|
نفنى و لكن لا نتغير!!
علي ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 2531 - 2009 / 1 / 19 - 01:12
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا شيء يغيرنا، إلا إلى الأسوأ. سيبقى الحاكم المستبد قضاء و قدرا، و نازلة لا بد أن ننتظر لها فرجا من الله. و كذلك كل ما في حياتنا: أعداؤنا، فقرنا، تكاسلنا عن المخرج الأفضل. ليس الحكام وحدهم الجناة، لا و لا الأعداء.. بل كل من يشحن النفس و الغير بما يسميه الإيمان الجهادي، أو بالنضال الثوري، أو بالمقاومة المشرفة.. الخ لو قيض لنا أن نسير الخطوة الأولى في طريق التحرر و الاستقلال، لكانت هذه تتحدد بمقاومة النفس أولا، و الأسرة ثانيا، و من ثم العائلة و بعدها الأمة عن السقوط في أوهام الصراع مع الخارج، و البدء بالصراع مع الداخل، نحو تحسين هادي، بطيء و حقيقي للحياة في مختلف جوانبها. أما و الحال على ما هو عليه فليس منا من بريء بحق نفسه و أسرته و شعبه، ما دمنا نستجيب للنفخ و الشحن و الانتخاء لتغيير العالم. و أي عالم يمكن أن نربحه حين نخسر أنفسنا في الاستتباع و الضلال حيث يوجد من يريد أتباعا و تتوفر فسحة للغيبوبة. لنتحرر من أوهامنا أولا، و سنجد أننا تحررنا من أعدائنا تباعا. فعدونا فينا، يحتلنا من داخلنا، هو نوع من الفايروس المعند في ثقافتنا و عقائدنا المتنامية الانغلاق و الرفض، قبل أن يكون في عرق آخر أو دين أو لون أو مذهب. و ما دمنا لا نستطيع أن نقدم شيئا لشعب غزة المنكوب بنا و بالعدو الإسرائلي الهمجي، فلنوقف إعجابنا بصموده و تحديه لآلة الإجرام الصهيونية، و .. الخ و لنرأف بفنائه المشين لكل إنسان في هذا العالم. و لنسترحمه و نرجوه و نستحلفه بان يرأف بنفسه عبر رفضه للمتاجرين بحياته، و أولهم هؤلاء الذين يتخذون منه دريئة لهم، و يلعبون بورقته لخدمة برنامجهم الظلامي، و برنامج المتحكمين بهم في الخارج، أولئك الباحثون عن ورقة تقويهم في مفاوضاتهم مع أعدائهم في كل مكان، و أولئك الذين يتوسلون بهم تحقيق دور إقليمي يوزن بالوزن الدولي و ليس المحلي.. و إلا من يمكنه تصديق أن عملية قيامية يمكنها أن تمحو دولة إسرائيل من الوجود، من دون أن تمس بالفلسطينيين المراد حمايتهم و الدفاع عن حقهم في الوجود الحر الكريم!!!؟؟؟ أم أن ثمة قنبلة نووية دينية موعودة مزودة ببرنامج مذهبي يتقل بناء على ما في الصدور؟؟ حتى الله لم يخلق الجن و الإنس لكي يقتلوا في سبيله- إلا إذا كانت العبادة هي محض قتل للنفس؟ لا سبيل لأن ننتصر على العدو الإسرائلي، و لا أي معاد آخر، بالحرب. كما لا يستطيع العدو أن يهزمنا، بالمعنى المطلق، و لا يستطيع أحد بالقوة أن يفعل مثل هذا. فحتى الانتصار الأميركي المشين على اليابان، و الذي تجلى انتصارا عولميا في حرب قارية، تكشف أخيرا عن أمة- مثل كل أمة اخرى، حين تعترف بخسارتها- لا تقل أهمية عن أميركا، بانتهاجها سبيل المنافسة السلمي، عبر انكبابها على العلم و التقنية، و التنمية الحقيقية، متخلية عن أوهام الأحلاف العسكرية، و من دون أن تعود إلى ثانية إلى غوغائية القوة الخشنة و التجييش. ألمانيا التي تقبلت الهزيمة بالمثل، قطعت مع القوة و التسليح و المواجهات العمياء، الأمر الذي مكنها من ولوج طريق التقدم و الارتقاء، لتحتل الرقم الأول في ساحتها الأوربية في كثير من أرقام النمو و الإنتاج و الخدمات.. الخ. أما نحن فننهزم مرارا و تكرارا، و لكن بدلا من أن نعترف، و نعيد النظر، ثم نستخلص الدروس، و نعمل على ضوئها بما يتيح لنا تعديل الهزيمة إلى نصر من نوع مختلف؛ نرفع عقيرتنا و نتبجح بالنصر المزعوم- ما دام العدو لم يحقق مخططاته(؟؟؟)، و غالبا يكون المقصود دوام حكامنا- و صورهم المقاومة- على ظهورنا، و فشل الهجمات المعادية الشرسة من تحطيم مقاومتنا و زعزعة إيماننا و هزيمتنا نفسيا: كأنما نمتلك مقاومة و إيمانا و نفوسا لكي تتحطم و تتزعزع و تهزم!! نكاد نتفرد عن سوانا من شعوب العالم بعدد الهزائم، و أيضا بعدد و حجم ادعاءات النصر. أتذكر هنا حادثة طريفة- قد لا تناسب وقار الموضوع- حول ذلك الرجل الضئيل و الأحمق الذي استفز أحد الأشخاص الأقوياء، حتى فتك هذا الأخير به، و كاد يذيقه الموت؛ لولا تدخل الناس الذين أقنعوه بأن بعف عن هذا الرجل الضعيف.. ولكن هذا الممرغ تجاهل لوم الناس الغيارى له على فعلته غير المدروسة، و راح يصرخ و يتهدد و يتوعد قائلا: إنه يستحق هذا الدرس مني، اتركوه يتربى، فهو لا يفهم إلا بالقوة! إن ما نملكه لا يعدو أن يكون مجر تلال من الأوهام. و هو صورة من أوهام عدونا في هزيمتنا أيضا. و هو( الأوهام) الشيء الوحيد الذي حصده من عدو غبي و همجي- هو هتلر- الذي توهم أنه يمكنه أن يقضي على شعب، فانتهى لتأكيد وجوده كشعب مظلوم، غدت صورة الظلم الذي تعرض له مقياسا للكراهية و القبح و التعصب و العداوة في القرن المنصرم، على نحو معولم استدعى سن قوانين أممية على ضوئها، تحمي الأفراد من قوة الأنظمة و توفر ضمانة لشعور الأمم و الشعوب الضعيفة بالأمان من تعرضها لمخاطر القوة الجائرة من قبل الأمم الأقوى. كما تعكس تعلما للدرس المرير، و تجترح فنا في علاقات الأمم و الشعوب، يدعو إلى تقبل الاخر و يرى إليه بوصفه وجها آخر للذات. لا أشك بان البعض ممن يرون في ما أذهب إليه على أنه مجرد استسلام و جبن و نذالة امام عدو لا يفهم إلا لغة القوة سوف يجدونها فرصة سهلة لكي يدينوني من فمي، و لكني أرجوهم أن يعودوا لقراءة الحادثة الطريفة التي خففت بها آنفا من كلاحة هذه المادة. بدلا من أن تغويهم فصاحة خالد مشعل التي توفر الجرعة المهدئة لمن أدمنها و تمنحهم السكينة، و لذة العقيدة الجديدة بأن أذى الجسد عابر، و المهم الروح.. و دليله أن جسد المقاومة( ربما يقصد جسده) لم يمس! أو تصادر على أسئلتهم فتاوى الدكتور محمد نزال بان الفلسطينيين إنما يقاتلون بتوجيه رباني. و هو ما يعني بأن الفلسطيني المقاوم و الفلسطينية المقاومة هو- هي من يفترض، بل و يجب أن يفرحوا بما ينزل بهم، بأطفالهم الذين إذ يرونهم للكاميرات إنما يختالون بهم و يتغاوون على الغاوين. و ربما تفردوا عن بقية أمم العالم بالشعور بالرضى و السعادة التي لا بد ستحار تلك الأمم بتفسيرها؛ لأنها لم تحظ بنعمة التثقيف الثوري العقيدي الجهادي على يد أي من المشاعيل و النزاليين و من ارتقى إلى علييهم.
#علي_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم على رأس النار!
-
حسين عجيب يشهر عضوه في العتمة!
-
الإعجاب كواجب وطني
-
ما بعد الحداثة ما بعد الكلام عمل في الحيز العام
-
هل تستعصي منطقتنا على الاندراج في الحضارة
-
احتلال صغير.. احتلال كبير
-
سنتان و 500 متر
-
حكاية ابن العشيرة الواهم الذي يتقبّل التهاني عن الرئيس
-
مسودة تضامن مع الشاعر المتهم سلفا
-
شعراء مصر العصاة ينافحون رقابة مثلثة الرؤوس
-
بين استئساد الأخوة الحمساويين على الفئران و النصر الإلهي الأ
...
-
المثلية الجهادية لثام الحيرة و حواجب الهداية في سؤال الثائر
...
-
سوري يتلصص على الحرية
-
جائزة عربية للرواية ذات سوية عالمية
-
إلى سعد الله ونوس في عقد رحيله الأول.. محكومون بإعدام الأمل.
...
-
كتّاب جاؤوا من رعب الديكتاتوريات.. رحل مهرجان أدنبرة وبقوا
-
لا تجعلو من صوت فيروز سجنا
-
قوة الخروج على القانون
-
ميشيل كيلو تجربة أبعد من تجريب
-
لقاء مع د. سعد الدين ابراهيم
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|