أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - يوميات الحزن الدامي-2- اسماعيل














المزيد.....


يوميات الحزن الدامي-2- اسماعيل


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2530 - 2009 / 1 / 18 - 05:34
المحور: الادب والفن
    


اسماعيل في الشهر الحادي عشر من عمره ... طفل أبيض الوجه أخضر العينين ... آخر العنقود ... فقد انجبت والدته قبله سبعة اطفال ... أربعة ذكور وثلاثة اناث .... اسماعيل يوزع ابتساماته العذبة على الناظرين اليه.
اسماعيل يلفظ كلمتي بابا و... ماما .... الجميع يحبونه ويداعبونه ... ولا يبخل هو عليهم بابتساماته ... القصف يشتد على تل الهوى شمال غزة .... القصف يأتي من البر والبحر ومن الجو ... اسماعيل واشقاؤه وشقيقاته يرتعدون ويصرخون من دوي القصف المريع ... اسماعيل لا يستطيع النوم يغفو ويجفل مفزوعا على اصوات الانفجارات مثل بقية اخوته .... الأمّ تحضن اسماعيل في حضنها وتضمه الى صدرها ... يلتهم ثدي أمّه ، ثم لا يلبث ان يجفل مرتعدا ... الأمّ تفيض بلبنها رغم الجوع الذي تعاني منه ... تبسمل وتحوقل وتلوذ الى الله طالبة الحماية ... الأب خرج قبل يومين لاحضار الخبز لأطفاله ولم يعد ...الأمّ بين أربع نيران...نار القصف..ونار القلق على حياة زوجها... ونار حماية اطفالها الذين يرتعدون ... ونار الجوع والعطش ... أطفالها يتوسلون اليها .... واحد يقول أمّّي انا جائع أريد قطعة خبز ... وآخر يئن من شدة العطش .... وكلهم خائفون يحتمون بها.... تنساب دموعها على وجه اسماعيل الرضيع بصمت... خديجة ابنة السنوات الثلاث تسألها : لماذا تبكين يا أمّي ؟...الأمّ تجيب : عيوني تؤلمني .... عيوني تؤلمني...هيوني تدمع من الألم يا ابنتي ... وانا لا أبكي ... الأمّ تمد يدها اليمنى .... تطوف بها على رؤوس أطفالها ... تحاول أن تخفف من روعهم .... الأمّ تحاول الهرب بأطفالها الى مكان آمن لا تعرفه...فلم يعد في قطاع غزة مكان آمن... لكن القصف يأتي من كل الاتجاهات ....القذائف تتساقط في محيط البيت.. وفي الشارع القريب يتواصل قصف مروحيات الأباتشي وطائرات " اف 16" ... الأمّ تنزوي بأطفالها في زاوية غرفة هي الأبعد عن الشارع الذي فيه دبابات " المركفاه " .... الأمّ وابناؤها فزعون من صراخ الاطفال والنساء في البيوت المجاورة ... الأمّ تدعو الله طالبة السلامة لأطفالها .... وتنطق بالشهادتين ... الأمّ تطلب من أبنائها أن يرددوا خلفها : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ...
قذيفة فسفورية تدخل من نافذة البيت ... القذيفة توزع شظاياها ... ورائحتها الكريهة ... ونيران لهيبها على الأمّ وأطفالها ... البيت يتساقط من كل الجوانب ... الأمّ قبل أن تلفظ أنفاسها تضع اسماعيل على الأرض في الزاوية ... وبقية الأطفال يلفظون انفاسهم باستثناء اسماعيل ... الفوسفور يسري في جسد اسماعيل من أسفل الذقن الى السّرّة .... وبقية جسمه احتمى بجسد والدته الراحلة ... اسماعيل يبكي ويئن في البيت وحيدا ... اسماعيل يصرخ بابا ... ماما ...ولا مجيب ... المسعفون يصلون البيت بعد اكثر من خمس ساعات .... يحملون أشلاء الأمّ وأطفالها ... أحدهم يحتضن اسماعيل ... يحمله بلطف ... ويطبع قبلة على جبينه... دموع المسعف تسقط على وجه اسماعيل ... ينظر اسماعيل مذعوراغير مدرك لما يجري حوله .... اسماعيل على سرير الشفاء في مشفى الشفاء .... الأطباء يقصون ملابسه ... ويبقون سرواله الأخضر ليستروا عورته...يحولون تخفيف آلامه وعلاجه بما تبقى من أدوية... اسماعيل يرتجف من البرد والألم اسماعيل يصرخ بهلع أمام عدسات التلفزة ... بابا ... بابا ... اسماعيل يبكي ويبكي بواكيا .



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحزن الدامي - -جميلة-
- غرفة في تل أبيب والتحايل بالجنس على السياسة
- قراءة في كتاب -من ذاكرة الأسر-
- للحرب على غزة اهداف غير معلنة
- يا أطفال غزة
- انهاء المقاومة مقرون بانهاء الاحتلال
- من المخيم الى عرش الناشرين العرب
- تصريحات ليفني دعوة للتطهير العرقي
- العيد ليس لنا
- اختلاط الرومانسية بهموم الوطن في رواية -لك الى الأبد
- التجويع والسكوت لا يلتقيان
- لا تقولي وداعا والقرار الصعب
- خيول ابراهيم نصر الله البيضاء في ندوة بالقدس
- فوز أوباما وخسارة الجمهوريين
- قضية القدس سياسية وليست خدماتية
- المباح في كلام غير مباح
- عظام أجدادنا غير آمنة
- والتين والزيتون
- مسرحية الملك تشرشل في ندوة اليوم السابع
- أمّة إقرأ لا تقرأ


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - يوميات الحزن الدامي-2- اسماعيل