|
الجرائم الانتخابية .. الإجراء والجزاء
طالب الوحيلي
الحوار المتمدن-العدد: 2523 - 2009 / 1 / 11 - 09:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القاعدة الفقهية تنص على ان درئ المفاسد أولى من جلب المنافع ، فإذا ما وقعت مفسدة تهدد المجتمع فلا بد من قوة ردع تحول دون طغيانها وانتشار آثارها في المجتمع ، وهنا لا بد من تقنين القواعد المنظمة للعلاقات القائمة وتحديد الحدود بين المباحات والمحظورات ، ووضع النصوص العقابية لفرض تلك القواعد على الأفراد اذ لا عبرة بالقانون العقابي دون عقوبة او جزاء يتناسبان مع الفعل المرتكب ضد الأفراد أو الجماعات ، فإذا ما استهدف الأمن العام اي استهداف النفس والمال والقيم الروحية والسيادية ولم يتعلق بحق فردي مجرد ، عند ذلك يكون استهداف للحق العام الذي لا يمكن الاتفاق على مخالفته او التنازل عنه حتى لو تنازل عنه المجني عليه نفسه . هذا تفسير يسير لأهمية اقتران القاعدة القانونية الملزمة بالعقوبة وعدم التنازل عنها اذا كانت من الحق العام ،ولعل أهم أشكال الحق العام في المرحلة الحالية التي يعيشها هي القواعد الدستورية المنظمة للحياة الديمقراطية في تعاطي السلطات وفي الوصول الى قمم الهرم الإداري لحكومات المحافظات ، اي العملية الانتخابية التي تعتبر اليوم وبحق ميزة التغيير السياسي منذ سقوط النظام البائد ، وبذلك فلا بد من وجود قانون يحمل في طياته عناصر قوته التي تستطيع جعله عنصر نجاح لهذه العملية التي قد تعاني الاخفاق الكبير في العديد من دول العالم حتى الأكثر عراقة في الديمقراطية منها . إذن تنفيذ قانون انتخابات مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 ونجاحه في تنظيم الانتخابات في ظل ظروف غير قياسية في المفهوم الواقعي بسبب كثافة المشاكل والتنافس الشديد الذي أفرزته وقائع التجربة السياسية الجديدة وما يكتنفها من تقاطعات حادة ، قد يمنحها ذلك حصانة كبيرة اذا ما تحقق التنافس العادل والشريف ونال كل مجتهد نصيبه كما يقال ، وجدوى هذا النجاح تكمن في القواعد الآمرة والعقوبات المادية او الجسدية ضد من يخالفها سواء كان فردا او كيانا سياسيا ، حيث تتراوح بين الغرامة والحبس وحرمان الكيان السياسي من الأصوات التي حصل عليها في المركز الانتخابي الذي وقعت فيه الجريمة الانتخابية ، او الحرمان التام للكيان السياسي في المشاركة في الانتخابات . والسؤال الملح هو اي سلطة تختص بالحكم بهذه العقوبات وكيفية التنفيذ وقبل ذلك من يحرك الشكوى في الجرائم الانتخابية ؟ لقد حدد النظام رقم 11 لسنة 2008 الصادر من مجلس المفوضية العليا للانتخابات إجراءات تقديم الشكوى وفق الآتي : يحق لأي شخص عدا مراقبي الاستفتاء او الانتخاب تقديم طلب الى المجلس يتضمن شكوى او نزاعا بشأن عمليتي الاستفتاء او الانتخاب . وتقدم الشكوى مكتوبة وموقعة من قبل الشخص الذي شهد الواقعة أساس المخالفة او من ينوب عنه خلال ثلاثة أيام من تاريخ حدوثها ، واذا كان المشتكي كيانا سياسيا فيجب توقيع الممثل المخول عنه على الشكوى. ويجوز تقديم الشكوى في مرحلة التسجيل الى مدير مركز الاقتراع او مدير المكتب الانتخابي في المحافظة ، اما في مرحلة الاقتراع فتقدم الشكوى الى مدير المحطة او مدير مركز الاقتراع او مدير المكتب الانتخابي في المحافظة او المكتب الوطني مباشرة ، ويجوز تقديم الشكوى عن طريق البريد الالكتروني بموجب استمارة الشكوى الموجودة في موقع المفوضية الالكتروني , ولمجلس المفوضية ان يستدعي شهود او أطراف الدعوى ويعقد جلسات استماع يمكن ان تكون عامة او خاصة حسبما يرى ، كما ان له طلب استلام الأدلة ذات الصلة في هذه الجلسات بكل الطرق الممكنة ، فيما يجب تثبيت جميع الأدلة التي يطلّع عليها المجلس بموجب محضر وترفق مع الشكوى . بعد ذلك يبلغ المشكو منه تحريريا متى ما أمكن ذلك وتتاح له فرصة الرد في موعد محدد لتقديم الرد ، ويجوز تقديم الرد في اي مركز انتخابي للمفوضية ، وعلى المكتب الانتخابي في المحافظة تسليمه الى مجلس المفوضية بصورة سرية وفي أسرع وقت ممكن ، ويستمر المجلس في نظر الشكوى حتى في حال عدم تقديم رد من المشكو منه ، ويجوز إعادة النظر في الشكوى في حال توفر أدلة جديدة او إذا كان هناك تأخر في وصول الرد الى المجلس بعد تقديمه في الموعد المحدد . قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (11) لسنة 2007 في الفصل الثامن وتحت عنوان الشكاوى نص في المادة (8) منه السلطة الحصرية فيما يتعلق بالتنفيذ المدني لإجراءاته وأنظمته ويجب على المجلس ان يحيل أية قضية جنائية الى السلطات المختصة اذا وجد دليلاً على سوء تصرف بنزاهة عملية انتخابية . وفيما لم ينص قانون المفوضية العليا على عكس ذلك يملك المجلس السلطة الحصرية لحل النزاعات الناجمة عن إعداد وتنفيذ الانتخابات وطنية إقليمية او على مستوى المحافظات ويجوز له ان يفوض الصلاحية للإدارة الانتخابية لحل المنازعات لحظة وقوعها. وتقوم محكمة التمييز بتشكيل هيئة تسمى الهيئة القضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة اليها من مجلس المفوضين او المقدمة من قبل المتضررين من قرارات المجلس مباشرة الى الهيئة القضائية التي يجوز استئناف قرارات المجلس النهائية أمامها . و تنشر قرارات مجلس المفوضية في (3) صحف يومية لمدة ثلاثة أيام على الأقل وبالغتين العربية والكردية ويجب ان يتم استئناف القرار خلال ثلاثة أيام تبدأ من اليوم التالي للنشر من قبل الكيان السياسي المعني بالقرار ويقدم هذا الاستئناف الى المكتب الوطني او أي مكتب انتخابي للمفوضية في الأقاليم والمحافظات . كما ان على الهيئة القضائية للانتخابات الفصل في الاستئناف خلال مدة لا تتجاوز العشرة أيام من تاريخ إحالة الطعن من قبل مجلس المفوضين وان قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن بأي شكل من الأشكال . و تضع الهيئة التمييزية القضائية عند تشكيلها إجراءات الطعن أمامها في قرارات مجلس المفوضين بما لا يخالف ما ورد في هذا القانون واستثناء من قانون المرافعات المدنية النافذ والمعدل رقم (83) لسنة 1969 والقوانين الإجرائية الأخرى .
المحامي طالب الوحيلي
#طالب_الوحيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحماية القانونية للانتخابات من القوة والتهديد بها
-
هل نسينا مؤتمر السقوط الايديلوجي للبعث ؟!
-
الانتخابات العراقية والتحالفات السياسية
-
قراءات في لوحات زيتية لم ترسم بعد
-
الحوار المتمدن نافذة المثقف الاممي على العالم
-
أحكام الدعاية الانتخابية وجزاءات مخالفتها
-
الدعاية الانتخابية .. استحقاقات الناخب والمرشح
-
الدوائر الانتخابية آليات وملاحظات
-
لمن يحق الترشيح لمجالس المحافظات ؟
-
القائمة المفتوحة .. ملاحظات في موضوعية الصياغة القانونية
-
القائمة المفتوحة نظام انتخابي حافظ على امتيازات القائمة المغ
...
-
أي رسالة وراء فاجعة اغتيال الشهيد كامل شياع ؟!
-
احتساب مدة الخدمة للمفصولين السياسيين بين النص والاجتهاد
-
ماذا يحدث لو انقطعت الكهرباء؟!
-
من حقيبة لبقايا جندي على مشارف المدن المؤنفلة
-
الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا ..مخاوف مشروعة ومفارقات
...
-
خلية لإنضاج القوانين قبل الاختلاف او التصويت عليها
-
الجرائم الأخيرة وعوامل تجدد موجة الارهاب
-
استحقاقات الشعب بين السلب والإيجاب
-
مكابدات المواطن العراقي وعوامل نجاح وتحديات العملية السياسية
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|