع الله وقوانين الإنجيل Biblical Law. فهؤلاء القساوسة الأمريكان هم النسخة الغربية من الإخوان المسلمين. فهل لهؤلاء سندٌ من الإنجيل؟
وعندما لم يجد القس مايك براي آيات في الإنجيل تبرر دعوته لقتل السياسيين، زعم بأن اثنين من حواري المسيح كانا عضوين في الجمعية اليهودية التي تمردت على الرومان،وكانوا يعرفون باسم "الغيورون" The Zealots، وبالتالي يصبح التمرد على الحكومة اتباعاً لتعاليم حواري المسيح. وما أوهى العذر، ولكنه استطاع أن يقنع به أتباعه.
ولأن الأناجيل المسيحية لا تشجع على العنف بل تدعو إلى المحبة والإخاء وإدارة الخد الآخر، لا أرى وجاهة في نقدها عندما يكون دافعي للنقد هو العنف واضطهاد الغير سواء أكان المرأة أو المخالف في المعتقد. بعض رجالات الدين المسيحي هم الذين دعوا، ويدعون إلى العنف تحت مبررات هذيلة لا تمت إلى المسيحية بصلة. فالنقد في هذه الحالة يجب أن يوجه لرجالات الدين وليس للمسيحية نفسها.
حتى الديانة البوذية المسالمة لم تنج من العنف الذي شجع عليه رجالات الدين دون سند من نصوصهم المقدسة. فقد استغل رجل دين في اليابان، يُدعى "أساهارا" Asahara، في عام 1995، الإيحاء ليقنع أتباعه بإن اليهود والماسونيين والشيوعيين سوف يعيثون في الأرض فساداً وسوف يشعلون حرباً عالمية ثالثة تفني جميع البشر، ما عدا أتباعه الذين سوف يحصنهم بلقاحات تحميهم من آثار الغازات السامة التي سوف يستعملها الأعداء. وسمى تلك الحرب Armageddon. وأنشأ معاملاً لانتاج اللقاح، وأقنع طبيباً اختصاصياً في جراحة القلب، وعلماء كيمياء، بإنتاج غاز السارين السام وزرعه في أنابيب في قطارات الأنفاق في طوكيو في مارس 1995 ليوهم أتباعة بصدق تنبؤاته. ومات بعض الركاب الأبرياء وتسمم المئات.
والمخيف أن أتباعه وأغلبهم من المتعلمين، إذ أن نسبة الأمية في اليابان ضئيلة جداً، قالوا في الصحف، بعد أن اعتقلت السلطات ذلك الزعيم، لا بد أن السيد The Master كانت له أسباب دينية للقيام بما قام به لأنه كان قد تنبأ لهم بتاريخ حدوث تلك المجزرة قبل عام من حدوثها الفعلي. ولم يخطر ببالهم أنه هو الذي اختار ذلك التاريخ لقتل الأبرياء منذ مدة طويلة وقد جلب المعدات للمقربين منه لإعداد السارين.
وكل هذه الأمثلة لا تعطي مبرراً كافياً لنقد المسيحية أو البوذية، لأن تعاليم الديانتين لا تشجع على العنف والإرهاب، وجاء التشجيع من قلة قليلة من رجالات الدين المسيحيين أو البوذيين. أما إن كانت الديانتان مليئتين بالخرافة والقصص الميثولوجية، فهذا لا يعنيني، فإن أراد الناس أن يؤمنوا بالميثولوجيا فهذا شأنهم، فهدم الميثولوجيا ليس هو غايتي ما دامت الميثولوجيا لا تضرني. ولكني انتقد الميثولوجيا الإسلامية لأنها تضرني وتضر الناس في جميع أنحاء العالم .
يحدث كل هذا العنف في أديان لا تبرر العنف ولا تدعو له، فما بالك بدين كاليهودية أو الإسلام؟ فرغم كل الآيات التي تبيح القتل وضرب رؤوس أطفال العماليق بالحائط، وما شابه ذلك، يحاول حاخامات اليهودية أسباباً أخرى تبيح لهم قتل العرب وحتى قتل اليهود غير المتدينين. فمثلاً عندما قتل يغال أمير، إسحق رابين، رئيس ورزاء إسرائيل لأنه عقد صلحاً مع أنور السادات، قال يؤول ليرنر Yoel Lerner ، أحد المتعصبين، وهو يعلم أن اليهودية تُحرّم قتل اليهودي يهودياً آخر، إن التوراة تبيح إيقاف من يمثل خطراً أخلاقياً Moral Danger على اليهود. وفسر عملية "الإيقاف" بالقتل، وزار القاتل في السجن مع مجموعة كبيرة من أنصاره، يوم عيد ميلاد القاتل، وغنوا أمام السجن وقدموا الكعك للمارين. فمثل هؤلاء المؤمنين الذين رضعوا العنف مع حليب أمهاتهم المؤمنات بتعاليم اليهودية، لا تشبع نهمهم للقتل جميع آيات العنف التوراتي، فيبحثون عن مبررات أخرى.
وقد سأل سائل: لماذا أركز أغلب نقدي على الإسلام ما دامت اليهودية مشبعة بالعنف؟. فأنا كعربي يهمني العرب أكثر من غيرهم، وبما أن أكثر من تسعين بالمئة من العرب يرزحون تحت نير هذا الدين الذي يدعو إلى العنف واضطهاد الغير، فإني أجد نفسي مضطراً لمحاولة تنوير بعض العقول العربية إن أمكنني ذلك. ثم أن اليهودية ليست ديانة تبشيرية ولا تدعو لانتشارها خارج بني إسرائيل. وقد تخلص أغلب اليهود من نير المشنا والمدراشا، وأصبحوا علمانيين يقفون مع اللاعنف ومع الحق، فنجد مشاهير اليهود في أمريكا من أمثال دستن هوفمان ورالف فين يصرحون للإذاعات الأمريكية أن اليوم الذي قامت فيه إسرائيل كان يوم دفن الإنسانية. وكذلك يفعل بعض اليهود المتنورين في إنكلترا، مثل النائب البرلماني جيرالد كوفمان. وهناك جماعات من اليهود الأورثودكس يعارضون قيام دولة إسرائيل ويدعون إلى إزالتها.. وفي إسرائيل نفسها نجد جماعة "السلام الآن" وجماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية تدين السياسات الإسرائيلية وتدعو إلى السلام وإلى احترام حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. فهل سمعنا أي مشاهير عرب مسلمين يدعون لإدانة مشايخ الإرهاب ويشيدون بمجهود جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية؟
ورغم أن إسرائيل تبالغ في ردها على صواريخ حماس وصواريخ نصر الله، وهم يفعلون ذلك بدوافع سياسية، فإنا لم نسمع أن أي يهودي أو صهيوني فجر نفسه في نادٍ ليلي في برلين أو في جزيرة بالي في إندونيسيا أو في الطائرات الأمريكية. نعم، هناك الحاخامات المتشددون مثل كاهاني الذي اغتاله الإسلاميون في نيويورك، وهناك المتعصبون مثل الدكتور باروش جولدستين الذي فتح نيران بندقيته على المصلين الفلسطينيين وأصبح قبره مزاراً للمتعصبين من اليهود. وليس هناك من شك في أن أي إنسان عاقل يدين مثل هذه العمليات ويدين التعاليم الدينية التي تشجعها. وقد انتقدتُ أنا التوراة وعنفها عدة مرات.
بالنسبة للمسيحية فقد مضت أيام محاكم التفتيش وقتل الساحرات وتشجيع العنف الإلهي إلا في أمريكا حيث الجماعات المتطرفة التي تقتل الأطباء لتمنع الإجهاض. وهؤلاء ليس لهم سند من كتابهم المقدس. وأتباع الكنيسة الأرثودوكسية الشرقية سواء في مصر أو روسيا أو الحبشة، هم أكثر الناس التزاماً بالسلم. ولكن لكل قاعدة شواذ. فالمسيحيون الأرثودكس في صربيا قد لجأوا إلى العنف لأسباب أثنية. فهل نلوم الكنيسة الأرثودكسية على ذلك؟ فالكنيسة المسيحية قد تخلت في معظمها عن العنف، فما هو السبب الذي يدعوني إلى انتقاد المسيحية التي لم تكن قد شجعت العنف أصلاً؟
أما الإسلام فلا تكاد تفتح صفحة من السور المدنية ولا تجد بها آيات تحض على الكراهية والقتل واضطهاد نصف المجتمع المسلم. ولا تفتح جهاز تلفزيون بالبلاد العربية أو موقع إنترنت إسلامي وإلا تجد شيوخ الإرهاب والكراهية في أبهى حللهم يحثون على قتل المرتد والكافر والصهيوني ويدعون الله أن يشتت شمل اليهود ويرمّل نساءهم ويأتم أطفالهم.
وبما أن الإسلام قد خرج من رحم اليهودية، فنقد الإسلام هو نقد مباشر لليهودية كذلك، فنقد الفرع بالضرورة يكون نقداً للأصل، فلولا الأصل لما نبت الفرع.. وأنا انتقد الدين الإسلامي في محاولة لإفهام المسلمين أنهم ليسوا خير أمة أخرجت للناس، ودينهم ليس أفضل من معتقدات غيرهم، وعليهم التخلي عن العنف وادعاء الأفضلية على بقية البشر ومحاولاتهم الدائمة لفرض معتقدهم على غيرهم من البشر. فإن تخلوا عن العنف ومحاولة فرض دينهم على الآخرين، فليس هناك أي سبب لنقد معتقداتهم. فليؤمن من أراد بالحجر ويعبده، فلا دخل لي في ذلك ما دام لا يرميني بذلك الحجر.
لا أرى المسيحيين يحاولون رميي بحجر ولا أرى البوذيين أو الهندوس يفعلون ذلك. المسلمون وحدهم هم الذين يقذفون الناس بالمتفجرات وبتهمة الكفر والإلحاد وما يتبع ذلك من إباحة دمائهم وتطليق أزواجهم، وكل ذلك بسند قوي من القرآن والسنة. والإسلام هو الدين الوحيد الذي يزعم أتباعه أنه دينٌ ودولة. والدولة هي السياسة. والسياسية والسياسيون وبرامجهم التي يعتمدون عليها هي أكثر الأشياء عرضةً للنقد في العالم، وعليه من حقي أن أنقد ذلك الدين الذي يدفعهم لمثل تلك الأعمال ويريد أن يحكمني بقوانينه، دون نقد الديانة المسيحية من أجل النقد أو من أجل أن يقول الناس إني محايدٌ في نقدي. وكما يقول المثل الإنكليزي Charity begins at home فإنا عليّ محاولة إصلاح بيتنا قبل بيوت الآخرين.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إله السماء مهندس فاشل
- ثورة الحسين والتجارة التي لا تبور
- إله السماء لا يعلم شيئاً
- القضاء الإسلامي مكانه المتحف - السعودية مثالاً
- تحريف الكتب -المقدسة-
- آيات تُثبت عدم وجود الله
- قد أخطأ الذين دافعوا عن السعودية
- هل نطق الله بهذا الكلام؟
- الذين يتحدثون بلسانين
- بعض إشكالات القرآن مع المساواة
- القرآن دستورهم
- إدعاء الصلاحية لكل زمانٍ ومكانٍ
- هذا ما فعله بنا الإسلام
- الذين يفسرون القرآن بالفهلوة
- الغيب الذي غيّب عقول المسلمين
- لا ملكية فكرية على الإسلام
- تشريح صورة القيامة
- أيهما أعظم عند المسلم... الله أم محمد؟
- عندما تسرح وتمرح ديناصورات الوهابية
- القرآن والسحاب والمطر


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نقد الأديان والتعصب