أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العراق وشرنقة الفصل السابع















المزيد.....

العراق وشرنقة الفصل السابع


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2525 - 2009 / 1 / 13 - 00:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل خرج العراق فعلاً من الفصل السابع أم أنه عاد الى شرنقته من حيث يدري ولا يدري؟ وكأن الفصل السابع قدر محتوم سيبقى يلف الوضع العراقي دون أن يستطيع الإفلات منه أو التحلل من التزاماته الثقيلة، صاحبني هذا الشعور وأنا أقرأ حيثيات القرار 1859 الذي صدر يوم 22 ديسمبر/ كانون الأول 2008.

وإذا كان واحداً من الأسباب الأساسية، التي ساقتها الحكومة العراقية لتبرير التوقيع على المعاهدة الأمنية العراقية- الأمريكية، هو الخروج من شرنقة الفصل السابع، الذي قيّد السيادة العراقية منذ غزو القوات العراقية للكويت في 2 أغسطس/ آب العام 1990 وحتى الآن، فبماذا يمكن تبرير بقاء قيود الفصل السابع الغليظة وحيثياته إزاء الحالة العراقية بعد توقيع الاتفاقية؟

لعل التحلل من الفصل السابع يعتبر مسوّغاً كافياً لإبرام الاتفاقية غير المتكافئة مع واشنطن، باعتبارها أفضل الحلول السيئة، حسب الواقعية السياسية، التي يمكن بموجبها “قبول” تعويض ثلم السيادة أو هضم جزء منها، بإلغاء تبعات الفصل السابع، الشديد الوطأة على العراقيين وعلى ذاكرتهم المستنفرة منه، لاسيما بسببه تم فرض الحصار الدولي عليهم لنحو 13 عاماً. ولعل هذا كان تبرير الفريق المتحمس للاتفاقية الذي ظنّ أن المسألة مرّت بزعم أن العراق سينعم بخيراتها وسيتم “تحرير” الأموال العراقية المجمّدة، وستعيد العراق الى وضعه القانوني الذي سبق غزو الكويت.

وبغض النظر عن آراء المعارضين للاتفاقية، فإن الثمن يكاد يكون “مقبولاً” لو تم الأمر فعلاً على ذلك النحو للتخلص التدريجي من آثار الاحتلال واستعادة السيادة العراقية، حتى وإن اقتضت المسألة انتظاراً لبعض الوقت، لتتم على مراحل في ظل اختلال موازين القوى، خصوصاً وأن العراق لم يتعافَ كبلد ولم يستطع حتى الآن أن يضع حداً للعنف والإرهاب الداخلي، ناهيكم انه ليس بمقدوره مواجهة التحديات والتهديدات الخارجية، لكن مثل هذا التبرير لم يصمد طويلاً أمام الحقيقة، حيث اتضح على نحو سافر عدم صدقيته وبطلانه، سواء كانت حججه التي استند اليها بريئة وساذجة وناجمة عن ارادوية يتم اسقاطها على الواقع، أو كانت إغراضية لتسويق المساومة غير التاريخية، وبالتالي إمرار الاتفاقية تحت أية حجة أو ذريعة.

لكن تلك المسوّغات لم تكن دقيقة ولم ترتقِ الى المعلومة القانونية الصحيحة، بحيث يجعلها تدخل إذا افترضنا حسن نية، في باب السذاجة السياسية، وإن كان بسوء نية ففي باب الخداع والتدليس، فقد جاء مجلس الأمن نفسه بالبرهان، حيث اتخذ قراره المرقم 1859 بالاجماع، وإن كان قد تضمن إنهاء ولاية “القوات متعددة الجنسية” في العراق، إلاّ أنه أبقى على تبعات القرارات الدولية الأخرى التي صدرت بموجب الفصل السابع، منذ غزو القوات العراقية للكويت، وابتداء من القرار 661 الصادر في 6 أغسطس/ آب 1990 وما تبعه من قرارات زادت على 60 قراراً ما قبل الاحتلال وأكثر من 10 قرارات بعد الاحتلال.

لقد اكتفى القرار الجديد 1859 بالطلب من الأمين العام للأمم المتحدة اعداد تقرير، بعد مشاورات مع العراق، حول الوقائع ذات الصلة، لينظر مجلس الأمن بالإجراءات الضرورية المطلوبة، ليكون العراق في وضع دولي مشابه لذلك الذي كان عليه قبل صدور قرارات مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع، أي أن المجلس لم يقرر على نحو حاسم في قراره المذكور إلغاء تبعات الفصل السابع، بل إنه أبقى عليها حيث تقرر تحديد العمل بصندوق التنمية الخاص بالعراق، لعام اضافي، ينتهي في 31 ديسمبر/ كانون الأول ،2009 وهذا يعني أن مجلس الأمن ليس واثقاً من أن العراق سيفي بكامل التزاماته بالقرارات الدولية المعتمدة منذ العام ،1990 الأمر الذي منحه فترة زمنية للنظر في الدعاوى الخاصة بالكثير من المتعلقات ومنها الديون المتراكمة والتعويضات والأسرى الكويتيون والممتلكات المصادرة والحدود وغيرها.

وكما هو واضح من منطوق القرار 1859 إن العراق سيبقى مقيّداً بإجراءات الفصل السابع، لاسيما بتحديد صندوق تنمية العراق، وهذا الأخير انشىء بعد الاحتلال بموجب قرار مجلس الأمن الدولي المعتمد بموجب الفصل السابع أيضاً والمرقم 1483 الصادر في 22 مايو/ أيار ،2003 وتحددت مهمته في حينها بشرعنة الاحتلال، وهي الصيغة التي تم تغييرها لاحقاً بموجب ما سمي بقرار نقل السيادة الرقم 1546 الصادر في 8 يونيو/ حزيران ،2004 والذي اعتبر قوات الاحتلال “قوات متعددة الجنسية” لكنه لم يحسم في موضوع السيادة التي ظلّت معوّمة من الناحية الفعلية.

لعل هذه الصفة تم تغييرها عند توقيع الاتفاقية، حيث تغيّرت صفة الاحتلال وإن لم تتغيّر طبيعته أو مهماته، فقد أصبح احتلالاً تعاقدياً بعد أن كان احتلالاً عسكرياً، أي احتلالاً ناعماً وبرضى الحكومة العراقية بعد أن كان قد جاء الى العراق ليحتله بالقوة، وخطورة هذا الأمر انه ألغى حقوق العراق التعويضية إزاء الخسائر المادية والمعنوية التي تعرّض لها جرّاء احتلال لم يحظ بالشرعية الدولية، ولم يكن بترخيص من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، كما أنه لم يكن على توافق مع قواعد القانون الدولي المعاصر.

وقد اعترف الرئيس بوش عشية مغادرته البيت الأبيض، بأنه خاض الحرب بناء على معلومات مضللة، ولعل ذلك وحده كافياً لإدانة الولايات المتحدة وتحميلها المسؤولية الكاملة عن كل ما حصل للعراق، ومطالبتها بالتعويض المادي والمعنوي عن الأضرار التي لحقت بالعراق وشعبه وثرواته وممتلكاته الثقافية، وهذا الأمر كانت الاتفاقية الأمنية الأخيرة قد أسقطته من حسابها.

ويبدو أن موضوع رفع الحصانة عن الأموال العراقية، التي أرادت الحكومة العراقية التصرف بها قد أوقعها في معضلة وورطة حقيقية، لأن واشنطن ستضع اليد عليها لمجرد رفع الحصانة الأممية عنها، ولذلك كانت مبادرة الحكومة بتمديد العمل لصندوق تنمية العراق لمدة عام، هو بمثابة التفاف على محاولة واشنطن وضع اليد على الأموال العراقية، ولعلها ستفعل مرات ومرات قادمة بالطلب الى مجلس الأمن تمديد الصندوق، وبهذا المعنى تكون قد كبّلت العراق لسنوات طويلة باملاءات وقيود مالية لا يمكنه الفكاك منها، ناهيكم عن قيود سياسية وعسكرية تجعل من استمرار الفصل السابع أمراً مفروغاً منه، إضافة الى قيود المعاهدة ذاتها، وبدلاً من قيود الفصل السابع وحده، فقد أضافت الاتفاقية قيوداً أخرى.

وللأسف فإن بعض المسؤولين ممن لا يعرفون جوهر هذه القيود القانونية، سارعوا الى امتداح القرار ،1859 بل بالغوا عندما اعتبروه حقق اكتمال السيادة العراقية على أموال العراق في الخارج، مع أن وزير الخارجية هوشيار زيباري كان أكثر واقعية، حين اعتبر أن القرار سيحمي أموال العراق من المطالب الأمريكية التي تقدّر بتريليون دولار (1000 مليار دولار)، وهي بتقديري ديون لا تنتهي، لاسيما مع فوائدها، الى نحو 30 أو 40 سنة، إذا اعتبرناها حتى من دون فوائد. وقد سألني أحد الأصدقاء من المحامين عن “جرأة” بعض السياسيين في الخوض بكل الأشياء والتفاصيل، فتذكرت وأنا أجيبه أن تعديلات كانت قد اقترحت على الدستور الفرنسي العام 1969 (حوالي 20 تعديلاً) وطُلب من المواطن التصويت عليها بنعم أو لا ؟ وقد احتج فريق من المحامين بالقول إذا كانوا هم وبعض فقهاء القانون الدستوري لم يدققوا بالتفاصيل ومتابعة النصوص ومقارنتها فكيف بالمواطن العادي؟ حصل هذا في فرنسا وفي ظروف طبيعية، فما بالك ببلد مثل العراق وفي أوضاعه المعروفة.

أما مصدر هذه الديون فإن لكل أمريكي أكان عسكرياً أم مدنياً الادعاء بأنه تضرر جراء الحرب على العراق، سواء احتجز أو اعتقل أو تم أسره أو أهين، بما يحق له المطالبة بالتعويض، وقد حصل بعض الأسرى الذين أسقطت طائراتهم ايام الحرب على العراق 1991 بقرار قضائي على مبلغ قدره مليار دولار، وكان القرار 1483 قد نص على استلام جميع عائدات النفط ومراقبة صرفها من قبل الحكومة العراقية، من قبل الصندوق الذي يشرف عليه ممثلون عن الأمين العام للامم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي وممثل عن الحكومة العراقية.

ولعل استمرار صيغة الصندوق يعني أن مفعول الفصل السابع، لم ينته، كما جرى الترويج لذلك في ما يتعلق بتعويضات الكويت التي تصل الى 5% من واردات النفط العراقي، إضافة الى تقييد صادراته وتصنيعه في كل ما يتصل بالصناعات الكيمياوية او التي يدخل فيها العنصر البيولوجي، ناهيكم عن الصلاحيات التي منحها القرار 1770 للأمم المتحدة لتوسيع دورها في التطور الداخلي، لاسيما النظام الإقليمي والإداري والقضائي والإحصائي ومواعيد وشكل الانتخابات، إضافة الى اللاجئين وحقوق الإنسان، وهو نظام أشبه بالوصاية وإن كانت تحت هيمنة الولايات المتحدة وليس الأمم المتحدة، خصوصاً بموجب أحكام الاتفاقية.

لقد بررت الحكومة العراقية عند التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع واشنطن بأنها تحقق انجازاً تاريخياً بإلغاء الفصل السابع، لكنها بدراية منها أو من دونها أحلت قيوداً جديدة عليها، إضافة الى قيود الفصل السابع نفسه، الأمر الذي تبقى دوامته تدور ومع كل دورة تزداد شرنقتها التفافاً.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سريالية عراقية!
- حقوق الإنسان.. إشكاليات أم معايير؟
- ماذا يريد سانتا كلوز من أوباما؟
- حكم القانون ... من أين نبدأ؟!
- هل يتمكن أوباما من إغلاق جوانتانامو؟
- حقوق الإنسان بين التقديس والتدنيس!!
- «نفاق» حقوق الإنسان.. وقفة تأمل!
- جائزة التسامح
- المواطنة «المفترضة»!
- شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل
- الاتفاقية الامنية رهن للعراق وشعبه
- الاتفاقية العراقية- الامريكية من الاحتلال العسكري الى الإحتل ...
- المعاهدة العراقية-الأميركية: من الاحتلال إلى الاحتلال! (2-3)
- أوباما الشرق أوسطي!!
- زمان الطائفية
- أولويات الرئيس أوباما!
- استحقاقات أوباما
- الإرث الثقيل
- المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1- ...
- ست حقائق أفرزتها الانتخابات الأميركية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العراق وشرنقة الفصل السابع