|
في كثير من الأحيان لغة التهديد ضريبة تدفعها النساء
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 778 - 2004 / 3 / 19 - 09:48
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كيف يمكن لحزب اسلامي يمتلك القوة بشقيها ( الانساني والمادي ) تهديد امرأة لا تملك سوى فكرها، ودفاعها عن حقوقها وحقوق بنات جلدتها ؟ ان لغة التهديد ذات الوجهين ( التحذير المبطن و المباشرة بالفعل ) وجه لعملة واحدة وهو الارهاب بشقيه : النفسي والجسدي، كما أنها لغة ضعيفة الحجة تقف على قاعدة من الروح العدوانية والعنجهية وابراز العضلات وتعتمد القوة لارهاب الآخرين الذين يختلفون معها.. وإذا قدر لــ 35 سنة وحشية من استعمالها فقد اصبح الآن واجب وطني وحضاري التخلي عنها واهمالها واستعمال لغة الحوار الديمقراطي في التعامل مع الرأي الآخر واحترام رأي الاقلية وفسح المجال امامهم لبداء آرائهم بكل حرية وآمان. فبعد التصريحات التي ادلت بها عضوة مجلس الحكم السيدة رجاء الخزاعي ولا سيما فيما يخص التهديدات التي وجهت لها بواسطة الهاتف او الرسالة الخطية التي وصلت لها من قبل احزاب على حد قولها " انها تلقت تهديدات عبر الهاتف واستلمت رسالة تتهمها ضد الاسلام موقعة من ثلاثة احزاب اسلامية " والأفضع من كل ذلك فقد تبين أن أكثريتها في مجلس الحكم.. امام هذا الوضع إلا يقف المرء حائراً يحيره هذا الموقف المنافي لأبسط حقوق الانسان وحرية الراي والموقف الفكري والمنافي اساساً للموقف الديني الصحيح بخصوص الدفاع عن الحق ( والساكت عن الحق شيطان أخرس) لقد أتْْهمت السيدة رجاء الخزاعي من قبل هذه الأحزاب أنها خلف الغاء القرار 137 الشيء الصيت مع العلم أن القرار المذكور ألغي ليس فقط بقدرة وقوة وامكانية السيدة عضوة مجلس الحكم مع احترامي لها بقدر ما هو موقف اكثرية النساء في العراق ومساندة نساء العالم لهن ولحقوقهن فضلاً عن القوى الديمقراطية والوطنية والقومية التحريرية ، أي ان الالغاء كان بسبب الضغط الجماهيري المختلف الاشكال والاساليب وما السيدة رجاء الخزاعي إلا امرأة عراقية دافعت عن حقها ووجودها كإنسانة لا أكثر ولا أقل.. فإذا تصور الذين هددوها ولا أعرف بماذا هدوها أنهم يستطيعون ان يلغوا دور وحقوق المرأة بالطرق القديمة فهم على خطأ وهذا الخطأ قاتل بالنسبة لهم وبطريقة تعاملهم وكذلك سياستهم المتسلطة التي يريدون فرضها على الناس.. كيف يمكن لحزب اسلامي يمتلك القوة بشقيها ( الانساني والمادي ) تهديد امرأة لا تملك سوى فكرها واعتقادها بما تعمله ودفاعها عن حقوقها وحقوق بنات جلدتها حتى لو كان التهديد بجهنم وبئس المصير في الأبدية.. أليس من المخجل حقاً والبائس فعلاً ان تقوم احزاب اسلامية اكثرها في مجلس الحكم الانتقالي بتهديد السيدة رجاء الخزاعي وهي عضوة المجلس؟ ولماذا ؟.. بسبب وقوفها ضد القرار السيء الصيت ومع قانون الاحوال الشخصية الذي على الأقل يمنح بعض الحقوق وليس جميعها للمرأة، ام ان موقفها المدافع عن بنات جنسها المظلومات جريمة لا تغتفر في نظر هذه الاحزاب وقادتها؟.. ألا يتسآل المرء وهو مازال تحت ضغط الـ 35 سنة من التسلط وفرض القوانين القرقوشية بالقوة وارهاب النظام الشمولي ان هذا التهديد من مُخلفات سياسة ذلك النظام المكروه من قبل أكثرية الشعب وبخاصة النساء العراقيات.. أهذه الهدية التهديد قدمت قبل أو أثناء عيدها في 8 آذار، واية لغة استعملت معها؟ لا بد للذين اتصلوا تليفونياً أو كتبوا لها كلمات التهديد هم اولئك الذين يشعرون بخطر استمرار زوال الظلم والاجحاف بحق النساء في العراق ونهاية انتهاج سياسة دماغوغية من أجل عدم توعية النساء بحقوقهن واستغلال الدين الاسلامي ابشع استغلال لتمرير سياستهم، اولئك الذين يرون ان المرأة سلعة تباع وتنتقل ما بين ترف وحاجة الرجل الآمر الناهي وتربية اولاده بدون أي اعتبار لإنسانيتها وقيمتها في المجتمع.. اولئك الذين لا يتوانون من قذف التهديدات والتهم جزافاً مثل اسلافهم، فمجرد الخلاف وابداء الرأي تكون التهم جاهزة مثل التهديد بجهنم أو الخروج عن التقاليد والاعراف والالحاد والكفر أو ضد تعاليم الدين الاسلامي، أو مخالف الشرع والسنة، وغيرها من التهم الجاهزة في جعبتهم. التهديدات ايها السادة لغة الضعفاء بعدما يجد المهدد نفسه بدون حجة يدافع فيها عن مواقفه وهو يقف على أرض هشة لا يستطيع تثبيت اقدامه عليها.. ولهذا يستغل الدين في لعبة مزروة لما له تأثير على وعي الكثير من الناس، واللعب المموه بوعي الناس عملية خطرة لاسيما إذا انكشفت الحقائق وبانت المواقف وعرف الناس اللعبة، وهؤلاء الذين يهددون ويتوعدون يتصورون ان الدين والتدين وعبادة الله حكراً عليهم وعلى عمائمهم ويصورون انفسهم كأوصياء أو اولياء على الاسلام بينما الاسلام الحقيقي بريء منهم. تهديد امراة في قمة السلطة وأن كانت السلطة مؤقتة ليس بلعبة عادية وحادثة عابرة عليها ان تمر بدون ضجة او محاسبة، فإذا كان هذا المركز لا يحمي أمن هذه السيدة فكيف الحال مع ملايين النساء الموجودات تحت سلطة ثانية لها قوانينها الخاصة التي تحدد دور المرأة وتجعل منها كقطعة اثاث متى تستهلك تبدل بواحدة جديدة.. لقد عانت المرأة في العراق الكثير من المرارة جراء القوانين الجائرة التي طمست الكثير من حقوقها إلى جانب لغة التهديد بالقتل والضرب والاهانات وعليه يجب تبيان وتثبيت الحقوق المشروعة في اي دستور دائم يسن في المستقبل وليس اعتبار ذلك منّة عليها أو تحديد نسبة تمثيلها مثلما حدث في قانون ادارة الدولة المؤقت.. فعلى الرغم من الايجابيات الكثير التي حملها القانون لكنه ظل ينظر للمرأة كعنصر ضعيف الفعالية ويبدو ان ذلك فرض على البعض بسبب الضغط الشعبي المؤيد منح المرأة دورها الحقيقي في المجتمع. المرأة ايها السادة اساس المجتمع ونصفه المؤهل لقيادة العملية السياسية والاقتصادية والثقافية والبناء في عراق المستقبل.. 18 / 3 / 2004 **********************************************
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العيد السبعون على ولادة القرنفلة الحمراء لتكن الحياة كالقرنف
...
-
لا يا شاعرنا الجميل سعدي يوسف ليس ما نقله باتريك كوكبورن وتر
...
-
عملية حسابية بسيطة وليشربوا ماء المحيط إذا استطاعوا وثيقة قا
...
-
مابعد الأباريق المهشمة
-
الدستور المؤقت والعراق الديمقراطي التعددي الفدرالي
-
بمناسبة الثامن من آذار عيد المرأة المرأة والدستور العراقي ون
...
-
الدستور العراقي واهميته في الظروف الراهنة
-
قصيدتان
-
راية الفرسان..
-
المجلس الرئاسي القادم ومشكلة الطائفية
-
الانفلات الامني والتفجيرات في كربلاء والكاظمية في بغداد.. ان
...
-
لماذا بعض الإسلاميين في مجلس الحكم ضد تمثيل أكبر للمرأة في ا
...
-
ها أنتَ رضيت بقهر العالم حولي ..!
-
ارهاصات متفرقة في زمن الارتعاش !..
-
ما بعد أغاني المدينة الميتة
-
تحفز
-
الحالة المعاشية وردود فعل الجماهير الكادحة العراقية.. يجب ان
...
-
القوات التركية مرة أخرة أخرى قوات دول الجوار لايمكن أن تساه
...
-
التفنن في الزمن الرديء مافيا الثقافة ديناصورات لم ولن تنقرض
...
-
قلق الخليقة في زمن التشرذم والخواء
المزيد.....
-
تقرير أممي: جرائم العنف الأسري تقتل امرأة كل 10 دقائق في الع
...
-
ابتكارات لمكافحة العنف ضد النساء في مناطق النزاع والحروب
-
بيان حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد النساء: ثلاثون عامًا على مت
...
-
اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|