صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2534 - 2009 / 1 / 22 - 08:37
المحور:
الادب والفن
28
..... ... ... ....
عجباً أرى
كيف (ستُسَرْكِتي)
هذا الكديس الكبير لوحدِكِ؟
ابتسمَتْ ..
تناهى إلى سمعي
صوتها المكّحل بنقاوةِ الحقولِ
إني عطشانة ..
جلبْتُ لها طاسةَ ماءٍ
من الجرّةِ المخبّأةِ
في حضنِ (كديسِ) الحنطةِ
شربَتْ بمتعةٍٍ
كأنّها ترتشفُ نبيذَ الحياةِ
كوباً آخر!
أهرعُ مثلَ الحجلِ
تفضّلي!
تشربُ بتمهّلٍ وهي تنظرُ نحوي
أسمعُ صوتَ ارتشافها
تبتسمُ ولم تُجِبْ عن سؤالي
عفواً أختي
هل لِوَحْدِكِ (سَتُسَرْكِتي)
كلّ هذهِ الأكوامِ؟!
ستساعدني أميّ!
أمّي في السَّبعينِ مِنَ العمرِ
لكنّها ستساعدني على الخفيفِ
على الخفيفِ أو الثَّقيلِ
لا أقبلُ أن تساعدَكِ أمّي
مَنْ سيساعدني؟!
أنا سأساعدُكِ
نظرَتْ إلى عينيّ
دمعتان ساخنتان خرّتا
مِنْ عينيها الواسعتين
ثمَّ اقتربَتْ نَحْوِي
باسَتْنِي على خدّي
رغوةٌ خفيفةٌ من الفرحِ
ارتسمَتْ على حافَّاتِ الخدِّ
قالت لي ادرسْ دروسَكَ
كي لا تصبحَ مثلي
ليسَ لديَّ دروسٌ في الصَّيفِ
اذهبْ والعبْ معَ رفاقِكَ
سألعبُ في كَسْرِ السَّنابلِ
لاستخلاصِ حبّاتِ القمحِ
لا تتعلّم هكذا مهنٍ!
لكنّي أتألّمُ عندما أراكِ
ساعاتٍ طوال
تعملينَ وحدكِ
تحتَ الشَّمسِ
تضحكُ
تعوّدتُ يا عيني
شمسٌ حارقة
تسلخُ جِلدَ الثَّورِ ..
.... ... ... ... .....!
صبري يوسف
كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم
[email protected]
www.sabriyousef.com
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟