أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - ملائكة على الأرض














المزيد.....

ملائكة على الأرض


أحمد جان عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 775 - 2004 / 3 / 16 - 09:58
المحور: الادب والفن
    


(إلى حسين عجيب... اللاجئ بالولادة)
بنيّ
ثمة ملاكان
أحدهما جالس على كتفك الأيمن
يسجّل لك الحسنات
والآخر جالس على كتفك الأيسر
يسجّل عليك السيّئات
جالسان هناك
لا تحسّ بهما
لا تراهما
إلى أن تموت...
هكذا كانت تقول أمي
وأنا طفل
عندما تفتخر بي جرّاء عمل أقوم به
أو تنزعج من أمر صدر مني
بين فترة وأخرى
فكلّما أدركتُ أني فاعل شيئاً
كنت ألتفت يمنة ويسرة
علّني أشاهد أحد الملاكين
اللذين يرافقانني طوال عمري...
أبتسم بمرارة
وأنا أتذكّر ذلك
محدّقاً في زبد الجعة
المتبقّي في قعر الكأس
هل لي أن أسألك من فضلك
هل ترغب، سيدي، بالمزيد؟
كان النادل يتظاهر بمنتهى اللطف
حتى جعلني أومئ بنعم
سحابة التبغ المتصاعدة
من أفواه المتسامرين في هذه الخمّارة
المؤثّثة على طراز القرن التاسع عشر
كانت تتجمّع تحت سقف داكن
وتحوّلت ببطء إلى طيف
كما لو خرج من قمقم
وهبط على الكرسيّ قبّالتي
مادّاً يده الهلاميّة نحو الكأس
التي ملأها لي النادل للتّو
هه...
ألم تعرف من هما الملاكان؟
خاطبني الطيف
بعدما دفع بالكأس نحوي
أسلافك كانوا يتكلّمون بالرموز
لأنهم كانوا كائنات أسطورية
حدّقت فيه
كأني أهبط بنظري في هاوية سحيقة
ألا تصدّق ذلك!
أستطيع أن أثبت لك
أنك كنت تشاهد الملاك
الجالس على كتفك الأيسر
منذ أن كتبتَ أولى القصائد
وأنت تحلم بما هو أبعد من أنفك
ماذا كانت تقول أمك عن هذا الملاك
أجل
كان يسجّل عليك السيئات
ولم لا؟!
أن تحلم بما هو أبعد من أنفك
يعني للسلطات أنك تقترب من مملكة الشياطين
أمستغرب!
أعرف أنك عرفت الآن
أن القائمين على شؤون أمثالك
في بلاد تشبه الصين، سوريا أو تركيا*
هم الملائكة يترصّدون أفعالك
إذ تتخطّى خارج لوحهم المحفوظ
مبتسماً بخبث
مدّ يده الهلامية مرة أخرى
نحو الكأس التي أمامي
وهو يقرأ في وجهي
ما تركه فيه كلامه من تأثير...
احزرْ
من هو الملاك
الجالس على كتفك الأيسر
يسجّل لك الحسنات؟
ساد بيننا صمت قصير
التفت النادل نحوي
متوجّساً أني أرغب بشيء
هو من يترصّدك
وأنت مشرَّد بلا وطن
تتسكّع على أرصفة غريبة
تعاقر الخمر مع نديم غريب مثلي
هل تذْكر مشاعرك
عندما التقى بك المحامي
الناشط في منظمة العفو الدولية
الذي تولّى قضيّتك؟
أو عندما أجرى معك المقابلة
الموظَّف الحقوقيّ
في مكتب المفوَّضية العليا لشؤون اللاجئين
لهيئة الأمم المتحدة
هنا، في أنقرة؟
ألم تشعر، عندئذ، بشيء من البرد والسلام
وأنت داخل النار
كما كان إبراهيم في ما مضى؟
ما أكثر الملائكة على الأرض
أليس كذلك؟!
ملائكة يطاردون
ملائكة يمنحون الحماية
ملائكة يتصارعون
ضدّ / مع حقوق الإنسان
ما أصعب حياة البشر... ما أغربها!
نظرتُ إليه بكبرياء مجروحة
إذا ما كان يشفق عليّ
كان يتأمّل الزبد المتبقّي في قعر الكأس
مستمتعاً بموسيقا منبعثة
من ركن مظلم في خمّارة باردة
يحيط بها الملائكة
يأوي إليها الثلج والغرباء
تغوص في زاوية شارع غريب
في مدينة غريبة
في عالَم غريب...
ليتها، أمي، جالسة قبّالتي
مكانَ الطّيف


أنقرة 12/3/2004

ـــــ
* إذ سلمت السلطة التركية الشاعر قرارها بمغادرته الأراضي التركية في غضون خمسة عشر يوماً.



#أحمد_جان_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد الوطن
- مبتدأ الخوف وخبره
- رد مفتوح لرسالة حسين عجيب
- شرعيّة العزلة ومشروعيّة الحلم
- الحريـــة والقيـــد
- يا لنا من ضحايا الرقم 3
- حوار الهوية والاختلاف


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جان عثمان - ملائكة على الأرض