|
اية نظرية فكرية تتوافق مع الواقع في الشرق الاوسط
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2533 - 2009 / 1 / 21 - 09:04
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما تستخلص و تستنتج نظريات و افكار من قبل المنظرين و المفكرين و العلماء ، تعتمد على خلفيتهم الفكرية الثقافية العلمية و نظرتهم الى الحياة و ما يجب ان تكون عليه الانظمة السياسية و الاقتصادية حتما. يستبصرون و يتنبئون فيما يؤول اليه مستقبل العام ، و يحللون مراحل التغيير المستمر في سيرورة معالم الحياة و العيش على الارض و مدياتها و ما تصل اليها في نهاية المطاف . و بدون شك يبنون ارائهم على مدى اعتقاداتهم و ايمانهم القاطع بصحة توقعاتهم ويمكن ان يعلنوا نسب النجاح في قرائاتهم . على الرغم من تيقنهم من اقوالهم الا اننا نرى اختلاف في توجهاتهم و تغييرا في تعبيراتهم للمواضيع حسب تغيير المراحل و التقادم في الزمن ، و هناك من يتراجع بشجاعة عن افكار بانَت اخطائها او عدم دقتها ، و هناك من يتعامل باستحياء و خجل مع ما يحس بنفسه بانه اطلق اراء ليست بمحلها و يجب تصحيحها و انه يصحح مسار تواجهاته . ليست الافكار و النظريات فقط و انما الفلسفات العديدة ايضا اظهر الزمن السلبيات التي تشوبها و مكامن الصحة و الخطا فيها ، الا ان تصنيفها لازال مستمرا بين المادية و المثالية وما يدور حولهما . و منها تحتاج لحد اليوم لدراسات اعمق و ايغال في مضامينها لبيان صحتها ، و منها نظرية التطور والارتقاء و الفلسفة الماركسية العلمية و الاعتقادات الدينية الروحانية ... الخ ، الى ان وصلنا الى عصر التقدم التكنولوجي و ازدهار الاتصالات و مررنا بافكار و ايديولوجيات من الراسمالية و الاشتراكية و اخيرا اليبرالية و ما تشدق بها فوكوياما بنهاية التاريخ و الانسان و ما اعتقده هانتنغتون بصراع الحضارات للوصول الى الحضارة السائدة كنظريات سياسية ناهيك عن اخرى علمية او فلسفية او فكرية . من النظرة السريعة لتاريخ طرح الافكار والفلسفات و النظريات يستوضح لدينا الكم الهائل منها قد تراكم عليها الغبار و لم تُذكر، و من الواضح ان لها العلاقة المباشرة مع الواقع الذي انبثقت منه و لم تكن اي منها خارجة من العدم او منشاة من الصفر ، بل كل منها متاثرة بما قبلها او ما يجاريها في مواقع اخرى في العالم . الافكار الانية التي يمكن تقييمها في هذه المرحلة التاريخية غير المستقرة من حيث الفكر و السياسة و الثقافة و المتنقلة بعد التغييرات الجذرية لما شاهدناها في القرن العشرين و ما آل اليه العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لاسبابه المتعددة . بعدئذ انبرى منظرو الليبرالية الراسمالية الى طرح افكارهم بخط عريض و بثقة كاملة و كأنهم انتصروا و عيروا العوائق و تخطوا كل الاراء و المواقف و النظريات المتنافسة التي اعتقدوا انها لم تستند على ما يزكيها الواقع في النهاية . و لم تمر فترة بطويلة الا و تحسسنا ما يكذٌب هؤلاء و ظهرت بوادر فشل اعتقادات و اراء من استند على الاعمدة الاقتصادية لوحدها في تسيير العامل دون الاعتبار الى الجوانب الاخرى . على الرغم من اعتقاد المفكرين و المنظرين الغربيين و بالاخص الامريكيين و ايمانهم و اعترافهم بصعوبة و تعقيد المرحلة من حيث الفكر و الفلسفة و الايديولوجيا ، و يعلنون بكل صراحة ما يواجه نظرياتهم ـ و تراجع العديد من البلدان عن الخطوات الاولى لمسيرة الليبرالية و الديموقراطية المعلبة ، و وقفت اعتقادات و افكار اصولية كعائق منيع امامهم ، و هم مكبلو الايدي غير قادرين على ايجاد الحلول لتجاوزها ، و كذلك ما يتلمسوه في امريكا اللاتينية و روسيا وبلاد القوقاز و الشرق الاقصى ، و في بعض المناطق لم تبق من هذه النظريات الى المظاهر و الاشكال منها، و بقيت كالحبر على الورق فقط . لابد ان نشير الى ان اكبر الموانع و العوائق تلقي نفسها في الاقتصاد الحر و سلبيات امكانية احتكار السوق و استغلال الديموقراطية في العديد من الانظمة السياسية لاهداف اخرى في غير محلها ، و قد انعكست النتيجة في كثير من مناطق العالم الى الاسوء ، وتراجعت المدنية و اوغلت الشعوب في غور الخيال و المثالية المفرطة ، و كما نرى اندلعت حروب وازدادت مخاطر اسلحة الدمار الشامل و هُضمت حقوق الاقليات العديدة المتنوعة في العالم . فيما يخص منطقة الشرق الاوسط التي تتميز بانها تعيش فيها شعوب متعددة و مختلفة الثقافات على الرغم من تاثيرات العولمة و ما تتضمنها من توحيد التوجهات والافكار استنادا الى التقدم التكنولوجي الاتصالاتي ، فان ترسبات التاريخ و الانانية و ما يتميز به الفرد من الصفات لا يدع التسامح و السلام يستقر ، و هذا ما يحتاج الى ضوابط و اطر و قوانين خارج ما تعترف بها الليبرالية الراسمالية الديموقراطية ، اي لابد من وجود انظمة و دول لتحديد مسار عمل الفكر ضمن المجموع او في اطار المجتمع . من الواضح ان اكثرية الانظمة الساسية السائدة الان في الشرق الاوسط تتسم بشكل نسبي اومن الممكن ان نصنفهم بانهم يحكمون اعتمادا على اساليب و سلوك و تصرفات دكتاتورية و بنسب مختلفة من دولة لاخرى . لاخراج و انقاذ الشعوب يجب على الجميع مساعدة هذه المنطقة اما بالقوة او بشكل سلمي الذي يحتاج الى وقت اكثر ، و هنا يدخل العامل الاقتصادي اي الثروات النفطية بالاخص في بعض البلدان كمانع رئيسي لنشر المعتقدات والافكار وهذه الشعوب تعيش في الرفاهية الزائفة اي الشكلية او المظهرية و التي لا تنبع من العمق ، لانعدام الحرية الحقيقية وانخفاض المستوى الثقافي العام و تطبيق الافكار و النظريات المعلبة غير الواقعية و التشبث بالاعراف و التقاليد و العادات البالية ، اي التخبط بكل معنى الكلمة. على الرغم من عدم تلائم تلك الافكار العابرة للقارات لما فيه المنطقة و بالاخص المجتمعات الاسلامية ، الا ان استيراد التقاليد و اليات النظام الديموقراطي قد خطت نحو الامام بشكل فوضوي تقريبا مقارنة بتاريخ الثقافات الديموقراطية في الغرب و كيفية تطورها ، مع وجود الفارق الملحوظ بين امريكا و اوربا و اليات واساليب عملهما و افكارهما و مستندات تطبيق نواياهما و نظرياتهما بما تعتمد اي منهما على العوامل المختلفة عن الاخر تقريبا ، و الحيرة في الشرق الاوسط لاختيار اي منهما . اهم الفوارق بينهما هو اعتماد احداهما على القوة لفرض افكارها و استنادها على سلطة القوة للوصول الى الغاية و هي تعتقد انها تتركز بهذه الطريقة على قيم الحرية و العلاقات الاجتماعية التي يجب ان تكون فيه ، بينما الاخرى تقترب من الوسائل السلمية و ان احتاجت الى الوقت الاطول و تستند على ضمان العدالة الاجتماعية اكثر مما تفكر فيه الجانب الاخر ، و لا يعتقد الطرف الاوروبي بان يستعمل القوة من اجل اهداف اخلاقية كما تعتقد امريكا . اذن الواقع و الطبيعة البشرية و الثقافة والتاريخ الطويل لمنطقة الشرق الاوسط يتطلب النظر في اعادة التقييم و ما يمكن ان نسميها منطقة ما بعد انهيار المعسكر الشرقي ، و دراسة و اعادة تقييم الافكار التي ولدت فيها و اختلافاتها مع ما تعتمد اليوم في الغرب ، و هم في محاولاتهم المستمرة لتصديرها و تطبيقها نصا و مضمونا في هذه المنطقة ، و يمكن ايجاد ما هو البديل الواقعي الاصح كفكر و نظرية بعيدا عن المماثلة و التقليد، و تبدا الخطوة الاولى من تقييم اوضاع المجتمع السياسي الاقتصادي الاجتماعي و المستوى الثقافي، و التقاليد والعادات و المعتقدات المترسخة تارخيا، و الالية التي يمكن ان تنفذ الافكار المنبثقة من رحم المنطقة و من خضم تفاعلات الافكار المتعددة و ما استوردت ،و في مقدمة ما يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار الفروقات الطبقية و سلبيات انظمة الحكم التي كثٌرت من ماسي شعوب المنطقة التي هي من اولى الشروط لملاحظتها و اي فكر بعيدا عن الواقع و مستورد من افكار المنظرين و المفكرين غير المنتمين لهذه المنطقة يكون مصيره الفشل نسبيا ان لم يكن كليا او من اكثرية جوانبه، و لذلك من ياخذ الوضع الاجتماعي الاقتصادي الثقافي لمجتمع المنطقة بنظر الاعتبار فان نظرياته و افكاره تكون واقعية واولى ملاحظاته تكون حول المستوى المعيشي للشعوب و كيفية تجسيد الحرية الحقيقية و ضمان العدالة الاجتماعية و العيش الرغيد لاجياله. اي قراءة الواقع و دراسة الفكر والفلسفات و النظريات و تحديد الاليات و الطرق و الاهتمام بالاكثرية هو مفتاح نجاح اي فكر او فلسفة نظام حكم بشكل علمي مقنع و سلمي .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ازدواجية قادة الشرق الاوسط في التعامل مع الاحداث
-
المخاطر التي تواجه علاقة الحكومة العراقية المركزية مع اقليم
...
-
توفير عوامل قوة شخصية المراة في المجتمع
-
ضرورة الحوارات السياسية من عدة ابواب في العراق اليوم
-
وضوح عناصر تعبئة المواطنين مفتاح لاختيار الاصلح في الانتخابا
...
-
كيف و متى تترسخ الثقافات التي يحتاجها العراق الجديد
-
عدم ادانة ايران رغم قصفها المستمر لقرى اقليم كوردستان !!
-
المرحلة التاريخية الراهنة تتطلب منا الافكار و الحوار
-
حرب غزة بين الايديولوجيا و التكنولوجيا و افراز قوى اقليمية ج
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
...
-
العراق بحاجة الى بلورة خارطة طريق معتمدة لحل المسائل العالقة
-
ترحيل اللاجئين قسرا خرق لحقوقهم الانسانية
-
كيف و لمن نصوت في الانتخابات العراقية المقبلة
-
القيم الجديدة و مدى تقاطعها مع العقائد السائدة
-
المشاريع الاصلاحية في اقليم كوردستان تعبر عن عقلية اصحابها و
...
-
عواقب عشوائية تطبيق السياسة الاقتصادية في العراق
-
العراق بحاجة الى قراءة جديدة للوضع الراهن من اجل تقدمه
-
كثرة العوائق امام مسيرة الشباب في اقليم كوردستان
-
هل تنجح امريكا في ابراز قوى معارضة في اقليم كوردستان كما تحا
...
-
تعديل الدستور عملية معقدة و تسيطر عليها المصالح الحزبية و ال
...
المزيد.....
-
أحمد الشرع يتعهد بتحقيق السلم الأهلي وإتمام وحدة الأراضي الس
...
-
إطلاق سراح ثماني رهائن إسرائيليين وتايلانديين من غزة، مقابل
...
-
ترامب حول إمكانية قبول مصر والأردن فلسطينيين من غزة: قدمنا ل
...
-
بيسكوف: لا اتصال بين بوتين وترامب بشأن حادث تحطم الطائرة في
...
-
القائد -الظل-.. من هو محمد الضيف؟ وما هي أبرز محطات حياته؟
-
إقبال كبير على المنتجات الروسية.. روسيا تشارك في معرض ليبيا
...
-
مبعوث ترامب: إعادة إعمار غزة قد تستغرق 10 إلى 15 عاما
-
الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان
-
تقرير يكشف معلومة -غريبة- عن حادث مطار رونالد ريغان الكارثي
...
-
-الشبح- الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو محمد الضيف؟
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|